موقف جون لوك:
في كتابه "محاولة فلسفية في الفهم البشري"
نجد نصوصا لجون لوك يمكن من خلالها أن نستنبط تصوره بخصوص الهوية الشخصية. ففي
إحدى مقولاته نجده يعرف الشخص بأنه ذات مفكرة {كائن عاقل، قادر على الاستدلال و
التفكير}، غير أن مفهومه للفكر يختلف عن ذاك الذي نجده عند ديكارت، بحيث أن الفكر
لديه يتمثل في مجموع العمليات العقلية أو النفسية التي لا تنفصل أبدا عن الإحساس،
بل إن الفكر يكون مرافقا دوما بالإحساس. لذلك فأساس هوية الشخص، فيما يعتقد لوك،
هو الفكر المرافق بالإحساس أو ما يمكن أن نسميه التجربة الحسية {الفكر أو الوعي و الذاكرة باعتبارها أحاسيس أو مصدرها الإحساس}.. و
الإحساس عند لوك نوعان: إحساس خارجي يربطنا بالعالم المادي من خلال الحواس، و إحساس
داخلي من خلال ما يسميه بالتأمل أو الاستبطان.. و هكذا فلا فكر بدون إحساس بل
نستطيع الزعم بأن الفكر عنده إحساس، لكنه يتم على المستوى النفسي الداخلي. لذلك يعتبر
العقل عند لوك {و عند التجريبيين عموما} صفحة بيضاء لا توجد فيه الأفكار الفطرية،
و الإنسان يحصل على الأفكار فقط عندما يتكون لديه الإدراك الحسي…يقول لوك : "إنني
حين أدرك شيئا ماديا لا أدركه مباشرة ـ بواسطة العقل ـ بل أدركه بطريقة غير
مباشرة، أي عن طريق أفكاري عنه، هذه الأفكار هي ما أدركه مباشرة…". و لعل هذا
الموقف ينسجم تماما مع الفلسفة التجريبية التي تعطي أولوية للتجربة الحسية و
للإحساس على حساب الفكر أو العقل.
تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية