مجزوءة
المعرفة
تقديم
يتميز
الإنسان عن كائنات أخرى بكونه لا يكتفي فقط بأن يعيش، وأن يكون موجودا فقط، وإنما
يسعى أكثر من ذلك إلى محاولة معرفة هذا الوجود في كل أبعاده، وذلك لكونه كائنا
ممتلكا لملكة المعرفة.
والمعرفة
من حيث التعريف هي ذلك النشاط أو تلك الفعالية العقلية التي تمارسها الذات العارفة
بطريقة منظمة من أجل الوصول إلى موضوع المعرفة وإدراكه وفهمه.
ويثير
موضوع المعرفة باعتباره مبحثا فلسفيا قضايا كثيرة للنقاش، من بينها تلك التي تتعلق
بالنظرية والتجربة، وبالحقيقة...
مفهوم
النظرية
مقدمة
إن العالم
حينما ينجز معرفة بظاهرة ما أو واقعة ما، فإنه يستطيع بعد حصول الفهم والإدراك
بناء نظرية علمية. والنظرية العلمية هي ذلك البناء أو النسق من الأفكار المترابطة
والمنظمة حول ظاهرة ما والتي تمكن من وصف هذه الظاهرة أو تفسيرها أو التنبؤ بها.
ومن
بين أهم الإشكالات التي يثيرها موضوع النظرية ذلك المتعلق بكيفية بنائها، خصوصا أن
النظريات العلمية التي يكون موضوعها هو الطبيعة تتأرجح بين عنصرين اثنين وهما
العقل والواقع، لذلك ينبغي
التساؤل عن أيهما يعتبر أساسا لذلك البناء. هذا من جهة، ومن جهة ثانية، التساؤل
حول طبيعة العقل الذي ينتج المعرفة العلمية. وأخيرا التساؤل حول المعايير التي
يمكن من خلالها التمييز بين نظرية علمية وأخرى غير علمية.
المحور
الأول: التجربة والتجريب أو النظرية بين العقل والواقع
الإشكال: على أي أساس تبنى
النظرية العلمية؟ هل على أساس النشاط العقلي أم على أساس معطيات الواقع التجريبي؟
موقف كلود برنار: الواقع
التجريبي أساس بناء النظرية العلمية
يعتقد
كلود برنار أن بناء النظرية العلمية يتطلب تفاعلا بين العقل والواقع التجريبي، غير
أن هذا الأخير هو الذي يلعب الدور الحاسم في عملية البناء.
هكذا فبالاستناد
إلى خطوات المنهج التجريبي يبدو التكامل بين السلوك العقلي والمعطيات الحسية
واضحا، مادامت هناك خطوتان واقعيتان (الملاحظة والتجربة) وخطوتان عقليتان (الفرضية
والاستنتاج).
ويؤكد
برنار على أن العلاقة بين المكونات التجريبية والأنشطة العقلية هي علاقة متداخلة
إلى حد أنها تشكل خليطا غامضا يصعب الفصل بين مكوناته. غير أن كلود برنار يميز بين
الأفكار العلمية التي يمكن من خلالها بناء نظرية علمية والأفكار غير العلمية التي
تظل مجرد تصورات، وتتمثل الأولى في تلك الأفكار التي تثبتها وتصادق عليها التجارب
العلمية.
لذلك
يستنتج كلود برنار في النهاية بأن "النظرية ليست شيئا آخر عدا الفكرة العلمية
المراقبة من طرف التجربة"، ويتبين من خلال هذا القول أن كلود برنار ينتصر
للموقف التجريبي بتأكيد أهمية وأولوية التجربة في بناء النسق النظري العلمي.
موقف روني طوم: أساس بناء
النظرية العلمية عقلي
يعتقد
روني طوم أن أساس بناء النظرية العلمية أساس عقلي، ولذلك فهو يرفض التجربة في
صيغتها الكلاسيكية، ويؤكد بالمقابل على أهمية الخيال كعنصر عقلي مرتبط بإبداع
العقل.
