بقلم: محمد بعدي
حبس العالم الأنفاس، و اشتغلت "الماكينة"
الإعلامية... و تسابق المحللون للأحداث و الخطابات... و للدم العربي.. للتأكيد على
أن "الإله" أوباما على "كل شيء قدير"، و كذلك سولت له نفسه
الأمارة بسفك الدم العربي و المسلم. فبتنا قاب قوسين أو أدنى من توجيه ضربة أمريكية
لسوريا لمعاقبة نظامها على استخدام السلاح الكيماوي ضد "الشعب"...
فالقلب الأمريكي "الهش" لا يتحمل منظر الأطفال العزل المسالمين تتم
إبادتهم مثل صراصير، إلا إذا كانوا فلسطينيين أو عراقيين أو أفغان... أو كان
السلاح الذي يبيدهم أمريكيا أو صهيونيا...
نفذ الصبر إذن، و بلغ السيل الزبى... و تكلم الأسود الذي
يسكن البيت الأبيض... فرفعت الأقلام و جفت الصحف... فكلماته لا تبديل لها: أوباما
يقرر مهاجمة سوريا و معاقبة نظامها، و عندما يتكلم رئيس أقوى دولة في العالم فعلى
الآخرين الإنصات و الإصغاء خصوصا إذا كانوا صغارا... هكذا بدأ تهييء الرأي العام
العربي نفسيا لتقبل الضربة، خصوصا و أن أهدافها "إنسانية" و
"أخلاقية"... إذ ليس مقبولا أن يتجرأ "طاغية سوريا" على
استعمال "غاز السارين" ضد "مدنيين" سوريين يريدون فقط
ديموقراطية وحرية و كرامة... و أكيد ـ حسب استخبارات الغرب ـ أن النظام هو الذي استعمل هذه الأسلحة، إذ لا
يوجد غيره... فالمقاتلون الأجانب مجرد إشاعة، و "جبهة النصرة" مجرد
فزاعة...
فجأة سيتغير المشهد كليا... ففي الوقت الذي كان العالم
ينتظر خطاب أوباما بترقب و الأيادي على القلوب، تمخض الجمل فولد فأرا... فبعدما
كان موعد الضربة بعد ساعات، صار موعدها بعد يوم أو أسبوع أو شهر... و كان يمكن لأوباما
أن يضيف: أو بعد سنوات !! لم يبد واثقا، بل بدا مرتبكا و مترددا... ماذا حدث؟
و كيف تراجع أوباما بهذه الطريقة المهينة؟ هل يتعلق الأمر بالديموقراطية و احترام
الكونغرس أم توجد معطيات أخرى؟ أكيد توجد معطيات و مستجدات... لأن أوباما يمتلك
دستوريا الحق في اتخاذ القرار، كما أنه لم يستشر الكونغرس في قضايا أخرى مماثلة أو
أخطر {اغتيال زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن مثلا، مع خطورة الأمر بالنسبة
للأمن القومي الأمريكي...}، ربما يرتبط بعض هذه المعطيات و المستجدات ـ فيما نعتقد
ـ بجدية حلفاء سوريا بدخول الحرب بشكل مأساوي من خلال عنوان عسكري يمكن أن يسمى "فيتنام
رقم 2"... و هنالك معلومات عن الرسائل التي أبلغها الإيرانيون لجيفري فيلتمان
والسلطان قابوس أثناء زيارتهما لطهران، هذه الرسائل التي تفيد أن إيران
تعتبر المسألة السورية وجودية بالنسبة إليها، و أن سوريا على المستوى
الجيوستراتيجي هي خط المقاومة العربية و الإسلامية على البحر الأبيض المتوسط... و
أن البدء بالعدوان هو قرار أمريكي ـ صهيوني بينما إيقافه لن يكون قرارا أمريكيا
مطلقا...
و ربما هذا ما جعل أوباما يظهر كمن احتار في أمره، فلجأ
إلى "صلاة الاستخارة"، ليرمي الكرة في مرمى الكونغرس، و لكي يخفف عن
نفسه الأعباء... حتى أن روبرت فيسك كتب في الإندبندت ساخرا من أوباما: " لقد
كانت لبنان وسوريا و مصر ترتعد عندما تتحدث واشنطن، لكنهم الآن يضحكون..."
و أضاف: " إنها مسألة مصداقية، ولا
أحد في الشرق الأوسط سيأخذ أمريكا على محمل الجد بعد الآن. و ينبغي فقط مشاهدة
أوباما يوم السبت لمعرفة لماذا".
مقالات أخرى للكاتب:
من "الانتقال" الديموقراطي إلى "الانتقام" الديموقراطي
"التلوث" السياسي في الوطن العربي
موازين... طريقنا إلى التقدم!!
"الشباطيزم" أو فلسفة العبث السياسي
جهاد النكاح أو الدعارة الحلال
الأسد و الضباع
الفيديو كليب و إدماج المرأة في التعرية
الكفاءة التربوية و فلسفة التخلف السياسي
لأجل نيني : أما آن لهذا الفارس أن يترجل؟
المعرفة بين " الداودي " و " الداودية "
أعداء العربية
ماذا خسر المغرب بوفاة الشيخ ياسين؟
مقالات أخرى للكاتب:
من "الانتقال" الديموقراطي إلى "الانتقام" الديموقراطي
"التلوث" السياسي في الوطن العربي
موازين... طريقنا إلى التقدم!!
"الشباطيزم" أو فلسفة العبث السياسي
جهاد النكاح أو الدعارة الحلال
الأسد و الضباع
الفيديو كليب و إدماج المرأة في التعرية
الكفاءة التربوية و فلسفة التخلف السياسي
لأجل نيني : أما آن لهذا الفارس أن يترجل؟
المعرفة بين " الداودي " و " الداودية "
أعداء العربية
ماذا خسر المغرب بوفاة الشيخ ياسين؟
تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية