نص راسل حول الوعي

نص راسل حول الوعي
"... عادة ما نقول إننا "واعون" في مقابل الأشياء الجامدة كالعصي والحجارة التي لا تمتلك صفة الوعي. ونتلفظ بهذا اللفظ "الوعي"، عندما نكون في حالة اليقظة وليس عندما نكون نائمين، لكن عندما نقول إننا واعون فنحن نريد قول شيئين: فمن جهة تصدر عنا ردود أفعال تجاه الوسط الذي نعيش فيه، ومن جهة ثانية يبدو أننا نكتشف داخل ذواتنا، نوعية أفكارنا وعواطفنا التي لا نجدها في الأشياء الجامدة والثابتة بخصوص ردود أفعالنا تجاه الوسط، ويتعلق هذا الأمر بالوعي بشيء ما، فعلى سبيل المثال، عندما يصيح الواحد منا قائلا "" (آه)، فما يتركه من أثر لدى الآخرين هو أنهم يستديرون نحو مصدر الصوت، إن هذه الاستجابة لا تصدر عن الأحجار، إذ هي غير قادرة على ذلك. وإذا كنت قد وجدت نفسك في نفس وضعية الآخرين، الذين أدركوا مصدر الصوت، فإنك ستقوم بنفس رد الفعل، لأنك سمعت ضجيجا أو صوتا. فما دمنا نفترض أننا "ندرك" أشياء العالم الخارجي فنحن نقول إننا "واعون" بها.
لكن الآن، وفي حالة الإدراك، علينا أن نقول فقط، إنه تصدر عنا ردود أفعال تجاه مثيرات خارجية، الشيء الذي بإمكان الحجارة القيام به، إذ قد يصدر عنها نوع من "رد الفعل" مع العلم أن المثيرات التي تخضع لها قليلة جدا .هكذا، عندما يتعلق الأمر ب "الإدراك" الخارجي، فإن الاختلاف بين "رد فعل" الحجرة وردود أفعالنا إنما هو اختلاف في الدرجة فقط.
يرتبط الجزء الأساسي من مفهوم "الوعي" بما نكشفه فينا بواسطة الاستبطان، في هذه الحالة لا يتعلق الأمر بردود أفعالنا اتجاه الوقائع الخارجية فقط، بل إننا نعرف أننا نستجيب لمثيرات العالم الخارجي، في حين نجد الحجرة، ونحن متأكدون من ذلك، لا تعرف أنها تتحرك تحت تأثير خارجي، لأنها لو أدركت ذلك، لكانت واعية مثلنا نحن البشر. ويبين التحليل هنا كذلك، أن الأمر يتعلق باختلاف في الدرجة بيننا وبين الأشياء."
برتراند راسل، علم ودين، غاليمار 1957، ص 128-130 (عن كتاب في رحاب الفلسفة للسنة الأولى باكلوريا)


تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية

فيلوبريس على الفيسبوك

المواضيع الأكثر قراءة

فيديوهات فيلوبريس