بقلم: هشام آيت باحسين
في هذا العرض سأتحدث عن
مسألة أساسية متعلقة بصياغة »علوم التربية» وأهم
المراحل التاريخية التي حصل فيها النقاش حول مفاهيم في هذا السياق مثل التربية،
البيداغوجيا، والتعليم. والمقال الأساسي الذي انطلق منه هو تحت عنوان «علوم
التربية» للمفكر Gaston Mialaret.
أشير بداية إلى أن صياغة
»علوم التربية» تم العمل
بها بشكل رسمي في الجامعة الفرنسية سنة 1967.
لقد كان التكوين في هذا المجال يؤدي إلى الحصول على
إجازة وماسترز في علوم التربية. لكن نرى أن البعض يتمنى الحصول إما على الماسترز
في التربية أو في البيداغوجيا. إذن حصل إشكال حول مسألة التسمية التي يحملها
الدبلوم. لذلك ف Mialaret
اعتبر أن اختيار عبارة «علوم التربية» ليس مجرد تسمية أو كما يقول ليس معطف جديد لممارسة
قديمة، بل إن الأمر أعمق من ذلك لأنه يعد من البوادر الأولى لحقيقة وواقع جديدين
في مجال التربية.
هذا الواقع الجديد برز نتيجة عدة تحولات عرفها تاريخ
تطور الفكر التربوي، وفي كل مرحلة من هذا التاريخ نصادف مصطلحا معينا، لذلك ارتأيت
في هذا العرض، ومن خلال مقالة Gaston Mialaret
حول علوم التربية أن أبين مختلف المراحل التي مر منها هذا المفهوم مع الأخذ بعين
الاعتبار مفاهيم أخرى أساسية تعبر عن مراحل معينة.وكل هذا فقط من أجل فهم جسر الانتقال
إلى عبارة »علوم التربية».
·
من المفاهيم الأساسية
التي احتد النقاش حولها وغاب الاتفاق فيها نخص بالذكر مفهوم التعليم Enseignement، مفهوم التربية Education ثم مفهوم البيداغوجيا Pedaguogie . في هذه المقالة ركز غاستون
ميالاري على مفهومين: مفهوم البيداغوجيا ثم مفهوم التربية.
I/- مفهوم البيداغوجيا :
البيداغوجي في العصر
اليوناني هو العبد الذي يرافق الطفل إلى المدرس، إلا أن المفهوم تطور فيما بعد ليدل
على المدرس وليس على العبد. وبالرجوع إلى مجموعة من القواميس والمؤلفات نجد أن
المفهوم برز بشكل أساسي في العصر الحديث، من بينها :
1-
»قاموس Robert» : يؤكد هذا القاموس أن
مفهوم البيداغوجيا ظهر سنة 1485
2- »قاموس Littré» يقر أنه ظهر سنة 1536 في المؤسسة المسيحية لكالفان
3- ثم نجد أن المفهوم
اعتمدته الأكاديمية الفرنسية سنة 1762.
بعد هذه
السيرورة التاريخية التي مر منها المفهوم انتشر بشكل واسع خلال القرن 19، فعرف
دوركايم »البيداغوجيا» باعتبارها »النظرية التطبيقية
للتربية».
هذه إذن هي أهم ملامح ظهور مفهوم البيداغوجيا.
II/-
مفهوم التربية:
هذا المفهوم لم يطله الغموض
بالدرجة التي عرفها مفهوم البيداغوجيا، أيضا فقواميس عدة أشارت لهذا المفهوم منها
:
·
»قاموس P.Foulquié» "Dictionnaire de la
tangue pédagogique ": يقترح تعريفا محددا لفعل التربية، وهذا الفعل
يتم إما بالعمل على إخراج الطفل من حالته البدائية، وإما العمل على إخراج القدرات
والمهارات الذاتية الكامنة فيه إلى الواقع.
·
المفكر Dauzat يشير إلى أن المفهوم استعمل في مؤلف »المرآة التاريخية» « Miroir historial » ل Jean de Vignay. ويضيف أنه استعمل في العصور
الوسطى في مؤلفات «تربية الأمراء» من طرف مربي أبناء الملوك.
·
يوجد المفهوم أيضا في »قاموس Antoine Furetière » بالتعريف التالي : »الاهتمام بتربية الأطفال
يقال عادة بمعنى تثقيفهم ذهنيا، إما بالعلم أو بالعادات الطيبة».
·
مع بداية القرن 20
اقترحت العديد من التعريفات لمفهوم التربية، نستحضر تعريفين أساسيين يعبران فعلا
عن تطور العلاقة التي تجمع بين المربي وتلامذته :
1- تعريف دوركايم (1911): »إنها العملية التي
تمارسها الأجيال الراشدة على الأجيال التي لم تنضح بعد لتعيش الحياة الاجتماعية،
وموضوعها هو إثارة عدد من الحالات الجسمية والفكرية والأخلاقية التي يتطلبها منه
المجتمع السياسي برمته، والوسط الاجتماعي الذي سيعيش فيه الطفل»
2- العصبة العالمية للتربية الجديدة: »تقوم التربية بتنمية الاستعدادات
لدى كل شخص باعتباره كفرد، وفي الوقت نفسه، كعضو داخل مجتمع يسوده التضامن. لا
يمكن فصل التربية عن التطور الاجتماعي، إنها تشكل إحدى ركائزه المحددة له».
تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية