المحور
الثالث: الشخص بين الضرورة والحرية
الإشكال : هل الشخص حر
أم خاضع للضرورة و الحتمية؟
موقف
سبينوزا :
يعتقد اسبينوزا أن الشخص ليس حرا
بل يتوهم الحرية، ففي كتابه "رسالة في اللاهوت و السياسة" يؤكد أن
الإنسان خاضع لضرورة طبيعية، لا يملك خيارا أمامها ، و يعتقد أنه حر لأنه يدرك انه
يقوم بالفعل لكنه يجهل السبب الذي يدفعه للقيام به، و يقدم أمثلة على ذلك من بينها
مثال الحجر الذي يتحرك بفعل قوة خارجية، فلو امتلك الوعي لاعتقد أنه هو الذي يقوم
بالفعل بحرية لأنه يجهل السبب المحرك، و الأمر نفسه بالنسبة للإنسان، فالجبان
يعتقد أنه يهرب بشكل حر غير أن الضرورة الطبيعية المتمثلة في الخوف هي التي تدفعه
لذلك, و في هذا الصدد يقول سبينوزا الحرية هي وعي الضرورة أي أن تكون حرا
معناه ان تدرك أنك لست حرا بل خاضع للضرورة.
موقف سارتر:
على خلاف سبينوزا يؤكد سارتر ان
الإنسان كائن حر يمتلك من الحرية ما يجعله قادرا على تحمل مسؤولية ما يقوم به من
أفعال، بل إن حريته ليس لها حدود، لأنه محكوم عليه بالحرية, في كتابه الوجودية
نزعة إنسانية، يؤكد سارتر أن الإنسان لن يكون إلا وفق ما سيصنع بنفسه، و كما يريد
أن يكون، و يشبهه بالمشروع لأنه ينفتح على المستقبل، و يملك إمكانيات عديدة لتجاوز
الوضع الحاضر، و ذلك لأنه كائن حر متحمل لمسؤولية فعله, كما يؤكد أن وجود الإنسان
يسبق ماهيته، مما ينتج عنه حريته و مسؤوليته الكاملة و المطلقة عن هذا الوجود.
القاضي عبد
الجبار المعتزلي:
يؤكد أن الإنسان حر مختار لأفعاله لأنه يمتلك العقل
الذي يرشده في حياته الأخلاقية ، و يجعله قادرا على التمييز بين الخير و الشر دون
الخضوع لأي إكراه كيفما كان. إن نفي الحرية يعني نفي التكليف العقلي و الشرعي معا،
و من ثم تسقط المسؤولية ، و العقاب و الثواب…بل إن الحرية في نظره بديهية من
بديهيات العقل، و لا تحتاج لبرهان . إن القول بالحرية يثبت مسؤولية الإنسان عن
أفعاله، لذلك يمدح المحسن على فعله ، و يذم المسيء على فعله لأنه مسؤول عنه.
تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية