موقف ديكارت بخصوص الهوية الشخصية:
لفهم موقف ديكارت بخصوص الهوية الشخصية لا بد
من الرجوع إلى إلى نص مهم في كتابه الشهير " التأملات الميتافزيقية " حيث نستنتج أنه
يؤكد على أن أساس هوية الشخص هو الفكر لأنه هو الشيء الوحيد الذي لا يقبل الشك.
و بالتالي يكون الفكر هو الشيء الوحيد الذي يظل ثابتا و يصلح كأساس تقوم عليه
الهوية الشخصية. فمن خلال هذا الكتاب أي " التأملات الميتافزيقية " يؤسس
ديكارت موقفه من خلال منهجه الشكي أو شكه المنهجي، و هكذا نجده في كتابه ، و في
التأمل الأول يتناول مبررات الشك المتمثلة في خداع الحواس و خطأ العقل.. فما دامت
الحواس تخدع {تجربة السراب، الحلم، تقاطع السماء و البحر ظاهريا...} و العقل يخطيء
{عمليات حسابية بسيطة مثلا} فمن الواجب ممارسة الشك المنهجي بهدف الوصول إلى يقين
أول يعتبر أرضية صلبة يؤسس عليها ما عداها... و عندما نشك في كل شيء نجد أن هنالك
شيئا واحدا لا يمكن الشك فيه و هو الشك ذاته، و يمكن إثبات الشك إعتمادا على الحدس
و البداهة، و ما دام الشك تفكيرا، فإن ما يثبت من خلال عملية الشك هو الفكر. و هذا مضمون التأمل الثاني: إثبات هوية الأنا
المفكر، من خلال الكوجيطو "أنا أفكر إذن أنا موجود"... حيث يبدو جوهر
الإنسان هو الفكر، أي أن هويته تتحدد من خلال الأفعال الفكرية الخالصة و المجردة
عن كل إحساس كالشك و الفهم و التصور... و هي أفعال لا تنفصل عن الهوية الإنسانية، بل
هي أساس وجود الإنسان و هويته، فالإنسان يوجد مادام يفكر، و إذا توقف عن التفكير
توقف عن الوجود… إن الإنسان إذن ذات مفكرة، لكن التفكير هنا هو الفكر الخالص الذي
يكون مجردا و قاطعا للصلة مع التجربة الحسية.
تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية