أعداء العربية

بقلم: محمد بعدي
بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية و الذي يصادف يوم 18 دجنبر، تذكرت مقالا كتبه أحدهم في إحدى الجرائد اليومية قبل مدة طويلة نسبيا لم أعد أتذكر زمنه، غير أن مضامينه لا زالت عالقة بالذاكرة. كان المقال إياه مقالا عاطفيا متشنجا، يحكي قصة طفل هو ابن صديق الكاتب، حيث اكتشف الكاتب اكتشافا خطيرا: طفل في العاشرة من عمره يتكلم لغة عربية فصيحة، و يحفظ آيات كثيرات من القرآن الكريم لا تتناسب مع سنه!!! أمر بالنسبة إليه خطير و لا يصدق!!! بل إن اندفاعه العاطفي جعله يكشر عن أنيابه الأيديولوجية، من خلال التساؤل باستغراب: كيف يسمح وزير يساري لمدرسة خصوصية اسلامية بتعليم اللغة العربية و تحفيظ القرآن؟!!! و كأنه يريده أن يمنع تدريس اللغة العربية و يصادر الكتب الاسلامية ليعوضها بكتب تعج بصور مثل تلك التي تنشرها جريدته في آخر صفحاتها لأجل التطبيع مع الأعضاء الحساسة في الجسد الانثوي. أو تحفيظه مقاطع من  مثل تلك التي تشنف الآذان في آفلام آخر الزمان...
و كأننا بصدد نظرية بيداغوجية جديدة تقرر أن تعلم اللغة العربية قيل سن العاشرة، أو بعدها أيضا، ربما يضر بالتوازن النفسي و العقلي للطفل. و لم يبق إلا استصدار فتوى تعتبر حفظ القرآن في هذه السن فتنة، و تحريض على العنف و الارهاب. أو استصدار قانون يلغي المواد المدرسة و تعويضها بأخرى لا لغة فيها إلا لغة الجسد. و يمكن اقتراح: السباحة صيفا و الرقص شتاء...
تساءلت مع نفسي و أنا أعيد ترتيب أفكار المقال في الذاكرة، ما المشكلة في أن يتحدث طفل عربي مسلم لغة عربية فصيحة؟ و ما الخطر في أن يحفظ آيات قرآنية؟ أليس هذا هو الوضع الطبيعي العادي الذي ينبغي أن يكون عليه أبناؤنا و بناتنا؟ و إذا كان تعلم اللغة العربية ـ اللغة الأم ـ و حفظ آيات قرآنية لا يتناسب مع هذا السن، فأية لغة يتعين أن يتقن و ماذا يحفظ إذن؟
مشهد آخر قفز إلى الذاكرة، لكنه هذه المرة سمعي بصري، تذكرت تلك المحللة النفسانية في أحد البرامج التلفزيونية، في إحدى القنوات الرسمية، وهي تتحدث بلغة دارجنسية [خليط من الدارجة و الفرنسية] حيث بدت كخبيرة لا يشق لها غبار و هي تجلد لغة الضاد و تحملها كل ما حل بالقوم من تخلف و ذيلية و تصفها بكونها لغة العنف و التعقيد و الخشونة، و تقارنها بالفرنسية الجميلة الحلوة الناعمة!!! وتقول فيها ما لم يقله مالك في الخمر. و تذكرت أن البلد الحبيب ابتلي بأشباه الصحافيين هؤلاء، و أشباه المحللات النفسانيات أولئك، و أشباه السياسيين... و غيرهم ممن يعملون ليل نهار، بمناسبة و بغيرها على تفكيك ما تبقى من أوصال جزء أساسي من الهوية الثقافية المغربية.
أية استراتيجية تربوية تعليمية يريد هؤلاء؟ اي نظام قيمي يسعون لتشييده؟ ألا يمكن اعتبار أمثال هؤلاء خطرا على الأمن اللغوي و الثقافي لشرائح واسعة من المغاربة؟ إن العربية هي لغة الشعر و النثر, و هي لغة العلم و الفكر، هي لغة امرؤ القيس و المتنبي و نزار قباني... و هي لغة الخوارزمي و ابن الهيثم و ابن رشد و طه عبد الرحمن...
إن ما يحدث للعربية من طرف أبناء عاقين يرقى لدرجة الجريمة. و اسألوا أهل التعليم يا أهل الإعلام، فالكثير من تلامذتنا في الاعدادي و الثانوي لا يميزون بين الأفعال و الأسماء، و لا يفرقون بين الحال و المحال [أو الألف و عصا الطبال]، فلا لغة إلا لغة السوق و لا حفظ إلا لقاموس الفسوق!!! و لعل هذا هو النموذج الذي يريد العقل المتخلف ترسيخه عندما يستفزه طفل في العاشرة لا يلحن في لغته، و يحفظ آيات من كتابه...

ماذا خسر المغرب بوفاة الشيخ ياسين؟

بقلم: محمد بعدي
إن الكتابة عن رجل في مناسبة وفاته سيكون للعاطفة فيها نصيب كبير،  وخصوصا إذا كان الرجل في قيمة الشيخ عبد السلام ياسين مرشد جماعة العدل و الاحسان. و رغم ذلك لا بد أن يكون للعقل صوت و للمنطق حضور. إن الرجل لم يكن شخصا عاديا و هذه حقيقة لا ينكرها إلا من كان حقودا أو مغلق الذهن، و يشهد على ذلك ما تركه من آثار و بصمات طبعت مجالات عديدة في المغرب المعاصر. فقد كان رقما صعبا في المعادلة السياسية، و داعية إسلاميا مؤثرا، و مفكرا موسوعيا غزير الانتاج ،و كان فوق ذاك مربيا من طراز نادر.
إننا ندرك من خلال الاطلاع على الفكر التربوي للشيخ ياسين أن خلاصة ذلك الفكر تفيد بأن شعاره على هذا المستوى كان دائما [التربية أولا و ثانيا و أخيرا]، أما الذين يعرفونه من محبيه و أصدقائه، و أيضا بعض خصومه... فيدركون أن هذا لم يكن شعارا أو تنظيرا عقليا فحسب، و إنما كان سلوكا و ممارسة عملية و منهجا ملموسا. و من هنا مشروعية التساؤل: ماذا خسر المغرب بوفاة الشيخ ياسين؟
إنه سؤال نطرحه في خضم مخاض قيمي خطير، و في سياق واقع وصلت القيم فيه إلى الدرك تحت الأسفل. و هذا ما يتجلى على الخصوص في انحسار دور المؤسسات التربوية و مؤسسات التنشئة الاجتماعية [ الأسرة، المدرسة، وسائل الاعلام...]. ففيما يخص الأسرة يكفي أن تصل الوقاحة بأب، فنان [ من بين معاني الكلمة في لسان العرب: الحمار البري]، أن يعبر عن عدم ممانعته في أن تمارس ابنته الجنس خارج إطار مؤسسة الزواج، أما أحدهم فأضاف إلى اللائحة أخته ووالدته... لذلك ليس مستغربا أن يكون لهؤلاء صوت في آذان بعض ذوي النفوس المريضة حتى صار واقعنا أغرب من الخيال حيث الأب يغتصب ابنته، و الأخ ينهش لحم أخته و و و...
أما في المدرسة فقد حلت أدوات منع الحمل و مجلات الجنس و العوازل الطبية، محل الكتب و الأدوات المدرسية، و صارت نسبة الفاقدات للبكارات أضعاف نسبة الحاصلات على المعدلات، و صار الجنس أهم من الدرس... و التخدير أهم من التفكير...
أما بعض وسائل الاعلام فقد هيأت للقيم مشنقة الاعدام، و صارت وظيفتها الاساسية في السنوات الاخيرة هي دق آخر مسمار في نعش القيم، من خلال تحويل الشاشات إلى فضاءات لتعلم قواعد و منهجيات الجريمة، و من خلال حقن الاطفال بثقافة التسلية، و تنمية البلادة، أما الجرائد فبعضها تخصص في عرض الأثداء عوض الأنباء...
في هذا السياق الموبوء تظهر قيمة و مكانة الشيخ المربي المرشد عبد السلام ياسين، باعتباره رجلا اهتم بالتربية تجريدا و تجريبا، نظرا و عملا، و هو الذي كان مدرسة تخرج منها الآلاف من الشباب المهذب المؤدب الذي يجاهد النفس و يقبض على قيمه و أخلاقه كالقابض على الجمر، في زمن صار فيه التخلق تهمة و التشبث بالدين جريمة... لقد قال الفيلسوف أرسطو [ الطبيعة تخشى الفراغ]، ماذا لو أن الشيخ ياسين ترك هذا الفراغ قبل ما يزيد عن ثلاثة عقود، ماذا لو أنه تخلى عن رسالته الدعوية التربوية، خصوصا لما تعرض له من تضييق و اعتقال وصل حد رميه في المارستان؟ ألم يكن منقذا للآلاف من الشباب من براثن الجريمة و المخدرات و الأوبئة الاجتماعية؟
إن المنهاج التربوي للشيخ كان منهاجا شموليا، إذ رسخ لدى محبيه تربية أخلاقية و أيضا تربية سياسية مناضلة واعية تقوم على نبذ العنف، فالشيخ يقول [ إن العنف لن يكون أبدا استراتيجيتنا]، و يؤمن بأن [ العنف إذا وجد في شيء شانه، و اللين إذا وجد في شيء زانه]. لقد خسر المغرب إذن رجلا بوزن أمة، خصوصا على مستوى تربية الشباب تربية سليمة صحيحة تجعله مسؤولا و فاعلا و واعيا برسالته الوطنية و المجتمعية و العلمية، شبابا يعي قيمة و أبعاد وجوده...
 إن المنهاج التربوي عند الشيخ ياسين هو منهاج يعالج المقدمات و ليس المآلات و النهايات، و هنا أصالته، إنه منهج يقوم على الوقاية كي يظل جسد القيم سليما معافى، و قبل أن يصل هذا الجسد إلى مرحلة التعفن حيث يصبح العلاج مستحيلا. كيف نعالج اليوم أمراض المخدرات؟ كيف نحد من الرشوة؟ كيف نقضي على الفساد؟ كيف نخفف من الجريمة؟ و كيف نعالج إشكال أطفال الأمهات العازبات؟ رحمك الله أيها الشيخ المربي.

العلاقة مع الغير

الإشكال : كيف تتحدد العلاقة مع الغير؟و ما أنماطها؟

موقف ميرلوبونتي :
 يؤكد أن العلاقة مع الغير علاقة إيجابية ، أي علاقة صداقة و ألفة و انفتاح شريطة وجود تواصل بين الأنا و الغير، أي شريطة ألا تنعزل الذات و تتقوقع على نفسها و ترفض التواصل مع الغير… و ألا تنظر إلى الغير نظرة يغيب فيها البعد الإنساني من خلال نفي و سلب الخصائص الذاتية عنه و تجريده من حريته و إرادته، و وعيه… و بالتالي تحويله إلى موضوع. إن هذا النوع من التصرف يمكن أن يؤجل التواصل و لكنه لا يعدمه..

موقف هوبز :
 يقول هوبز :" الإنسان ذئب لأخيه الإنسان"، و هو قول يتبين من خلاله أن العلاقة مع الغير علاقة سلبية، لأنها تتأسس على طابع حيواني لا أخلاقي ، فأن يكون الإنسان ذئبا معناه أن يكون متصفا بصفات حيوانية كالهمجية و التوحش، و المكر و الخداع… مما يجعل العلاقة معه علاقة يطبعها الصراع و التوتر، و الحيطة و الحذر… خصوصا و أن الإنسان أناني بطبعه و شرير ، يميل إلى استغلال الغير، و الاعتداء عليه، بدعوى الحفاظ على المصلحة أو الأمن أو عير ذلك…

موقف أرسطو:
 يؤسس أرسطو موقفه حول العلاقة مع الغير على الصداقة و خصوصا الصداقة المبنية على الفضيلة ،و يؤكد على أهميتها و قيمتها، لأنها صداقة دائمة لا تفنى و لا تزول، إنها صداقة ترسخ القيم السامية، و أهمها العدل، يقول أرسطو:" متى أحب الناس بعضهم لم تعد هناك حاجة إلى العدل "و صداقة الفضيلة يقابلها نوعان آخران و هما صداقة المتعة و صداقة المنفعة، و هما زائلان بزوال المتعة و المنفعة. هكذا يتأسس الموقف الأرسطي على أسس أخلاقية تقوم على الصداقة الفاضلة و المثالية في العلاقة بين الأنا و الغير.

معرفة الغير

معرفة الغير

فيلوبريس


الإشكال : هل معرفة الغير ممكنة أم مستحيلة؟ وإذا كانت ممكنة فما هي حدودها ؟ و كيف تتحقق؟

موقف سارتر:
 يؤكد سارتر أن معرفة الغير غير ممكنة إذا نظرنا إليه كذات ، لأن هذه المعرفة تقتضي تحويله إلى موضوع و النظر إليه كشيء ، أي نفي الخصائص و المقومات الذاتية الإنسانية عنه كالوعي و الحرية و الإرادة … و بالتالي فمعرفة الغير ممكنة فقط باعتباره موضوعا / جسدا غير أن الغير ليس جسدا بل ذاتا و من هنا يمكن القول أن معرفة الغير مستحيلة..

موقف ميرلوبونتي :
ينتقد ميرلوبونتي تصور سارتر و يؤكد في المقابل أن معرفة الغير ليست مستحيلة و لا تتطلب تحويله إلى موضوع و يقول في هذا الصدد : " و الواقع أن نظرة الغير لا تحولني إلى موضوع ، كما أن نظرتي لا تحوله إلى موضوع إلا إذا انسحب كل منا و قبع داخل طبيعته المفكرة أو جعلنا نظرة بعضنا إلى بعض لاإنسانية " أي أن التشييء يحدث عندما يغيب التواصل، و هكذا تكون معرفة الغير ممكنة من خلال التواصل، و يقدم ميرلوبونتي مثال حضور الغير الغريب أمام الذات ، فعندما يغيب التواصل يحضر التشييء ، لكن بمجرد الدخول في علاقة تواصلية ينكشف عالمه و تستطيع الذات إدراك عالمه الذاتي و أفكاره و عواطفه… و حتى عندما يغيب التواصل لاتون المعرفة مستحيلة بل فقط مؤجلة…

موقف ماكس شيلر :
 يؤكد أن معرفة الغير ممكنة من خلال النظر إليه ككل ، أي كبنية يتداخل في تشكيلها المظهر الخارجي و المعطيات الداخلية في نفس الوقت، فالغير لا ينبغي اختزاله في مظهره الخارجي/ الجسد (سارتر)، و لا بعده الداخلي / الذات (ميرلوبونتي)، لأنه كل لا يقبل التجزيء ، فتعابير الجسد/ المظهر الخارجي، تعبر عن الحالات النفسية و الأفكار و العواطف/ المعطيات الداخلية.. يقول :" إن أول ما ندركه من الناس… ليس أجسادهم، و لا أفكارهم و نفوسهم.. بل ما ندركه منهم هو كل/ (بنية) لا يقبل التجزيء". و يقدم كمثال على ذلك الابتسامة ، فهي تعبير جسدي خارجي ، لكنها تعبر عن إحساس داخلي بالفرح أو غيره. و نفس الشيء بالنسبة للدموع فهي مظهر خارجي يخبرنا عن ما يجري داخل الذات…و هكذا فمعرفة الغير ممكنة شريطة النظر إليه نظرة كلية بنيوية لا اختزال فيها..

