الفتاة الثرثارة

الفتاة الثرثارة
قصة: غزلان القضيوي
 ركاب الحافلة عامة من الطبقة الكادحة، موظفون و عمال مصانع، طلبة و حتى أحيانا متسولون أو مدمنون.. تستطيع أن تتعرف على كل واحد من خلال هيأته و ملابسه. أذكر في ذلك اليوم، في ساعة الذروة، كانت الحافلة ممتلئة عن آخرها و كنت محظوظة يومها بأن ظفرت بمقعد أجلس فيه، بجانبي فتاة بدت مألوفة.. طالبة بئيسة من أمثالي، و في المقعد الذي خلفنا صديقاها. كانت ثرثارة للغاية، و جد نشيطة، سببت لي صداعا بأحاديثها، و كأنني صديقة حميمة لها، كنت أكتفي بابتسامة أو بإيماءة رأس، و إن استدعى الأمر كنت أجيبها باختصار،
تمنيتها أن تصمت، فطاقتي قد استهلكت بالدرس، و الجوع قد نال مني، و فوق كل ذلك كان علي أن أمثل بأني مستمعة لما تقول هي، تقريبا كل الركاب كانوا تعبين باستثنائها. كنت سأسألها عن سر كل تلك الحيوية.. تخيلت أنني في وصلة إشهارية لمشروب طاقة و هي الشخصية الرئيسية في تلك اللقطة .
بعد حوالي النصف ساعة، و في محطة ما صعد مجموعة  من الركاب من بينهم فتاة جميلة و أنيقة ممشوقة القامة، بدا أنها أثارت انتباه الثرثارة بجانبي، فقد نظرت إلي قائلة " أنظري إلى تلك الفتاة، لماذا تزاحم المساكين في الحافلة الحقيرة، تأملي ثيابها، تبدو ميسورة جدا" سايرتها مجيبة: " أنت على صواب، ثيابها تبدو باهظة، و حذاءها جميل، حقيبة يدها تبدو أصلية، نضارتها الشمسية لوحدها يمكن أن تساوي تذاكر كل الركاب "، ابتسمت و أجابتني متحمسة للغاية : "نعم نعم، عليها أن تستقل سيارة أجرة حتى لا تفسد طلتها"، و ضحكت بعدها ثم رأينا تلك الفتاة تتوغل في صفوف الواقفين، إلى أن توقفت بجانبنا، و وضعت حقيبة يدها في حضني و ابتسمت لي قائلة: " الحافلة اليوم  مزدحمة للغاية، بالمناسبة من صديقتك الجديدة ؟". 
التفت إلى الثرثارة الصغيرة التي ارتسمت على وجهها نظرة الاستغراب، نظرت إليها و ابتسمت بخبث: " أعرفك بأختي".. توردت وجنتاها خجلا.. صديقاها انفجرا ضحكا وراءنا، فقد سمعا حوارنا كامل،ا تأسفت لي مرارا، أجبتها: لا عليك، لقد سايرتك حتى أعلمك ألا تحكمي على الآخرين دون معرفتهم. هي موظفة بسيطة، تستطيع أن تستقل سيارة أجرة لكنها ستكلفها الكثير لذا تفضل الحافلة، و ثيابها ليست باهظة و إنما طلة أختي تضفي رونقا عليها فتبدو كأنها جد باهظة" .. و صلنا إلى محطتها و ترجلت.. هي لازالت تتأسف و صديقاها يضحكان. جلست مكانها أختي التي لم تفهم شيئا، حكيت لها ما جرى فضحكت كثيرا و لازلنا نستغرب فضول الآخرين إلى الآن...

تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية

فيلوبريس على الفيسبوك

المواضيع الأكثر قراءة

فيديوهات فيلوبريس