المغرب.. اللاأخلاقي



بقلم : يوسف عشي

المغرب.. اللاأخلاقي

" لكم في القبلات غزوات يا أولي الحريات" بمنطق الغزو اللاأخلاقي المبنين والمنضم.. وبروح هيئات المجتمع الحيواني التي تدعي المدنية تحولت الآية الكريمة في القول المنزل من قبل من لا ينسى ولا ينام.. والتي تتحدث عن القصاص باعتباره هو الحياة لمن لديه القدرة على الفهم {ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب} تحولت إلى قول مأثور وتعبير محافظ لا لزوم له..


وانطلقت المرافعات الشجاعة في محاولة لصنع بطولات لأبطال من شمع بداعي التشبث بقيم الحرية وحقوق الإنسان.. وتحول النضال من الميادين إلى المقاهي.. ومن الترافع عن القيم إلى الترامي في الأحضان وتقطيع الشفاه بالقبل أمام العيان.. تحول الوجه إلى ميدان للنضال.. وتحولت ملامحه وشفاهه إلى أدوات النضال.. عوض الأقلام أو الحجارة.. وعوض هز الشوارع بالتظاهر السلمي و بالهتاف..  تحول المشهد النضالي إلى  وضع لموائد للإفطار العلني في رمضان في الساحات العمومية.. وهز للبطون وتقبيل شفوي ،عفوا، واقعي أمام العادي والبادي( رعاكم الله)  بشكل واضح وضوح الشمس في نهار ليس جميلا هذه المرة، وليعذرنا فناننا الكبير بلخياط..

 وربما  أريد لهذا الوطن أن يتحول إلى ميدان واسع للدعارة القيمية والإستباحة الأخلاقية.. وحرية السداح مداح بلغة أشقائنا المصريين كان الله في عونهم.. ولأن كل إناء بما فيه ينضح، سارع هؤلاء الحكوكيين كي لا أخطئ فأدعوهم بالحقوقيين إلى نهج الحكمة الصادرة عن الإمام علي رضي الله عنه وكرم وجهه " كلمة حق يراد بها باطل"  سارعوا إلى إقامة الدنيا دون إقعادها بداعي وحشية الدولة وفساد القضاء نظرا لمحاكمته لقاصرين.. لطيفين.. مجرد مراهقين.. محبيين..- كما تقول أستاذة علم الإجتماع (يا حصرة) بظهر المهراز في برنامج بدون حرج بقناة ميدي1- أرادا فقط أن يعلنا عن حبهما أملا أن يوثقا لحظة الحب الحميم في ميثاق التواصل الاجتماعي الفيسبوكي.. ووفق هذا التوصيف، فهذه النيابة العامة اللعينة التي لا تراعي غضاضة هذين الطفلين تستدعى النضال ضدها وهدم آخر ما تبقى من حصونها الأخلاقية التي تلقب تجاوزا حسب هذه (الأستاذة) ومن معها  ب"قيم المجتمع".. حتى لا يصبح التقبيل على الملأ..فعلا لاأخلاقيا.. لأنه ببساطة صدر عن طفلين بريئين.. فلولا قيل في حقهما الآية الكريمة {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}؟
والحال أننا أمام موجة هدم حقيقية لآخر ما تبقى لنا من ثغور الممانعة بتعبير أستاذنا الكبير الدكتور المهدي المنجرة.. أمام تيار عالمي عولمي ارتأى أن يقيس كل شيء بمنطق السوق.. ويحول العالم ليس المادي فقط بل حتى العالم الأخلاقي إلى سوق تطغى فيه القيم المادية المغرقة في الواقع لدرجة العودة إلى حياة الحشود البدائية التي يصنفها الأنثروبولوجيون ضمن المجتمعات المشاعية ما قبل ذات الزعامة، والتي وضعها كارل ماركس نفسه في قاع سلسلة التطور التي يضع فيها المجتمع الاشتراكي في القمة..
هل هذا هو المغرب الحديث الذي تريده هي وأمثالها؟ .. مغرب العهد الجديد.. مغرب القرن الواحد والعشرين.. مغرب اللاأخلاق؟؟؟.. هل هذه هي القيم التي يُتبجَّح بذكرها في الشعارات؟؟؟.. كيف لمن يدعى الدفاع عن قيم الحرية والعدالة.. أن يستبيح لنفسه التغاضي عن حرية مجتمع بأكمله ويعلي عليها حرية فرد أو فردين؟؟؟.. كيف لمن ينشد العدالة أن يظلم مجتمعا برمته ويبرئ من انتهك أعمق أسسه وهو الأساس القيمي الأخلاقي.. هل صارت الطفولة حصانة؟ ولو انتهكت أعظم واجهات الحضارة " الأخلاق"؟؟؟
حري بنا أن نعتبر ونحن نسمع قسم النبي الكريم (ص) { والله لو فاطمة ابنة محمد سرقت لقطعت يدها} (حشاها أن تفعل وهي سيدة نساء الجنة..) أليس السرقة فعل لا أخلاقي.. ألا نرى يقينا أن السرقة أهون من انتهاك الحياء العام؟.. إن من يسرق يحرم شخصا أو مجموعة أشخاص  ظلما من حقهم.. لكن من يخرق نظاما أخلاقيا مجتمعيا يسلب المجتمع كله عفته وحريته.. فشتان بينهما.. ومع ذلك فالشرع لا يتوانى عن تطبيق العقوبة والقصاص بالحق لإحقاق العدالة كيفما ومهما كان أو كانت منزلة من ارتكب الخطأ.
منذ نعومة أظافرنا ونحن نسمع شعارا قويا صدع رؤوسنا حول الحرية يقول:" حرية الفرد تنتهي عند المساس بحرية الآخرين" وآخر"إحترم تحترم". بل إن كانط يعرف الإنسان ب"الكائن الأخلاقي".. ترى بماذا سيصف كانط هذين ال.. الآن.. بعد أن ناضلا فيسبوكيا لحذف الخاصية الماهوية الجوهرية التي اتخذها كانط كفصل نوعي طبقا لنظرية الحد في المنطق.. حتى لا تعود صفة "أخلاقي" صالحة لفصل الإنسان عن الحيوان مدام ينتمي لهذا الجنس..
يبدو أن المناضلين الحكوكيين ،عفوا، المحسوبين على الحقوقيين لم يراجعوا الدرس الكانطي الذي يربط الكرامة بالفعل الأخلاقي ، والفعل الأخلاقي بالإرادة الطيبة.. فليجبني أيهم:  متى كان خرق النظام القيمي للمجتمع يدل على إرادة "طيبة"؟؟؟
ربما يجد البعض أن التركيز على قيم المجتمع وترجيح كفته على حساب "حرية" الفرد يسقطنا في "ما قبل الحداثة" على اعتبار إنجازات وبطولات النزعة الفردانية بالقارة العجوز تاريخيا وقيميا وأخلاقيا ولا نحتاج إلى سرد الأدلة الكثيرة حول هذا.. حتى يصف ماكس سترنر المجتمع ب"عدو الفرد".. ليتم الضرب بالقيم المجتمعية عرض الحائط والمناداة بالأخويات.. وتغليبها.. بل وجعلها تعوض المجتمع. وكل من اطلع على التاريخ الحديث يدرك ما أدى إليه ذلك من هدم لإنسانية الإنسان حتى وصل إلى إنتاج الأفلام الإباحية بما تحمل من إذلال وتهجين لإنسانية الإنسان.. ووصل إلى عالم غربي يكتفي بالفرجة والتسلية بالمؤتمرات وصالات كواليسها الصاخبة والماجنة .. أمام عالم يذبح فيه الإنسان أخيه الإنسان بمنتهى الهمجية.. في مشهد همجي عدمي يحيل إلى موت الحضارة وموت الإنسان وموت كل شيء..
هل هذه هي القيم التي يراد لهذا البلد السعيد اعتناقها؟.. عله إذا ارتقى ما ارتقى أن يصل – مادمنا نتحدث عن الحيوانية- إلى درجة خروف يذبح بدم بارد سواء من خروف مثله أو "إنسان" من ذوي الدم الأزرق.. فهل هذا هو المغرب الحداثي الذي يريدون؟؟؟..
ربما بتنا لا نستوعب المفاهيم.. أو ربما لا نُستَحمر حينما يطلب منا ذلك.. وهذه جريمة في حق الإنسان.. إذ كيف للحيوان الأليف التابع في كل شيء حتى في التقبيل بل وفي طريقة وكيفية وعلنية التقبيل.. كيف لهذا التابع اللعين أن يتجرأ على عصيان أسياده ذوي الدم الأزرق؟  ويخرق ميثاق الحرية الفردية وينتهك غضاضة الطفولة.. ربما ما يرضي هؤلاء القوم بعد أن  يستعمروا ولا يحاسبون على نهبهم لبلداننا، و يغتصبوا أطفالنا ويعفى عنهم أو يخطئ أحدهم فيصبحوا طلقاء.. ربما يرضيهم أن لا نحاسب أطفالنا على هفواتهم الأخلاقية وبد ذلك نقدمهم للسياحة الجنسية - التي بات المغرب قطبا من أقطابها-  لتعلي من حريتهم الجنسية .. لم لا.. ما دامت الأمور في بلدنا السعيد.. صارت كما يعبر أشقاءنا المصريين "سداح مداح".   


تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية

فيلوبريس على الفيسبوك

المواضيع الأكثر قراءة

فيديوهات فيلوبريس