لأجل نيني : أما آن لهذا الفارس أن يترجل؟


نقترب من مائة يوم على اعتقال و سجن رشيد نيني، الصحافي ـ الظاهرة الذي أعاد الثقة إلى العمل الصحافي بالمغرب، من خلال ممارسة احترافية غير مسبوقة في العمل الصحافي، و من خلال جرأة لا نظير لها في تناول ملفات ظلت إلى وقت قريب خطوطا حمرا، و موضوعات يقايض بها السياسي الصحافي  و يرشيه... و من خلال أسلوب متفرد يخاطب كل فئات الشعب بصدق و أمانة... لقد طرحت أسئلة عديدة بخصوص اعتقاله و سجنه، أهمها: لماذا؟ لماذا : بمعنى ، ما السبب؟ و لماذا، بمعنى، ما الغاية؟ ما سبب الاعتقال؟ و ما الغاية منه؟ و قدمت أجوبة عديدة أغلبها يعتبر السبب ضعيفا لا يبرر الاعتقال و السجن مطلقا.. أما عن الغاية من السجن فهي واضحة بينة ، و يمكن تلخيصها في إخراس هذا الصوت المزعج المشاكس الساخر الذي يحمل للوطن حبا بحجم الوطن، صوت رجل لا يسأل ماذا أعطاه الوطن، بل يسأل ماذا أعطى و ماذا يمكن أن يعطي لهذا الوطن...
هل يحاسب نيني اليوم على ما كتب؟ أكيد.. لكنه يحاسب ـ أيضا ـ على ما لم يكتب، و ما كان يمكن أن يكتب، خصوصا في ظل هذا الحراك الاجتماعي و السياسي... الذي يعرفه المغرب. لأن نيني معبر حقيقي و قوي ، فيما أعتقد، عن المعارضة الحقيقية في المغرب. فعندما نتأمل المشهد السياسي في المغرب المعاصر، نكتشف أن القوى المفترض فيها قيادة معارضة فعالة تم تدجينها و احتواؤها كما حصل مع مجموعة من الأحزاب السياسية بمختلف مرجعياتها.. أما المعارضة الإعلامية فكانت على العموم انتهازية وصولية توظف للتخدير أو تصفية الحسابات.. أما نيني فهو يشكل معارضا خطرا لأنه صحفي محترف ، و لأنه وطني عصي على التطويع، و لأنه لديه قدرة كبيرة على الـتأثير على قطاعات واسعة من الشعب، و استطاع بكتاباته أن يؤثر على سياسات الدولة نفسها...خصوصا في فترات الانتخابات. 
هكذا إذن لا يمكن فهم استمرار سجن رشيد نيني ، رغم أن الرسالة وصلت، إلا ضمن سياق يهدف من خلاله الفاعل السياسي الرسمي إلى التأكيد على أنه الوحيد الذي يملك القرار من خلال توظيف كل الوسائل مشروعة كانت أو غير مشروعة ، فهو يدخل السجن من يشاء و يعفو عمن يشاء لأجل تقليم الأظافر...
و في هذا الصدد يبدو أن الفاعل السياسي نجح إلى حد كبير في تقليم أظافر أهم الفاعلين المعارضين، فالإسلاميون – مع استثناء جماعة الشيخ ياسين- ولوا وجههم شطر النظام.. فحزب العدالة و التنمية ، كمؤسسة و بغض النظر عن المواقف و السلوكات الفردية، و الذي كان يريد التغيير من داخل النظام لم يعد هنالك ما يميزه – على مستوى الممارسة السياسية- عن غيره من الأحزاب الأخرى المحسوبة على النظام. أما [الشيخ]  الفيزازي فيبدو أن فترة مدرسة السجن غيرت بعض أفكاره إلى حد أنه بدل التفرغ للعلم –  في مجال تخصصه- تفرغ للرد على بعض أشباه الصحافيين و أشباه الكتاب في سجالات لا قيمة علمية و لا أدبية لها. أما الشيخ المغراوي فيكفيه ذلك المشهد الكاريكاتوري الذي أشهر فيه تلك ال"نعم " التي لن يكون بمقدوره بعدها أن يقول لا... أما الفقيه البرلماني الزمزمي فقد "انتصب" على ما يبدو لحل المشاكل الجنسية للأمة، مؤسسا بذلك فرعا جديدا في الفقه يمكن أن يسمى" فقه المضاجعة".
إن سجن أهم صحافي في البلاد يمكنه ـ ربما ـ أن يؤجل الحلم بالواقع الذي يريده و نريده جميعا، لكن لا يمكن أن يعدمه كما قد يعتقد العقل السياسي المتخلف. إن المغرب أحوج ما يكون إلى جميع أبنائه في هذه المرحلة بالذات، فأطلقوا سراح الرجل... وكفى فسادا... كفى ظلما... فقد آن لهذا الفارس أن يترجل..
مقال لم ينشر

تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية

فيلوبريس على الفيسبوك

المواضيع الأكثر قراءة

فيديوهات فيلوبريس