مفهوم الموت في
فلسفة سقراط
دكتور / عماد
الدين ابراهيم عبد الرازق
استاذ الفلسفة باداب بني سويف
يمثل الموت محوراً
هامًا في فلسفة سقراط ، و هو من الموضوعات المثيرة في فلسفته ، و لقد تعرضت
معظم المحاور السقراطية لهذا الموضوع. و
الموت يعني عنده انفصال النفس عن الجسد ،
بمعني أن يظل الجسد بمفرده ، و تكون النفس أيضا مستقلة عن الجسد و قائمة بمفردها. و
يحاول سقراط تفسير الموت تفسيًرا عقليًا في محاورة ( الدفاع) فيقول الميت يكون علي
أحد حالين إما أن يصبح عدمًا و لا يكون له إحساس كما هو الحال في حالة النوم ، و إما
بحسب ما يقال أنه يحدث تحول و هجرة للنفس من هذا المكان إلي مكان آخر. فالموت في
محاورة الدفاع هجرة النفس من الحياة الدنيا إلي الحياة الاخرة .و سقراط هنا يجعل
مستمعيه
بين اختيارين فإما أن يكون الموت هو نوم بلا أحلام أو أنه
عبور و هجرة لعالم آخر. و لذا فانه إذا كان حلمًا فانه يعد مكسبًا ، فانه مكسب أن أمضي
للقاء نهايتي بدون مسحة من الألم/ فهذا بلا شك كسب لكل إنسان غمرته المتاعب و
الهموم.
أما إذا كان هجرة من مكان إلي مكان آخر فانه سيكون خير أعظم.
و يؤكد سقراط علي حقيقة خلود النفس بعد الموت ، بمعني أن النفس لا تفني بفناء
الجسد. بل هناك حياة آخري بعد هذه الحياة الدنيا، و هذا ما يبرر إقدامه علي تجرع
السم ، و مواجهة الموت بشجاعة و إقدام و عدم الإنصات لأصدقائه بالهروب.من هنا الموت عند سقراط ليس
بنهاية ، لأنه لو كان تناهي ما كان ليحمل نفس المعاني التي يحملها باعتباره يجعل
النفس بعيدا عن الجسد و كأنه هجرة من مكان
إلي أخر.و هكذا يري سقراط أن الموت محض انتقال من حياة إلي آخري ، و النفس باقية
قبل الحلول في الجسد و بعد مفارقة الجسد. و يستدل سقراط علي ذلك بأدلة من التراث
الديني و التراث الثقافي. و في سياق حديث
سقراط عن الموت يشير إلي الانتحار و هو يعارض الانتحار، و يري أن الموت ليس بمعني
الانتحار ، أو إيذاء للنفس أو الموت بشكل إرادي من الانتظار حتى يحدث ذلك بيد
الاله الذي خلقنا ووهبنا الحياة وليس مبرر للهرب من هذه الحياة التي و هبها لنا
الاله. ومن الأسباب الهامة أيضا في شجاعة سقراط في مواجهة الموت هو انه من و جهة
نظره عدم التفكير في الحياة والموت لان هذه المسالة تحدث دون إرادة الإنسان و دون
تدخل منه.و لكن من المهم هو أن ينظر الإنسان فيما يفعل هل يفعل الصواب أم الخطأ .و
كذلك يقين سقراط أن هناك حياة آخري بعد الموت حياة خالدة باقية لا يعكر صفوها
الهموم و المتاعب و الصعاب كما هو الحال في الحياة الدنيا. فالنفس في الحياة الآخرة
تسعد بالهدوء و السكينة والرضا و العيش في سعادة، لذا اقبل سقراط علي تجرع السم في
مشهد ينم عن شجاعة وثقة بما بعد الموت من حياة خالدة ، لذا الموت لا يمثل لسقراط أي
قلق أو مشكلة بل علي العكس ستنطلق النفس إلي افاق عليا و تعيش حياة خالدة باقية
.لذا ضرب سقراط المثل الاعلي في الدفاع عن مبادئه
و الموت من اجل أهدافه. و خلد اسمه في
التاريخ الإنساني بأنه المدافع عن مبادئه و أهدافه، و سيظل سقراط اسمه خالًدا علي مر
التاريخ علي أنه قابل الموت بشجاعة و إقدام ، و لم يجزع لذلك .
تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية