محاكمة "أنزولا" ثمن لفضح استبداد المخزن







بقلم: حساين المامون




قال نابليون : " ثلاثة صحف ترعبني أكثر من مواجهة مائة ألف عسكري"
   
  الاستبداد بنية جاهلة وغبية تعاني من فقر في ثقافتها ومن وطأة الاحتقار والنبذ من قلم الصحافة  الحرة ، وتسعى لإمعان الإهانة والحط من قدر كل قلم حاول فضحها والوقوف ضدها، لأن غايتها هي تجهيل المجتمع لإقناع ذاتها وحاشيته وزبانيتها بأن المجتمع كله جاهل وليس ذاته فقط. إن حالة الإسقاط وما يمارسه الاستبداد على المجتمع ، يهدف من خلاله لمعالجة الخلل في ذاته وما ينتابه من فساد وافساد...يلجأ الاستبداد لإرغام أشباه الصحافيين على التغني بأمجاده وتسخير أقلامهم وشراء الذمم من أجل رفع شأنه أمام المجتمع وبالرغم من ذلك يشعر في اللاوعي أنه محتقراً وموضع سخرية من الجميع نتيجة تصحر ذاته من أي شأن ثقافي ، فكلما زاد التغني بأمجاده وعبقريته من قبل الأقلام المأجورة، كلما شعر أكثر بأن ذاته فارغة وجاهلة. يذكر لنا التاريخ أن كثيراً من الأقلام هزت بنيان الدكتاتوريات و أقتلعت جذورها ، وفضحت كثيراً من الحكام الظالمين والمغرورين،وبقيت صامدة ومصرة دون خوف وبلا تردد ، لأن إيمانها كان يسبق الموت والإغراءات والعطايا، تحملت عذاب الجوع والحرمان، ولوحقت من الظلام والطغيان الممخزن ، انحصرت وتضايقت ، حجزت وسجنت، لكنها لم تتزعزع و لم تركع ، بل بقيت قوية متجاسرة في المواجهة والمقاومة، شامخة بإرادتها وتصميمها من أجل تحقيق حرية الحروف والكلمات، لتصون كرامة وإنسانية أصحابها ومجتمعها. كثيرا منها من كتبت بدمائها ودموعها لتسقي المستقبل من أجل وطن حر وشعب سعيد ليس بمفهوم دار البريهي طبعا، وكانت الغاية أن تسود العدالة بين الجميع بدون إقصاء أو تفرقة أو، ويكون الكل أبناء الوطن،ولا أحد فوق الوطن، ولا أبدية لأحد، وأنه من حق المواطن معرفة الحقيقة...  لدا فقلم مثل علي أنزولا كانت وستظل  تشرق وتنير الظلام والاستبداد المكبل به الناس  من طرف المخزن عقوداً من الزمان، حيت الراكعين والخانعين والانبطاحيين من اشباه المثقفين و الصحافيون ، في بلد فيه كل شيء مبرمج ومرسوم لهم كالروبوتات في السير والعمل والتبجيل والتحميد ، ولكن القلم الحر أبى أن يركع أو أن يرضخ، بل أملئت السطور، وأوضحت وفضحت ما بين السطور، ما يقال وما لا يقال وكل مختوم بالكتمان ، بسمرت تحت أقدام المخزن  و الاستبداد،  لجمت رغباتهم وشلّت أفكارهم،  وبقيت كألغام تحيط بهم ، تسد السبل لجشعهم ونهبهم، فلولاها لما كان ما كان .
  قوة  قلم  أنزولا لا تقل عن كل محاولات الفضح والكشف الأخرى التي تعتمل في المجتمع لفضح المخزن، إنها الاوكسجين الذي يغذي الحس الجمعي النقدي ويقويه ، ويضيء الطريق أمامه ويهديه, إنها رنين الحالة قبل أن يرن الجرس، إنها مصدر الأحرف والكلمات التي تدخل صميم كل مواطن أحس بالاهانة و الخوف في زمن العهر السياسي،وتهز كيان كل مخزني فاسد،  وتزيح الغموض وتفك الرموز، و تكشف الحقيقة و الأسرار وتلاحق مصاريف وطقوس المخزن ومجموعات من المنافقين والافاكين من أشباه المتقفين والصحافيين الدين يستفيدون من ريع المخزن، تعريهم هذه الاقلام أمام الناس والمجتمع.
يعلم الجميع أنه لا يخاف الحقيقة غير الفاسدين والمفسدين و المقصرين والمذنبين بحق المغاربة، و اعتقال القلم الحر أنزولا يمثل الصراع الأزلي ما بين السلطة والمثقف، بين الفاسدين وفاضحهم ، لكن الصحافة الحقيقية فيها من القوة ما يعجز الفساد والإرهاب عن تهشميه أو كسره ، لكون الأخيرة وعلى حد تعبير فولتير لها من القوة من كسر وتهميش العالم القديم والبائد، لبناء عالم جديد ومغرب جديد.
إذن والحالة هذه نحن أمام حالة من القلق والخوف الحقيقي من قبل الفساد أمام الصحفي الحر الذي لا يتوانى من التضحية بنفسه لقول كلمة الحق، وكشف زيف وديماغوجية ألة الإعلام الرسمية التي لا تحسن سوى الرقص والغناء والتطبيل والتزمير، ولهذا لا يجب التخاذل أبدا أمام جبروت وطغيان زمرة الفساد الكارهين لهدا الوطن ويحاولون أن يجعلونا نكرهه.  القلم الذي لا يركع يبقى صاحبه حراً، والقلم الذي لا يخضع بالمؤثرات والإغراءات يبقى صاحبه معزز النفس وناصع الجبين ، والقلم الذي لا يخدع ويكتب بالبيان وينقل ما يجب أن يقال ، يبقى صاحبه شامخا لامعا صادقا، ويبقى الراضخون أقزاما وممسوخين أمام انفسهم وأمام المجتمع والتاريخ. وأختم بهكدا موقف: قيل بأن - دياز - أحد رؤساء المكسيك قد قال لأحد مستشاريه يوما: كم كنت أتمنى أن أكون صاحب جميع مصانع الورق والحبر كي أحرقها جميعاً ....وكذلك بالنسبة لأحد حكام فنزويلا الذي قال  : لا أخشى من فتح أبواب جهنم على مصراعيها بقدر خوفي من صرير قلم صحفي....

تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية

فيلوبريس على الفيسبوك

المواضيع الأكثر قراءة

فيديوهات فيلوبريس