الزمان الفلسفي مؤلف جديد للدكتور علي محمد اليوسف




الزمان الفلسفي



صدر للمفكر والفيلسوف العراقي المعطاء الدكتور علي محمد اليوسف عن دار غيداء أربعة مؤلفات فلسفية جديدة، تغني الخزانة الفلسفية العربية بمنتجات فلسفية متميزة وأصيلة، أولها هو المؤلف الموسوم ب"الزمان والفلسفة"، وقد جاء الكتاب في تسعة عشر فصلا كما يلي:

 

المحتويات

المقدمة

 الفصل الأول: التحقيب الزماني في الفلسفة

 الفصل الثاني: الوعي والأشياء في جدلية الزمن

الفصل الثالث: جاستون باشلار: جدل الزمن النفسي

الفصل الرابع: برجسون: ميتافيزيقا الزمن والنفس

الفصل الخامس: أفلاطون وأرسطو: التحقيب الزماني

الفصل السادس: الزمان والطبيعة

الفصل السابع: الزمان والجدل

الفصل الثامن: الزمان النفسي والجوهر

الفصل التاسع: جاستون باشلار: المعرفة والمكان

الفصل العاشر: سايكولوجيا المادة وازلية الجوهر

الفصل الحادي عشر: الإسقاط النفسي والزمن

الفصل الثاني عشر: سايكولوجيا الذات والزمان

الفصل الثالث عشر: هيجل والفكرة المطلقة

الفصل الرابع عشر: اللغة ونظرية المعنى في تغييب السيسيولوجيا

الفصل الخامس عشر: نظرية المعنى في فلسفة العقل واللغة

الفصل السادس عشر: الوعي والوجود

الفصل السابع عشر: جدل الجدل والمجانسة النوعية

   الفصل الثامن عشر: شذرات فلسفية إشكالية

   الفصل التاسع عشر: كلمات وشذرات فلسفية

 

وقد جاء في مقدمة الكتاب:

المقدمة

الاهتمام بالزمان فلسفيا تعود اصوله الى 2650 – 2600 ق.م من قبل المفكر متباح حتب الفرعوني المصري القديم، كما كان الزمان مثار اهتمام الفلسفة الهندية التي كانت متداخلة مع الديانة الهندوسية في طقوس عبادية متعالقة مع لغة صمت متسام روحي في النرفانا الصوفية. وفي فلسفة الهندوس الزمان دورات تستغرق الواحدة منها أربعة ملايين وثلاثمائة وعشرين سنة. كما عالجت الكونفوشوسية الصينية في الطاوية والبوذية والزن أهمية الزمن في معتقداتهم.

لكن أهم ما يلفت الانتباه بإعجاب شديد هو ما جاءت به قبائل الأنكا البدائية في البيرو التي اقامت أروع حضارة فيما بعد التاريخ المدوّن الذي عرف الكتابة هي حضارة الأنكا في بيرو(1438 – 1533),  وكانوا يؤمنون بحقيقة الزمان والمكان شيئا واحدا اطلقوا عليه باشا pacha, وليس غريبا ما قامت عليه فلسفة كانط في كتابه الشهير (نقد العقل المحض) على نفس هذا التداخل الزمكاني ولا يعني هذا بالضرورة أن كانط كان مطلعا متأثرا على ما جاءت به حضارة الأنكا البدائية القديمة في حقيقة أن المدرك شيئيا يكون مدركا زمكانيا وأنه كما تقول قبائل الانكا لا يمكن إدراك انفصال الزمان عن المكان وهو فتح متقدم مثير للإعجاب الشديد بمقاييس الفلسفة المعاصرة معالجتها آلية الادراك..

كما شغل مفهوم الزمان فلسفيا معظم فلاسفة اليونان لعل في مقدمتهم كان هيراقليطس وبارمنيدس وصولا لاهتمام أفلاطون وارسطو ومن بعدهم فلاسفة الرومان والعصر الهلنستي 320 ق.م. أفلوطين وأوغسطين دخولا في القرون الوسطى التي ساد فيها انواع من الملاحقة والسجون واشكال التعذيب والتهم بحق من يقولون خلاف ما تقول به الكنيسة الكاثوليكية حول مركزية الارض قبل الثورة الكوبرنيكية عام 1543 التي أعقبها مسار كلا من عباقرة الفلك وعلماء الرياضيات برونو وغاليلو وكبلر وأخيرا نيوتن في تبديلهم المعتقدات الخاطئة الراسخة في أذهان الناس عن الكون ومركزية الارض بدلا من مركزية الشمس المستمدة من ارسطو.

علاقة الزمان بالمكان والطبيعة وعشوائية تنظيم المكان لعشوائية الزمان حسب نظرية افلاطون وارسطو استعرضتها في ثلاث مباحث من مجموع اثنتي عشر مبحثا في الزمان احتواها هذا الكتاب، وكان تركيزي على جاستون باشلار الذي تناول في كتابه (جدل الزمن) علاقة النفس الرومانسية في الاستذكارات الماضية الجميلة منطلقا في تحييده الزمان تحت خدمة رغائب النفس، حيث فتح أمامي فضاءا واسعا في علاقة الزمن بالفلسفة من وجهة نظر علم النفس والادراك الذاتي وعلم فسلجة وظائف العقل.. كانت قراءاتي لفلسفة باشلار في معالجته تداخل الفلسفة بالعلم تأكيدا لي أن باشلار كان فيلسوفا تستهويه الميتافيزيقا برومانسية ناعمة.

كما تناولت التفريق الفلسفي بين تحقيب الزمان الأرضي باختلافه عن الزمان الكوني في أعقاب إختراع أنشتاين نظريتيه النسبية الخاصة 1905, والعامة سنة 1915 اللتين غيرتا مفهوم الزمان جذريا. حيث إعتبر الزمان بعدا رابعا للمادة الطول والعرض والارتفاع مضافا له الزمن ثم أثبت انشتاين مشاركة الزمان خاصية المادة في التمدد والانكماش بما أذهل علماء الفيزياء الكونية الكوانتم. وهذا يعتبر أخطر اكتشاف توصله العقل البشري من حيث أن إضافة خاصية مادية للزمان تفتح مغاليق احتمالات إدراك الزمان تجريديا.

يصعب عليّ إستعراض مباحث الكتاب (19) مبحثا في تنوعها الفلسفي الثري في هذه المقدمة السريعة، وأستطيع الجزم بأني وفيّت موضوعة الزمان الفلسفي حقّه حتى على الصعيد الميتافيزيقي في تعالق الزمان كما في الاشكالية الفلسفية التي بذر افلاطون وارسطو بذرتها الاولى تلك الإشكالية هل الزمان مخلوقا جوهرا سابقا على وجود الطبيعة أم العكس هو الصحيح وبتلازمهما ندرك أحدهما بدلالة الآخر. وأيهما نفهم بدلالته تنظيم (العشوائية) في المكان أم في الزمان؟ حيث يذهب افلاطون الى أن المكان ينظم عشوائية الزمان في الأسبقية لوجود الطبيعة كمعطى غير مخلوق اولي ثابت لا يتغير موجود من خالق على عكس الزمان المخلوق من خالق حسب فلسفته. بعيدا عن التصور الذي يرى في الزمان تنظيما وجوديا يحتوي المكان في تنظيمه الإدراكي له.

بهذا من غير المرجّح أن يكون أفلاطون كان يدرك انتظام الطبيعة في القوانين العامة الثابتة التي تحكمها بها مثل الجاذبية وحركة الذرات وقابليتها على الانشطار وقانون الاشعة السينية وقانون الكهرومغناطيسية وغيرها. والتي لا يتوفر الزمان امتلاكها وراء هذا الجزم القاطع لأفلاطون أن انتظام المكان هو الكفيل بتعديل عشوائية الزمن على خلاف ما يعتقده العكس الكثيرون أن عشوائية المكان يتحول انتظاميا مدركا بدلالة مطلق الزمان الثابت الماهية.

بالحقيقة سيجد القارئ في مباحث الكتاب تناولي الزمان الفلسفي في مواضيع متنوعة عددها (12) مبحثا تمثل علاقة الزمان بالوجود من مجموع تسعة عشر مبحثا يخرج بالتنوع من دائرة تلك الحلقة، علاقة الزمان بالذات، علاقة الزمان بالتحقيب الارضي كتاريخ وعلاقته الإختلافية مع المطلق الزماني الكوني كمطلق تجريدي لا يمكن تحقيبه. علاقة الزمن بعلم النفس، وعلاقة الزمن بالخيال والذاكرة، ولا ننسى تعالق العقل والادراك بالزمان وغير ذلك من ترابطات علائقية مع الزمان احتوتها مباحث الكتاب وتمت مناقشتها بمنهج نقدي فلسفي على مستوى عال يوازي ويقاطع أفكار فلاسفة كبار في مناقشة فلسفية هادفة.

كما في جميع مؤلفاتي السابقة لا أعتمد معالجة تعدد المواضيع الفلسفية التي أتناولها بأسلوب كتابة هوامش وعروض سطحية بلا أدنى جهد نقدي مضاف مبذول لي كما نجده عند معظم الباحثين في عجزهم استثارة الحس النقدي لدى المتلقي, بعيدا عن المنهجية النقدية التي أنا ألتزم بها تمام الالتزام من منطلق كل شيء في الوجود ندركه هو نسبي الصح ويطاله النقد والتقويم, وهي المنهجية النقدية المادية التي ابتعدت فيها عن الحيادية العاجزة في الطرح الفلسفي الناقد في غياب وجهة نظر المؤلف الفلسفية فيما يتناوله من بحوث لفلاسفة كبار لا نريد غمط حقهم الابداعي لكن ليس على حساب تعويم حقنا في النقد المنهجي المتزن لهم في مقارعة الحجة بالحجة وصولا لصوابية الطرح الفلسفي الرصين وتحديد مطاولته البقاء الفاعل للأصلح معرفيا في تطور تاريخ الفلسفة في مراكمة غير خاطئة ولا مغلوطة..

أسلوبي المنهجي النقدي هو في عدم الركض اللاهث وراء المصطلحات الفلسفية المترجمة بحرفية مشوّهة يمّجدها العديدون ممن يشتغلون في المجال الفلسفي خاصة في الترجمة التي كما يصفها المثل الايطالي بحق الترجمة جوهرها لغة خيانة المعنى. وهو مبدأ متعارف عليه أن لغة الترجمة دائما ما تكون قاصرة محدودة التعبير أمام ترجمتها جمالية ومعنى النص الاصلي في لغته الاولى. والترجمة مهما كانت أمينة مثابرة في نقل النص المترجم بدقة تبقى عاجزة عن ترجمة روحية النص بلغته الاصلية وهو ما يتمثل في الشعر والفلسفة.

أجد أهمية الاشارة أني عمدت في نهاية الكتاب تثبيت مقالات فلسفية منوعة ممثلة بحكم وشذرات فلسفية ومأثور القول، بعضها لكبار الفلاسفة عرضتها بأمانة الناقد الملتزم الحقيقة الفلسفية التي تحتاج ملاحقة مناقشة تثبيت الصواب في كل مقولة فلسفية في المداخلة النقدية الهادفة من قبلي لها. وبعضها الآخر يمّثل وجهة نظري وتجربتي بالحياة.

وختمت الكتاب في ملحق فلسفي منوّع توزعته المواضيع الفلسفية التالية: اللغة ونظرية المعنى في تغييب السيسيولوجيا، نظرية المعنى في فلسفة العقل واللغة، الوعي والوجود. هيجل والفكرة المطلقة. جدل الجدل والمجانسة النوعية وغيرها.

لا أرغب تقريض مواضيع ومباحث الكتاب الفلسفية بما أنصفها أنا بلا موضوعية حيادية بها قبل القارئ بل أستطيع القول باعتزاز نابع من الثقة بالنفس فلسفيا والثقة بالقارئ الحصيف أن اسلوب معالجتي المنهجية النقدية الفلسفية تجعل الكتاب يحمل بصمة السهل الممتنع اللغوي بعيدا عن تعبير التخريجات اللغوية الطلسمية وتقعرات اللغة في الغموض والاستعصاء المستتر خلف خواء مضموني فلسفي فارغ يركض لاهثا مكدود الانفاس في نقل افكار هو لا يعرف الكاتب معنى تفسيرها فكيف بمهمة توصيلها للمتلقي؟ مواضيع هذا الكتاب كفيلة أن تعطي القارئ الحقيقة لها أو عليها في توخي هدف استثارة نزوع الشك النقدي لدى القارئ المتلقي الذي ما فتئت أسعى إليه في غالبية مؤلفاتي الفلسفية خاصة المتأخرة منها التي أجدها أكثر نضجا من سابقاتها... مع المودة والتقدير


تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية

0commentaires:

إرسال تعليق

فيلوبريس على الفيسبوك

المواضيع الأكثر قراءة

فيديوهات فيلوبريس