الرغبة
و الإرادة – جيل دولوز
إذا
كانت الرغبة هي غياب الموضوع الواقعي، فإن واقعها ذاته، يكمن في "ماهية
للغياب" و هي التي تنتج الموضوع المتخيل استيهاميا. لقد عرض لنا التحليل
النفسي عمل الرغبة كإنتاج، لكنه إنتاج للاستيهامات.
ففي
مستوى أول من التأويل الذي يقترحه التحليل النفسي، نجد الموضوع الواقعي الذي
تفتقده الرغبة يميل إلى انتاج طبيعي و خارج عن الذات، في الوقت الذي تنتج الرغبة
داخل الذات موضوعا خياليا يعوض الموضوع المفتقد في الواقع كما لو كان وراء كل
موضوع متخيل موضوع واقعي، أو انتاجا عقليا وراء الانتاجات الواقعية...
فباختصار،
عندما نختزل إنتاج الرغبة في إنتاج الاستيهامات، حسب نظرية التحليل النفسي، فإننا
نقتصر على استخلاص كل نتائج التصور المثالي الذي يعرف الرغبة كغياب، و لا
كإنتاج...
{بالنسبة
لي}، إذا كانت الرغبة تنتج شيئا، فهي تنتج واقعا، و لا يمكنها أن تكون كذلك إلا في
الواقع... إن الرغبة لا ينقصها شيء، إن الرغبة و موضوعها يكونان شيئا واحدا.
فوجودها الفعلي هو الواقع ذاته. فليست الرغبة هي التي تستند على الحاجة، بل العكس
هو الصحيح، فالحاجات هي التي تشتق من الرغبة...
في
الحقيقة، يعمل الإنتاج الاجتماعي كما تعمل الرغبة، إنه إنتاج راغب. لهذا نقول إن
الرغبة تسري في مجمل الحقل الاجتماعي، الذي هو نتاج تاريخي لها. و في هذا السياق
لن يحتاج الليبيدو، كطاقة لتحقيق اللذة، إلى التسامي، و لا إلى أي توسط، و لأي
عملية نفسية، و لا لأي تحويل ليستثمر القوى الإنتاجية و علاقات الإنتاج. في الحقل الاجتماعي
إذن ليس هناك سوى الرغبة و ما هو اجتماعي كحقل للصراع، و لا يوجد شيء غير هذا.
جيل دولوز و فيليكس كاثاري، ضد أوديب، مينوي 1976 ، ص 34- 36
تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية