بقلم: محمد بعدي
تتسارع الحركية السياسية مستبقة الاستعدادات و الحشود العسكرية
في الشرق الأوسط، و تتناسل الزيارات و تتكاثر اللقاءات مثنى و ثلاث و رباع... و
الوجهة واحدة: سوريا. هناك حلف يمكن أن يسمي نفسه حلف "الديموقراطية و حقوق
الإنسان"... و هو حلف يضم دولا ديموقراطية، بل عريقة في الديموقراطية و في المحافظة
على حقوق الإنسان... فما هو هذا الحلف؟ و ما رصيده في الديموقراطية و حقوق الإنسان؟
يوجد على رأس هذا الحلف الولايات المتحدة الأمريكية رائدة "السلام
العالمي"... و رئيسها أوباما الحائز على جائزة نوبل للسلام... أمريكا التي
يعتبر التقتيل ركنا من أركان عقيدتها الديموقراطية، خصوصا إذا كان تقتيلا للمسلمين
{ لكن بأسلوب رحيم ليس فيه كيماويات، بل فقط من خلال طائرات ليس فيها طيار
حتى...}، أمريكا التي أنقذت العراق من شر صدام الذي تجرأ على محو الأمية و تكوين
الأطباء و المهندسين و العلماء في مختلف المجالات... فلولا التدخل الأمريكي ما
أضحى العراق اليوم جنة للديموقراطية، يرفل في حضنها الشعب بالحرية و الكرامة و
الحقوق... التي حملها الأمريكان. أضف إلى الديموقراطية الأمريكية ديموقراطية
السعودية التي بالغت في حقوق الإنسان حد الإعفاء من الانتخابات، و في حقوق المرأة
حد منعها من السياقة خوفا عليها من "الحوادث" !! حلف الديموقراطية هذا
الذي يضم أيضا مشيخات الخليج و تركيا أردوغان ... هو الحلف المتحمس للحرب على
سوريا للقضاء على النظام فيها... و عندما يسقط النظام سوف يعم الأمن و الأمان... في
سوريا، عفوا: بل في إسرائيل. إنه حلف يبدو رصيده فارغا على مستوى حقوق الإنسان
التي يدعي حمايتها و الدفاع عنها، و لعل المعيار هنا هو ما تعرض له الإنسان العربي
الفلسطيني و اللبناني ... على يد الصهاينة الأعداء... فماذا قدمت أمريكا و
السعودية و تركيا و غيرهم...؟ إن أمريكا كانت تبارك الجرائم الصهيونية، بل أنها
كانت ترسل الصواريخ المحملة بالمواد الفوسفورية هدية لأطفال فلسطين، و أما
السعودية و عرب النفط فقد "أغرقوا المقاومين بالسلاح للدفاع عن النفس"،
و أقاموا الدنيا و لم يقعدوها... و عمروا غزة و جنوب لبنان !! و أما تركيا فعلاقاتها
بالصهاينة لا تنال منها الفقاعات و الفرقعات الصوتية للطيب الذي ليس طيبا مع سوريا..
أما الحلف الثاني فهو ذاك الذي يمكن أن يسمي نفسه حلف
"المقاومة"، و هو حلف يتشكل بالإضافة إلى سوريا من إيران و حزب الله، مع
دعم ـ سياسي بالخصوص ، مع نوايا عسكرية ـ من
طرف روسيا، و إلى حد ما الصين... مفهوم المقاومة هنا ليس مفهوما سياسيا أو
إعلاميا... بل هو تعبير عن واقع الحال... فسوريا و إيران و حزب الله... في وضع
المدافع عن النفس و المصالح... في مواجهة وجودية.
ما هو رصيد هذا
الحلف؟ إنه رصيد لا ينكره إلا عنيد أو مكابر أو عدو... فسوريا تجرأت على دعم
المقاومتين الفلسطينية و اللبنانية بالخطاب و الفعل... إذ أن صمود حزب الله في
جنوب لبنان و صمود حماس في قطاع غزة لم يكن ليتحقق لولا الدعم العسكري السوري
المباشر: تدريبا و تسليحا... و الأمر نفسه يمكن قوله بخصوص إيران التي دعمت القضية
الفلسطينية منذ قامت ثورتها، عندما أسقطت علم السفارة الاسرائيلية في طهران و رفعت
العلم الفلسطيني مكانه... أما على المستوى العسكري فالبطولات التي حققها حزب الله
في لبنان في مواجهة الصهاينة كانت بفضل إيران و دعمها السياسي و العسكري و
اللوجستي....
إنها مواجهة تقودها أمريكا من جهة و سوريا من جهة ثانية،
مواجهة بين "الأسد" السوري و "الحمار" الأمريكي { الحمار هو
رمز الحزب الديموقراطي الأمريكي الذي ينتمي إليه الرئيس أوباما}... و إذا كان لا
بد من المواجهة، و لا بد من الحرب: فهل سينتصر "أسد" سوريا أم
"حمار" أمريكا؟ انتصار "الحمار" الأمريكي يعني أنه سوف يكون
أسدا على العالم برمته، و سيرسم خارطة جديدة للشرق الأوسط الذي لن يكون غير "
زريبة للنعاج"... أما انتصار "أسد" سوريا فيعني أن بداية نهاية
أمريكا في الطريق,,, و أن الأحادية القطبية إلى زوال... و أن عالما جديدا في طور
التشكل !!
تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية