الطفل الباكي
غزلان القضيوي
أتذكر سنتي الثانية في الجامعة و خصوصا الفصل الرابع,
كنت أكره أيام الخميس لدرجة أن سميته "الخميس الأسود"، فقد كان متعبا.
توجب علي أن أقضي اليوم بأكمله في الجامعة.
من كان يؤنس وحدة ذلك اليوم، هو صديق لي، حيث كنا نقضي
فترة الزوال معا، نتشارك وجبة الغداء و ندرس قليلا قبل الحصة، و بعد انتهاء
الدوام نعود أدراجنا سويا في الحافلة.
تشاركنا الأصدقاء و الآراء، مواطن الطيبة و الشر، كنا
نتشابه، فنفهم بعضنا دون الحاجة إلى الكلمات.
في خميس ما، كنا عائدين إلى البيت بعد يوم طويل
حافل، الحافلة صاخبة و ممتلئة عن آخرها كما العادة .
استرعى انتباهي صراخ طفل، ملامح وجهه كأنه رأى شبحا أو
وحشا أرعبه، كان يبكي بشدة و ينظر باتجاهي، قلت في نفسي: أوجهي مرعب الى درجة أن
يخيف طفلا؟
فتسأله أمه: ما بك؟... لا يجيب، فقد كان لا يزال صغيرا،
ثم يصمت و يلتفت الى الجهة الأخرى، و كلما أعاد النظر اتجاهي، يبدأ البكاء و
الصراخ ثم تهدؤه أمه فيصمت من جديد و يدير وجهه...
أمه لم تفهم شيئا، و أنا أيضا ... التفت إلى صديقي فتوضح
السبب، كان يرعب الطفل بملامح مخيفة يتصنعها.. يبدو أنه لم يقاوم نظرة الرعب تلك..
قلت لصديقي: أنت محظوظ أن الطفل لا يجيد الكلام ...
كانت أمه لتتناولنا أحياءا...
بصراحة ذلك الوجه الصغير كان مضحكا للغاية، لم أتمالك
نفسي من الضحك..
قلت لصديقي: كفانا شرا اليوم فلتتوقف..
توقف بصعوبة، رغم أن فكرة الاستمرار كانت مغرية.. و لكنه يبقى طفلا بريئا..
تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية