بقلم: محمد بعدي
"
متى تدق طبول زواجنا؟" جملة كثيرا ما كانت ترددها سلمى، و كنت لسذاجتي أضمها
بحرارة، و كأنني أريد أن تسمع أذناها الصغيرتان دقات قلبي، كأنني أنهد لوضع قلبي
على صفحات كفها هدية بالمناسبة... و كانت لذلك تفتح قلبها على مصراعيه لهذياني، و
كأني بها تريد ألا تفقدني و إلى الأبد، إلى الأبد... كم كان قلبها رؤوما يكتنفني
كلما اشتكيت ألم جرح ثخين لم يندمل... آه ما أعظم سعادتي.. إنها هي السعادة، و قد
أرسلتها السماء بطواعية.. ملاك رحمة في يديه الشفاء، و إن كانت نظراته قاتلة...
علمتني الحب و أبهته، و كيف أنه يجعل الحياة الفلاة بستانا و جنة. قلت لها يوما و
قد جلسنا تحت ظلال الزيزفون: إنني لا أخشى غير القدر، أفرأيت لو قدر أن نفترق و
نحن ننعم بالحياة. و قبل أن تنبس ببنت شفة، يتناهى إلى مسمعي صوت صديقة لها: ما
أعظم حبها لك.. كأنها تتغذى به، كأنها تتنفس به، كأنها تحيا به... و تجيب أتراني
أكون طائعة لقدري إن كان غير الموت، أبدا، أنفترق و نحن أحياء؟ نرى و نسمع؟ ذلك
مستحيل إلا... فأستوقفها شفقة على عاطفتها الجياشة، و أمد يدي لأمسح دموعا تتشبت
بأهذاب جفونها، و لسان حالي يقول: نعم الوفاء، نعم التضحية، تسلمي لي يا سلمى، يا
ملاكا في زي البشر، يا روحا طاهرة نزلت من عالم الغيب... و لا تتمالك نفسها في تلك
اللحظة السحرية، لتقذف بنفسها بين أحضاني لنهادن الوقت كي لا يمر، و تفتح قلبها
مرة أخرى لشغبي.. و تعود لتسألني: ترى متى تدق طبول زواجنا؟
... يدوي صوت خافت على جنبات أذني: أتعرف يا بني...
اليوم خطب عندنا الحاج رضا، طلب يد سلمى لابنه، لكن قلنا له إنها مخطوبة، و عرسها
قريب... نطلب الله يا ولدي أن يعينك حتى تكمل دراستك، و تفرح و تفوز بعروسك.. و
يؤكد صديقي: الجمال سلعة مقبولة لدى المترفين، كيف غفلت عيونهم عن سلمى. و يستدرك:
لكنها تحبك بصدق، و لن تبيع ذاك الإكليل الذي زينته به الطبيعة إلا إليك...
تمر الأيام و الليالي، نلتقي، نتبادل الحب، نحيا في غابة
الجنون الجميل، في غابة الأحلام... أصبحت كل أيامي مع سلمى أحلام، أو حلم واحد
ألتذ به... لذلك ارتميت بكليتي في نوم عميق مع حلمي اللذيذ، و لم استفق إلا على
صوت الطبول و هي تعلن زواج سلمى من ابن الحاج رضا.
{كتبت القصة في المرحلة الثانوية}
{كتبت القصة في المرحلة الثانوية}
تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية