نص ج ب سارتر – ليس للإنسان طبيعة ثابتة
" تكاد تكون الفكرة التالية موجودة لدى كل المفكرين
و الفلاسفة تقريبا، إذ نجدها لدى ديدرو و لدى فولتير، بل حتى لدى كانط، و هي
الفكرة القائلة بان الإنسان ممتلك لطبيعة إنسانية، و أن هذه الطبيعة الإنسانية..
توجد لدى كل الناس، الشيء الذي يعني أن كل إنسان إن هو إلا مثال خاص لمفهوم كوني،
هو مفهوم الإنسان. و يترتب عن هذه الكونية لدى كانط، أن إنسان الغاب و إنسان
الطبيعة، مثلما هو الشأن كذلك بالنسبة للبورجوازي، يندرجون بالضرورة جميعا تحت نفس
التعريف و يمتلكون نفس الخصائص الأساسية. و لذا، فإن ماهية الإنسان هنا، سابقة على
ذلك الوجود التاريخي الذي نصادفه في الطبيعة.
على خلاف ذلك تعلن الوجودية {...} أن هناك على الأقل كائنا
يسبق الوجود لديه الماهية، كائنا يوجد قبل أن يكون بالإمكان تعريفه بهذا المفهوم
أو ذاك، و أن هذا الكائن هو الإنسان {...} لكن ما الذي نعنيه هنا بالقول بأن
الوجود سابق على الماهية؟ إن معنى ذلك هو أن الإنسان يوجد أولا و يلاقي ذاته، و
ينبثق في العالم، ثم يتحدد بعد ذلك. فإن لم يكن الإنسان، وفق ما تتصوره الوجودية
قابلا للتحديد {أو التعريف}، فذلك لكونه في البداية عبارة عن لا شئ. إنه لن يكون
إلا فيما بعد، و لن يكون إلا وفق ما سيصنعه بنفسه. و لذا فلا وجود لطبيعة إنسانية.
{...} إن الإنسان موجود فحسب، لا كما يتصور ذاته فقط، بل أيضا كما يريد أن يكون و
كما يتصور ذاته بعد الوجود، و كما يريد أن يكون بعد هذه الوثبة تجاه الوجود. إنه
ليس شيئا آخر غير ما يصنعه بذاته {...} إن الإنسان يوجد أولا، أي أن الإنسان في
البدء هو ما يثب نحو المستقبل، و ما يعي كونه يقذف بنفسه نحو ذلك المستقبل. إنه
أولا و قبل كل شيء مشروع يعاش بكيفية ذاتية {...} و لا شيء يكون في وجوده سابقا
على هذا المشروع ".
جون بول سارتر – الوجودية نزعة إنسانية
تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية