السوفسطائية
حركة تنويرية إنسانية نشأت نتيجة تغيرات سياسية و اجتماعية و روحية مرت بها بلاد اليونان في أواخر القرن السادس و بداية القرن الخامس قبل الميلاد... و قد كانت السوفسطائية ثورة لمعرفة الإنسان و اكتشاف حقيقته. إنها نزعة تنويرية حقيقية للفكر اليوناني لم يستطع اليونان أنفسهم استيعابها، بل ظنوها عملا سلبيا تخريبيا يجب القضاء عليه، و هذا ما دأب عليه سقراط و جعله مشروعه الكبير. و الأمر نفسه بالنسبة لأفلاطون الذي شن على السوفسطائية حملة عنيفة... و خصوصا على فلسفتها الأخلاقية و السياسية، أما العلمية فلم يعرض لها سوى في محاورة تيتاتوس.
جاءت
السوفسطائية في عصر انبعاث الفكر اليوناني... لقد كان الفكر اليوناني متجها نحو
العالم الخارجي و مستغرقا فيه. أما العالم الداخلي، عالم الإنسان، عالم الذات...
فلم يكن هذا الفكر يلتفت إليه. فكانت مهمة السوفسطائيين شده و جذبه إليه.
لم
تكن كلمة "سوفسطائي" متداولة في القرن السادس قبل الميلاد، بل كان
المتداول اسم الكاهن و العراف و الشاعر و الفيلسوف و الطبيب و الحكيم... و في
محاورة "السوفسطائي" انتهى المتحاورون إلى ست صور يمكن أن تقال عن
السوفسطائي و هي: القناص، التاجر، البائع، الصانع، المجادل و المعالج. و قد كان
السوفسطائيون أول من ابتدع صناعة بيع العلم أو التعليم بالأجر في أثينا. و
السوفسطائي مغرم بالجدال و الحوار و الرد على الأسئلة التي توجه إليه من أي فن.
و
السوفسطائية قوم اتخذوا من الفلسفة حرفة، فكانوا يتجولون بالمدن و الأقطار و يدعون
القدرة على كل علم و على تعليمه أيضا في أقرب وقت و أسهل طريق... و قد كان من
بينهم علماء حقيقيون يتميزون بضمير حي، و أما الآخرون فهم دجالون مموهون هراطقة.
و
قد كان علمهم الإيجابي عظيما. فقد اجتهدوا في تدوين الأصول الفنية لمختلف المهن
تدوينا واضحا، و جمعوا المعلومات الواقعية و التجارب المتعلقة بالطب و الموسيقى و
الرسم و الحدادة و صناعة النسيج و علوم البحار و هندسة البناء...
و من أهم أعلام الحركة السوفسطائية: بروثاغوراس، جورجياس، هيبياس، كالكليس،
ثرازيماخوس...
تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية