جهاد النكاح أو الدعارة الحلال






بقلم : محمد بعدي




شكل الدين دوما مكونا أساسيا من مكونات البنية الثقافية في كل المجتمعات البشرية، نظرا لوظيفته الأساسية على مستوى انتاج و توزيع القيم و تداولها. هذه الوظيفة جعلت رجل الدين فاعلا أساسيا، و رقما صعبا في المعادلات المجتمعية. و ضمن المجتمع الاسلامي كان رجل الدين ـ عالما أو فقيها أو داعية ـ يقوم بدور مؤثر، كيف لا و "العلماء ورثة الأنبياء"؟
مر على العلماء حين من الدهر، فظهر من بينهم من يصدر فتاوى بدت غريبة ضمن السياق القيمي ـ الثقافي الإسلامي. و من بينها على سبيل المثال : إرضاع الكبير، مضاجعة جثمان الزوجة، جواز استمناء الأنثى باستعمال الجزر أو غيره، زواج المسفار، زواج فراند... ثم أخيرا "جهاد النكاح"...
هكذا فقد أفتى أحد الشيوخ المغاوير بجواز جهاد لا جهاد مثله و لا جهاد قبله و لا جهاد بعده، إنه جهاد النكاح، و ما أدراك ما جهاد النكاح... جهاد تقدم فيه المرأة جسدها فراشا لاستراحة محارب من جبهة النصرة أعياه تقطيع الأوصال، و شق الصدور، و التنكيل بمن يخالفه الرأي...
إن الحديث عن جهاد النكاح ليس ـ في الواقع ـ سوى دعوة لممارسة دعارة مقنعة، إذ لا يستقيم الحديث عن جهاد بواسطة الأعضاء التناسلية.. إن المجاهد الحقيقي هو شخص زهد في الدنيا و ملذاتها، و جاهد في نفسه أولا و طهرها و استطاع الترقي في مراتب قهر الذات و ترك الملذات، حتى يكون قادرا على مواجهة الأعداء باطمئنان و يقين. إن ساحات الحروب هي ساحات للرجال و ليست فنادق للسياحة الجنسية، ساحات لركوب المخاطر و ليس امتطاء النساء، ساحات لوضع اليد على الزناد و ليس وضع.... بين الافخاد.
كيف يفتي هؤلاء العلماء، و بالأحرى " العملاء " هذه الفتوى الغبية؟ كيف تشابه على هؤلاء الفرق بين الحب و الحرب؟ أية نفس سوية هاته التي تستطيع الجمع بين التقتيل و التقبيل، بين البحث عن الانتصار و الرغبة في الانتصاب؟
 يبدو أن المجاهدين أصبحوا يخشون التعرض لمقلب أو خديعة في ما يخص الوعد بالحور العين في الآخرة  لذلك يريدون "الدفع المسبق" في الدنيا.
إن من أصدر هذه الفتوى إما أن يكون أتاه الله بسطة في الغباء، أو أنه للدين من الأعداء، و لا يفوقه غباء و جهلا إلا أولئك اللواتي استجبن لفتواه و استأجرن فروجهن في " سبيل الله".. و أين هي المشكلة؟ فليس بينهن و الجنة سوى ثلاث كلمات : "زوجتك نفسي ساعة"، و حي على الجهاد و حي على المتعة... إنه "جهاد مودرن"، يمنح المرأة الحق في المساواة مع الرجل في فرض من فروض الدين و هو الجهاد الذي ظل حكرا على الرجال في هذا المجتمع الذكوري "الظالم.".

تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية

فيلوبريس على الفيسبوك

المواضيع الأكثر قراءة

فيديوهات فيلوبريس