تنبيه بنكيران إلى الفرق بين الإِنْسَان و الحِيوَان

تنبيه بنكيران إلى الفرق بين الإِنْسَان و الحِيوَان




بقلم: محمد بعدي





لم يعد رئيس الحكومة المغربية مثيرا فقط للجدل، بل أصبح مثيرا للملل، و لم يعد خطابه {كما يقول حواريوه} يعبر عن علامات فطنة، و إنما صار خطابا منتجا للفتنة... ويشهد على ذلك آخر "فتوحاته" الكلامية التي عبر فيها عن عدم الحاجة إلى الأدب و الفلسفة و الشعر... لأن الشعراء و الأدباء و الفلاسفة... لا ينتجون، كما يعتقد، الثروة التي تحتاج إليها البلاد... كلام بنكيران هذا يثير من الغيظ بقدر ما يثير من الشفقة على الرجل. يثير الغيظ لأنه كلام معيب من رجل يحتل المركز الأول في تدبير شؤون البلد {على الأقل نظريا} في حق فئة مهمة من أبناء البلد. و هو كلام يثير الشفقة لأنه يعبر عن المستوى الفكري و الأخلاقي الهزيل لمن يفترض أن يكون المسؤول الأول في الحكومة.
كلام السيد بنكيران يصدر عن عقل سياسي متخلف، لا يفقه في الفلسفة و في الشعر "بَصْلَة" من جهة، ومن جهة أخرى يريد خدمة "الأسياد" من خلال تبخيس المعرفة و الحكمة و الأدب... سعيا وراء "التجويع الفكري و الأدبي" الذي يخلق جيلا من "الحمير" ليركبوها... ألا يقال في الكلام الدارج: "جوع كلبك يتبعك"؟ ماذا لو كان هذا التجويع فكريا و أدبيا؟ أليس هذا أخطر أنواع التجويع؟ ما الذي يريده بنكيران: أيريد جيلا من الكائنات البشرية أم "قطيع أغنام"؟ أيريد "الرجل" صنع الإنسان أم يريد تحويل البلاد إلى حظيرة أنعام؟
السيد رئيس الحكومة: أي منطق تصدر عنه؟ و أية مرجعية تتبنى في خطاباتك؟ إذا كان منطقك واقعيا فالواقع لا يشهد لك بل عليك، فإذا كنت تريد الدفاع عن "التكوين المهني" فعليك أن تُشغل الخريجين و ما أكثرهم، قبل أن تضيف إلى الخريجين القدامى خريجين جددا... و إذا كانت مرجعيتك "دينية" فالدين منك براء لأن كل الأديان كانت غايتها "صنع الإنسان" فكرا و روحا و لم تكن غايتها صناعة آلات لإنتاج الثروة... و إذا كان منطقك عقليا فلا أظنك إلا خفيفه، لأن ما قلته لا يصدر عن عاقل.. إلا إذا كان هدفك أن يقف "رجال المستقبل" عند المستوى الإعدادي أو قبله أو بعده بقليل، كي تستطيع و الذين وراءك من "دينصورات السياسة" استغلال فقرهم المعرفي و فقرهم الأدبي ليكونوا كائنات طيعة تأكل و تشرب و تتوالد وتنام... و تسبح بحمدكم، و تشكر الله الذي من عليهم بوجود أمثالكم.. تريدون من يؤمن أنكم قضاء و قدر... تريدون أجيالا خاضعة، خانعة، جائعة... تريدون أجيالا "رخوة" تُظْلَم و لا "تَنْتَصِب"، أجيالا راكعة و "سراويلها" تحت الركب...
السيد رئيس الحكومة: عد إلى التاريخ و انظر كيف كان تَقدُم مَن قَبْلك... دعك من تاريخ الأمم الأخرى... و عد إلى تاريخ أمتك التي تفخر ب"أمجادها" ربما... اقرأ عن العصر العباسي فقط، و عن أزهى أيامه... و تأمل موقع الأدباء و الشعراء و الفلاسفة فيه... فما تقدمت أمة يوما إلا برأسمالها البشري، و ما وجد رأسمال بشري سوى بالعلم و المعرفة و الأدب... إن الفلسفة تصنع العقول الحرة الناقدة، و أما الأدب فيصنع النفوس المهذبة... الفلسفة قوت العقل، و الأدب قوت الروح... و الإنسان دون عقل و روح ليس سوى آلة أو دابة...
السيد رئيس الحكومة المغربية: إذا كنت تزعم أن مرجعيتك إسلامية فاقرأ قوله تعالى: "و ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة"... فإذا كانت الدعوة إلى سبيل ربك تتطلب الحكمة و الموعظة الحسنة فكيف تريد أن تدعو إلى "التكوين المهني" بدونهما...؟ ربما لأن الحكمة رديفة الفلسفة، و الموعظة الحسنة قرينة الأدب...
و ختاما أقول : بالفلسفة و الأدب نبني الإنسان... يا بنكيران، و بدونهما ستبني الحِيوَان...

تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية

فيلوبريس على الفيسبوك

المواضيع الأكثر قراءة

فيديوهات فيلوبريس