دراسة اللغة بين القديم والحديث

 دراسة اللغة بين القديم والحديث
(عالم اللغة الانجليزى فيرث)




 ا.د. ابراهيم طلبه سلكها
 رئيس قسم الفلسفة - كلية الاداب - جامعة طنطا - مصر




قدم فيرث رؤية فلسفية رائعة لتلك الجهود القيمة التي بذلها كثير من الفلاسفة والعلماء في دراستهم للغة منذ مرحلة الحضارات الشرقية القديمة مرورًا بالمرحلة الوسطى وحتى عصرنا.. وأعلن في البداية أن أصحاب النظريات اللغوية استمدوا آرائهم بخصوص اللغة من مجتمعهم وإرثهم الثقافي، ومن دينهم على وجه الخصوص، فكل واحد منهم له تصوره المتميز. لهذا فإن الخطوة الأولى يجب أن تكون دراسة ما الذي فكر فيه هؤلاء الناس العظام الذين بنوا الحضارة الأوربية، بخصوص المنطوق utterance والكتابة، الكلام واللغة. ولا يمكن ذلك ورؤية الفروع العديدة لعلم اللغة بدقة وبمنظور ملائمين بدون نوع ما أساسي من فلسفة اللغة philosophy of language([i]).
فالناس، كما يرى فيرث، مخلوقات متميزة، غير عادية، وهم يعلمون ذلك، ويدركون المسافة الكبيرة التي تفصلهم عما يسمونه الحيوانات العجماوات، وبناء على قوة الكلام عندهم رفعوا أنفسهم إلى السماء. ووصل هذا العمل الخاص بالكلام الخاص إلى رؤسهم، فآمنوا بقوة الكلمات. واعتقدوا أن الإله خلقهم على صورته ومنحهم بنفسه الصوت في العالم، والصوت، والكلمة، وفاك vak هي مصدر الحكمة wisdom والقوة والإبداع([ii]).
ويرى فيرث أننا إذا رجعنا إلى المعتقدات والتأملات الأقدم بخصوص الكلام والكتابة، فإننا سنجد تعبيرات expressions أخاذة للاعتقاد في القوة الإبداعية وسحر الكلمات، ما هو فوق طاقة البشر، ما هو خاص بالسوبر بشر، القوة الماورائية، القوة الربانية، قوة الإله([iii]).
وقدم فيرث تصوره لهذه المعتقدات ولدراسة اللغة بين القديم والحديث كما يلي:
1- المصريون القدماء: The Ancient Egyptians
أشار فيرث إلى الأساطير القديمة التي تنسب اللغة إلى إله من آلهتها، أو قوة عليا خارقة، فبدأ بتقديم احترامه الشديد لأنبل الآلهة القديمة الإله توت Thoth إله المصريين. ورأى أن هذا الإله كان يمثل قلب ولسان رع Ra والوسيلة التي كانت تعلن بها مشيئة الإله وبإعلانها تصبح فعالة في عملية الخلق. كان توت هو قوة الاسم، ولم يكن من الممكن التحدث عن أي مخلوق سواء أكان حيًا أم ميتًا إلا حينما يتم المناداة باسمه. إنه نطق بالكلمات التي أوجدت عالمنا. وكان هو إله القمر و"راوي قصة" الشهور بالحفاظ على تسجيل الوقت، فهو المسجل، والمحاسب، والحاكم، والمانح للكلمات والمخطوطات. وهو إله الكلام الساحر، إله الكتابة المقدسة، إله ورق البردي، صانع لوحة ألوان الرسم وآنية الحبر، وإله الكتب، الإله الحافظ للكتب، للمؤلفين. وكثيرًا ما كانت معه سيشت seshet إلهة الكتابة، وربما كانت هي سكرتيرته المثالية فهي التي تساعد الملك على رؤية وضع الأسس بشكل جيد وفعلي. ولم يكن توت مجرد متكلم، أو معلن، بل كان متحكمًا في عملية "التسجيل" و"الرواية" و"التهجئة"([iv]).
وكان عند البابلتيين Bablonians أسطورة تقول إن أول ساكن في بابليونيا كان Oannes، وهو وحش نصف رجل، ونصف سمكة، وهو الذي قام بالسباحة في الخليج الفارسي وعلمهم استخدام الكتابة والفنون الأخرى([v]). ولدينا نماذج من نصوص قواعدية قديمة من بلاد بابل ترجع لحوالي عام 1600 ق. م. وما بعده، ومكتوبة على ألواح بالخط المسماري الذي نظم بطريقة تظهر تصريفات الضمائر والأفعال، والأنواع الأخرى للكلمات السومرية مع مقابلاتها في اللغة الأكاديمية (البابلية). وكان الغرض من هذا العمل هو الاحتفاظ بمعرفة اللغة السومرية التي كانت في طريقها للزوال، ولكنها كانت اللغة التي كتب بها كثير من بواكير الأدب البابلي([vi]).
2- الصينيون: The chinese
يوجد عند الصينيين قصص عن "فرس – النهر" المرسل من السماء، أو السلحفاة، الذي خرج من النهر قبل الامبراطورية الأسطورية. ولم تتحدث تلك السلحفاة اللغة الصينية. فهي لم تكن تحمل موهبة الكتابة في فمها، كانت تملكها في صورة تصميم، أو مجموعة من الضربات على ظهرها. وحينئذ تم كتابة القوانين. وكان الناس يزداد احترامهم لعظمتها السماوية حينما يرونها تستمع للطيور، وتقوم في صمت، حينما تطير تلك الطيور بعيدًا، بطباعة العلامات التي تركتها آثار أقدامها الرقيق في الرمل الخفيف. وأنتج الصينيون منذ ألف عام قواميس dictionaries ممتازة، ورتبوا الكلمات أيديولوجيًا ideologically وفي بعض الأحيان تبعًا لأصواتها لتوضيح الرنين (الصوت) والقافية. واخترعوا كذلك فن طباعة الحروف بواسطة قوالب متحركة"([vii]).
3- الهندوس: The Hindus
ربما كان من أكثر المعتقدات القديمة أهمية وأيضًا أكثر التأملات خطورة بخصوص الكلام واللغة هي الخاصة بالهندوس، حيث يرجع تاريخهم لستمائة أو سبعمائة عام قبل الميلاد. فقلد أوضحت الدراسات الأوربية الحالية بشكل مثير للدهشة القليل من التقدم بعد ألفي عام([viii]).
ففي الكتابات الهندية القديمة تم تشخيص الكلام بوصفه إلهة goddess فاك Vak أو vegdevi وتم اعتباره كمثال لفراهما Frahma أو للإله. وفاك المقدسة ليس لها بداية ولا نهاية، لكنها مماثلة للإله والإنسان. تلك هي القوة الإبداعية لبراهما Brahma ويعتقد السيد games geans أكثر علماء الطبيعة رومانسية في وقتنا الحالي أن الإله عالم رياض متميز أو سوبر رياض. وبالنسبة للهندوس القدماء خلق العالم بمعنى "الوجود الفعلي" بواسطة قوة فاك لبناء العالم... كانت الكلمات الإلهية تصنع المعجزات بمجرد نطقها. فالإله خلق الأرض بقوله Bhu. ومن خلال طريقة فاك، خلق الإله الأعظم كل شيء. وهكذا فإنه على الرغم من أن فاك تابعة للإله فهي الأولى في ترتيب الخلق([ix]).
و"توت" و"فاك" يذكروننا بكتاب "النشأة"حيث قال الإله: دع هناك ضوءًا فأصبح هناك ضوء. والآيات القليلة الأولى من الإنجيل تبعًا للسيد جون gohn تقول: "في البداية كانت الكلمة والكلمة كانت مع الإله، والكلمة كانت الأله"([x]).
ولاحظ الهندوس العديد من أنواع فاك، فالآلهة خلقت الأنواع العديدة من الكلام الذي تتحدث به الحيوانات. وكلام الإنسان أعطاه قوة خاصة في القيام بالتضحيات وفي قراءة mantras أو أشكال ثابتة وموضوعة للغة أو تعويذات يصاحبها تأملات. mantras فإن معنى كل الكلام وأيضًا mantras هو "قوته" السحرية. إن العلاقة بين الفعل الكلامي التام ومعناه مثل العلاقة بين mantra والألوهية أو القوة الخاصة التي تنقله. Mantra رمز حي للألوهية، ومعناها هي قوتها. بطريقة أخرى، فإن معنى الإله هو قوة اسمه. وهناك بعض الإصرار على أن مثل تلك الكلمات يجب أداؤها، كشفها واستخدامها مع وجود أولوية حاسمة وتصحيح. وهكذا أثبت الآلهة أنها أقوياء للغاية ويستطيعون تحقيق الرغبات الأرضية والسماوية([xi]).
4- اليونانيون والرومانيون: The Greeks and Romans
يشيد فيرث بإسهامات اليونانيين في حقل الدراسات اللغوية فيرى أن عبقرية اليونانيين وشغفهم ترك شكلاً ثابتًا للاتجاهات اللغوية والمنطقية التي يطبقها معظم الغربيين في مدارسهم اليوم. فما زالت آراء الغرب اليوم حول علم القواعد وآليات العلم اللغوي الصوري يونانية بشكل كبير، حيث اقتبسه اللاتينيون وتم الحفاظ عليه وإبقاؤه في أوربا الوسطى ومدارس علم القواعد في العصور الحديثة([xii]).
وكان من أوائل التأملات اليونانية حول اللغة محاورة أفلاطون المعروفة باسم "كراتيليوس cratylus"، التي سخر فيها من علماء القواعد والاشتقاق في عصره. وعلماء الاشتقاق يستحقون دائمًا ما ينالون. الملاحظات التي بدأها أفلاطون في محاورته ذات أهمية كبرى في رؤية المطالبين بالرجوع إلى علم اللغة العملي والموضوعي في عالمنا المتغير. فلقد ناقش مسألة ما إذا كان الكلام عبارة عن فعل أم لا؟ وهل هو نوع من الفعل يتعلق بالأشياء؟ ورأى أن العديد من الناس الذين يقومون بعمل ضوضاء Noise يقومون بعمل حركات بدون هدف كما لو كانوا يضربون قدرًا نحاسيًا. ولكن على وجه العموم فإن الكلام يعد أداة مفيدة وعملية لتلبية الاحتياجات البشرية. لقد ذكر فقط المانح الرسم للأشياء، مانح اللغة، لكن فقط ليثير التساؤل ثم يتركه. وقام باستخدام تلقائي ممتاز للآلهة هيرميس Hermes, وبان Pan، وكل منهما عنده الكثير ليقوم به مع الكلام. وهيرميس هو الرسول والمترجم الذهبي للصوت، مراوغ، مقنع، خادع. وكان زئبقيًا يطير عبر الهواء بأطراف أجنحة، لكنه يمتلك مواهب عظيمة. ويتمتع ببصيرة وحكمة عملية جعلته يخترع القيثارة والموسيقى، الأعداد وحروف الهجاء، وكان مناصرًا لكل التدريبات الجسمانية. وكسفير/ رسول للآلهة فإنه لم يكن فقط إله البلاغية لكن أيضًا للعناية والمهارة في الكلمة والوثيقة وحتى للخداع والحنث والسرقة. إنه لم يكن فقط صوت منذر، لكنه شيء ما عملي جدًا، يقوم بأشياء بين الناس، أشياء جيدة وأشياء بارعة على مدى الحياة. وبان Pan ذو الأطراف المليئة بالشعر هو مخترع المزامير، والجميع يعرفون ألحانه، وحينما يدب برجله في غابة، فإنهم يسمعونه ويرتجفون([xiii]).
ولا مغالاة أبدًا في تقدير إسهامات أرسطو لدراسة اللغة فكل قاعدة نحوية موجودة الآن تدين له بالفضل. ففي كتابه "الشعر" poetics عرض لأقسام الكلام مثل الاسم Noun والفعل Verb، ويظهر فهمه للاتصال الوثيق بين اللغة والطبيعة البشرية واضحًا في كتابه "فن الخطابة" Art of Rhetoric ويجب على كل دارس للغة الطبيعة البشرية أن يقرأه. لقد وضع الأساس لما يجب أن يكون الأوضح بدلاً من أن يكون الأكثر غموضًا في العلوم. واستمر عمله بواسطة الرواقيين والمدارس المتأخرة في الإسكندرية([xiv]).
كان رواد علم اللغة، سواء أكانوا محليين أم أجانب، الذين حددوا لأنفسهم مهمة الفهم التام للغة، دائمًا من النخب elite الثقافية الناجحة ذات الوضع الاجتماعي الكبير، أو من اللغويين العظام الذين رجعوا للغتهم الخاصة على اعتبار أنهم وحدهم يملكون معرفة دقيقة مفصلة، بناءً على المعلومات الداخلية والخارجية([xv]).
وكان أول علم قواعده مقروء لليونانيين هو عمل ديونيسيوس Dionysius الثراكسي الذي ولد في الإسكندرية عام 100 ق. م. ثم عمل بعد ذلك في ردويس Rhodes وروما. وكان له تأثير كبير على الأعمال التالية، واتخذه علماء القواعد اليونانيين نموذجًا لهم. وولد بريسكيان Priscian في القرن السادس ق. م. في caesarea في موريتانيا (شمال أفريقيا)، وكتب علم القواعد اللاتيني الشهير، وكانت توجد منه نسخة باقية، وكانت شائعة جدًا في بريطانيا في القرن الثامن([xvi]).
والمدرس الروماني للغة الأكثر تأثيرًا والذي يجب ذكره هنا هو كونتليان Quintilian. كان اهتمام كونتليان باللغة عمليًا ووظيفيًا أيضًا، ليس في تعلم كيفية الكلام بالطبع، لكن في كيفية القيام بصور الكلام الجيدة. ومازال له الكثير من التابعيين في مدارس الكلام الأمريكية. لقد تطرق للعديد من الموضوعات الدائمة والمهمة، ون باستخدامConsuetudo  كمتحكم مضمون في الكلام. فاللغة تعد عملة يتم صكها بوجه عام، ويمثل استخدامها طريقة للحياة way of life . وفصل أيضًا الكلام في الكتابة وانتقد التمحك الزائد جدًا في علم الأصوات، وعلم النحو، وعلم الاشتقاق etymology. فهو يقول: "إن تلك الدراسات تشوه العقل"([xvii]). ويؤكد كونتليان على وجود مستويات لغوية للكلام فيقول: "إن القدرة على التحدث باللغة شيء والقدرة على التحدث بها مع مراعاة الأصول شيء آخر"([xviii]).
كما كان البراهمانيون Brahmins واليونانيين القدماء من النخب الثقافية المتغيرة. وكانوا أقل اهتمامًا بلغات الآخرين من لغاتهم الخاصة. وكما قال، بعد ذلك آلان جاردنر Dr. Alan Gardiner في كتابه الأخير عن نظرية الكلام واللغة "أن كل شخص بالغ كان ينظر إليه على أنه المخزن الحي للمعرفة اللغوية العميقة. ولذلك كان هناك كنز هائل من الدليل المتاح لبناء نسيج متماسك للنظرية اللغوية". والبراهمانيون كانوا يقصرون أنفسهم بشكل شديد على المخزن الحي للمعرفة العميقة. وتعمقوا بشكل أكثر في لغتهم. اللغة السنسكريتية، في كل من الآلية والنظرية، أكثر من أي شعب قديم آخر. وغالبية العلماء يعترفون بالتأثير الباقي لعلم اللغة اليوناني على معظم الأعمال اللغوية للأوربيين اليوم. وإذا كان هناك أمثلة حديثة مطلوبة أكثر، فإن هرمانبول Hermannpaul ودارمستير Farmester اعتمدا بشكل أكثر وأكثر على لغتهما الأصلية كأساس لنظريتهما اللغوية([xix]).
ويرى فيرث أنه إذا كانت النخب اليونانية والبراهمانية قد اكتفت بدراسة لغتها الأصلية وتمييزها عن غيرها، فإن الدارسين المسيحيين في العصور الوسطى حاولوا أن يجمعوا لغات العالم كلها([xx]).
5- اليهود والكنيسة المسيحية:
The jews and Crristian church
اتخذت الدراسات اللغوية في أوربا المسيحية، خاصة الأزمنة الحديثة، شكل فقه اللغة المقارن Comparative philology، ومهمته دراسة العلاقات اللغوية دراسة تاريخية مقارنة([xxi]).
والعديد من الناس لديهم انطباع بأن فقه اللغة أصبح علمًا مقارنًا تحت تأثير مثل تلك العلوم الحديثة كعلم التشريح المقارن، وأن تركيزه على التطوير يعد نتيجة للنظريات الحديثة للتقدم البيولوجي. وبدون شك، فإن للعلوم الحديثة تأثيرًا على فقه اللغة، لكن خواصها الرئيسية، مثل تلك الموجودة بكثرة في الثقافة الغربية، تم تحديدها بواسطة تقارب القوى شديدة التنوع، ومعظمها قديم جدًا. والأيديولوجيا الأساسية لفقه اللغة المقارن هي التحويل اليهودي- المسيحي للإرث الخاص باليونان والرومان الذي تم توضيحه بواسطة تأثير السنسكريتية عند نهاية القرن الثامن عشر، في مجال رد الفعل الرومانسي، والنزعة التطورية لكنه أكثر سامية من أي شيء آخر([xxii]).
ويوضح فيرث ذلك على النحو التالي:
1- فكرة اللغة الأصلية أو اللغة الأم:
يرى كثير من الباحثين في الغرب أن اللغة العبرية هي اللغة الأولى التي تحدثها الناس على الأرض، وهي اللغة التي تحدث بها آدم بوصفها منحة من الرب. وقد آمن كثير من الناس بهذا الرأي في أثناء القرون الأولى للمسيحية، واستمر هذا مقبولاً لعدة قرون... ويرى فيرث أن فكرة اللغة الأم مهمة جدًا بالنسبة لعلم اللغة التقليدي. فوفقًا لقصص الكتاب المقدس فإن آباءنا الأوائل تحدثوا باللغة العبرية وهي لغة اليهود والقواعديون اليهود الأوائل – الحاخامات- كانوا يستخدمون المنهج المقارن والكتب المقدسة لإثبات ذلك، وتمسك أغلب الدارسين والمسيحيين بهذا الاعتقاد حتى القرن الثامن عشر. وكان اكتشاف لغات أخرى وخاصة اللغة السنسكريتية – يعني السقوط المفاجئ لفكرة اللغة العبرية الأم"([xxiii]).
ولذلك وبالرجوع لعلماء القواعد اليهود الأوائل في العصور الوسطى فإننا نجد طابورًا طويلاً من الحاخامات المثقفين أمثال ابن قريش Ibn Kuraish، ياهودا حيوج Judah Hayyug، ابن عزرا Ibn  Ezra، عاش بعضهم في شمال أفريقيا والبعض الآخر في أسبانيا تحت حكم المسلمين المتحدثين باللغة العربية، كل هؤلاء كانوا في موقع جيد مكنهم من المقارنة بين العبرية والآرامية والعربية لمعرفة العلاقات الوثيقة بينها. ويمكن تحديد مثل تلك العلاقة بناء على الأشكال الأرثوذكسية بافتراض أن اللغة العبرية هي اللغة الأم. ويقول Ibn Kuraish "إن لغاته الثلاث قد تم صياغتها بشكل طبيعي في صورة واحدة". ويقول ابن عزرا إن العبرية "شكلت لغة واحدة مع الآرامية والعربية"، حيث تتفق بشكل كبير مع تعبيرات فقه اللغة الفرنسي المعاصر([xxiv]).
وبتأثرهم بالفكرة اللاهوتية عن الوحدة الرئيسية في اللغة الأم، قارن هؤلاء اليهود الأوائل لغاتهم بثلاث طرق لتصبح عائلية بوجه عام في العصور التالية وما زالت تستخدم عمومًا، ولعل من أهم إسهاماتهم هنا:
1-     أنهم لاحظوا وجود تطابقات (تشابهات) معتادة بين الأصوات في العديد من الكلمات المترابطة في العبرية والعربية. وهذا ما يسمى الآن بقوانين الصوت.
2-           أنهم وسعوا مقارناتهم لتشمل الخصائص والعمليات النحوية، وأيضًا المفردات.
3-     استخدموا معرفتهم بالأدب العربي والكتابات الآرامية اليهودية كوسيلة مساعدة لتوضيح الكلمات الصعبة في النصوص العبرية. ويمكن تسمية هؤلاء الحاخامات بـ"آباء فقه اللغة السامي المقارن" وفي الحقيقة لكل فقه اللغة المقارنة([xxv]).
ويجب ألا ننسى أبدًا ما للكتاب المقدس واليهود من تأثيرات مهمة على الحضارة الأوربية، وأن معرفة اللغات السامية كانت هي الامتداد الأول للتجربة اللغوية خارج اللاتينية واليونانية. وبعكس البراهمانيين القدماء واليونانيين، عاش اليهود في عبودية وأسر وتحدثوا عن تاريخ المعاناة تحت سيطرة الإمبراطوريات الأجنبية وزيارات الإله المنتقم والغاضب([xxvi]).
والإنسان، الصورة التي خلفها الإله، أخذ من الجنة الأرضية، وعقب مرة أخرى بالفيضان. لكنه ما زال "ذا لغة واحدة وحديث واحد". وقد عملت الملائكة التي هبطت على الأرض بنجاح حيث قامت ببناء مدن وأبراج تصل للسماء ولم يبق أي شيء منها سوى في الخيال. ودمرت روعة البابلتيين. لهذا "فإن اسمها كان بابل، ونشر الإله اللغة على الأرض كلها"([xxvii]).
2- الأخوة الإنسانية:
ويزعم فيرث أن الإله أرسل فيما بعد ابنه المخلص أو المفتدي، وكان الناس أخوة، ذوي عقيدة واحدة، وكلمة واحدة. ومن أسماء المسيح Jesus اسم الإله الكلمة. واتخذت أوربا خطوة عظيمة تجاه الكون، حيث قامت بنوع من الأخوة brothershood حينما سمي الأوربيون أنفسهم بالرومان، وبخطوة أكبر بكثير حينما سموا أنفسهم بالكاثوليك. ولم يفقد الإيمان بالعالمية، بالإخوة وكمال الطبيعة البشرية في أوربا. فلقد حاول اللغويون اختراق بابل بإنشاء وحدات فيلولوجي وباختراع لغات عالمية، وكان الأساس فيها وأكثرها نجاحًا، عمل اليهودي الحزين، والذي سمي (اسبرانتو Esperanto أو لغة عالمية) لكن فوق كل ذلك بترجمة الكتاب المقدس. إن اللغات وحروف الهجاء متعددة ولكن "الكلمة واحدة"([xxviii]).
علاوة على ذلك فإن القوة الأكبر في بناء أوربا في العصور الوسطى وفي بداية العصر الحديث كانت دخول الإسلام Islam. وبذلك فإننا نرجع مرة أخرى لمدة سلطان الخبرة كنتيجة للاتصال المتجدد باللغة العربية والعبرية العالم السلامي semitic world([xxix]).
وكان هناك دائمًا عدد قليل من المفكرين أمثال Vossious و Scaligers قد سخروا من الاعتقاد بأن اللغة العبرية هي اللغة الأم وقللوا من أهمية قصص الكتاب المقدس وتدريس الكنيسة، لكن الغالبية من الدارسين الأوربيين الغربيين صدقوا تلك الاعتقادات، ومن أشهرهم في تاريخ الدراسات السامية: على سبيل المثال John Buxtorf (1564- 1629) و Job ludlf (1624- 1704) الذي وهب نفسه للأثيوبية Ethiopic ووجد أنها ابنة اللغة العربية وابنة اللغة العبرية بدورها. ومن أحد العلامات في تاريخ علم اللغة العام في إنجلترا كان مجلة Johnchamberlayne للآيات لمجمعة لـ (Iord's prayer) مشتملاً إسهامات ليبنتز Lebiniz و Lacroze ومقالة William wootoon عن "فوضى اللغات(1715) وحيث وافق على اعتقادBuxtorf  بأن العبرية هي اللغة الأم. وأكدت كتابات جون ولكنز John Williams، قبل ذلك في عام 1668، أن اللغة العبرية تعد الوحيدة من اللغات الأم، على الرغم من أنه اتفق مع الرأي الخاص، في حالة الكتابة، بأن للأبجدية العبرية الأولوية على أي لغة أخرى معروفة([xxx]).
وعمل الكنيسة المسيحية في العالم الموروث من الرومان لم ينشأ فقط اللغة اللاتينية للعصور الوسطى، لكنه أبقى أيضًا على بعض الاهتمام باللغة اليونانية وأكد على الارتباط باللغة العربية والعبرية. وحيث إن أهمية هذا الدين في تاريخ علم اللغة الغربي، خاصة خلال آخر ثلاثة أو أربع آلاف عام، لا يمكن المبالغة في تقييمها، فدعونا ندرس ثلاثة اقتباسات (تعليقات): الأول من عمل شهير (1668) بواسطة الانجليكاني العظيم جون ولكنز John wilkins أسقف chester والثاني هو واحد من علامات القرن الثامن عشر بواسطة Augustinian Friar و Antonio Georgi خطاب (His Holiness رئيس (بابا المؤتمر العلمي الثالث لعلم اللغة المقام في روما في سبتمبر 1933([xxxi]).
قال ولكنز Wilkins في عام 1668، "بأنه نادراً ما يكون هناك أي موضوع يتم دراسته ومناقشته تمامًا بين المتعلمين، أكثر من أصل اللغات والحروف". ويعد هذا دليلاً كافيًا بأنه ليس هناك أي لغة تعتبر طبيعية للجنس البشري، ولأنه من المثير للعجب بشكل كبير، أن الوثني القديم، الذي لا يعلم أي شيء عن ظهور الكتاب المقدس، يجب جذبه ليصدق أن اللغة والناس كانوا خالدين، أو أنه إذا كان هناك أي وقت محدد حينما ظهر الناس على الأرض، وبعد أن سكنوا بمفردهم وفي الأشجار والأوراق متفرقين، ولم يكن عندهم في البداية أي صوت، لكن فقط مثل تلك الأصوات الفظة مثل أصوات الوحوش، حتى فيما بعد حينما زادت عائلات معينة، أو ارتبطت عائلات متعددة من أجل الأمان والدفاع المتبادل فيما بينها، تحت مجتمعات الحكومة، لقد بدءوا بالتدريج التدريب الطويل للاتفاق على أصوات نطق معينة، يستطيعون بواسطتها توصيل أفكارهم، التي تشكل لغات متعددة في دول مختلفة وتبعًا لتلك الموجودة في الشعر([xxxii]).
لكن بالنسبة لنا، حيث لدينا تفسير للكتاب المقدس، فإن هذه الأنواع من التبسيطات والتخمينات قد تم ذكرها بشكل كاف. وهذا يعتبر دليلاً كافيًا على أن اللغة الأولى ظهرت مع ظهور آبائنا الأوائل، لقد فهموا بسرعة صوت الإله الذي كان يتحدث إليهم في الجنة. وكيفية تضاعف اللغات تعتبر طريقة مماثلة لتوضيحها في قصة "فوضى بابل"([xxxiii]).
وكان التخمين/ الاستنتاج الأكثر تقبلاً هو أن لغات الفوضى كانت تبعًا للأسر العديدة من نوح Noah، التي كانت عبارة عن سبعين أو اثنتين وسبعين أسرة، وإن كان من المحتمل أيضًا إنها لم تقسم بهذا الشكل([xxxiv]).
3- عن التبشير بالإيمان:
ويرى فيرث أنه بعد ذلك قام الراهب الأوغسطيني Antonio Georgi بمساعدة درجته الكهنوتية والبابا بالإشادة في منشور رسمي عن التبشير بالإيمان Propaganda fide (1762) بمطالبة الأحبار الرومان بتحسين اللغات الغربية: "منذ زمن طويل مضي حينما كان الإله شديد الغضب، كان الاختلاف المحير للغات هو المصدر الرئيسي لتلك الفوضى وللانسجام الذي نشر البشر من برج بابل إلى جميع أنحاء العالم. والآن مـن خلال المسيـح يجب تجميع هذه التقسيمات. لقد أرسل الأب الرحيم ابنه للعالم ليتم توحيد الجنس البشري الذي تم تقسيمه إلى كتل، وأن العديد من اللغات التي كانت سببًا للألم وعقابًا للمجد الزائف والإثم أصبحت الآن هي أم للسلام والتوافق المباركين، ووسيلة للأوامر السماوية، الرابط التوحيدي وهدية الروح المقدسة Holy spirit"([xxxv]).
والبابا في حديثه في المؤتمر العالمي الثالث لعلم اللغة في سبتمبر 1933، ذكر الطلبة المجتمعين من المركز الكاثوليكي بذلك، حيث بدأ بالآية الرابعة من الفصل الثاني عن أعمال الحواريين: "وقد كانوا ممتلئين جميعًا بالروح المقدسة، وبدءوا في الحديث بلغات أخرى، حيث منحتهم الروح القدرة على النطق". ثم استمر قائلاً: "إن الإصلاح الكلي كان بواسطة" الكلمة" وأكد الارتباط الوثيق بين الرسل وعلم اللغة منذ أيام القديس francis Xavier إلى  pater Schmidt ومثل Georgi الذي كان قبله، فإنه كان يصلي من أجل تحقيق الإصلاح لكل الأعراق والشعوب الذين كانوا لا يزالون غير مؤمنين، وبارك العلماء اللغويين في أوربا، لأن عملهم كان لإنقاذ الجنس البشري سواء أتم ذلك بشكل مباشر أم غير مباشر عن طريق المخلصين"([xxxvi]).
وبالفعل فإنه من الصعب تخيل الشكل الذي يمكن أن تبدو عليه معرفتنا الحالية باللغات الغربية دون وجود الكتب الناتجة عن أعمال أجيال من المبشرين، كاثوليك وبروتوستانت([xxxvii]).
6- المودستيون في العصور الوسطى:
تحدث فيرث عن المودستين modistae (أصحاب القواعد التأملية الذين يمثلون المرحلة العليا من الفلسفة السكولاستية scholasticism) أو الذين يمثلون العصر الذهبي للسكولاستية بما قدموه من نظريات ورؤى تحليلية أو لغة شارحة – meta language للغة وما تتضمنه من- الوصف اللغوي وعناصره وتعقيداته في العصور الوسطى([xxxviii]).
ولتوضيح ذلك يمكننا الإشارة إلى عدة أفكار مهمة كما يلي:
1-    إنه من الخطر والخطأ لحد ما تصنيف كل النظرية النحوية grammatical theory من خلال خصائص معينة مستخدمة في وصف بعض الفصائل. وحقيقي أن المودستيين وضعوا الأجزاء التصريفية على أساس المفاهيم المستعارة من فلسفة الحقيقة، لكنهم لم يهتموا بوصف كل مصطلحاتهم وخواصها النحوية ومن المهم تذكر أن علم المصطلحات أصبح ضروريًا بواسطة نظام التفكير وأنه بدأ من مقدمتهم المعرفية، حيث توجد هناك درجة واضحة من ضرورة علم المصطلحات المودستي Modistic terminology. إذا كنا سنستبعد النظريات النحوية للمودستين، حيث إننا يجب أن نقوم بذلك فعلاً، لأننا يجب أن نرفض النظام الكلي للتفكير خلف نظرياتهم. وللقيام بذلك، فإننا نستجيب لقول فيرث إن أنظمة التفكير اللغوي مع مصطلحاتهم تقوم كلها بعمل إسهامات لسيمانطقيا العلم اللغوي"([xxxix]).
ومن المهم بشكل مكافئ، كما أشار فيرث مرة أخرى، تطبيق آليات السيمانطيقا على دراسة اللغة الفنية للعلم اللغوي أو العلم النحوي. ومن إحدى مشاكل دراسة شكل المذهب اللغوي، بغض النظر عن مدى كون متماسكًا حينما يتم استخدامه بفعالية، وغالبًا ما يكون من الصعب تمامًا إدراك الاستخدام الدقيق للمصطلحات الفنية لمثل اللغة الشارحة. لقد أصبحت أكثر صعوبة حينما تم استخدام المصطلحات الرئيسية بشكل مكثف ومن المحتمل بأكثر من طريقة. وازدادت الصعوبة بشكل أبكر حينما تم اتخاذ المصطلحات المدروسة من نظام واحد وتطبيقها بدون تفسير واضح، على الرغم من أنها غير مميزة بأي صورة عن نظام آخر. لقد أشار هاليداي Halliday للعلاقات المختلفة للمشاركين بكتابة نص في موقف لغوي. لقد واجهتنا هنا مجموعتان من العلاقات مثل دارس علم القواعد في العصور الوسطى ودارس علم اللغة الحديث([xl]).
وما زال هناك تعقيدًا آخر من خلال تفسير نية المؤلف في عمل تأكيدات معينة واستخدام مصطلحات فنية معينة. أشار هاليداي إلى أنه حينما يتم توضيح النص على ورقة فإن التأثير الإبداعي للكاتب ينتج من العلاقات المبينة بين "النص" و"القارئ" لكن ذلك هو ما يجب تجنبه في الدراسة النقدية للنظرية النحوية، خاصة تلك التي نتجت منذ عدة قرون مضت، ويجب ألا يكون هناك أي تساؤل عن المشاركة، ولكننا يجب علينا بدلاً من ذلك السعي لمعرفة نية المؤلف في استخدام المصطلحات الفنية([xli]).
لقد رجعنا مرة أخرى لرأي فيرث، وهو أن علم المصطلحات أصبح ضروريًا بواسطة نظام التفكير. وكيف يستطيع الدارس وضع نية المؤلف حينما يكون مسموحًا له بالوصول إلى الهيكل المجرد للنص وحينما يكون بحكم الظروف غير مدرك لأي من مقومات سياق الحال؟ كيف يقوم الدارس بتحليل معاني هذه المفردات الفنية حينما يواجه ارتباكًا واضحًا وزيادة الاستخدام؟ ومن أحد طرق تحليل المشكلة هو تطبيق ما يمكن أن يسمى "اختبار المصاحبة" collocation test. لقد أشار روبنز Robins بشكل صحيح إلى المصاحبة ليست مستوى عملي للتحليل بكل الكلمات، لكن الذي اتضح من خلال دراسة أي نص مودستي هو أن مصاحبة هذه المصطلحات الفنية يمثل سلاسل منظمة من الكلمات. وفيرث يشير إلى المصاحبة في سلاسل مرتبة تمثل إجراءً مهمًا جدًا في التحليل اللغوي والحجة هنا هي أن تلك المقومات تعد جزءًا مهمًا متساويًا في دراسة لغة الوصف اللغوي. ومن مشاكل ابتكار لغة فنية للوصف اللغوي هو تجنب ربط المصطلح بمعناه في لغة يومية. ويمكن أن يتحول هذا إلى فائدة للمحلل حينما يدرس لغة فنية لعالم قواعد آخر. والمعنى بواسطة المصاحبة يفرض من خلال التعريف أنه لن يكون هناك أي ملجأ للمصطلحات المتحولة. إن استخدام المودستين لمفرداتهم الفنية يمكن شرحه وفهمه بواسطة دراسة التنظيمات الضيقة والواسعة لهذه المصطلحات([xlii]).
كان المودستيون أكثر من كونهم متأثرين سطحيًا بالاتجاهات الفكرية المعاصرة، فهم لم يطبقوا فقط على نظرياتهم النحوية اللغة الفنية الخاصة بميتافيزيقا ومنطق metaphysics and logic العصور الوسطى لكن أيضًا مكونات ومفاهيم هذه الفلسفة. على الرغم من حقيقة أن المودستيين أصروا على الفصل الضروري للنحو والمنطق، فكان ضروريًا من حقيقة كونهم مناطقة وعلماء قواعد، أن يكون هناك درجة ملحوظة لتدعيم هذه الأنظمة"([xliii]).
أكدت ميتافيزيقا العصور الوسطى الارتباط الوثيق بين حقيقة الأشياء وإدراكها بالعقل. وهكذا فإن علم القواعد أصبح دراسة لتكوين هذه المفاهيم. لقد احتفظ المودستيون بنظام فئات الكلمة word-classes مثل ذلك الذي تم تطويره بواسطة بريسكيان Priscian ودوناتوس donatus وسعوا لإعادة وضع إطار لتعريفاتهم لهذه الفئات من الكلمة في ضوء اتجاهات ميتافيزيقا العصور الوسطى. وتم وضع عنصرين رئيسيين خلال عالم الأشياء وهما الاستمرار والملاءمة، واستخدم النحوي هذين العنصرين كوسائل لبناء nomen (وهو قسم دال على الكلام بواسطة شكل الكائن بدون خصائص مميزة) و verbum وهو قسم دال من الكلام بواسطة شكل العملية الزمنية، ومنفصل عن المادة التي يستند إليها) وparticipium (وهو قسم دال من الكلام بواسطة شكل العملية الزمنية، وغير منفصل عن المادة التي يعزي إليها). وبهذه الوسائل، فإنه تم تقسيم نظام فئات- الكلمة في اللغة اللاتينية، من خلال استخدام معايير ميتافيزيقية في هذه الفئات الخاصة بالكلمة التي مثلت المادة([xliv]).
ومع هذا، لجأ المودستيون إلى مصطلحات نظرية الفلسفة المادية للعصور الوسطى لوضع منهج ومصطلحات فنية ملائمة لتمييز الاسم Noun والضمير pronoun والفعل verb واسم المفعول (الفاعل). وليس هناك حاجة للإسهاب في الكتابة عن استخدام الفرق بين المادة matter والصورة from، الفعل والأداء بواسطة فلاسفة العصور الوسطى في تأكيداتهم بخصوص الجواهر substances، بين الاسم والضمير وأيضًا بين الفعل والضمير. لا يجب أن نتخيل أن المودستيين كانوا أغبياء أو على درجة عالية من السذاجة في أن يساووا المادة كأداة اصطلاحية بالمادة الأولى كمفهوم ميتافيزيقي. فاللغوي، كما أشار فيرث، دائمًا ما يوجه مشكلة استخدام أداة غير ملائمة مثل اللغة لتتكلم عن نفسها. ومن غير المعقول توقع أن الموستيين بنوا أفكارهم على أساس أن منطق الفصائل النحوية الصورية لبريسكيان لكي تكون ثابتة، أن تكون متضمنة لاستخدام المصطلحات الفنية للمنطق([xlv]).
2-    المودستيون استخدموا آليات الوصف اللغوي وفسروها في مواضع عدة عبر مؤلفاتهم. ونذكر هنا أن نظريتهم النحوية اعتمدت على دراسة الكلمات وخصائصها كعلامات (رموز) للأشياء القادرة على الإشارة العملية. وتم ذكر هذه الإشارة نحويًا بواسطة أقسام الكلام التي تتضمن فهم الشيء والتعبير عنه، والإشارة إليه، لكن الأداة النحوية الفعلية كانت تحليل أقسام الكلام إلى أشكال إشارية رئيسية عرضية([xlvi])
وكان هناك اعتماد كامل في هذه النظرية بين بنية الواقع وعمليات العقل، ولهذا فإن أقسام الكلام أصبحت الصيغة اللغوية لهذه المفاهيم. إن وضع أشكال للإشارة كان مرحلة مهمة في الإجراء النحوي المودستي. وعلى الرغم من أن المودستيين كانوا مقتصدين في استخدامهم الفعلي للجوهر والعرض كمصطلحات فنية، فإنهم تأثروا بوضوح بالتقسيم الذي تم التعبير عنه في مقولات أرسطو، وقسموا أشكال الإشارة إلى حقيقية وعرضية. ويجب أن نذكر هنا أن أحد المودستيين وهو سيجردي كوراتراي Siger de courtria استخدم هذا الفرق بطريقة مماثلة لتمييز الاسم والصفة، والاسم والفعل([xlvii]).
والتمييز بين الجوهر والعرض يستلزم التمييز بين act و potentiality الذي يحمل معه تمييز المادة والصورة. ولن ندرس التضمينات الفلسفية لهذه المصطلحات هنا، ويكفي القول أن تل المصطلحات استخدمها المودستيون كجزء من خطتهم الوصفية، رغم أن ذلك لا يعني بالضرورة أنهم يحملون دائمًا معهم مفاهيمهم الميتافيزيقية([xlviii]).
3-    هناك مشكلة موجودة دائمًا في تكوين النظرية اللغوية، مثل تلك الخاصة بعلم المصطلحات الفني، حيث إن كلمات معينة تكتسب قيمة فنية معينة حينما يتم استخدامها في سياق معين، وحتى على الرغم من أنها يمكن أن تمتلك طائفة من المعاني المختلفة في لغة الحياة اليومية. وبالتعامل مع موضوعات المصطلحات الفنية الحديثة لعلم اللغة، فإن المشكلة ليست واضحة مثلما يحدث حينما ندرس اللغة الفنية في الاتجاهات النظرية اللغوية لمدة طويلة في الماضي. إن كل أنواع الصعوبات نشأت بواسطة المودستين ومازالت موجودة حتى اليوم. والمثال الممتاز هو ذلك الخاص بـ"التوضيح" الذي استخدمه المدستيون بطريقة مختلفة تمامًا عن تلك المستخدمة حاليًا. ونشأت صعوبات أخرى من حقيقة أن المودستين كانوا نحويين تمامًا لكنهم في الوقت نفسه كانوا منطقيين وفلاسفة([xlix]).
وتنشأ صعوبة أخرى من الحقيقة الخاصة بالزمن؛ فالمودستيون استخدموا مصطلحات معينة بشكل كبير وأخرى بشكل غير متكرر أو في سياقات معرفة بسهولة. والأولى تمثل الصعوبات بالنسبة لدارسي النظرية النحوية المودستية. والدارس الحديث مشارك بشكل كبير في سياق الحال مثل الدارسين المودستين. ولكن لأن ظروف الحال مختلفة، وبسبب العديد من الأشكال الغامضة خلال السياق، فإن هذه المصطلحات غالبًا ما تكون صعبة جدًا وفي معظم الأحيان من المستحيل تفسيرها. ولفهم تلك المصطلحات، فإن الدارس الحديث عليه أن يلجأ للأداة اللغوية للمعنى بواسطة التنظيم. والفائدة العظيمة لهذه الطريقة هي بالطبع أن المناهج اللغوية والأدوات المستخدمة تحدد معنى هذه المصطلحات اللغوية([l]).
يمكن رؤية قيمة اختبار المصاحبة بشكل أفضل بواسطة دراسة مختصرة للمعنى. وهي وظيفة ثلاثة مصطلحات فنية؛ ratio  و consignificatio. المصطلحان الأوليان يحدثان بشكل أكثر تكرارًا ويمثلان مشكلة للدارس المطمئن حينما يستخدم نصه الأول مرة (النص الخاص به). والمصطلح الأخير يعد الأكثر أهمية، حيث إن وظيفة التخصيص كانت كرابط ضروري بين صنف الكلمة ودورها السياقي([li]).
المصطلح ratio يحدث بشكل أكثر تكرارًا في نوعين رئيسيين من المصاحبة يمكن استخدامه في مكان آخر بدون أي استخدام فني محدد. لقد استخدم المودستيون ratio كمصطلح فني من خلال اللغة الشارحة وعلى المستوى السياقي للحديث اللغوي. واستخدام المصطلح من خلال اللغة الشارحة يتضمن أيضًا استخدامه في وصف فئات الكلمة، لذلك فهناك درجة فعلية للتماثل في استخدامها في مراحل فئة الكلمة والسياق([lii]). ومعالجة توماس الإرفرتي Thomas of Erfurt للنحو يمكن إيجازها إيجازًا شديدًا بوصفها مثالاً للنظرية المودستية: الجملة المقبولة تقوم على ثلاثة أسس تشبه العلل الأرسطية الأربع:
الأساس المادي: وهو الكلمات بوصفها أعضاء للأقسام القواعدية.
الأساس الشكلي: وهو اتحادها في تراكيب مختلفة.
أساس الكفاية: وهو العلاقة القواعدية بين أقسام الكلام المختلفة الظاهرة في الصيغ التصريفية التي يستخدمها التركيب، ويفرضها عقل المتكلم.
الأساس الأخير: هو التعبير عن فكرة تامة([liii]).
7- عصر الآلة:The Machine age
يرى فيرث أنه يوجد ميل متزايد في عصر الآلة لاعتبار الإنسان مع الحيوانات الأخرى كآلة حساسة، ولشرح الجوانب المتعددة لسلوكه اللغوي على أنه آلية، آلية المنطوق، آليات علم القواعد والتأليف Composition. إننا ندرس عمل الأنواع المتعددة لطريقة السلوك الكلامي على أنها آليات فردية واجتماعية في المواقف المتكررة([liv]).
وعلى الرغم من أننا اعتبرنا أنفسنا أدنى بشكل ضئيل من الملائكة، فإننا لا زلنا نعاني من محاولات إثبات علاقة أصلنا بالقرود، ودائمًا ما نهتم بطبيعتنا الحيوانية. إن علم الاستجابات الانعكاسية reflexology الحديث يشرح آليات هذه الطبيعة الحيوانية. ونتذكر بافلوف Pavlov وكلابه... إلخ. وهكذا فهناك كم كبير من هذه الأشياء في آليات اللغة([lv]).
ومع ذلك يقول فيرث: "يجب ألا نعتقد أن كل الأفكار القديمة عن اللغة قد تغيرت الآن، بل على العكس، فإن بعض الأفكار الموجودة الآن بنفس قدم توت بالنسبة للمصريين"([lvi]). واستعرض فيرث مجموعة من الأفكار القديمة التي لا تزال موجودة في عصرنا.
8- الأفكار القديمة ما زالت مفيدة:
أ- السحر: Magic
يتعلم كل الأطفال من أجل الكلام في جو من السحر. فحينما تصل الاضطرابات الجسمانية لطفل إلى أذن المحيطين به، تتجه كل أنواع المشاعر نحوه وتكون في خدمته؛ قلق الأم، كبرياء الأب وتعهدات الخدم والجيران. وحينما يتكلم الطفل يحدث سحر في الهواء. وبهذا السحر الصوتي يتحرك الناس وتحدث أمور عدة، يتعلم أن له صوتًا في العالم وأنه يصنع به العجائب. وليس من المدهش أن يدرب نفسه على تلك الحرفة، على عملية البكاء ليحرك الآخرين ليعملوا في دائرته السحرية. ولا مجال للاندهاش من الإيمان بأن صرخات الإنسان تبتكر، وقد "ابتكرت" ولا عجب أنه يبتهج بما ينجز. ولا شك أن تلك القوة الخاصة بالكلام تنقل مشاعر قوية، وأضرارًا عامة، ورغبات عامة، ومخاوف عامة، وكل قوى الرأي العام. يمكن للكلام أن يطلق جيشًا من الشرور، وأن يخلق فوضى. إنه يتحكم أيضًا في القوى الكبرى، والاتحادات الكبرى، وفي الكتابة من خلال ما يحققه من فتوحات تخلق عالمًا جديدًا  للإنسان. "فالكلام" أداة اجتماعية سواء أكان له معنى أم لا، وفي مجال اللعب أو العمل فهو عمل، ومنتج، وخلاق([lvii]).
ب- الكلام واللغة واللباقة:
كان لتمييز دي سوسير بين "اللغة" و"الكلام" أثر على معظم من جاء بعده من اللغويين الذين اتخذوا في تحليلهم للغة هذه الثنائية حتى ولو بمصطلحات أخرى ولكن لها نفس الدلالة التي تضمنها تقسيم سوسير، ومن ذلك تقسيم هلمسيلف للغة إلى "النظام" System و"النص" Text "وتقسيم تشومسكي للغة إلى "الكفاءة" Competence و"الأداء Performance، وتقسيم ياكبسون للغة إلى "النمط" Code و"الرسالة" Masaege وتقسيم سايبر للغة إلى "الأنموذج" pattern والواقع الكلامي Reality.... ولذلك يقول فيرث: "إن الفرق بين "اللغة" و"الكلام" يعد شيئًا مألوفًا في الكتب الحديثة عن علم اللغة، وقد أثبت ملاءمته عمليًا بأشكال مختلفة"([lviii]).
واستخدم الهنود القدماء أيضًا فكرة متشابهة، حيث قالوا: إن الإنسان إذا كان يحتاج لشيء واحد لكي يتكلم فإنه يحتاج لأشياء كثيرة لمعرفة ما يقوله وكذلك القدرة على كتابته. وعلق أحد الكتاب من الهنود القدماء قائلاً: "إذا كانت الحروف ليس لها أجزاء، فهكذا لا يكون هناك حروف في الكلمة ولا يصبح للكلمة وجود وتكون منعزلة عن العبارة.. والكلام الجاد، أن المنهج النحوي لتحليل العبارة إلى أجزاء لا يعد شيئًا لكنه إجراء غريب. إنه يعد المصدر الفعلي لكل المعرفة، حيث إنه أدى لاختراع الكتابة". لقد أكد الهندوس الاختلاف الكبير بين "الكلام" و"معرفة الكلام" أو "اللغة المحللة"، بإرجاع التحليل الأول للكلام ومن ثم أساس الكتابة للإله إندرا Indra. "حاول إندرا استجابة لمطالبة الآلهة القيام بتقسيم الكلام ولأول مرة إلى عناصره التكوينية". وأمكن اعتبار ذلك فيما بعد كصورة للغة. وبشكل مماثل لحد ما، فإن أفلاطون ربط الكلام بعطارد، الدائم الحركة، ولدراسة شيء لم يتم إدراكه أو التقاطه أبدًا وإمساكه ما زال مستحيلاً. فكان هناك فلاسفة تعلموا أن كل شيء كان متغيرًا ومتقلبًا، وغير ثابت وظل الأمر كذلك لفترة طويلة. وقد تساءل أفلاطون على لسان سقراط: "كيف حينئذ يمكن أن يكون ذلك الذي لن يكون في نفس الحالة أبدًا، أن يكون أي شيء؟ من المؤكد أن ليس هناك معرفة تدرك ما ليس في تلك الحالة... ومن المؤكد أنه لايوجد شخص عنده إدراك يستطيع أن يؤمن بأن كل الأشياء تتدفق مثل القدور الناضجة الإيمان بأن كل الأشياء مثل الناس بالضبط المصابين بالزكام ويسرعون طيلة الوقت"([lix]).
وكحالة من الضرورة العملية نجد سقراط نوى القيا بما قام به إندرا مع الهندوس "أدرك كل تلك الحالات بواسطة المهارة العملية، قسمها لأجزاء (مثل الكلام) ولاحظ ما إذا كانت الكلمات قد تم توضيحها بشكل منظم حيث إنه إذا تم ترتيبها بشكل متناسق مع بعضها، فإن ذلك يكون أداء غير منهي". فكل منا يعلم أن الكلام ليس مجرد إثارة للضوضاء عشوائية. إننا نعتبر جميعًا كمتلقين لما نسميه اللغة، ونحن نعتبر بشكل مانحين للغة لهؤلاء الذين يتابعوننا([lx]).
والأسئلة الخاصة"بالتقلب" و"الثبات" ظهر دوريًا لألفى عام. وفي عام 1619 ظهرت المحاضرات الشهيرة لدي سوسير التي أبرزت الاختلاف بين "الكلام" و"اللغة". فلقد رأى أن الكلام يتلاشى في الهواء إذا تم تجاهل العلامات الواضحة في شكل صور بارزة. وأكد أن المادة الوحيدة الباقية لدراسة اللغة يجب أن تكون في الكتابة([lxi]).
ج- الكتابة واللغة الثابتة:
يرى فيرث أنه يستحيل دراسة الكلام بدون تحليل وتسجيل. ولذلك فإن أهمية التمييز بين أي جزء من الكلام الفعلي، لثانية واحدة في الهواء والتسجيل المحلل له بشكل دائم على الورق، متكونًا من حروف وكلمات، بتفكيكهم وتجميعهم معًا، يمكن تسميتها لغة يد وعين. وكما قال الهندوس، لقد كان الناس لديهم دائمًا موهبة الكلام، لكن هذا جعل الإله يحلله ويمنحه لهم في صورة لغة مكتوبة، حيث يمكنهم دراستها وحفظها. ولم تكن اللغة ثابتة فقط فترات زمنية معينة، حيث تصبح "قانونية". فليس الكلام هو المقدس، لكن الكتب هي المقدسة والكتاب المقدس هو الموحى به"([lxii]).
ويلخص فيرث ذلك فيقول: إن أي شيء تقوله أو تكتبه كفرد في موقف معين عن حالة خاصة هو الكلام. والكلام هو نشاط شخصي Personal activity يتفاعل مع قوى أخرى في موقف معين. إنه ديناميكي dynamic. واللغة هل كل الخلفية النموذجية لعلم القواعد والمعاجم والاستخدام. وحينما تتعلم الكتابة فإنك يجب أن تتعلم ما يتعلق بالكلمات والجمل و"البناء". واللغة هي علم رموز العناصر العامة في كلامك، وكلامي، الأمس، واليوم، والغد. فهي: على نحو ما، ثابتة (سكونية) لفترات محددة من الزمن"([lxiii]).
ويضيف فيرث "اللباقة" لهذين المجالين. ويعني "باللباقة" تعقيد الأساليب التي تحدد استخدام صور ملائمة من اللغة كعناصر وظيفية للموقف الاجتماعي. ومثل اللغة، فإنه يمكن ملاحظة اللباقة في العمل المثالي الطبيعي للكلام من خلال علاقته بالعوامل الأخرى في الموقف. وتم الإشارة على أحد جوانبها في بعض الأحيان على أنها "عبقرية اللغة" Genius of language. وبعض الناس يفضلون التفكير في اللغة واللباقة على أنها خلفية الذاكرة بالنسبة للكلام، حيث تجد المميزات الداخلية للعقل نفسها تشترك في الكلام الفعال. وفكرة "التنسيق" تساعد أيضًا على فهم تلك الطريقة الخاصة بدراسة أنماط اللغة واللباقة. وعلى الجانب الآخر فإن فعل الكلام يعد دائمًا مكونًا ديناميكيًا dynamic component في سياق معين([lxiv]).
د- الكلام المعياري "الفصيح":
إن ما قيل عن الموهبة القديمة والمقدسات للكتابة أو اللغة "القانونية"، يمكن تطبيقه جزئيًا على تلك الصور الخاصة بالكلام المرتبط بالقيم الاجتماعية social values. وقد تم حمل مثل تلك الصور الخاصة بالكلام بواسطة مجموعة أو نخبة elite وتم إعطاؤها الناس. وتعتبر إذاعة B. B. C. من خلال وجهة النظر هذه "مانحة للغة"([lxv]).
ففي اللغة كما في الأشياء الأخرى يجب أن يكون للناس آلهة، وأن يعتمدوا على السلطات. لقد نما علم الأصوات نفسه لخدمة لغتين مقدستين كلاسيكيتين، السنسكريتية والعربية. حتى في انجلترا فإنه صحح الطريقة القديمة في التهجئة من خلال مخطوطاته، وقدم صورة من الكلام تم استخدامها بفخر في أنحاء العالم([lxvi]).
إن اللغات المعيارية كانت توجد لدى النخب وتمنح لعامة الناس من خلالهم. لهذا، فليس من المدهش أن يسميها الأستاذ دانييل جونز Daniel Jones "النطق المتلقي"([lxvii]).

                       الهوامش



([i])     Firth, J. R, the Tongues of ,en and speech, London, Oxford university
 press, 1964, P. 3.
([ii])     loc- cit.
([iii])    loc- cit.
([iv])    Ibid, PP-3-4.
([v])     loc- cit.
([vi])    Robins, R. H: A short History of linguistics, P- 12.
([vii])   Firth, J. E, The Tongues of men and speech, PP- 4-5.
([viii])  loc- cit.
([ix])    loc- cit.
([x])     loc- cit.
([xi])    Ibid, PP- 5-6.
([xii])   loc- cit.
([xiii]Ibid, PP- 6-7.
([xiv])  loc- cit.
([xv])   loc- cit.
([xvi])  loc- cit.
([xvii])  loc- cit.
([xviii]) Sausseurr, F. F, course in general linguistics, Translated by wade Buskin, London, 1966, P. 12.
([xix]Firth, J. E, The Tongues of men and speech, P-8.
([xx])   loc- cit.
([xxi])  loc- cit.
([xxii]Ibid, P-g.
([xxiii]) loc- cit.
([xxiv]) loc- cit.
([xxv]Ibid, P- 10.
([xxvi]) loc- cit.
([xxvii])                                                                                                   loc- cit.
([xxviii])                                                                                                  Ibid, PP- 10-11.
([xxix]) loc- cit.
([xxx])  loc- cit.
([xxxi]) Ibid, PP- 11-12.
([xxxii])                                                                                                   loc- cit.
([xxxiii])                                                                                                  loc- cit.
([xxxiv])                                                                                                  loc- cit.
([xxxv])                                                                                                   Ibid, PP- 12-13.
([xxxvi])                                                                                                  loc- cit.
([xxxvii])                                                                                                 loc- cit.
([xxxviii])                                                                                                BURsill- Hall, G. L, "Nots on the semantics of linguistic Description" in "memory of J. R. Frith" ed by C. E. Bazell and othirs, Longmans, 1966 PP- 40- 41.
([xxxix])                                                                                                  loc- cit.
([xl])    loc- cit.
([xli])   Ibid, PP- 41-42.
([xlii])  loc- cit.
([xliii])  loc- cit.
([xliv]Ibid, P- 43.
([xlv])  loc- cit.
([xlvi])  loc- cit.
([xlvii]) Ibid, PP- 43-44.
([xlviii])                                                                                                   Ibid, PP- 44-45.
([xlix]Ibid, P- 46.
([l])     Ibid, PP- 46-47.
([li])     loc- cit.
([lii])    loc- cit.
([liii])   Robins, R. H: A short History of linguistics, PP-43- 44.
([liv])                                                                                                      Firth, J. E, The Tongues of men and speech, PP – 13-14.
([lv])    loc- cit.
([lvi])   loc- cit.
([lvii])  loc- cit.
([lviii]Ibid, P- 15.
([lix])   loc- cit.
([lx])    Ibid, PP- 15-16.
([lxi])   loc- cit.
([lxii])  loc- cit.
([lxiii])  loc- cit.
([lxiv])  loc- cit.
([lxv]Ibid, P- 17.
([lxvi])  loc- cit.
([lxvii]) Ibid, P- 18.

تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية

فيلوبريس على الفيسبوك

المواضيع الأكثر قراءة

فيديوهات فيلوبريس