اعتقال أنوزلا: "المخزن يريد"...






بقلم: محمد بعدي




يطرح اعتقال الصحفي علي أنوزلا مجددا سؤال العلاقة بين الإعلام و السياسة في المملكة الشريفة... هذه العلاقة التي ظلت على الدوام في مد و جزر... حيث نجد الصحافي ينطلق من اعتبار ذاته ممارسا لسلطة تسمى "السلطة الرابعة"، و يعمل من ثمة على كشف و فضح و تعرية سلوكات السياسي التي تبدو له مجانبة لمصلحة المواطن... إنه يقوم بوظيفة المراقبة و الحراسة، و يشير بقلمه إلى مكامن الخلل و مواضع الفساد حتى يكون المواطن مطلعا على ما يجري، و حتى تقوم السلطات المختصة بالقيام بواجبها وفقا للقوانين المعمول بها... و بالمقابل يريد السياسي أن يوظف قلم الصحافي في تلميع صورته و حشد الأنصار و تعبئة الناس و تصفية الحسابات مع المعارضين... أو على الأقل يريد السياسي من الصحافي أضعف الإيمان المتمثل في عدم تجاوز الخطوط الحمر التي يرسمها.
في تجربة العلاقة بين السياسة و الصحافة في الواقع المعاصر للمملكة المغربية، نجد الصحافي الانتهازي الذي يلعب دور " الكاري حنكو"، و الذي ينبطح تماما أمام رجل السياسة و يلعب دورا فيه نوع من " الدعارة الإعلامية " الرخيصة و الممجوجة... هذا النوع من الصحافيين يتسلقون السلالم و تتم ترقيتهم و مكافأتهم على "قوادتهم" السياسية... أما النوع الثاني فيتمثل في ذلك الصحافي الذي يتصرف بنوع من "البراغماتية" أو "الواقعية" أو "العقلانية" بحيث أنهم يسلكون بنوع من الاعتدال في التعامل مع السياسيين و يعرفون جيدا كيف يتوقفون عند الخطوط الحمر و لا يتجاوزونها، و كيف ينحنون أمام العواصف السياسية و يبتعدون عن " كل ما من شأنه..." و عن " المس بالمقدسات..."، و يعلمون أنه يوجد أشخاص في منزلة "الآلهة": إما أن تعبدهم أو تبتعد عنهم. أما النوع الثالث فهو ذلك الصحافي العنيد الذي يتميز بنوع من الجسارة أو "الضسارة"، و لا يعترف بالتغطية بل "التعرية"... و يعتبر نفسه صاحب قلم حر لا يباع و لا يشترى، و يؤمن بمهمته و يمتلك الاستعداد للتضحية من أجلها...
ربما لن يكون كلامنا مجانبا للصواب إذا قلنا بأن الصحافي علي أنوزلا من الصحافيين القلائل الذين ينتمون لهذا النوع الأخير... و هذا ما تشهد عليه مقالاته في موقع "لكم"، حيث يقارب موضوعات يبتعد الكثيرون عن الخوض فيها، كما أنه يكتب بلغة جريئة غير عابئ بوجود " محرمات و ممنوعات"، بل يبدو كمن يكتب بقصد في مثل هذه الموضوعات... و قد استطاع من خلال مقالاته استمالة قراء كثيرين خصوصا بعدما تراجعت أسهم رشيد نيني في بورصة الكتابة الصحفية بالمغرب بعد تجربة سجنية مريرة... يبدو أنها "قلمت أظافره" إلى حد ما... و لعل تقليم الأظافر هو ما يسعى إليه  "المخزن" باعتقال علي أنوزلا... و ربما لن يكون رابط الفيديو الذي كان سببا في الاعتقال سوى مبررا أو فرصة استغلها بذكاء العقل "الغبي" لمتابعة الصحافي على ما كان يكتب و ما يمكن أن يكتب...  
نختلف مع علي أنوزلا في بعض ما يكتب و في رؤيته و تحليله و مقاربته لبعض المواضيع، لكننا نرفض اعتقاله مثل مجرم... خصوصا و أن الرجل لا مكان في كتاباته ـ في حدود ما اطلعنا عليه ـ لأية إشادة أو استحسان للسلوك الارهابي أو الدفاع عنه... و حتى إذا كانت هنالك تهمة ثابتة ـ و هو ما لا يوجد ـ فينبغي أن تكون المتابعة وفق قانون الصحافة.
 إن الصحافة المسبحة بحمد رجل السلطة و رجل الحكم لا تبني وطنا، لذلك ينبغي تمكين الصحافي من ممارسة مهمته ما دام محترما للقانون حتى يعيش كريما هذا الوطن.





تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية

فيلوبريس على الفيسبوك

المواضيع الأكثر قراءة

فيديوهات فيلوبريس