ويرتبط
موقف روني طوم بكونه من جهة عالم رياضيات، ومن جهة ثانية بكونه معاصرا لمجموعة من
المستجدات العلمية وخصوصا تلك المتعلقة بالعلوم الدقيقة، حيث أصبح العالم يتعامل
مع ظواهر يبدو من المستحيل ملاحظتها، وهذا ما بدا معه المنهج التجريبي قاصرا على
التعامل مع مثل هذه الظواهر، وبالتالي أصبح العالم مطالبا باعتماد منهج آخر يستثمر
من خلاله أدوات العقل دون التقيد بمعطيات الواقع، وأصبح البناء النظري بناء فرضي
استنباطي تلعب فيه التجربة الذهنية المتخيلة دورا حاسما.
المحور
الثاني: العقلانية العلمية
الإشكال: هل العقلانية العلمية
مطلقة أم نسبية؟
يمكن الإجابة
عن الإشكال من خلال مقاربة تاريخية يتم التمييز فيها بين العقلانية الكلاسيكية
والعقلانية المعاصرة:
العقلانية
الكلاسيكية: تتميز بكونها تشتغل وفق مبادئ وقوانين تقوم على الثبات والإطلاقية، لأن
العقل ينغلق على هذه المبادئ والقوانين، ولا يتجاوزها... ومن بينها على سبيل
المثال مبادئ المنطق عند أرسطو (مبدأ الهوية، مبدأ عدم التناقض، مبدأ الثالث
المرفوع، مبدأ العلية...) وأيضا الأفكار الفطرية عند ديكارت والمقولات القبلية عند
كانط... وهذا ما ينعكس على ما ينتجه العقل العلمي الكلاسيكي من أفكار وحقائق تتميز
أيضا بكونها ثابتة ومطلقة.
العقلانية
المعاصرة: في مقابل العقلانية الكلاسيكية تتميز العقلانية المعاصرة بكونها عقلانية
منفتحة ونسبية، ذلك أن العقل المعاصر ارتد إلى ذاته ومبادئه، وحاول إعادة النظر في
هذه المبادئ، فظهرت مبادئ ومفاهيم جديدة تقطع الصلة مع المبادئ الكلاسيكية وتعيد
فيها النظر. فعلى سبيل المثال مفهوم الثبات ومفهوم الإطلاقية الذين حل محلهما
مفهومي الصيرورة والنسبية، مما جعل العقل العلمي المعاصر عقلا منفتحا متطورا يجدد
ذاته ومفاهيمه وأسسه باستمرار. لقد أصبح عقلا نشيطا فاعلا يمارس المساءلة والنقد
لذلك صار ما ينتجه متميزا بالنسبية.
المحور الثالث: معايير علمية
النظريات العلمية
الإشكال: ما معيار علمية النظريات
العلمية؟ وعلى أي أساس يمكن قياس الصدق والصلاحية في مجال المعرفة العلمية؟
موقف بيير دوهيم: التحقق
التجريبي هو معيار علمية النظريات العلمية
يعتقد
بيير دوهيم أن معيار العلمية والحقيقة في المعرفة العلمية هو الواقع التجريبي،
فالنظرية لا تكون علمية وذات مصداقية إلا إذا كانت أفكارها مطابقة للمعطيات
الموجودة في الواقع. وهذا ما يؤكده قوله: "إن الاتفاق مع التجربة هو الذي
يشكل بالنسبة للنظرية المعيار الوحيد للحقيقة". ويتبين من خلال هذا القول أن
معيار علمية النظرية الفيزيائية هو معيار تجريبي وهو ما يسمى بمعيار "التحقق
التجريبي" الذي على أساسه تكون النظرية صحيحة إذا تطابقت مع تقدمه التجربة
الحسية من معطيات مادية ناتجة عن وظيفة وصفية يقوم بها العالم عبر الإنصات للطبيعة
دون اجتهاد عقلي ودون بحث في الأسباب.
موقف ألبرت إنشتاين: التماسك
المنطقي هو معير علمية النظرية العلمية
يقول
إنشتاين "إذا كانت التجربة هي مبتدأ ومنتهى معرفتنا للواقع، فأي دور تبقيه
للعقل في مجال المعرفة العلمية؟"
يتبين
من خلال هذا القول التساؤلي أن صاحبه يرفض مبدأ "التحقق التجريبي"، ذلك
أنه يريد القول بأن العقل ينبغي أن يكون هو المبتدأ والمنتهى في تأكيد صدق وصلاحية
النظرية العلمية وليس التجربة.
وباعتباره
رياضيا وعالم فيزياء نظرية يجد المنهج التجريبي غير قادر على مسايرة التطورات العلمية،
خصوصا على مستوى الفيزياء النظرية التي لم يعد الواقع فيها معطى ماديا ملموسا بل
صار بناء ذهنيا يشيده العالم على أساس فرضي استنباطي، وعلى هذا الأساس يكون معيار
علمية النظريات العلمية هو معيار "التماسك المنطقي" أي أن النظرية تكون
علمية عندما تكون عناصرها مترابطة ومنسجمة ولا يوجد بينها أي تناقض منطقي.
خلاصة عامة
في
نهاية هذه الرحلة في مجال المعرفة العلمية نستطيع التأكيد أن هذا المجال يوجد في
مفترق طرق بين الفكر من جهة والواقع من جهة ثانية سواء تعلق الأمر بإشكالية بناء
النظرية العلمية، أو معايير العلمية أو العقلانية العلمية.
مفهوم الحقيقة
مقدمة
لعل مفهوم الحقيقة أهم موضوعات الفكر الفلسفي، فما التفكير الفلسفي ذاته
غير بحث لا يتوقف عن الحقيقة، فمنذ ظهرت الفلسفة وحتى الآن كان هاجس الفلاسفة
الأهم هو البحث عن الحقيقة. غير أن الحقيقة كمفهوم توجد متاخمة لمفاهيم أخرى
كالرأي، مما يدفع إلى طرح تساؤلات بخصوص العلاقة بينهما. أضف إلى ذلك أن تمييز
الحقيقة عن غيرها يتطلب وجود معايير تسمح بهذا التمييز، خصوصا وأن عملية بناء
الحقيقة تقوم على ثنائية الذات (العاقلة) والموضوع (المادي). وإذا كان الإنسان يرغب في الحقيقة فينبغي البحث
فيما كانت هذه الرغبة خالصة أم من أجل منفعة ما.
المحور الأول: الحقيقة والرأي
الإشكال: ما علاقة الحقيقة بالرأي؟ وهل يوجد فرق بينهما؟
موقف كانط: الحقيقة بناء يتأسس على الحساسية والفهم
يقول كانط: " فالرأي تصديق يعي عدم كفايته ذاتيا وكذلك موضوعيا (...)،
وعندما يكون التصديق كافيا ذاتيا وكذلك موضوعيا يسمى علما (حقيقة)".
يتبين من خلال هذا القول أن صاحبه يميز بين الحقيقة و الرأي، ذلك أن الرأي
لا يقنع لا ذاتيا و لا موضوعيا، أي أنه لا يقنع لا صاحبه و لا الآخرين. ولعل السبب
في ذلك هو أنه مجرد انطباع شخصي حسي يتسم بالتسرع والتلقائية، ويكون سطحيا وعبارة
عن معطى جاهز لا يخضع لتفكير متعمق ونظر دقيق... أما الحقيقة فعلى العكس من ذلك
ليست معطى جاهز، بل هي عملية بناء. وتبنى الحقيقة حسب كانط من خلال عملي عنصرين
اثنين وهما: الحساسية والفهم. فالحساسية تقدم لنا الجانب المادي للمعرفة والحقيقة،
باعتبار الحساسية هي قابليتنا لتلقي معطيات الوسط الخارجي عبر الحواس. أما الفهم فهو قدرتنا على المعرفة، هذه القدرة التي
تعطي لمادة المعرفة صورتها الحقيقية.
موقف ديكارت: الحقيقة بناء عقلي خالص وتجاوز للرأي
يميز ديكارت بدوره بين الحقيقة والرأي، وذلك من خلال التأكيد على أن
الحقيقة تجاوز للرأي، لأنه غالبا ما يكون مكتسبا اعتمادا على المعرفة الحسية
الخادعة. أما الحقيقة فهي بالمقابل بناء عقلي منهجي منظم يقوم على الشك وعلى
أساسين وهما: الحدس والاستنباط، ومن خلال القواعد الأربعة: البداهة، التحليل،
التركيب، والمراجعة والاحصاء... هكذا فالحقيقة ليست معطى جاهزا أو انطباعا حسيا،
بل هي بناء منهجي عقلي يتأسس على الشك الذي يهدف في نهاية المطاف إلى التخلص من
الآراء باعتبارها معارف ومكتسبات حسية جاهزة.
المحور الثاني: معايير الحقيقة
الإشكال: ما معيار الحقيقة؟ وعلى أي أساس يمكن تحديدها
وتمييزها عما ليست إياه؟
موقف ديكارت: معيار الحقيقة هو الوضوح والتميز
يعتقد ديكارت بأن معيار الحقيقة هو الوضوح والتميز، وهذا معناه أن الأفكار
الحقيقية هي تلك التي تكون واضحة ومتميزة. والأفكار لا تكون واضحة ومتميزة إلا إذا
كانت بسيطة لا تحتاج إلى إيضاح ولا تختلط في الذهن مع أفكار أخرى. وهذا شرط لا
يتوفر في الأفكار إلا إذا كانت بديهية لا يرقى إليها الشك. والأفكار التي لا تقبل
الشك هي تلك التي تدرك مباشرة بواسطة الحدس. إذن للتمييز بين الحقيقة وما ليس
حقيقة ينبغي أن يكون المعيار هو الوضوح والتميز. فالحقيقة هي كل ما هو واضح ومتميز
ولا يرقى إليه الشك لأنه معرفة حدسية مباشرة.
موقف لايبنتز: معيار الحقيقة هو البرهنة
يقول لايبنتز: " لقد سبق أن أشرت إلى ضعف القاعدة الشهيرة ... وهي ألا
أقبل سوى الأفكار الواضحة والمتميزة... إن القواعد التي دافع عنها أرسطو وعلماء
الهندسة أكثر أهمية من السابقة، مثال ذلك ألا نقبل أي شيء ما لم يكن مبرهنا بشكل
سليم."
يتبين من خلال هذا القول انتقاد واضح لديكارت، لأن اعتماد قاعدة الوضوح
والتميز يتسم بالضعف. فالأفكار الحقيقية ليست هي الأفكار الحدسية، وإنما تلك التي
تمت البرهنة عليها، والأفكار لا تكون واضحة لأنها تدرك حدسيا، بل تصبح واضحة عندما
تتم البرهنة عليها. وهكذا فالفكرة لا تكون حقيقية إلا إذا أقيم عليها البرهان وتم
إثباتها عبر قواعد المنطق السليم، ومن خلال مبادئ العقل والتفكير. لذلك يستشهد
لايبنتز بأرسطو باعتباره واضع علم المنطق، كما يستشهد بعلماء الهندسة على اعتبار
أنهم علماء رياضيات يشتغلون وفق منهج برهاني يقوم على الاستدلالات المنطقية.
المحور الثالث: الحقيقة بوصفها
قيمة
الإشكال: على أي أساس تقوم الحقيقة؟ وهل هي غاية في
ذاتها أم أنها وسيلة؟
موقف وليام جيمس: قيمة الحقيقة نفعية
يعتقد وليام جيمس أن للحقيقة قيمة نفعية، وذلك لأن الحقيقة ليست فكرة، بل
هي ما يترتب عن هذه الفكرة من نتائج مؤثرة في الواقع. وفي هذا السياق يمكن استحضار
قوله الشهير " الحقيقي هو المفيد عمليا". أي أن الحقيقة لا تكتسب قيمتها
إلا عندما ترتبط بالإنجاز والممارسة والتأثير الذي يمكن التحقق منه عبر تجارب
واقعية تغير الحياة وتؤثر فيها. إن الحقيقة حسب هذا التصور ليست غاية في ذاتها، بل
هي وسيلة لتحقيق غايات أخرى، شريطة أن تكون هذه الغايات واقعية وملموسة ويمكن
الانخراط فيها والمصادقة عليها. إن الحقيقة إنجاز عملي ومردودية ذات نفع وفائدة
وحضور فعلي.
موقف كانط: قيمة الحقيقة أخلاقية
إن قيمة الحقيقة ليست فما يترتب عنها، إنما قيمتها في ذاتها لأنها غاية
وليست وسيلة. إن قيمة الحقيقة حسب كانط هي قيمة أخلاقية، إنها واجب أخلاقي. ويعنى الواجب حسب كانط: " ضرورة انجاز
الفعل – وهنا قول الحقيقة – احتراما للقانون"، وهو قانون أخلاقي يتميز
بالكونية والكلية. لأنه لا يرتبط بأية مصلحة أو ميل شخصي، فهو يستحضر الإنسانية
ككل، مهما كانت الإكراهات والمصاعب، فالكذب مثلا، حسب كانط، ليس ضارا بشخص بعينه
بل ضار بالإنسانية جمعاء، لذلك على الإنسان أن يعمل بحيث يعامل الإنسانية في شخصه
وفي الأشخاص الآخرين كغاية وليس كوسيلة. كما أن الكذب عل شخص معين دليل على عدم
احترامه وعدم الإحساس به بكرامته حيث ينظر إليه وكأنه غير أهل لمعرفة
الحقيقة. هكذا يضفي كانط على الحقيقة طابعا أخلاقيا يتشكل ضمن أبعاد قيمية مطلقة،
يجب الالتزام بها، من خلال الإرادة الطيبة والسعي للفضيلة ومراعاة كرامة الإنسان
وإنسانيته.
تصور برغسون: قيمة الحقيقة في الاستفادة من الواقع
يعتبر أن ربط الحقيقة بما هو نافع
ومفيد سيسمح بارتكاب الشرور والمظالم ضد الآخرين إن كان في ذلك نفع وفائدة. لذلك
سيسعى برغسون إلى تقديم بديل للمفهوم التقليدي للحقيقة، فالحقيقة عنده هي اختراع
لشيء جديد وليست اكتشافا لشيء سبق وجوده، فكما أن الاختراع الصناعي يتقدم بفضل
فائدته العملية فقط، فإن القضية الصادقة هي التي تزيد من سلطتنا على الأشياء، إننا
نخترع الحقائق لنستفيد من الوجود. إن الواقع بطبيعته عبارة عن تدفق من الظواهر
التي هي ديمومة منسابة، وإصدار حكم على الواقع معناه تجميده وتثبيته، لأن من طبيعة
العقل التثبيت والسكون، فالصادق لدى برغسون هو ما يجعلنا نحكم في هذا الواقع
المتحرك باستمرار، فيوفر لنا أفضل الشروط للفعل والتأثير فيه.
خاتمة:
تميزت رحلة الإنسان في البحث عن الحقيقة بصعوبتها وتعقيدها، وهي رحلة لم
ولن تنته. غير أن أهم ما ميز هذه الرحلة هو أن الإنسان لم يستطع أن يصل بصدد
الحقيقة إلى نظرية شاملة وواحدة، بل إن كل حديث عنها يكون حديثا متوترا سواء تعلق
الأمر بطبيعتها كعملية بناء مستمر، أو معاييرها أو قيمتها...
خلاصة عامة:
يشكل موضوع المعرفة محطة أساسية ضمن مسار البحث الفلسفي، إذ أنه يرتبط بأهم
فاعلية إنسانية على الإطلاق. وتشكل موضوعة المعرفة العلمية في ارتباطها بالحقيقة
أرضية خصبة لتناسل عدد من الإشكالات المتعلقة بمصدر المعرفة العلمية ومعايير
الحقيقة فيها، والمنهج المناسب للوصول إلى الحقيقة وقيمة هذه الأخيرة. ويسهم موضوع
المعرفة في فهم كيفية بناء النظريات ودور كل من العقل والتجربة في ذلك، إضافة إلى
إدراك نسبية الحقيقة، سواء تعلق الأمر بالحقيقة العلمية أو غيرها من أنواع الحقائق
الأخرى.
تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية
0commentaires:
إرسال تعليق