الإشكال : هل احترام الواجب نابع من سلطة المجتمع، أم ينبغي على الإنسان
الالتزام بواجبات تجاه الإنسانية جمعاء؟ هل الواجب يرتبط بكل مجتمع و يختلف من
مجتمع لآخر، أم انه مرتبط بالإنسان عموما؟
موقف دوركايم :
يؤكد أن المصدر الوحيد للواجب
الأخلاقي هو المجتمع، الذي يعتبر بمثابة صوت مجلجل داخل كل واحد منا، يأمر باحترام
الواجب، و تنفيذ هذا الأمر بشكل صارم، و دون مقاومة او تردد. إن المجتمع إذن هو
الذي يملي علينا كل سلوكاتنا و تصرفاتنا من خلال نظام التربية و من خلال عملية التنشئة الاجتماعية التي تجعل الفرد
داخل مجتمع ما يستدمج و يستدخل القيم و النماذج الثقافية و الالتزامات التي
يمررها إليه المجتمع الذي ينتمي إليه، و بالتالي يختلف أفراد مجتمع ما عن غيرهم من
أفراد مجتمعات أخرى تبعا لاختلاف نظم التربية و التنشئة. يقول دوركايم "
فضميرنا الأخلاقي لم ينتج إلا عن المجتمع و لا يعبر إلا عنه"، و من هنا يكون الواجب نسبيا يختلف باختلاف
المجتمعات.
موقف برغسون:
يعتقد أنه لا ينبغي أن نحصر مفهوم
المجتمع في بقعة الوطن الضيقة بل علينا أن نوسع منه حتى يشمل الإنسانية بكاملها
فنتحدث عن المجتمع الإنساني و بالتالي تكون الواجبات تبعا لذلك واجبات إنسانية
كونية. إن ربط الواجب بما يمليه المجتمع من أوامر صارمة يتردد صداها داخل الانسان عبر
سيرورة من التنشئة و التربية، ستكون نتيجته جعل الواجب نسبيا ، ما دام ما أراه
واجبا ، انطلاقا من تربيتي و تكويني الاجتماعي، قد لا يراه غيري كذلك تبعا أيضا
لتربيته و تنشئته الاجتماعية. لذلك ينبغي في نظر برغسون أن نتجاوز النظرة الضيقة للواجب و التي تربطه
بالحدود الجغرافية للمجتمع و ننفتح على القيم الكونية التي تجعل نظرتنا للواجب عابرة للحدود و تجعل
العلاقات الإنسانية في حال أفضل، حيث يسود السلم و التعايش بين المجتمعات و الأفراد،
لأن الواجب سيكون كونيا و الأخلاق كونية.
تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية