دروس المفكر سالم يفوت : تقويم قرطبة : مدرسة مسلمة المجريطي {المدريدي}





إعداد: هشام آيت باحسين



الدرس الثاني بتاريخ:  26/02/2006 
في بلاط ع.الرحمان الثاني كان هناك طبيب مشرقي يدعى "الحراني" بل إن جلجل في كتابه "طبقات الأطباء" يذكر كذلك حفيدين لهذا الطبيب هما أحمد وعمر ابن الحراني الذين درسا ببغداد إلى جانب ثابت بن قرة أحد كبار الرياضيين وربما اليهما يعود الفضل في ادخال تقليد السحر التنجيمي الذي تأثر به العالم الفلكي الأندلسي مسلمة المجريطي في كتابه "غاية الحكيم". يذكر كذلك كتاب "طبقات الأطباء" كتاب أبي معشر الفلكي الذي كان معروفا في الأندلس حسب ابن جلجل في القرن 10م. كما يشير إلى دخول رسائل اخوان الصفا في تونس. سبقت الإشارة إلى عباس ابن فرناس المعروف أنه صنع قبة فلكية في بيته في قرطبة كما صنع أخرى في قصر الأمير الأموي عبد الرحمان الثاني، كما صنع ساعة لتحديد أوقات الصلاة عندما لا تكون الشمس أو النجوم مرئية. لكن أهم التطورات التي عرفها علم الفلك الأندلسي تمثلت فيما يلي:
1-         تقويم قرطبة : قام بهذا التقويم الطبيب علي ابن سعيد و الأصلب المستعرب ربيع ابن زيد وذلك لصالح الخليفة الحكم الثاني سنة 960 م. ينطوي المؤلف على مزيج من التقاليد الفلكية المختلفة اليونانية والمسيحية المستندة إلى أعياد القديسين، كما يستند إلى الممارسات الزراعية في اسبانيا وكذلك التقليد العربي الجاهلي السابق على الإسلام، نجد فيه أيضا ظهورا لعلم الفلك الجديد الذي أتت به الثقافة العربية الإسلامية المستند إلى التقليد الهندي الفارسي والى التقليد اليوناني، وقد ثبت أن التقويم استند إلى جداول الخوارزمي والمتاني، ومن ناحية أخرى نجد في هذا التقويم سلسلة كاملة من القيم العددية تظهر أن الأندلس في القرن 10 عرفت تقليدا في علم الميقات معروضا للمرة الأولى، وهذا التقويم يضم أيضا شهادات على التأثير التقليدي الفلكي الهندي الفارسي في الأندلس.
2-         مدرسة مسلمة المجريطي: مجريط تعني مدريد، يحتل مسلمة في علم الفلك المكانة التي يحتلها كبار علماء الفلك في تاريخ العلم العربي، درس في قرطبة حيث توفي سنة 1007 م، وقد كان منجما مشهورا يقال أنه تنبأ بسقوط الخلافة الأموية كما وقد تنبأ بالأحداث السياسية التي سبقت الفتنة في الأندلس، قام بتعديل جداول الخوارزمي وتكييفها بحيث أصبحث تعرف بجداول الخوارزمي مسلمة، كما يعزى إليه ادخال كتاب "السند هند" وربما حسب (صغة) الخوارزمية إلى الأندلس إبان خلافة عبد الرحمان الثاني، وقد عدله بمساعدة تلميذه ابن الصفار المتوفي سنة 1034 م. وقد ترجم هذا النص الملقح إلى اللاتينية على يد أديلارد دو بات. وحسب مؤرخي العلم الأندلسي الأستاذ خوليو سامسون وحسب العلم الأندلسي يتضمن هذا الكتاب أفكار وعناصر تعود إلى التقليد الهندي والفارابي و أخرى إلى التقليد اليوناني العربي وأخرى إلى التقليد الإسلامي. لقد كانت الجداول البدائية السابقة على التلقيح تستعمل السنين الشمسية الفارسية. كما تؤرخ بتواريخ الفرس بينما النص الملقح يستعمل السنوات القمرية الإسلامية ابتداءا من بداية الهجرة. والملاحظ أن جزءا من الجداول متأثر بالفلك اليوناني أي كتاب "المجسطي" لبطلميوس، فقد كان الخوارزمي معاصرا للخليفة المأمون العباسي، أي في وقت كان فيه كتاب "المجسطي" مترجما الى اللغة العربية ومن جهة أخرى هناك انطباع بأن المادة الأصلية لجداول الحوارزمي كانت عرضة للتعديل والتلقيح من قبل مسلمة المجريطي أو من قبل آخرين غيره وأثبت بعض مؤرخي العلم أن مسلمة أدخل تحسينات على الوسائل الحسابية للخوارزمي وذلك لأن جداول مسلمة تعطي نتائج صحيحة ولأنها أكثر  سهولة في الإستعمال من جداول الخوارزمي. يقول صاعد الأندلسي في كتابه "طبقات الأمم" "إن مسلمة انكب على رصد الكواكب وثابر على فهم كتاب "المجسطي" لبطلميوس و إنه كان مؤلفا لموجز من جداول البتاني".وثمة شهادة للزرقاني الأندلسي تبين أن مسلمة رصد نجم "قلب الأسد" سنة 979 م. و أثبت قيما بخصوصه تطابق مع ماورد في كتاب "تسطيح الكرة" لبطلميوس، أدخل تعديلات على تحديد خطوط الطول الواردة في éالمجسطي" ولم تهتم مدرسة مسلمة بعلم الفلك فقط بل اهتمت كذلك بالكيمياء القديمة. يعتمد جدول البتاني على 3 جداول منسوبة إلى مسلمة المجريطي. والمؤكد أن مدرسة مسلمة كانت تعرف جيدا أعمال البتاني، فابن السمح في كتابه "بناء الصفيحة" الجامعة لتقويم الكواكب يستعمل وسائط البتاني الواردة في تنقيح كتاب "تسطيح الكرة" ومن المرجح جدا نظرا للعلاقة التي كانت تجمع مسلمة بالراهب نيكولا الذي قام بترجمة "تسطيح الكرة" بعد أن لقح الترجمات المشرقية له مضيفا شروحات وتعليقات، وقد ترجمت إلى اللاتينية على يد هرمان. إن شروحات مسلمة لكتاب "تسطيح الكرة" لاتشكل بتاتا رسالة حول صناعة الأسطرلاب لكنها كانت من دون شك ذات تأثير في المؤلفات الأندلسية التي تعالج بناء هذه الآلة ولقد كان لها تأثير هام خاصة في رسالة "الفنسو العاشر" المتعلقة بهذا الموضوع وكذلك في الرسالة المنسوبة خطأ إلى ما شاء الله (عالم فلكي) وهو عالم يهودي، والمنطلق في هذا الحكم هو أن ما يسمى رسالة ما شاء الله حول بناء واستخدام الأسطرلاب هي في الواقع تجميع جرى في ق 19 لعناصر غير متجانسة اطلاقا توجد بينها مقاطع يمكن أن تكون لها علاقة بمدرسة مسلمة، وهذه العناصر تتمثل فيما يتعلق بالأسطرلاب بشروحات مسلمة المذكورة عرفت رواجا وشهرة بسبب اقتضابها وطابعها العلمي وبرسالة أخرى لابن السمح (من تلامذة مسلمة) أقل اقتضابا من هذا النص الأخير الذي له أهمية بالغة تتمثل في كونه يحتوي على استشهادات من الفلكي المشرقي حبش الحاسب بخصوص الأسطرلاب مما يؤكد اضطلاع الأندلسيين على أعمال المشارقة. ولكونه المصدر الذي استخدمه ألفونسو العاشر لما كان ملكا لطليطلة في كتابه "رسالة استعمال الأسطرلاب" كما أن أقدم الساعات الشمسية التي حفظها الزمن تعود إلى القرن 10 م وتنسب إلى ابن الصفار الذي كان صانع أسطرلاب حسب صاعد الأندلسي، ويروي هذا الأخير في كتابه "طبقات الأمم" أن بعض الأندلسيين التقوا في القاهرة بالحسن ابن الهيثم أمثال عبد الرحمان ابن عيسى المتوفى سنة 1080 م. ان المميزات الرئيسية للعلم الأندلسي هي التي أبرزت هذه الدراسات الجديثة العهد والتي تتمثل في تطور علم الرياضيات ويعود الفضل في تطوير هذا العلم إلى وجوه ثلاثة: الملك يوسف المؤتمل (1081-1085م) وهو من ملوك الطوائف في سرقسطة والرياضي ابن سيد أستاذ الفيلسوف الكبير ابن باجة الذي كتب أعماله في فلنسيا بين عامي 1087 و 1096، وأخيرا الفقيه الفلكي ابن معاد الجبلي الجيلياني المتوفى سنة 1093م.


تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية

فيلوبريس على الفيسبوك

المواضيع الأكثر قراءة

فيديوهات فيلوبريس