الرغبة و السعادة – أحمد بن
مسكويه
وقد
ظن قوم أن كمال الإنسان وغايته هما في اللذات الحسية، و أنها هي الخير المطلوب
والسعادة القصوى.
وظنوا
أن جميع قواه الأخرى إنما ركبت فيه من أجل هذه اللذات والتوصل إليها، و أن النفس
الشريفة التي سميناها ناطقة إنما وهبت له ليرتب بها الأفعال و يميزها، ثم يوجهها
نحو هذه اللذات، لتكون الغاية الأخيرة هي حصولها له على النهاية و الغاية
الجسمانية. و هذا هو رأي الجمهور من العامة الرعاع، و جهال الناس السقاط... و
سيظهر عند ذلك أن من رضي لنفسه بتحصيل اللذات البدنية، و جعلها غايته، و أقصى
سعادته، فقد رضي بأخس العبودية، لأخس الموالي. لأنه يصير نفسه الكريمة... عبدا
للنفس الدنيئة، التي يناسب بها الخنازير، و الخنافس، و الديدان، و خسائس الحيوانات
التي تشاركه في هذا الحال.
أحمد بن مسكويه، تهذيب الأخلاق و تطهير الأعراق، مكتبة الثقافة الدينية، بدون
تاريخ، ص:49-51
تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية