ردا على الوقاحة الجزائرية..



بقلم : يوسف عشي

ردا على الوقاحة الجزائرية..

في زمن التكتلات الكبرى، والسياسيات القطرية المواجهة للأزمات الاقتصادية الطاحنة.. وفي زمن الثورات العربية والربيع العربي الذي صبغ باللون الأحمر.. وفي زمن خطابات التحرر والانعتاق من قبضات الجنرالات وحكم وجبروت العسكر.. وفي زمن البحث عن الذات والهوية التائهة، ينطلق صوت عربي شقيق، ليشق صفوف البنيان العربي، ويخترق جدار القومية الهش، ويوغر في العداء الأخوي، ينطلق ضد مسار الزمن وعكس التيار التنموي العابر للحدود ، ليضرب في عمق الوحدة الترابية للمملكة المغربية.

وعلى النقيض من إرادة الشعب تمضي حكومات الجزائر - كما اعتادت دائما- في اتجاه معاداة الجار الذي لازالت لم تستسغ هزيمتها العسكرية معه إبان حرب الرمال، تلك الموقعة التي شكلت فلتة من فلتات الأخوة، وفصلا بئيسا من فصول علاقات الجوار بين الإخوة الذين يراد لهم أن يكونا ويستمروا أعداءا..
تمضي حكومات الجزائر رغم أنف الشعب الجزائري الشقيق الذي نزعم أنه لا يقل قومية عنا، ذلك الشعب العظيم الذي قدم ما يفوق المليون شهيد في حرب التحرير المقدسة، في مواجهة ودحر المستعمر الفرنسي، المواجهة التي سجلت موقفا راقيا للمغرب الذي شارك في فصولها بمنتهى الشجاعة والحب والتآخي والدعم اللامشروط للجار..
نقول، تمضي الحكومات المتعاقبة على الجزائر التي قدمت إحداها نموذجا سيئا للغاية بانقلابها على حكومة شرعية أفرزتها صناديق الاقتراع، وهو النموذج الذي يسعى إلى تطبيقه حرفيا الجنرال عبد الفتاح السيسي بمصر الشقيقة المفتونة.. تمضي هذه الحكومات ذات القيادات المريضة سياسيا وفكريا وإيديولوجيا واقتصاديا رغم غنى البلد، ومؤخرا المريضة حتى صحيا.. وتصر على السير ضد التيار، ومعاكسة القانون الكوني الفارض للاحتضار.
 حكومة تحتضر أو لنقل نظام سياسي  يحتضر لكنه  يأبى إلا أن يواصل تعنته رغم سقمه الظاهر.. حيث أنه لا يكتفي بإذلال شعبه وتجويعه وجعل أغلبيته الساحقة تحت عتبات الفقر. وهو البلد الغني بثرواته وصاحب أحد أعلى الاحتياطات النقدية في العالم.. يتمادى في الإضرار والمساس بوحدة جاره التاريخي الترابية..
حينما نسمع تصريحات الرئيس المريض، وتصريحات من يمشي على منوال رغبات الجنرالات المحكمين للسيطرة على البلد يتحدثون عن الجمهورية العربية المزعومة في جنوب المغرب، فإننا نستغرب حين مقارنتها بمجمل ما دون في كتب التاريخ، وحتى أبحاث الأنثروبولجيا والسوسيولوجيا الكولونيالية حتى، والتي تخلو من أي إشارة ولو من بعيد لأي تنظيم سياسي أو حتى جماعاتي يحيل إلى تشكل دولة في المنطقة الجنوبية الصحراوية لبلاد المغرب العربي عامة والمغرب الأقصى خاصة.
لكن الوقاحة السياسية الرسمية للجار، والتي نستثني منها بكل ثقة الشعب الجزائري الشقيق والذي أظهر في غيرما مرة تضامنه مع أشقائه، سواء في المغرب أو أي بلد عربي شقيق.. نقول، إن الوقاحة السياسية لم تتوقف عند حد التآمر على الجار، بل امتدت إلى دعم الانفصاليين الذين وجدوا في هذه القضية منبعا لا ينضب للارتزاق بداعي حق الشعوب في تقرير المصير. وكأن الصحراويين لا وجود لهم إلا في جنوب المغرب، أما الصحاري الممتدة بشساعة بجنوب الجزائر لا شعب فيها، إذ المواطن بالجنوب الصحراوي الجزائري، جزائري لا غبار عليه، بينما المواطن الجنوبي الصحراوي بالمغرب لا يجوز تلقيبه بالمغربي. وإذا تم ذلك، فالويل كل الويل للكراكيرز "العرائس المتحركة" الموضوعين في السلطة بالجزائر، لأنهم فشلوا في تحقيق منفذ للمحيط الأطلسي..
