بقلم: محمد بعدي
بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية و الذي يصادف يوم 18 دجنبر، تذكرت مقالا كتبه أحدهم في إحدى الجرائد اليومية قبل مدة طويلة نسبيا لم أعد أتذكر زمنه، غير أن مضامينه لا زالت عالقة بالذاكرة. كان المقال إياه مقالا عاطفيا متشنجا، يحكي قصة طفل هو ابن صديق الكاتب، حيث اكتشف الكاتب اكتشافا خطيرا: طفل في العاشرة من عمره يتكلم لغة عربية فصيحة، و يحفظ آيات كثيرات من القرآن الكريم لا تتناسب مع سنه!!! أمر بالنسبة إليه خطير و لا يصدق!!! بل إن اندفاعه العاطفي جعله يكشر عن أنيابه الأيديولوجية، من خلال التساؤل باستغراب: كيف يسمح وزير يساري لمدرسة خصوصية اسلامية بتعليم اللغة العربية و تحفيظ القرآن؟!!! و كأنه يريده أن يمنع تدريس اللغة العربية و يصادر الكتب الاسلامية ليعوضها بكتب تعج بصور مثل تلك التي تنشرها جريدته في آخر صفحاتها لأجل التطبيع مع الأعضاء الحساسة في الجسد الانثوي. أو تحفيظه مقاطع من مثل تلك التي تشنف الآذان في آفلام آخر الزمان...
بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية و الذي يصادف يوم 18 دجنبر، تذكرت مقالا كتبه أحدهم في إحدى الجرائد اليومية قبل مدة طويلة نسبيا لم أعد أتذكر زمنه، غير أن مضامينه لا زالت عالقة بالذاكرة. كان المقال إياه مقالا عاطفيا متشنجا، يحكي قصة طفل هو ابن صديق الكاتب، حيث اكتشف الكاتب اكتشافا خطيرا: طفل في العاشرة من عمره يتكلم لغة عربية فصيحة، و يحفظ آيات كثيرات من القرآن الكريم لا تتناسب مع سنه!!! أمر بالنسبة إليه خطير و لا يصدق!!! بل إن اندفاعه العاطفي جعله يكشر عن أنيابه الأيديولوجية، من خلال التساؤل باستغراب: كيف يسمح وزير يساري لمدرسة خصوصية اسلامية بتعليم اللغة العربية و تحفيظ القرآن؟!!! و كأنه يريده أن يمنع تدريس اللغة العربية و يصادر الكتب الاسلامية ليعوضها بكتب تعج بصور مثل تلك التي تنشرها جريدته في آخر صفحاتها لأجل التطبيع مع الأعضاء الحساسة في الجسد الانثوي. أو تحفيظه مقاطع من مثل تلك التي تشنف الآذان في آفلام آخر الزمان...
و كأننا بصدد نظرية بيداغوجية
جديدة تقرر أن تعلم اللغة العربية قيل سن العاشرة، أو بعدها أيضا، ربما يضر
بالتوازن النفسي و العقلي للطفل. و لم يبق إلا استصدار فتوى تعتبر حفظ القرآن في
هذه السن فتنة، و تحريض على العنف و الارهاب. أو استصدار قانون يلغي المواد
المدرسة و تعويضها بأخرى لا لغة فيها إلا لغة الجسد. و يمكن اقتراح: السباحة صيفا
و الرقص شتاء...
تساءلت مع نفسي و أنا أعيد ترتيب
أفكار المقال في الذاكرة، ما المشكلة في أن يتحدث طفل عربي مسلم لغة عربية فصيحة؟
و ما الخطر في أن يحفظ آيات قرآنية؟ أليس هذا هو الوضع الطبيعي العادي الذي ينبغي
أن يكون عليه أبناؤنا و بناتنا؟ و إذا كان تعلم اللغة العربية ـ اللغة الأم ـ و
حفظ آيات قرآنية لا يتناسب مع هذا السن، فأية لغة يتعين أن يتقن و ماذا يحفظ إذن؟
مشهد آخر قفز إلى الذاكرة، لكنه
هذه المرة سمعي بصري، تذكرت تلك المحللة النفسانية في أحد البرامج التلفزيونية، في
إحدى القنوات الرسمية، وهي تتحدث بلغة دارجنسية [خليط من الدارجة و الفرنسية] حيث بدت
كخبيرة لا يشق لها غبار و هي تجلد لغة الضاد و تحملها كل ما حل بالقوم من تخلف و
ذيلية و تصفها بكونها لغة العنف و التعقيد و الخشونة، و تقارنها بالفرنسية الجميلة
الحلوة الناعمة!!! وتقول فيها ما لم يقله مالك في الخمر. و تذكرت أن البلد الحبيب
ابتلي بأشباه الصحافيين هؤلاء، و أشباه المحللات النفسانيات أولئك، و أشباه
السياسيين... و غيرهم ممن يعملون ليل نهار، بمناسبة و بغيرها على تفكيك ما تبقى من
أوصال جزء أساسي من الهوية الثقافية المغربية.
أية استراتيجية تربوية تعليمية
يريد هؤلاء؟ اي نظام قيمي يسعون لتشييده؟ ألا يمكن اعتبار أمثال هؤلاء خطرا على
الأمن اللغوي و الثقافي لشرائح واسعة من المغاربة؟ إن العربية هي لغة الشعر و
النثر, و هي لغة العلم و الفكر، هي لغة امرؤ القيس و المتنبي و نزار قباني... و هي
لغة الخوارزمي و ابن الهيثم و ابن رشد و طه عبد الرحمن...
إن ما يحدث للعربية من طرف أبناء عاقين يرقى لدرجة الجريمة. و اسألوا أهل
التعليم يا أهل الإعلام، فالكثير من تلامذتنا في الاعدادي و الثانوي لا يميزون بين
الأفعال و الأسماء، و لا يفرقون بين الحال و المحال [أو الألف و عصا الطبال]، فلا
لغة إلا لغة السوق و لا حفظ إلا لقاموس الفسوق!!! و لعل هذا هو النموذج الذي يريد
العقل المتخلف ترسيخه عندما يستفزه طفل في العاشرة لا يلحن في لغته، و يحفظ آيات
من كتابه...
تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية