الفلسفة والوعي: فلسفة العقل ونظرية المعنى
إصدار جديد للمفكر والفيلسوف العراقي علي محمد اليوسف
صدر للباحث والمفكر والفيلسوف العراقي الدكتور على محمد اليوسف كتاب جديد يحمل عنوان: الفلسفة والوعي: فلسفة العقل ونظرية المعنى، وذلك عن دار غيداء للنشر بالأردن. ويعتبر الكتاب إضافة نوعية للمكتبة الفلسفية العربية. وفيما يلي فهرس المحتويات ومقدمة الكتاب.
المحتويات
المقدمة
(1)
الوعي في التفكير الفلسفي
(2)
الوعي في الفلسفة البنيوية
(3)
ماهية العقل بضوء نظرية المعنى
(4)
نظرية المعنى في فلسفة العقل واللغة
(5)
الوعي واللغة
(6)
الوعي والوجود
(7)
موضعة الوعي في الوجود
(8)
الوعي ومنظومة الادراك العقلي
(9)
كيف نعي الزمن والوجود ج1
(10)
كيف
نعي الزمن والوجود ج2
(11)
الوعي والخيال واللغة
(12)
النزعة
الفطرية الدينية في الفلسفة الغربية
(13)
الموت
في اللاهوت والفلسفة
(14)
الجنس / ملكية المرأة والثروة
(15)
التفكيكية وسلطة تقويض النص
(16)
كلمات وشذرات فلسفية
(17)
العقل واللغة
المقدمة
خروجا على غير العادة كما في مؤلفاتي السابقة ذات
المواضيع الفلسفية المتعددة ذهبت في هذا الكتاب الى تناول موضوع مركزي واحد يمثل
اشكالية فلسفية قائمة بدأت منذ منتصف القرن العشرين وإلى يومنا هذا ذلكم هو مبحث
(الوعي) الفلسفي.
استعاد مبحث الوعي اهتمام الفلاسفة المعاصرين بشكل استثنائي
مميز مع بروز الاهتمام بفلسفة العقل والتحول اللغوي في نظرية المعنى التي باتت
تمثل الفلسفة الاولى في القرن العشرين التي تتفرع عنها التيارات الفلسفية اللغوية
المتنوعة.
مصطلح الوعي الفلسفي التجريدي أو الوعي بمعناه البيولوجي
مصطلح غامض ومعقد لأهمية ارتباطاته وتشعباته في التضاد المتجاذب بين منحى
الميتافيزيقا من جهة والنظرة الفلسفية المادية من الجهة الاخرى التي تذهب الى أن
الوعي جوهر فيزيائي شأنه شأن العقل المادي.
لذا أجتنب معظم الفلاسفة الخوض في مباحث الوعي العصيّة
على التناول الفلسفي كمفهوم وليس كمصطلح متذبذب على امتداد قرون طويلة لما يكتنف
الوعي الفلسفي من لبس يوقع الباحث في مطب الاخطاء والتناقضات المتداخلة بين فهم
الفلسفة وفهم العلم وعلم النفس له، لكن مع هذا فأن الدراسات والابحاث المعاصرة
التي تناولت الوعي فلسفيا أصبحت في تزايد مستمر لما يحمله من أبعاد فلسفية تفرض
نفسها تحتاج الكشف عنها ودراستها في تعالقها مع مبحثي فلسفة العقل ومبحث نظرية
المعنى.
يوجد اليوم احتمال مرجّح أن يكون مبحث (الوعي) هو
الفلسفة الاولى كما يتبنى ذلك الفيلسوف الاميركي المعاصر ريتشارد رورتي (1937 –
2007) بعد أن ترّبعت عرش الفلسفة الاولى فلسفة اللغة والمعنى والتحول اللغوي وعلم
النفس السلوكي المتعالق باللغة.
مقالات هذا الكتاب لا تستوعب مناقشة كل النظريات
والمباحث الفلسفية التي تناولت موضوعة (الوعي) بشكل عرضي لكنها تطرقت لمناقشة أحدث
الافكار المعاصرة بشأنه، رغم أن معظم مؤلفاتي الفلسفية الاخيرة لا تخلو من عدة
مقالات مهمة خصصّتها وأوقفتها على دراسة الوعي فلسفيا منها مخطوطة هذا الكتاب.
دعونا مثلا ننظر في مفهوم الوعي الملتبس عند الفلاسفة الأميركان
من المهتمين في مباحث فلسفة العقل وفلسفة اللغة ونظرية المعنى ومحاولتهم توظيف هذه
القضايا بمجملها من أجل استعادة الفلسفة الذرائعية الاميركية أمجادها الماضية
الآفلة وتلميع صورتها الفاقعة، فنجدهم يطرحون مفهوم الوعي في إشكالية اختزالية
تقوم على دعامتين اثنتين هما:
أولا: أن الوعي ليس جوهرا بل هو وظيفة.
ونناقش هذا التوصيف بمنهج نقدي بعجالة تعريفية دأبت على
ممارستها في كتاباتي الفلسفية التي أنأى بها عن العروض لمواضيع فلسفية استهلكت
نفسها بالتكرار الممل لحرفيتها في النقل والترجمة والاستنساخ والعرض الذي يتحاشى
النقد، ورغم أني طرقت مبحث الوعي ومناقشة الأفكار والنظريات حوله في أكثر من مقال
منشور في محتوى كتبي السابقة إلا أني جعلت مفهوم الوعي محور اهتمامي بهذا الكتاب.
فالوعي على خلاف مقولة البراجماتيين الأميركان الجدد هو
جوهر ووظيفة معا، شأنه شأن العقل واللغة فهما جوهران وظيفتهما الادراك. فالعقل
واللغة هما جوهران في منظومة العقل الإدراكية ووسيلتان معا التي تحتوي الوعي
والذهن أيضا كجوهرين لهما وظيفة وسيلية واحدة مجتمعة متكاملة مع بعضها هي توفير
أمكانية العقل التعبير عن مدركاته الاشياء والعالم الخارجي من حولنا بالفكر واللغة.
ومن غير مجموع الاحساسات التي تنقلها الحواس ومن غير
الوعي ومنظومة الجهاز العصبي والذهن لا يستطيع العقل الادراكي عمل شيء على
الاطلاق. ونفس الشيء مع الاحاسيس التي تكون مصدرها ليس الحواس في ادراكنا العالم
الخارجي، فالأحاسيس التي هي بواعث استبطانية يستلمها الذهن عن طريق الجهاز العصبي
مصدرها أجهزة الانسان البيولوجية داخل تكوين اعضاء الجسم والتي في غالبيتها تكون
تلبية اشعارات الدماغ ومنظومة الجملة العصبية في إشباع حاجة الانسان لها كغرائز
بيولوجية وحاجات نفسية. (توضيح أكثر يجده القارئ في محتويات الكتاب).
ثانيا: أو الفكرة الثانية للذرائعية الامريكية تقول
الوعي تجربة صرفة لا يمكن تجزئتها الى افكار واشياء والوعي ليس تجربة طبيعية ولا
تجربة عقلية.!! أذن الوعي ماذا يكون خارج هذه الفرضيات الاستبعادية في عدم تحديد
معنى الوعي؟
تعقيبنا النقدي على هذه الفقرة غير الصحيحة في جوانبها
الثلاث، فأولا الوعي ليس تجربة صرفة، بل تجربة جزئية وسائلية وظيفية داخل منظومة
العقل الادراكية ليست منعزلة كمدرك لوحدها، وليس هناك من جوهر منفصل قائم بذاته
كتجربة صرف تسمى الوعي، كما أن القول لا يمكننا تجزئة الوعي الى أفكار وأشياء،
فهذا خطأ أذ أن الوعي بلا مضمون فكري تعبيري لغوي لا معنى له ولا ممكن التحقق منه
كجوهر. (توضيح أكثر يراجع مقالتنا في هذا الكتاب بعنوان تموضع الوعي العقلي ).
أما ثالثة الاثافي أن الوعي ليس تجربة عقلية ولا طبيعية
فهي خاطئة تماما، فالوعي كما ذكرنا سابقا هو حلقة ضرورية لا يمكن الاستغناء عنها
كعضو جوهري في منظومة الادراك العقلية. ويكون بهذا المعنى تجربة عقلية، فالعقل لا
يعقل وعيه الموجودات ولا مواضيع ادراكه من دون نقل الوعي للإحساسات الصادرة عن
الحواس أو الاحاسيس الصادرة عن ايعازات بيولوجيا الجسم الداخلية ضرورة اشباع غرائز
الاكل والشرب والجماع الجنسي وأحاسيس النفس من عواطف وانفعالات ووجدانات ومن ثم
نقل ردود أفعال تفكير العقل بواسطة اللغة عن الأشياء.
أما القول أن الوعي ليس تجربة طبيعية تحتمل معنيين معنى
المقصود فيزيائية الوعي، والوعي ظاهرة غير فيزيائية، كما أن الطبيعة بما فيها من
كائنات حيّة على رأسها يترّبع الإنسان، يكون الوعي والحالة هذه هي تعالق عقل
الانسان بالطبيعة كموجودات كائنية لا حصر لها، وكل ما تعكسه الطبيعة من افكار مستوحاة
من وجودها يستلمها العقل لتكون مدركات عقلية له، فتصبح تجربة الوعي مستمدة من
الطبيعة متعالية عليها بالعقل الانساني.
وإذا ما اعتبرنا تعبير الفلسفة البراجماتية أن الوعي ليس
تجربة طبيعية بمعنى أن الوعي تجربة مكتسبة وليست تجربة فطرية يولد الانسان مزودا بها
كجزء من تكوين العقل البيولوجي – النفسي فهذا مجانب للصواب أيضا كون الافكار
الفطرية وأن قال بها بعض الفلاسفة مثل ديكارت وكانط لكنها وهو الارجح لا وجود
حقيقي لها ولا يدعمها علم وظائف الاعضاء ولا علم النفس السلوكي.
بل الأفكار ومنها الوعي مكتسبة ولا وجود لها خارج ما
تدّخره الذاكرة من معطيات مكتسبة تشكل ذخيرة حيّة فاعلة في تشغيل منظومة العقل
الادراكية. (لمزيد من التوضيح تراجع مقالتنا في هذا الكتاب الوعي ولغة العقل).
بقيت الاشارة الى أن محتويات هذا الكتاب الصغير الحجم
بعدد صفحاته المذخور بمعطياته الفلسفية الغنيّة الجديدة التي يحتاج الاطلاع عليها
طالب الجامعة والمثقف العادي والمتخصص في مسائل الفلسفة، تشتمل على تسعة مباحث
فلسفية تدور حول مركزية الوعي وارتباطه بكل من فلسفة العقل وفلسفة اللغة في نظرية
المعنى تقع في أحد عشر مبحثا. تليها ملاحق بمقالات فلسفية تتوزعها فلسفة الموت،
واغتراب وتقويض نص اللغة في التفكيكية، وهناك مبحث عن الجنس وعلاقته بالحداثة
لأختم الكتاب بشذرات فلسفية وحكم في مأثور القول ليست مقتبسة ولا مستنسخة فهي من
بنات أفكاري كما يقال في الدارج ونظرتي الفلسفية في معظم شؤون الحياة.
علي محمد اليوسف
/الموصل
حزيران 2020
تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية
0commentaires:
إرسال تعليق