هذه هي اللعبة السياسية ..حين نتساءل.. لماذا تدعم الجزائر ما يسمى بالبوليساريو؟ لماذا كلما ذكر هذا الموضوع ذكرت الجزائر؟ لما لا تذكر موريتانيا؟.. لم لا تذكر اسبانيا؟ الجزائر التي تدعي مساندة "كلمة الحق التي يراد بها الباطل" هي نفسها الدولة التي تحتل بكل سفور ووقاحة عدد من المناطق الجنوبية المغربية وعلى رأسها تيندوف التي تأوي مخيمات الانفصاليين.. ربما أمكننا الجواب بكل بساطة : تفعل الجزائر ذلك للانتقام من الجيش الذي أذلها في حرب الرمال أولا، ولهذا هي دائمة الإنفاق بكل سخاء من أموال الشعب الجزائري على التسلح وكأنها ستواجه زحفا استعماريا عالميا. وثانيا لأنها تبحث عن منفذ – عن طريق المرتزقة الذين تدعمهم وتحميهم وتؤويهم في مخيمات تندوف وغيرها- تبحث عن منفذ إلى المحيط الأطلسي. و ثالثا قطع الطريق أمام أي محاولة للمغرب للمطالبة بتندوف وباقي المناطق المستعمرة جزائريا، والتي تحتضن أكبر احتياطي للحديد والغاز بمنطقة الصحراء الإفريقية بتعبير الأمين العام لحزب الاستقلال بالمغرب السيد حميد شباط.
لقد بلغت الوقاحة بزعماء الجزائر السياسيين حد تغليب المصالح الضيقة لفئة منهم من الانتهازيين والمستثرين على حساب الشعب الجزائري، بلغت الوقاحة بهم حد التطاول على الوحدة الترابية لجيرانهم المغاربة طمعا في المزيد من الامتيازات والثروات في حال تمكن المرتزقة  المدعومين من طرفهم من النجاح في مهمتهم الانفصالية من خلال زعمهم بأنهم "شعب صحراوي". ويتم تحريكهم وفق إرادة الجنرالات القابضين بزمام الأمور في الوطن الجزائري الشقيق. وقد فضح الربيع العربي هؤلاء المرتزقة الذين حاربوا إلى جانب القذافي في ليبيا، كما استؤجروا  أيضا في الصراع الذي عرفته مالي.. والله وحده يعلم مدى الخطر الذي تحمله الأيام والشهور القادمة، خصوصا بعد ما انتشر سلاح القذافي بعد سقوطه عابرا حدود البلدان المحيطة، وتشير التقديرات أن جنوبي شرق الجزائر نال حظا وافرا من هذا السلاح.. فهل ستكتفي الجزائر بمضايقة جارها التاريخي، أم أن عليها مهمة أمنية وطنية جد مستعجلة تتحدد في البحث والتدقيق والتمحيص في ما يروج  بحدودها مع ليبيا الشقيقة؟ 
مؤخرا بلغ التمادي حد تحريك من يسمون بانفصاليي الداخل، كلما كانت هناك زيارة لضيف أو مسؤول أممي لأقاليم الصحراء المغربية. في استغلال سافر لفضاء الحريات وحقوق الإنسان التي بات المواطنون المغاربة يمتازون بها كنتيجة للتقدم الكبير الذي تعرفه البلاد حقوقيا.. ويهدف تحريك هؤلاء الشرذمة الذين يجاهرون بخيانة الوطن، إلى إظهار المغرب كبلد لا يحترم حرية الرأي والمعارضة .. دون أن ينتبه الجميع إلى أن هؤلاء الشرذمة المعدودين والمعروفون، يمارسون أنشطة معادية لمصلحة الوطن ومع ذلك لا يتم اعتقالهم.. ولنا في تجربة تركيا مثالا حيا على التعامل مع من يمس الوحدة الترابية وكيف تعاملت الحكومات التركية مع قضية الأكراد وبالأخص قضية أوجلان زعيمهم الذي يقبع بالسجون التركية الآن انتظارا لتنفيذ حكم الإعدام الصادر في حقه، والذي لم يتم تنفيذه لاعتبارات سياسية..
كيف يمكن الحديث عن وحدة المغرب العربي في ظل هذا الحفر والمناوءة الدائمة للجزائر وضربها في عمق الوحدة الترابية المغربية؟.. إن المرء ليستحيي أن يصنف جيرانه العرب المسلمين ك"أعداء" لوحدته الترابية..
ماذا تريد الجزائر؟ لم تناصب المغرب العداء؟ رغم الجهود المبذولة لوصل الإخاء والتواصل والتعاون والتضامن بين البلدين الشقيقين؟ هل تدخل المغرب يوما في شأن جزائري؟ هل ناوأ المغرب يوما وحدة جارته الجزائر الترابية؟ رغم حبل السلام الدائم الذي يصر المغرب على تمتينه بالود والإخاء.. يصر المسؤولين والحكام في الجزائر بكل وقاحة على الضرب في عمق الوحدة الترابية للمغرب.. لكن هيهات.. لا الجزائر ولا مرتزقتها بقادرين على انتزاع شبر من تراب هذا البلد السعيد.. ولمن يشكك في الأمر، نقول:  الأيام بيننا..

تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية

فيلوبريس على الفيسبوك

المواضيع الأكثر قراءة

فيديوهات فيلوبريس