الشخص و الحرية

الإشكال : هل الشخص حر أم خاضع للضرورة و الحتمية؟
الشخص والحرية

موقف سبينوزا :
 يعتقد اسبينوزا أن الشخص ليس حرا بل يتوهم الحرية، ففي كتابه "رسالة في اللاهوت و السياسة" يؤكد أن الإنسان خاضع لضرورة طبيعية، لا يملك خيارا أمامها ، و يعتقد أنه حر لأنه يدرك انه يقوم بالفعل لكنه يجهل السبب الذي يدفعه للقيام به، و يقدم أمثلة على ذلك من بينها مثال الحجر الذي يتحرك بفعل قوة خارجية، فلو امتلك الوعي لاعتقد أنه هو الذي يقوم بالفعل بحرية لأنه يجهل السبب المحرك، و الأمر نفسه بالنسبة للإنسان، فالجبان يعتقد أنه يهرب بشكل حر غير أن الضرورة الطبيعية المتمثلة في الخوف هي التي تدفعه لذلك, و في هذا الصدد يقول  سبينوزا الحرية هي وعي الضرورة أي أن تكون حرا معناه ان تدرك أنك لست حرا بل خاضع للضرورة.

موقف سارتر:
 على خلاف سبينوزا يؤكد سارتر ان الإنسان كائن حر يمتلك من الحرية ما يجعله قادرا على تحمل مسؤولية ما يقوم به من أفعال، بل إن حريته ليس لها حدود، لأنه محكوم عليه بالحرية, في كتابه الوجودية نزعة إنسانية، يؤكد سارتر أن الإنسان لن يكون إلا وفق ما سيصنع بنفسه، و كما يريد أن يكون، و يشبهه بالمشروع لأنه ينفتح على المستقبل، و يملك إمكانيات عديدة لتجاوز الوضع الحاضر، و ذلك لأنه كائن حر متحمل لمسؤولية فعله, كما يؤكد أن وجود الإنسان يسبق ماهيته، مما ينتج عنه حريته و مسؤوليته الكاملة و المطلقة عن هذا الوجود.

القاضي عبد الجبار المعتزلي :
يؤكد أن الإنسان حر مختار لأفعاله لأنه يمتلك العقل الذي يرشده في حياته الأخلاقية ، و يجعله قادرا على التمييز بين الخير و الشر دون الخضوع لأي إكراه كيفما كان. إن نفي الحرية يعني نفي التكليف العقلي و الشرعي معا، و من ثم تسقط المسؤولية ، و العقاب و الثواب…بل إن الحرية في نظره بديهية من بديهيات العقل، و لا تحتاج لبرهان . إن القول بالحرية يثبت مسؤولية الإنسان عن أفعاله، لذلك يمدح المحسن على فعله ، و يذم المسيء على فعله لأنه مسؤول عنه.

قيمة الشخص


الإشكال : ما مصدر قيمة الشخص؟

موقف كانط :
في كتابه أسس ميتافيزيقا الأخلاق يؤكد كانط أن الأخلاق هي مصدر قيمة الشخص، حيث يعرف الشخص بأنه ذات لعقل عملي أخلاقي، و ذلك من خلال التمييز بين الوجود الطبيعي الذي لا يمنح الإنسان إلا قيمة مبتذلة، و الوجود العاقل الذي لا يمنح الإنسان إلا قيمة نفعية خارجية لأنه يحدد غايات لنفسه على حساب الآخرين، ثم الوجود الأخلاقي الذي يمنح الإنسان قيمة لا تقدر بثمن، لأنه يتصرف وفق الواجب و يحترم الكرامة الإنسانية، و يعامل الآخرين كغايات و ليس كوسائل.
مصدر قيمة الشخص


موقف نيتشه :
 يؤسس موقفه على إرادة القوة، و في هذا الصدد يشن حملة عنيفة على الأخلاق و من يمثلها دينيا و فلسفيا، و يمجد قيم البطولة و القوة، و يستهزئ بقيم الواجب و الشفقة و الصبر … و يعتبرها قيم الضعفاء، و في هذا الصدد ينتقد كانط و يصفه في كتاب عدو المسيح بالغبي، كما يسخر من المسيح الذي ضحى من أجل الغير. فأن تكون ممتلكا لقيمة يعني مع نيتشه أن تكون قويا، أي أن مصدر قيمة الإنسان بالنسبة إليه هو القوة و ليس الأخلاق لأن هذه الأخيرة وضعها الضعفاء و الجبناء، أما الأقوياء فيصنعون قيمهم بأنفسهم.   

موقف راولز:
يتأسس موقف راولز على مفاهيم سياسية و اجتماعية و قانونية معاصرة، ترتبط بالعدالة و الديمقراطية و حقوق الإنسان، من خلال ربط قيمة الإنسان بالالتزام بالمبادئ الأخلاقية و الانفتاح على الآخرين، على اعتبار أن الإنسان عضو داخل مجتمع، يتعامل مع أفراده كغايات و ليس كوسائل، عبر فعل الخير و عبر الإنصاف و المساواة… إنه تصور بروح كانطية ، لكنه ليس مثاليا بل مصدره الواقع السياسي المعاصر كما جسدته دولة الحق و القانون ، حيث الالتزامات القانونية التي تجد مصدرها في النسق التربوي الأخلاقي.

الشخص و الهوية



الإشكال : ما الأساس الذي تقوم عليه هوية الشخص؟

موقف ديكارت:
 يؤكد ديكارت أن أساس هوية الشخص هو الفكر لأنه هو الشيء الوحيد الذي لا يقبل الشك، و يتأسس الموقف الديكارتي من خلال منهجه الشكي، و هذا ما نجده في كتابه التأملات الميتافزيقية، ففي التأمل الأول يتناول مبررات الشك المتمثلة في خداع الحواس و خطأ العقل، و في التأمل الثاني إثبات هوية الأنا المفكر، من خلال الأفعال الفكرية الخالصة و المجردة عن كل إحساس كالشك و الفهم و التصور,,, و هي أفعال لا تنفصل عن الهوية الإنسانية، بل هي أساس وجود الإنسان و هويته ، فالإنسان يوجد مادام يفكر ، و إذا توقف عن التفكير توقف عن الوجود…

موقف جون لوك:
يعتقد لوك أن أساس هوية الشخص هو التجربة الحسية، و هذا ما نجده في كتابه محاولة فلسفية في الفهم البشري ,,,, حيث يعرف الشخص بأنه ذات مفكرة ، غير أن الفكر بالنسبة إليه لا ينفصل عن الإحساس,, و الإحساس عنده نوعان: خارجي من خلال الحواس ، و داخلي من خلال التأمل أو الاستبطان,,إن العقل عند لوك صفحة بيضاء، و الإنسان يحصل على الأفكار فقط عندما يتكون لديه الإدراك الحسي…يقول لوك : إنني حين أدرك شيئا ماديا لا أدركه مباشرة ـ بواسطة العقل ـ بل أدركه بطريقة غير مباشرة، أي عن طريق أفكاري عنه، هذه الأفكار هي ما أدركه مباشرة…

موقف شوبنهور:
ينفي شوبنهور أن تتحدد هوية الشخص من خلال مادة جسمه،أو  صورة هذا الجسم لأنهما يتجددان و يتغيران باستمرار… و يؤكد في كتابه: العالم كإرادة و تمثل،  أن  الإرادة هي معيار هوية الشخص لأنها تظل في هوية مع نفسها ومع الطبع الثابت الذي تمثله، و تتحدد هذه الإرادة فيما يلي: أن تريد أو ألا تريد.
وهكذا ينتقد شوبنهاور المواقف التي تربط بين الشعور والهوية، ويؤكد أن هوية الشخص تتحدد بالإرادة، أما الشعور فهو يتجدد ويتغير بفعل الزمن، كما يمكن تعديله وتقويمه، بينما الإرادة لا يمكنها أن تتغير لأنها خاضعة للزمان، وهو ما يجعل الفرد يتصرف دائما في هوية مع نفسه، أي أنه لا يستطيع أن يفعل غير ما يفعله. إن الإرادة ـ حسب شوبنهورـ هي الشيء الجوهري والأساسي في الإنسان ويعطيها الأولوية على العقل، لأن العقل مخلوق للإرادة كي يقوم على خدمتها وتنفيذ أوامرها ونواهيها.

موقف لاشوليي:
يعتبر جول لاشوليي أن المحدد الرئيس للشخص هو هويته كذات متطابقة مع ذاتها ومتميزة عن غيرها، وأن هذه الهوية تبقى متوحدة في الزمان كنتيجة لعمل مجموعة من الآليات النفسية التي تحمي وحدة الشخص، أهمها: آلية وحدة المزاج وآلية الذاكرة التي تحفظ ماضي الشخص وتوصله بحاضره. إن الهوية الشخصية لا تُعطى بشكل أولي أصيل في شعورنا ، بل هي “بنية نفسية”، متصلٌة بالمزاج وبالذاكرة. كل ما يضاف إلى الذاكرة ينتمي إلى الأنا الذي يحدد طبيعة ردود أفعالنا في مختلف الحالات النفسية . وكلما تذكر الإنسان كلما تولد لديه الشعور بوحدته النفسية الثابتة. من خلال هذا الموقف ينتقد لاشوليي التصور الماهوي الثابت لهوية الشخص، ويثبت أن أساس الهوية هو حفظ الطبع وترابط الماضي بالحاضر في الذاكرة.

منهجية الكتابة الفلسفية (الجزء الرابع)


   اعداد: محمد بعدي

 الاستدلال و البرهنة


الاستدلال و البرهنة


إن الانشاء يكتب من أجل أن يقرأ، إنه ينتمي إلى مجال الخطاب العام (….) إن الجواب لا يمكن إذن أن يكون توضيحا لرأي بسيط، بل يجب أن يتضمن برهنة استدلالية، لا يتعلق بإيضاح حقيقة بقدر ما يتعلق بتبيين شروط إمكانية خطاب إشكالي.


المرحلة الأولى :اختيارا نمط الاستدلال

إن الاستدلال المستعمل يمكن أن يستعير أشكالا مختلفة. غير أن من المهم معرفة القوة البرهانية لهذا الاستدلال أو ذاك. هكذا فالاستدلال عن طريق المماثلة، بمعنى بواسطة المقارنة، ليس له غالبا سوى قيمة تمثيلية. أما الاستدلال بالخلف فيسمح بطريقة أفضل بالدفاع عن الأطروحة. و يكون الاستدلال الاستقرائي، الذي ينطلق من الخاص إلى العام، عموما غير كاف. و بالمقابل، يسمح المثال المضاد، انطلاقا من حالات خاصة، برفض الأطروحة.

يوجد أشخاص مثل الحيوانات المتوحشة، البعض يحكم والآخرون لا يعرفون إلا الطاعة.

( يمكن اعتبار "مثل" هنا مؤشرا على الاستدلال بالمماثلة ، و هذا النوع من الاستدلال لا يشكل قاعدة للبرهنة ، إذ يجب تبرير التشبيه/المقارنة : إنسان/حيوان.)

 إذا كان المواطن يقبل الطريقة التي توضع بها القوانين و سلطتها كمبدأ مقدس. فال يمكنه إلا أن يقبل كل القوانين حتى و إن كانت تزعجه شخصيا.

( نجد هنا استدلالا استنباطيا من نوع "إذا كان...فإن" : الجزء الأول عام بشكل كاف ("مبدأ")، ليتضمن الجزء الثاني (القوانين المزعجة)

- يريد الإنسان أن يكون سعيدا ، إنه لا يقبل قانونا يجلب له الشقاء.

( هنا استدلال بالخلف ، إنه يفترض تناقضا حقيقيا)

- إن الإنسان يذهب و يجيء كما يريد ، إنه إذن كائن حر.

(هذا الاستدلال هنا غير كاف، لأنه يعمم دون تبرير.)

- نقول أحيانا بأن العبد يقبل عبوديته ، و مع ذلك كيف نفهم إذن ثورات العبيد الذين منذ ثورة اسبارطة اجتازوا التاريخ. ( هنا استدلال استقرائي ، حالة خاصة / استدلال بواسطة مثال مضاد)

- إن فكرة قبول العبودية تظهر مناقضة للوقائع (رفض الأطروحة/العبودية)


 المرحلة الثانية: تدرج الأفكار

ينبغي أن يبين الجواب تنظيم الأفكار بشكل واضح ، لأن تعاقب الأفكار المتلاصقة الأطراف لا يشكل استدلالا، خصوصا إذا لم تكن مرتبطة، ضمنيا، بالموضوع. و هكذا لا يجب إغفال أن الاستدلال يهدف إلى تأسيس اطروحة ينبغي الدفاع عنها . لذلك يجب باستمرار تفسير كيف يسمح البرهان المقدم بالجواب عن الموضوع.

هل يكون كل حق مشروعا؟ (هنا مشكل مطروح)

الأطروحة المدافع عنها : لا يظهر كل حق مشروعا. (اقتراح الحل)

البرهان : إذا كان قانون الدولة مناقضا لإرادة و حرية المواطنين في مجموعهم ، فسيكون هناك صراع بين الشرعية و المشروعية.

التفسير : إن حق الدولة يجد مشروعية داخل إرادة مجموع المواطنين.

النتيجة : إذا كانت هذه الإرادة، و التي تشكل قاعدة عليا بالنسبة لحق الدولة، مناقضة لهذه الأخيرة، فإنها لا يمكن أن تكون مصدرا للشرعية. (استدلال استنباطي)

الخاتمة : لا يكون كل حق مشروعا.(جواب)


المرحلة الثالثة: استعمال الروابط المنطقية

إن فهم الاستدلال يتطلب صرامة منطقية لكل لحظة من لحظات الموضوع، و لهذا السبب يكون من الضروري تحديد الروابط المنطقية بين الأفكار بشكل دقيق. كما أن استعمال أدوات الربط لا ينبغي أن يكون تقريبيا.

هل يكون كل حق مشروعا؟

لا يبدو كل حق مشروعا.

هكذا إذا كان قانون الدولة في تناقض مع إرادة و حرية المواطنين في مجموعهم، يمكن أن نقول بأن هناك صراع بين الشرعية و المشروعية. في الواقع، يجد حق الدولة مشروعيته، كما رأينا، في إرادة مجموع المواطنين. إذا كانت هذه الإرادة ، التي تشكل قاعدة عليا بالنسبة لحق الدولة، متناقضة مع هذا الحق ، فإنها لا يمكن أن تكون مصدرا للشرعية. لا يكون إذن كل حق مشروعا.

( نجد "هكذا" في بداية النص عبارة تتضمن تبرير الفكرة المقدمة، ثم بعد ذلك عبارة "في الواقع" و التي تتضمن توضيح الفكرة. ثم "إذا كانت" كمقدمة لاستدلال من نوع " إذا كان... فإن"، و أخيرا "إذن" كخاتمة او  استنتاج


المرحلة الرابعة: توظيف تقنيات الانتقال

إن الانتقال من فقرة إلى أخرى من العرض لا يمكن اختزاله في مراكمة الاستدلالات . إذ من الضروري تفسير كيف يجب على الفكر أن يستمر ضرورة، و هنا أهمية " الانتقال". هذا الأخير يتجلى غالبا، من خلال سؤال أو مفارقة تظهر الاستدلال السابق.

(…..) إذا كانت هذه الإرادة، التي تشكل قاعدة عليا لحق الدولة، في تناقض مع هذا الحق.فإنها لا يمكن أن تكون مصدرا للشرعية. فلا يكون بالتالي، كل حق مشروعا.

لكن كيف نفهم بأن الدولة تستطيع ألا تحترم ما يجعلها شرعية؟ ألا يفترض هذا أن أولئك الذين تكون مهمتهم تمثيل إرادة المواطنين (يخرجون) من الدولة ذاتها للتصرف بطريقة اعتباطية؟

( نجد إحياء للنقاش من خلال سؤال مرتبط مباشرة بالجواب السابق)


منهجية الكتابة الفلسفية (الجزء الثالث)



اعداد: محمد بعدي

 كشف أطروحة النص و بنيته

استخراج الفكرة الأساسية للنص


إن الكشف عن أطروحة المؤلف و برهانه، و استخراج الفكرة الأساسية للنص و تمفصلات الاستدلال، و تحليل مراحل البرهنة… هي قضايا… تسمح ليس فقط بمعرفة ما إذا كان معنى النص قد تم فهمه ، بل تكون أيضا مرحلة أولى ضرورية لمتابعة العمل.

المرحلة الأولى :قراءة النص، تحديد إيقاع الجمل و الفقرات
إن القراءة المركزة تسمح بالحصول على فكرة أولية حول النص، و تجنب التفسيرات الخاطئة و الملتبسة، يمكن مثلا الكشف عن الروابط الاسمية/الفعلية، الترابطات بين التعابير و أساليب الربط …إلخ. إن البنية الاستدلالية غالبا ما تظهر من خلال تتابع الجمل، و أحيانا من خلال توزيع الفقرات إذا كان النص يحتوي الكثير منها.

" إن قوة الإنسان تكون محدودة جدا و متجاوزة بفعل قوة الأسباب الخارجية. هكذا إذن لا تكون لدينا سلطة مطلقة لكي نكيف الأشياء الخارجية مع سلوكاتنا. و سيكون علينا تحمل الأحداث التي لا تنسجم مع مصالحنا. و إذا كان لدينا وعي بأننا نقوم بأفعالنا ، فإننا ينبغي أن نعرف أننا لا نملك من القوة ما يسمح بتجنب القيام بها. وينبغي أن نستحضر فكرة أننا جزء من الطبيعة بكاملها. و أننا نخضع لنظامها. و هكذا إذا كنا نعرف ذلك بوضوح و تميز، فإن المعرفة الواضحة، و هي ما يميزنا ، تحقق لنا رضى تاما يمكن تعميقه." اسبينوزا

المرحلة الثانية :الكشف الدقيق عن الأفكار
من المناسب في هذه المرحلة تحديد دلالة كل لحظة من لحظات النص، و هذا التحديد لا يجب إن يكون إحصاءا بسيطا لمقاطع النص، بل إعادة تشكيل تركيبي لها :
1 – من " إن قوة…" إلى "الأسباب الخارجية" ، و فكرتها : الإنسان متجاوز، بعمق، بواسطة أحداث لا يكون هو السبب فيها.
2 – من "هكذا إذن…" إلى "الخارجية مع سلوكاتنا" و فكرتها: الإنسان لا يمكنه ،عموما، أن يستعمل الطبيعة لصالحه.
3 – من "سيكون علينا تحمل…" إلى " نخضع لنظامها"، و فكرتها : يمكن أن نقبل محدودية قدراتنا إذا كان لدينا وعي بالتصرف حسب قوتنا، و كنا نعرف مكانتنا داخل نظام الطبيعة.
4 – من " وهكذا إذا كنا.." إلى " يمكن تعميقه"، و فكرتها : إذا كنا واعين بشكل جيد بهذا الأمر(معرفة مكانتنا داخل نظام الطبيعة.)، سيكون ذلك مرضيا و سارا كثيرا.

المرحلة الثالثة : تحليل التمفصلات المنطقية
إن دراسة استدلال صاحب النص لا يمكن أن يختزل في عرض الأفكار المتتابعة التي يعبر عنها، و قوة البرهان تقوم على الروابط المنطقية الموجودة بين هذه الأفكار. و بالتالي يجب الكشف عن الترابطات المنطقية بشكل دقيق. و لا بد من الإشارة إلى أن هذه الأخيرة يمكن أن تكون صريحة (حضور رابط منطقي : لكن، و الحال…) أو ضمنية (مثلا في الجملة " إن الأنا لا يعبر عن كل تفكيري : إنني أخفي ميولات لاشعورية" ال":" تتضمن تبريرا)
" إن قوة الإنسان تكون محدودة جدا و متجاوزة بفعل قوة الأسباب الخارجية، هكذا إذن لا تكون لدينا سلطة مطلقة لكي نكيف الأشياء الخارجية مع سلوكاتنا، و سيكون علينا مع ذلك تحمل الأحداث التي لا تنسجم مع مصالحنا، و إذا…"
) في البداية لدينا حرف "الواو" كرابط، ثم "إذن" للإستنتاج ، ثم "مع ذلك" كرابط مركزي للتعارض، و أخيرا "و إذا" للشرط )

المرحلة الرابعة: الكشف عن أطروحة صاحب النص
إن المراحل السابقة يمكن أن تسمح بالكشف عن الفكرة الأساسية للنص، و بتعبير آخر أطروحة النص. هذه الأخيرة يمكن أن يتم عرضها بطريقة واضحة تماما في جزء ما من النص،أو أن تستنبط من عرض أطروحة الخصم، فهي في الغالب تستخرج من خلال فهم النص في كليته.
يستطيع الإنسان الوصول إلى الرضا الروحي من خلال وعيه بكينونته رغم حدود قوته .
( تقديم أطروحة النص )

المرحلة الخامسة: صوغ الجواب
يتضمن الجواب عرضا مصاغا للعمل الذي تم القيام به، إنه يتضمن أطروحة النص، و يستدعي بنيته الاستدلالية كما تم الكشف عنها من خلال التحليل.
أطروحة صاحب النص هي……

يمكن تحليل استدلالها على الشكل التالي………

منهجية الكتابة الفلسفية ( تحليل موضوع إنشائي)

  تحليل موضوع إنشائي

 تحليل موضوع إنشائي

يتطلب موضوع الإنشاء الفلسفي جوابا منظما و مبررا ، لكن هذا الأخير لا يكون ملائما إلا إذا كان معنى الموضوع مفهوما و محددا، وبتعبير آخر فالأمر يتعلق بمعرفة عن ماذا نتحدث، وبتحديد المشكل الفلسفي الذي يطرحه السؤال بدقة. إن التحليل الصارم للموضوع يكون تمهيدا ضروريا لكل إنشاء، إنه هو الإنشاء.

المرحلة الأولى: تحليل النمط ألتساؤلي
إن السؤال الذي يشكل موضوع الإنشاء يمكن أن يقدم نفسه تحت أشكال أو أنواع مختلفة. إذ يمكن أن يطلب تحديد معنى مفهوم ما، فيجب إذن البحث عما إذا كان المعنى المقترح يبدو مناسبا، و على أي مستوى ،أم يوجد اقتراحا آخر ممكنا. و أحيانا يطرح الموضوع……
1 – أليس الحق سوى تعبيرا عن علاقات القوة؟
2 – هل الملكية واقعة طبيعية أم ثقافية؟
يمكن أن يطلب الموضوع ما إذا كان الفعل معقولا أم أخلاقيا. و هذا الموضوع يختلف عن ذلك يطلب معرفة مبرر الفعل. و يتعلق الأمر في هذه الحالة الثانية عن ال"ماذا" و ليس عن هل الفعل معقولا أم أخلاقيا.
هل يجب الامتثال للقوانين؟
(  يدور السؤال حول شرعية الطاعة )
لماذا الامتثال للقوانين؟
( يهتم السؤال بشكل خاص بأسباب الطاعة )
يمكن أن تطلب المقارنة بين عدة مفاهيم، و يتعلق الأمر بتوضيح الفرق بينها
هل الدفاع عن الحقوق و الدفاع عن المصالح والدفاع عن الامتيازات، تعني نفس الشيء؟
(  في هذا السؤال ينبغي التمييز بين ثلاثة مفاهيم )
يمكن للموضوع أن يطلب مناقشة استشهاد. و هنا يتمحور السؤال حول الاستشهاد، و ليس صاحب النص الذي ليس صروريا معرفته.
" إن التفكير الذي لا يعرف الشك، ينزل أسفل التفكير" كما قال ألان. ما رأيك في ذلك؟
 ( إن مركز الموضوع هنا هو الاستشهاد، أما الرجوع إلى صاحب القولة فيكون ثانويا )

المرحلة الثانية: تحليل المفاهيم
للجواب عن السؤال، يكون من الضروري تحليل دلالات المفاهيم المستعملة بدقة، و في الغالب يكون مهما توضيح الترابطات و التناقضات. و هذا يؤدي إلى تقييم المفارقة التي يطرحها السؤال.
هل الحرية غياب لكل إكراه؟
( نجد هنا مفاهيم متناقضة : الإكراه يناقض الحرية/ الحرية مفهوم يرفض فكرة العبودية )
مفارقة : هل يمكن التقريب بين مفهومين يبدوان متباعدين؟
المرحلة الثالثة: تحليل العبارة التمهيدية
إن العبارة أو التعبير الممهد للسؤال يوجه التحليل. و يمكن أن يأخذ معاني متعددة يجب مناقشتها.
هل يمكن رفض القانون؟
"يمكن" يمكن تفيد هنا من جهة : "هل توجد قدرة مادية؟" و من جهة ثانية : "هل يوجد حق؟"

المرحلة الرابعة: الكشف عن الفرضيات
يتضمن الموضوع فرضيات، يعني أفكارا ضمنية، مسلما بها في البداية من خلال بناء الموضوع. و تكون مفترضة لمعالجته. و يمكن أن يكون ضروريا الكشف عنها لتوضيح رهان السؤال. لكن لا يمكن رفضها مادامت ضرورية في بناء الموضوع. لماذا ننفي الوعي عن الحيوان؟
(  "لماذا" هنا هي مركز السؤال. و يفترض الموضوع إمكانية نفي الوعي عن الحيوان/ لا يجب التساؤل ما إذا كان الأمر كذلك )

المرحلة الخامسة: تحليل الروابط و المكممات
إن الكشف عن الروابط و المكممات يسمح بتحديد معنى السؤال بشكل دقيق. هل يمكن اعتبار الاجتماع خاصية أساسية للإنسان؟                                                                


فيلوبريس على الفيسبوك

المواضيع الأكثر قراءة

فيديوهات فيلوبريس