|
بقلم : يوسف عشي |
الماتادور .. المصري
هذه الصورة تعلن نهاية الحياة
المهنية للماتادور الإسباني توريرو ألفارو مونيرا .. لقد
انهار مصارع الثيران الشهير وهو يشعر بالأسف في منتصف القتال عندما أدرك أنه ليس هناك سبب لقتال هذا الثور
اللطيف ..! وقال أنه سيصبح معارضا
قوياً لمصارعة الثيران.
فالثّور المصاب إصابات قاتلة لم يهاجم الماتادور مفضلا المقاومة السلمية..!! ونقل عن توريرو مونيرا وصفه للمشهد قائلا : ""وفجأة، نظرت
إلى الثور، فرأيت أن جميع الحيوانات
لديها هذه البراءة في عيونها .. لقد استمر ينظر في وجهي بعد هذا القتال الدامي.. كان ذلك بمثابة صرخة
من أجل العدالة ترسخت في أعماقي وفي
داخلي.. شعرت وكأني أسوأ شئ على وجه الأرض
حينما
يعلن هذا الرجل الذي تشكل له مصارعة الثيران قمة المجد اعتزاله، ويرمي بأموال الدافعين
بشبابيك التذاكر، أولائك الذين يدفعون ليتلذذوا بمشهد القتل الممنهج وبمنتهى
البرودة. ويعلن انتقاله إلى الجبهة الأخرى متحولا إلى واحد من أبرز وأقوى معارضي
مصارعة الثيران .. حينما يعلن ذلك، تبرز إلى أذهاننا صور الفيديو التي تنقل لنا الصورة من الأعلى للشارع
المتفرع عن ميدان رابعة وهو يلتهب وكأنه مجرى لبركان من الحمم.. وصور القتلى وهم
مكفنون ويتعرضون للدهس والفري من قبل الجرَّافة وسط الصراخ والعويل.. نتساءل..: كيف
لمن اعتاد قتل الحيوان بمنتهى البرود، وبنى مجدا من امتهانه لذلك، أن يرأف بحيوان
قتله يمثل مصدر الرزق والمجد فقط بعد نظرة في عيني الحيوان المسكين الذي لم
يهاجمه والذي ظل يقاوم بكل سلمية وبراءة.. وكيف لمن يرى الناس تشوى أحياء في
نهر اللهب ، وأجساد الموتى قتلا تدهس أمامه وأمام أنظار العالم فقط لأنهم قرروا المقاومة
بكل سلمية وبراءة.. دون أن تهتز فيه شعرة واحدة.. بل يتمادى ويزيد علوا
وطغيانا وهو يدرك مآل من وصفه العلي القدير بالعلو "إن فرعون علا في الأرض
يستضعف طائفة..."؟؟؟
كم
هو عجيب أمر هذا المنسوب لبني آدم الذي يرى ويعيش هذا المشهد ومثله كثير.. ثم لا
يتأثر.. بل يباركه والأنكى أن يعطيه غطاءا شرعيا!!.. حقيقة إن العقل ليحتار.. وإن
القلب لينفطر.. وهما يشاهدان رأفة من يملك أقسى قلوب الإنسان بالحيوان.. وإنه لا يرحمه
فحسب، بل يضحى بأعظم ما يملك ويتحول إلى داعم لحقوقه وهو حيوان.. ويشاهدان في
الوقت نفسه من يدعى كونه إنسانا عربيا ومسلما.. وهو يقتل أخيه الإنسان العربي
المسلم.. وليس برودة فحسب بل يتشفى في القتلى .. ويمنع حتى الأطفال من رفض التغني
بمن قتلوا آباءهم في المدارس..
ماذا يمكن أن نسمى هذا؟.. ظلم؟ جور؟ علو وفساد في
الأرض؟.. أو ربما نحن مخطئين فما تلك المشاهد سوى لحظات ولمحات من ثورة يوليو
المجيدة!!!.
|
محال .. أن تضيع دماء الشهداء.. |
تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية