بقلم: سامي كليب
يسير القطار الأميركي الروسي
باتجاهه الصحيح في العلاقة مع سورية وإيران. تجري التحضيرات لتسريع عقد مؤتمر جنيف
2. يتقدم الملف النووي على نحو أكثر من لافت . لم تعد موسكو وواشنطن قابلتين بإعاقة
كل ذلك مهما كلف الأمر . ماذا تفعل السعودية التي لا تزال راغبة بإسقاط الأسد
بالقوة أو بان يكون رحيله عن السلطة شرط القبول بالحل السياسي.؟
في المعلومات أن أميركا قبلت أن
يبقى الأسد حتى نهاية ولايته. ربما ستقبل أكثر من ذلك أو تضطر لقبوله . سمع الأخضر
الإبراهمي المبعوث الدولي ممن يعنيهم الأمر أن ” لا تنحي ولا عزل ولا إبعاد للأسد
” في المرحلة الحالية. تبين أن واشنطن وحلفاءها تراجعوا فعلا عن فكرة إسقاط الرئيس
بالقوة او بتدخل خارجي ، لكنهم لم يتراجعوا بعد عن ضرورة استمرار الضغط العسكري
على مركز القرار السوري عبر مواصلة دعم الجيش الحر.
في المعلومات أيضا أن الأسد سيبقى
رئيسا حتى بعد انتهاء ولايته. كيف ؟
بعد عقد مؤتمر جنيف 2، ستبدأ
النقاشات التفصيلية للمواضيع الخلافية. ومعروف انه في هكذا نقاشات يطول الأمر أكثر
من المتوقع. سيتم التمديد التلقائي للأسد بانتظار أمرين، أولهما الاتفاق على
الحكومة المقبلة وصلاحياتها وشكل النظام ، وثانيهما القضاء على أكبر قدر ممكن من
المسلحين الموصوفين بالتكفير والتطرف والإرهاب .
في خلال النقاشات سيجد الجيش الحر
وحلفاؤه أنفسهم أمام احتمالين، اما الاتفاق مع الجيش السوري على خطة للقضاء على الإرهاب
بغطاء دولي، واما الغرق بمعارك جانبية مع تيارات تكفيرية ما يعني إضعاف الجيش الحر
إلى أقصى حد. والمرجح اذا ان يقبل الجيش الحر الاتفاق مع الجيش السوري .
كيف لا يقبل ومعظم الدول الغربية
بما فيها أميركا وأوروبا باتت تنسق او مضطرة للتنسيق مع دمشق لمكافحة الإرهاب
المهدد بالارتداد على أراضيها أو بالتمدد صوب مصالحها وحلفائها.
في المعلومات ثالثا، أأن أميركا أبلغت
الائتلاف السوري المعارض بضرورة الاتفاق على حضور جنيف 2. قال مسؤول أميركي رفيع
لبعض قادة الائتلاف : ” نحن صنعنا الائتلاف بعد المجلس الوطني، وضمنا له تأييد أكثر
من 100 دولة ، وليس مقبولا بالتالي أن يرفض طلبنا حضور جنيف إذا قررنا ذلك وإلا
فان مصيره في المفاوضات المقبلة لن يكون مضمونا “
تجري محاولات الآن للتصويت داخل
الائتلاف على حضور جنيف 2، ويعتقد الأميركيون أنهم قادرون على ضمان ما نسبته النصف
زائدا واحد ، ومن يرفض الحضور يكون أمام أمرين، فأما يستقيل من الائتلاف بضغط
سعودي أو يبقى دون ان يوافق على جنيف 2، وبالتالي يتم عقد المؤتمر الدولي .
يسعى الائتلاف حاليا لفرض شرطين،
الأول أن يكون وفد المعارضة لحضور المؤتمر برئاسة رئيس الائتلاف، والثاني أن تكون
الكتلة المعارضة الأكبر في جنيف 2 من الائتلاف. شرطان يرفضهما المعارضون الآخرون
من خارج الائتلاف ويقولون ” لسنا مستعدين لإنقاذ غريق ولا نقبل الذهاب بوفد شكلي
الى جنيف ” . وترفضهما أيضا دمشق .
في المعلومات رابعا ، أن أي طرح
لفكرة أن الجيش الحر يوازي الجيش السوري وانه لا بد من التفاوض على قدم المساواة ،
قد سقطت . تبين أن تشكيل لجان الدفاع لم يكن فقط للدفاع عن مناطق سورية يهاجمها
المسلحون وإنما لخلق توازن على الأرض مع الجيش الحر. وهذا سيكون له بالتالي دور
كبير في المفاوضات المقبلة وفي كيفية إعادة دمج الجيش الحر ولجان الدفاع في الجيش
السوري.
وسط هذه التطورات في ضوء الاتفاق
الروسي الأميركي، تجد السعودية نفسها في موقع حرج ، فهي من جهة لا تستطيع التراجع
كما فعلت قطر، لأنها تعتقد أنها ستخسر قاعدة شعبية سنية لها في المنطقة، ولان
الخسارة قد ترتد عليها لاحقا لو استعادت السلطة السورية قوتها، ثم لأنها من جهة
ثانية ستجد نفسها في مواجهة تيارين إسلاميين خطيرين عليها أولهما التيار الديني
الوهابي الذي له تأثير على تنظيمات عسكرية جهادية، وثانيهما الإخوان المسلمين حيث أن
السعودية ودول الخليج باستثناء قطر رفعت لواء محاربتهم في مصر وغيرها .
هذا الإحراج دفع السعودية لرفض
استقبال المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي بذريعة أن وزير الخارجية السعودي الأمير
سعود الفيصل مريض ويعالج في فرنسا. كما رفضت اخذ مقعدها في مجلس الامن .
يقال إن العلاقة بين واشنطن
والرياض آخذة في التوتر، فالسعودية تعتبر أن أميركا خدعتها وأنها ذاهبة بعيدا في
الاتفاق مع الروس. والكلام في أميركا عن إيران وضرورة التقارب معها يتوازى مع كلام
آخر وجديد على ما يبدو يقول أن السعودية لا تزال تعيش في عصور غابرة ولم تفهم حجم
المتغيرات التي تحصل في المنطقة والعالم . هذا الكلام سمعه دبلوماسي عربي زار
واشنطن في الأيام القليلة الماضية والتقى مسؤولين في الخارجية والدفاع .
هل تخسر السعودية المعركة في سورية
؟
خصومها يقولون أنها خسرتها وأنها
ستدفع ثمن الخسارة لاحقا، بينما مؤيدوها يقولون أنها لا تزال تستطيع إيجاد مخرج
عبر التقارب مع إيران . ولو حصل هذا ، وهو محتمل، فان جبهات كثيرة سيتم تبريدها
وليس مستبعدا مثلا أن تشكل حكومة لبنانية بمجرد أن يجتمع الإيراني والسعودي.
لكن في كل الأحوال تبدو السعودية
الآن ، في وضع لا تحسد عليه خصوصا بعدما انسحبت قطر في الوقت المناسب تاركة الرياض
تتحمل تبعات سياستها في دول ما سمي بالربيع العربي.
وعلى مستوى سورية وحلفائها، فان
ثمة جملة واحدة يسمعها زائر دمشق : ” لن نقبل ان نخسر في السياسة ما ربحناه في
الحرب، وممنوع فرض شروط علينا وإلا فإننا لسنا مهتمين أصلا لا بجنيف اثنين ولا
بالمعارضة وسنكمل الحرب ” .
من غير المستبعد والحالة هذه ان
نشهد تغييرات في الموقف السعودي لاحقا ، أو أن نشهد تغييرات داخلية في السعودية في
عدد من المناصب السيادية، ذلك أن منطق ” الحكمة ” الذي تحلت به المملكة في
علاقاتها الإقليمية والدولية يعرف متى وكيف يتنازل حين يتغير مجرى الرياح .
تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية