1
ـ الحقيقة و الرأي:
الإشكال: ما علاقة الحقيقة بالرأي؟ و هل يوجد فرق بينهما؟
موقف كانط:
يقول كانط: " فالرأي تصديق يعي عدم كفايته ذاتيا و
كذلك موضوعيا {...}، و عندما يكون التصديق كافيا ذاتيا و كذلك موضوعيا يسمى علما {حقيقة}".
يتبين من خلال هذا القول أن صاحبه يميز بين الحقيقة و
الرأي، ذلك أن الرأي لا يقنع لا ذاتيا و لا موضوعيا، أي أنه لا يقنع لا صاحبه و لا
الآخرين. و لعل السبب في ذلك هو أنه مجرد انطباع شخصي حسي يتسم بالتسرع و التلقائية،
و يكون سطحيا و عبارة عن معطى جاهز لا يخضع لتفكير متعمق و نظر دقيق... أما
الحقيقة فعلى العكس من ذلك ليست معطى جاهز، بل هي عملية بناء. و تبنى الحقيقة
الحقيقة حسب كانط من خلال عملي عنصرين اثنين و هما : الحساسية و الفهم. فالحساسية
تقدم لنا الجانب المادي للمعرفة و الحقيقة، باعتبار الحساسية هي قابليتنا لتلقي
معطيات الوسط الخارجي عبر الحواس. أما الفهم فهو قدرتنا على المعرفة، هذه القدرة
التي تعطي لمادة المعرفة صورتها الحقيقية.
موقف ديكارت:
يميز ديكارت بدوره بين الحقيقة و الرأي، و ذلك من خلال
التأكيد على أن الحقيقة تجاوز للرأي، لأنه غالبا ما يكون مكتسبا اعتمادا على
المعرفة الحسية الخادعة. أما الحقيقة فهي بالمقابل بناء عقلي منهجي منظم يقوم على الشك و على أساسين و هما: الحدس و الاستنباط، و
من خلال القواعد الأربعة: البداهة، التحليل، التركيب، و المراجعة و الاحصاء...
هكذا فالحقيقة ليست معطى جاهزا أو انطباعا حسيا، بل هي بناء منهجي عقلي يتأسس على
الشك الذي يهدف في نهاية المطاف إلى التخلص من الآراء باعتبارها معارف و مكتسبات
حسية جاهزة.
تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية