لأننا نتنفس ربيعا.. حذارِ، أيها الزبناء!..


لأننا نتنفس ربيعا.. حذارِ، أيها الزبناء!..
بقلم: يوسف عشي
مما يثير الاشمئزاز.. وينفر الأنفس من ضبابيات الحياة والتواءات دروبها رغم ما تحمله من مفاجآت تجعل هواة المغامرة يطلبونها.. ما نشهده في هذا الوطن السعيد من سلوكات تملقية أو وصولية أو لنقل مثلما يحب أستاذنا السوسيولوجي الكبير إدريس العلوي بنسعيد أن يصف به نوعا شديد الحضور في إداراتنا بأقسامها ومصالحها وفروعها وحتى أصولها.. "العلاقات الزبونية" وله في ذلك محاضرات لاتزال عالقة في أذهان طلابه.. ومحدثكم أحدهم..

لازال مفهوم "الوجيه" يرن في أذني كلما شهدت نوعا من التملق أو سجلت سلوكا لامهنيا، أو لاأخلاقيا كالارتشاء، أو استعمال السلطة المهنية إذا صح التعبير في غير مناط اعتبارها بل كوسيلة لتصفية الحسابات.. ليتحول الهرم البروقراطي غير الفيبيري بل بالمعنى الثالثي، وسيلة يتم تطويعها لخدمة أهداف غير مواطنة، لاأخلاقية، بسببها الشرف المهني يتهاوى ويتهاوى نحو  عهر وصولي..
وفي الكثير من الأحيان يجد المرء نفسه مضطرا للتعامل مع نوعين من الموظفين في أي قطاع كان .. يؤمن النوع الأول بالأطروحة الزبونية ويرتب سلوكاته تبعا للتراتبية الثنائية "زبون-وجيه"، بينما يظل النوع الثاني ثابتا بشموخ رغم المعاناة الرتيبة.. يلبس سلوكاته ثوب القيم ويغذي روحه بعبق الشرف.. وما أحلى التعامل مع النوعية الثانية..
 إلا أنه ولأن الحياة قاسية، ولا تسير مراكبها بما يشتهيه القلب، ويرومه العقل، فإنك أيها المواطن التعيس مرغم في الكثير من الأحيان على التعامل مع النوعية الأولى.. وهي حقيقة ليست أولى لفضلها.. لكن أسفا هي الأولى في حضورها و تداعيات سلوكها تؤثر بعمق في مسار الحياة العامة وحتى اليومية للمواطن، ولهذا شكلت ترسباتها غبارا ثقيلا أثقل على نفوس الشعوب برمتها حتى دفع بها إلى نفضه والانعتاق من نيره.. ما نشهده أيها الإخوة الأعزاء في العديد من ربوع وطننا العربي الكبيرة يمثل حالة حياتية حقيقة لنبض الحرية.. تلكم الحركات المجتمعية التي وسمت بالاخضرار.. ونعتت بالربيع.. فالربيع يأتي دائما بعد أفول بعيد للخريف.. ولا وجود لخريف بعد الربيع وإنما يتلو الربيع موسم الحصاد.. حصاد ما بشر به الربيع وليس ما أزال أوراقه الخريف..
ولهذا نقول للفئة التى وصفناها بالأولى: لن تستطيعي إيقاف زحف الربيع حتى لو تكالبت معك جميع عواصف الخريف.. فبوارق الأمطار الرعدية لا تنذر بل تبشر بالخير العظيم.. ولأننا في هذا البلد السعيد لا نشكل استثناءا فإنه يجري على حالنا ما يجري بباقي الميادين البراقة التي تلقن الدرس تلو الآخر لمن يدعون تمثيل صروح الديمقراطية ويتاجرون بتبعاتها، ويكرهون تجلياتها وانتشارها الكوني طالبين تحولها إلى ستار منمق يخفي بشاعة الوقاحة الغربية.. قلنا لأن بلدنا لا يشكل استثناءا فإن الربيع مزهر به لا محالة.. وإذا كانت الأمور تجري بهدوء وحكمة، فلأن القيادة حكيمة.. لكن أعوانها ربما يفتقدون لحِلْم القادة الكبار.. ولهذا فسلوكاتهم قد تحول الربيع بهذا البلد إلى إعصار يأتي على الأخضر واليابس.. فحذارِ.. حذارِ أيها الزبناء..


تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية

فيلوبريس على الفيسبوك

المواضيع الأكثر قراءة

فيديوهات فيلوبريس