الرأي ... و فكرة الحياد

الرأي ... و فكرة الحياد
بقلم : أ/ فضيلة عبدالكريم
العقل في سعيه  لتحقيق  فكرة الحياد يشبه الوقوف على السراب لأن الحياد قضية هامة و لصيقة بالفكر الإنساني هذا الإشكال مازال يقصم ظهر تاريخ النقد و يتمثل في الذاتية و الموضوعية، بل تاريخ الرأي هو تاريخ الصراع الدائم  بين القبول و الرفض. و هذا الصراع ظلت تغذيه تيارات فلسفية و مذاهب فكرية، وعليه من الصعب التفكير في اختزال هذا الإشكال أو الزعم بالفصل، أو الانتصار لطرف دون آخر، فهذه المقابلة التي تحمل في طياتها متقابلات و متناقضات تشبه إشكالية الوعي  و المادة في تاريخ الفكر الفلسفي .. كيف ذلك ؟؟
أقول بأن القراءة المحايدة حلم يطمح إليه دعاة الموضوعية في النقد و نقد النقد، كما نجد دعاة الوضعية الذين أرادوا محاكاة كل ماهو خاضع للمنهج العلمي من نتائج دقيقة فلا نقبل على مستوى الآراء التي تخضع للخيال و النتائج التي تختلف من ذات إلى أخرى، حسب الأفكار الخاصة و المشتركة بين العقول بأن تحقق هامش التماس الذي يرسم قواعد تجعلنا نقر بالحياد في الفكرة، لأن الإبداع يقف في لحظة تقرير لحكم " ما " حول نص مكتوب أو شفاهي " و الغالب هو حول النصوص التي تكتب، هذا الحكم في النهاية هو حالة رجحان قابلة للمساءلة و إعادة النظر و كل ماهناك هو القرب و البعد من الحقيقة حسب ما يمتلكه العقل من معارف اتجاه موضوع ما.
من هنا كان الصراع الفكري من أجل الوقوف على تحليل فلسفي  قابل للوصول إلى الحياد أو الإشراف على حدود الحياد، فنجد مصطلح التشريح الذي يصطنعه عبد الله محمد الغذامي في مؤلفه حول الخطيئة و التكفير من البنيوية إلى التشريحية construction  قراءة نقدية لنموذج إنساني معاصر، و الذي يقابل التقويضية Déconstruction فتكون أمام تفكيك للرأي بل يقتضي  الموقف  تشريح البنية  حسب النزعة التفكيكية و البنيوية من ميشال فوكو إلى جاك دريدا، لأن هذه من تلك  في محاولة للحياد، و هي صورة كلينيكية  لبنية الفكرة، و كأن اللفظ عاجز أو مبهم نريد له كينونة أخرى لنعالج بها المشكلة المطروحة في صياغ الفكرة الجديدة و التي تعد كلاما يتم رصفه حول أفكار تختلف حولها العقول بكل موضوعية بمقياس القرب و البعد عن الحقيقة .
و منه كان الرأي انزياح من دائرة السياق إلى دائرة النسق، بمعنى أن الحياد في ظل لغة النسق يظل هشا و لا يحمل  الفكر الوثوقي الذي يعتقد أصحابه بأن المساءلة لا تتسرب إليها .
     الجزائــــــــــــــــــــــر يوم 21 جويلية 2018


تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية

فيلوبريس على الفيسبوك

المواضيع الأكثر قراءة

فيديوهات فيلوبريس