حكاية الغريب بوجميع

"حكاية الغريب بوجميع"
بقلم: بنسالم الوكيلي
كان يا مكان، والكون مالكه الرحمان، حتى كان الحبق والسوسان، وصلاتنا على النبي العدنان..
سيداتي، سادتي يا كرام
بسم الله العظيم أستهل الحكاية، “حكاية الغريب بوجميع” في هذا الزمن القاسي والقلوب التي لا ترحم. غاب الإحساس، وأسوار الأخلاق تهدمت على الأساس، يوم راح خير الناس، حتى الاستعمار أقسم على ألا يرحل، أوصدت الأبواب، ضاع المفتاح وصدأ القفل.وكل من تسأله، يجيبك بالسؤال نفسه: كيف؟! و لماذا؟ أين بوجميع الغريب وأين نحن من خلف الأجداد؟!
تفضل، تفضل يا بوجميع وتكلم بلساننا، اخلع “الدربالة” وانطق بلسان المجذوب، أناس النية والجود، قم حنش كتابة الحروف بقلم الطلبة والدواية تعود. نحن وأنت واحد، شرف لنا كي تكون مرآتنا، كن بروميثيوس هذا الزمن، ويديك في أيدينا، كن المخلص وخلصنا، قل أقوالك باسم الحق، كن نوح قل بسم الله مجراها ومرساها، وسق بنا هذه السفينة. أرمق إلينا بوجميع و الدموع تتأرجح من مقلتيه ، وأجابنا بكلامه المجروح، كلام كله ألغاز ومعاني : أين أنتم مني، و أين أنا منكم ؟! فشرع بوجميع يتنهد بعمق: أنا هنا، في المغرب غريب!! لازلت أتذكر، يوم أن كنت أعيش في حضن فلذة كبدي( أمي)، على الطحين الأسود، مقروص في الدشائش، وها أنا اليوم، أروح جوال والعقل طائش.يا ربي لن نرضى، ما حياة الذل بعيش، ماء الحياة على بطن فارغ، معجون القنب الهندي والحشيش.أين أنت أماه؟! أين حجايات الخيمة؟! اشتقت إلى رغيفك وطبخك أمي الغالية، اشتقت إلى الجولة في الدوار بقدمين حافيتين، محملا الحاويات، أتزاحم مع بنات الدوار بجنب الساقية..آه آه أيتها الساقية، آه ثم آه لزمن الغدر، أبعدني عن مقلتي ابنة عمي رقية. سبحان مبدل الأحوال! كيف كنت يا بوجميع وكيف أصبحت..المهم، أنت الهناء؟! تنهد بوجميع مرة ثانية، وأجابنا مقطب الجبين:
أميال وأميال، بيني وبين الهنا، كأني نازلة علي اللعنة. كم سنين، أنا بطالي بين أحبائي أنتظر، بعد أن تخرجت من المدرسة، وأصبحت دمية بيد الساسة و السياسة!. الساسة، هم من وضعوا البرادع على ظهورنا ومروا للسياسة.كما رأيتم، وكما لازلتم ترون، لا وجها غريبا عنا، نحن نراهم في قبة البرلمان وفي الوزارات، الهداية ربي الحق ذو الجلال والإكرام، الحق، الحق أقول لكم: لقد ولى زمن، تحرس فيه الذئاب الغنم.! .
سيداتي، سادتي يا كرام
هذه حكاية الغريب بوجميع في هذا الزمن، زمن كثر فيه البطلان والخذلان ولا صوت الحق بان ، شعلة نار ملتهبة دون أن يخرج منها دخان.يا سادة يا كرام، تركنا الحكاية في السياسة، وإن لدغة السياسيين لأخطر من لدغات الأفاعي والعقارب والثعابين .السياسة يا كرام مجمع التجار النصابين، سوق الجملة بالجملة، سوق نافقة للفساد و الكذب و النفاق و التحايل باسم العولمة وباسم الدين. في نظري، و كما يصور لي قلبي، نحن معشر المغاربة المتخلفين بأعين المسؤولين المفسدين، يستلزم قرونا كي نصبح مواطنين في مغرب الثورة الخامدة في القرن الواحد والعشرين، التعذيب بشتى أشكاله يمارس في حق الأحرار، الوعود الكاذبة ولا شيء غير الوعود، ضرب الوعود بمؤسسات الدولة زن بالقنطار، "وإذا ما ظهر المعنى، فلا فائدة في التكرار".
تناقض كبير نعيشه في هذا الوطن، الكل يصيح روحي.. روحي، وا أسفاه على زمن ينصر فيه الظلم ويسكت الحق، مملكة النار المشتعلة، تحكمها العلائق والقوة،إنه قانون الغاب، القوي يلتهم الضعيف، سجن بلا أبواب، والضحية من يقع، تنهش لحمه الأسد والذئاب. أنا ليس بيدي شيء في هذا الوطن، أنا لست ضد ولست حليفا، مواطن ملاحظ مر حياته، بحثا عن لقمة رغيف. حرفتي.. خباز،  وعجين الخبز النار موقدة من تحتها، هذا سر الحياة "من يحفر حفرة لأخيه، يقع فيها"، وكلا له الحق كي يدفن نفسه كما يريد، قال أسيادنا القدماء (سيدنا وسيدكم حبيب الله): " إذا رأيت العنيد راكبا القصبة، قل له مبروك عليك العود الفريد ".
لكن دمي ساخن وذوقي مر، أنا مغربي حر، لم ولن أصمت،  حتى إن كان الصمت منه تفرقت الحكم يا ناس، الساكت عن الحق شيطان أخرس. تربيتي، مبادئي عادة، لم ولن يسمح لي ضميري كتم الشهادة.يغيظني الحال وأصحابه، وعلى ذكر أصحاب الحال، إذا ما نفعني عقلي،  ذات يوم من أيام الله ، خرجت من المنزل كالعادة بقلب محتار،أجوب طريقي وطريق العام، يدي معقودتين خلف ظهري وأحلامي تائهة وراء الأقدام، رفعت عيني إلى أعين المارة الكرام، وجدت الكل يخطف النظرات من تحت الناظر ، هناك من يبدوا حزينا و هناك من يضحك ومن يبكي في حرقة نار، قرأت في أعماق نظراتهم حزنا دفينا كأنه آت من عمق البحار،  وبدأت أتساءل مع نفسي: كيف؟! و لماذا؟
في الحقيقة حيرني الأمر، وتولد لي ضباب وغشاوة على العينين،  فدخلت سوق رأسي بمعنى من المعاني، لأن تعليم المدرسة يختلف وتعليم الزنقة،  وقلت مع نفسي: أترك الرمانة عالقة، " أرمي الهم في شبكة، منه من يسقط و منه من يبقى"...يتبع...


تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية

فيلوبريس على الفيسبوك

المواضيع الأكثر قراءة

فيديوهات فيلوبريس