الإشكال : ما الأساس الذي تقوم عليه هوية الشخص؟
موقف ديكارت:
يؤكد ديكارت أن
أساس هوية الشخص هو الفكر لأنه هو الشيء الوحيد الذي لا يقبل الشك، و يتأسس الموقف
الديكارتي من خلال منهجه الشكي، و هذا ما نجده في كتابه التأملات الميتافزيقية،
ففي التأمل الأول يتناول مبررات الشك المتمثلة في خداع الحواس و خطأ العقل، و في
التأمل الثاني إثبات هوية الأنا المفكر، من خلال الأفعال الفكرية الخالصة و
المجردة عن كل إحساس كالشك و الفهم و التصور,,, و هي أفعال لا تنفصل عن الهوية
الإنسانية، بل هي أساس وجود الإنسان و هويته ، فالإنسان يوجد مادام يفكر ، و إذا
توقف عن التفكير توقف عن الوجود…
موقف جون لوك:
يعتقد لوك أن أساس هوية الشخص هو التجربة الحسية، و
هذا ما نجده في كتابه محاولة فلسفية في الفهم البشري ,,,, حيث يعرف الشخص بأنه ذات
مفكرة ، غير أن الفكر بالنسبة إليه لا ينفصل عن الإحساس,, و الإحساس عنده نوعان:
خارجي من خلال الحواس ، و داخلي من خلال التأمل أو الاستبطان,,إن العقل عند لوك
صفحة بيضاء، و الإنسان يحصل على الأفكار فقط عندما يتكون لديه الإدراك الحسي…يقول
لوك : إنني حين أدرك شيئا ماديا لا أدركه مباشرة ـ بواسطة العقل ـ بل أدركه بطريقة
غير مباشرة، أي عن طريق أفكاري عنه، هذه الأفكار هي ما أدركه مباشرة…
موقف شوبنهور:
ينفي شوبنهور أن تتحدد هوية الشخص من خلال مادة
جسمه،أو صورة هذا الجسم لأنهما يتجددان و يتغيران باستمرار… و يؤكد في
كتابه: العالم كإرادة و تمثل، أن الإرادة هي معيار هوية الشخص لأنها
تظل في هوية مع نفسها ومع الطبع الثابت الذي تمثله، و تتحدد هذه الإرادة فيما يلي:
أن تريد أو ألا تريد.
وهكذا ينتقد شوبنهاور المواقف التي تربط بين الشعور
والهوية، ويؤكد أن هوية الشخص تتحدد بالإرادة، أما الشعور فهو يتجدد ويتغير بفعل
الزمن، كما يمكن تعديله وتقويمه، بينما الإرادة لا يمكنها أن تتغير لأنها خاضعة
للزمان، وهو ما يجعل الفرد يتصرف دائما في هوية مع نفسه، أي أنه لا يستطيع أن يفعل
غير ما يفعله. إن الإرادة ـ حسب شوبنهورـ هي الشيء الجوهري والأساسي في الإنسان
ويعطيها الأولوية على العقل، لأن العقل مخلوق للإرادة كي يقوم على خدمتها وتنفيذ
أوامرها ونواهيها.
موقف لاشوليي:
يعتبر جول لاشوليي أن المحدد الرئيس للشخص هو هويته
كذات متطابقة مع ذاتها ومتميزة عن غيرها، وأن هذه الهوية تبقى متوحدة في الزمان
كنتيجة لعمل مجموعة من الآليات النفسية التي تحمي وحدة الشخص، أهمها: آلية وحدة
المزاج وآلية الذاكرة التي تحفظ ماضي الشخص وتوصله بحاضره. إن الهوية الشخصية لا
تُعطى بشكل أولي أصيل في شعورنا ، بل هي “بنية نفسية”، متصلٌة بالمزاج وبالذاكرة.
كل ما يضاف إلى الذاكرة ينتمي إلى الأنا الذي يحدد طبيعة ردود أفعالنا في مختلف
الحالات النفسية . وكلما تذكر الإنسان كلما تولد لديه الشعور بوحدته النفسية
الثابتة. من خلال هذا الموقف
ينتقد لاشوليي التصور الماهوي الثابت لهوية الشخص، ويثبت أن أساس الهوية هو حفظ
الطبع وترابط الماضي بالحاضر في الذاكرة.
تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية
0commentaires:
إرسال تعليق