الوعي : الإدراك الحسي والشعور


المحور الأول: الإدراك الحسي والشعور
تحليل نص برتراند راسل
النص:
"... عادة ما نقول إننا "واعون" في مقابل الأشياء الجامدة كالعصي والحجارة التي لا تمتلك صفة الوعي. ونتلفظ بهذا اللفظ "الوعي"، عندما نكون في حالة اليقظة وليس عندما نكون نائمين، لكن عندما نقول إننا واعون فنحن نريد قول شيئين: فمن جهة تصدر عنا ردود أفعال تجاه الوسط الذي نعيش فيه، ومن جهة ثانية يبدو أننا نكتشف داخل ذواتنا، نوعية أفكارنا وعواطفنا التي لا نجدها في الأشياء الجامدة والثابتة بخصوص ردود أفعالنا تجاه الوسط، ويتعلق هذا الأمر بالوعي بشيء ما، فعلى سبيل المثال، عندما يصيح الواحد منا قائلا "" (آه)، فما يتركه من أثر لدى الآخرين هو أنهم يستديرون نحو مصدر الصوت، إن هذه الاستجابة لا تصدر عن الأحجار، إذ هي غير قادرة على ذلك. وإذا كنت قد وجدت نفسك في نفس وضعية الآخرين، الذين أدركوا مصدر الصوت، فإنك ستقوم بنفس رد الفعل، لأنك سمعت ضجيجا أو صوتا. فما دمنا نفترض أننا "ندرك" أشياء العالم الخارجي فنحن نقول إننا "واعون" بها.
لكن الآن، وفي حالة الإدراك، علينا أن نقول فقط، إنه تصدر عنا ردود أفعال تجاه مثيرات خارجية، الشيء الذي بإمكان الحجارة القيام به، إذ قد يصدر عنها نوع من "رد الفعل" مع العلم أن المثيرات التي تخضع لها قليلة جدا .هكذا، عندما يتعلق الأمر ب "الإدراك" الخارجي، فإن الاختلاف بين "رد فعل" الحجرة وردود أفعالنا إنما هو اختلاف في الدرجة فقط.
يرتبط الجزء الأساسي من مفهوم "الوعي" بما نكشفه فينا بواسطة الاستبطان، في هذه الحالة لا يتعلق الأمر بردود أفعالنا اتجاه الوقائع الخارجية فقط، بل إننا نعرف أننا نستجيب لمثيرات العالم الخارجي، في حين نجد الحجرة، ونحن متأكدون من ذلك، لا تعرف أنها تتحرك تحت تأثير خارجي، لأنها لو أدركت ذلك، لكانت واعية مثلنا نحن البشر. ويبين التحليل هنا كذلك، أن الأمر يتعلق باختلاف في الدرجة بيننا وبين الأشياء."
برتراند راسل، علم ودين، غاليمار 1957، ص 128-130 (عن كتاب في رحاب الفلسفة للسنة الأولى باكلوريا)
صاحب النص  برتراند راسل (1872-1970) فيلسوف انجليزي و هو ناقد اجتماعي و مؤرخ و عالم منطق و رياضي اهتم بدراسة المعرفة العلمية و الاستمولوجية (فلسفة العلم) تعرف فلسفتة بالفلسفة التحليلية ومن مؤلفاته "مبادئ الرياضيات –مشكلات الفلسفة"
*تحديد المفاهيم
اللغة:  بالمعنى العام: "كل نسق من العلامات يؤدي وظيفة التواصل"
        بالمعنى الخاص: "وظيفة التعبير الكلامي عن الفكر داخليا و خارجيا"
رد الفعل: هو نشاط فكري واعي أو غير واعي أو حركي يصدر عن الانسان تجاه مثيرات العالم الخارجي.
الاستبطان: التأمل الباطني في الذات أي إدراك ما تحمله الذات من ذكريات وأفكار ومشاعر...
*الاشكال
هل الوعي إدراك حسي أم إدراك عقلي؟
*الأطروحة
يؤكد راسل أن الوعي في الجزء الأساسي منه هو إدراك عقلي مرتبط بالاستبطان.
*الأفكار الأساسية
يعرض صاحب النص التمثل العام الذي يعتبر الوعي خاصية انسانية لارتباطه باليقظة مشيرا الى المشكلة اللغوية في تحديد الوعي.
يفسر صاحب النص كيف أن للوعي معنيين في اللغة: فهو رد فعل من جهة، واستبطان من جهة ثانية.
يقدم صاحب النص مثال سماع صوت ليبين أن الوعي هو رد فعل تجاه المثيرات الخارجية.
يقارن صاحب النص بين رد الفعل الإنسان و رد الفعل الحجر  ليستخلص أن رد الفعل ليس وعيا مادامت الحجرة تقوم برد الفعل ولكن بدرجة أقل.
 - يستنتج صاحب النص أن الجزء الأساسي للوعي مرتبط بالإدراك العقلي من خلال مقارنته بين الإنسان الذي يدرك قيامه برد الفعل و الحجرة التي لا تدرك ذلك.
يؤكد صاحب النص أن مفهوم الوعي مفهوم غامض ومعقد يصعب تحديده بشكل دقيق.
*خلاصة

نستخلص من خلال المعطيات التي يتضمنها نص راسل أن هذا الأخير يريد التأكيد على أن الوعي في جزئه الأساسي استبطان أي أنه إدراك عقلي. و يبدو هنا أنه ينتصر للموقف الفلسفي الذي يربط الوعي بالعقل والتأمل. و ينفي عنه الخاصية الحسية و ان كان مفهوما الوعي كما يؤكد برتراند راسل يظل مع ذلك مفهوما غامضا يصعب تحديده بشكل دقيق.

تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية

فيلوبريس على الفيسبوك

المواضيع الأكثر قراءة

فيديوهات فيلوبريس