حذائي مرآتي

حذائي مرآتي
بقلم : هشام آيت باحسين
كان يا مكان في قريب الزمان، في حضرة القراية والعلام، جوج تلميذات، قبالتي جالسات، وفي أول الصف كاينات، وفي  الحذاء ديالي ساهيات، والبسمة على شفاهم طالعة، والهمسة بينهم كاينة، أو فهمت فهامة الفاهم باللي الحذاء ديالي، هو موضوع بنياتي.

الحذاء، الرفيق الذي لا يفارقنا أينما حللنا، إنه ذاك الذي لا ننظر إليه إلا في بداية المشوار من أجل ارتدائه وفي نهاية المشوار من أجل خلعه... أما أثناء المشوار فيمكن أن ننظر إليه لكن عندما تغمرنا مشاعر أو أفكار ما. إن الدراسات النفسية اليوم لم تعد تنظر إلى الحذاء على أنه مجرد حذاء بل أصبح وفق علوم النفس اليوم صورة ومرآة عن شخصية الإنسان في تعددها وتنوعها: من يهتم بأحذية ذات جودة وماركة فخمة فإنه شخص ميال إلى إثارة إعجاب الآخرين به وهو شديد الإهتمام بمكانته داخل المجتمع، أما من يرتدي حذاءا بأحزمة فإن صاحبه يملك وقتا فارغا على الدوام، أما من يفضل الأحذية بدون أحزمة فهو شخص نشيط وفعال في حياته ولا يملك فراغا زمنيا. وفي النهاية فمن لا يكثرت بشكل حذائه فهو شخص مسؤول ومستقل وغير مهتم بملاحظات ونظرة الآخرين إليه.

عندما ينظر الإنسان إلى حذائه فلا شك أنه يشعر بالخجل في لحظته، فكم من لحظة خجل نختبئ فيها وراء النظر إلى حذائنا. أو ربما النظر إليه نابع من احترامنا للواقف أمامنا، أو ربما كان الإحباط هو الدافع إلى إلقاء نظرة عليه... بصيغة اخرى متى كان الإنسان بدون إحساس أو مشاعر لم ينظر أبدا إلى حذائه، ومتى كانت إحساساته قوية وفياضة استرق النظر إليه.
أما إذا تحدثنا عن الحذاء في الثقافة العربية فإن قيمته تبدو أوضح مقارنة بباقي الحضارات الآخرى، فالعربي عندما يرغب في اقتناء حذاء أول ما يجربه هو قوة وصلابة الحذاء، وبستعمل الحذاء أيضا لاحتقار الآخرين عندما يقول: "ما توصلش حتا لصباطي" بالإضافة إلى دوره كسلاح تربوي يستعمل داخل البيت من أجل ردع السلوك غير المقبول عند الأبناء. وفي الأخير فإن الحذاء أصبح وسيلة لاسترجاع الكرامة للعرب مثلما فعل الصحفي العراقي "منتظر الزيدي" للرئيس الأمريكي جورج بوش عندما رشق الرئيس بحذائه، وبفضل هذا السلوك صار من اللازم وضع الأحذية على الرؤوس وليس في الأرجل كتكريم لمن حقق الكرامة والعزة لانتمائه وقبيلته.
في الواقع، ففي الوقت الذي ألقي فيه الدرس، وفي الوقت الذي تنظر فيه التلميذتين إلى حذائي، وفي الوقت الذي تدردشان فيما بينهما حول الحذاء، كانت اللحظة مليئة بمشاعر وإحساسات مركزها هو الحذاء.... فلا تهملوا حذائكم... فإما يعزكم أو يذلكم.

تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية

فيلوبريس على الفيسبوك

المواضيع الأكثر قراءة

فيديوهات فيلوبريس