الترجمة والتأليف الموسوعي في النهضة العربية

 

الترجمة والتأليف الموسوعي في النهضة العربية

                            10 أكتوبر 2020

          ابن الحاج عز العرب

فهرس:

ملخص

مقدمة

      ـ حال العالم العربي قبل حملة نابليون

       i.            حركة الترجمة في مصر

      ـ حركة الترجمة إبان الحملة الفرنسية على مصر.

      ـ الترجمة في عهد محمد علي باشا.

1.    المرحلة الأولى: من أول العهد إلى الجديد إلى سنة 1835.

2.    المرحلة الثانية: من 1831 إلى 1835م.

3.    المرحلة الثالثة: إنشاء مدرسة الالسن.

     ـ ملاحظات عامة حول أنواع الترجمات.

     ـ إشكالية نقل المصطلحات إلى العربية.

     ـ أثر الترجمة في المجتمع المصري.

    ii.            الترجمة في بلاد الشام.

v    سوريا

v    لبنان

  iii.            التأليف الموسوعي.

ـ بطرس البستاني.

ـ محمد فريد وجدي.

ـ قائمة بأهم الموسوعات العربية

خلاصة

قائمة المراجع.

 

 

 

ملخص

 في البداية وصف لحال الوطن العربي قبيل الترجمة، ثم بعد ذلك تم التطرق إلى الترجمة إبان حملة نابليون على مصر مع ذكر بعض أعلام هذه الفترة من المستشرقين، ثم الترجمة في عهد محمد علي لكون مصر هي التي عرفت حركة ترجمة حقيقية بنية الإصلاح، وفي هذا الإطار تم استحضار أسماء بعض المترجمين وأعمالهم، ثم إرسال محمد علي للبعثات الطلابية إلى فرنسا من أجل تعلم علوم الغرب وترجمتها، ثم تسليط الضوء على مدرسة الألسن التي تعتبر أول مدرسة للترجمة في العالم العربي، كما تم تخصيص بعض الفقرات لأثر الترجمة على المجتمع المصري وصعوبات النقل التي واجهها المترجمون خصوصا في نقل المفاهيم العلمية، أما فيما يخص مسألة الترجمة في الشام فقد تم تقديم نموذجين: سوريا ولبنان، وفي الأخير تم التطرق لمسألة التأليف الموسوعي ودورها في إثراء اللغة العربية لمجاراة اللغات الحية من خلال نماذج رائدة، بالإضافة إلى جرد بأهم الموسوعات العربية, وتجدر الإشارة إلى أن هذا الموضوع شاسع جدا، وقد تم  تسليط الضوء على أهم حركتين في عصر النهضة العربية وهما الترجمة والتأليف الموسوعي اللتان أسستا للفكر العربي المعاصر وغيرتا معالم القرن العشرين.

مقدمة

     استيقظ العرب على وقع حملة نابليون على مصر سنة 1798 م، فلأول مرة منذ زمن طويل لم تطأ العالم العربي الإسلامي قدم الغرب في إطار الاستعمار. فرغم قصر مدة هذه الحملة فقد خلفت أثرا بالغا على العالم العربي الإسلامي، فأدرك أنه متخلف بالمقارنة مع الغرب، لذلك طرح السؤال نفسه؟ لماذا تقدم الغرب؟ وكيف السبيل إلى اللحاق بالغرب؟ هل بالعودة إلى السلف أم بالانفتاح عليه والأخذ منه والنهل من علومه؟ وهنا انقسم المنظرون إلى تيارات، هناك من رأي في الغرب المنقذ، وهناك من رآه في السلف الصالح، وهناك من دعا للانفتاح دون نسيان الثوابت، وبالتالي كانت الترجمة، أي ترجمة علوم الغرب سبيلا لمعرفة ما يدور في العالم الغربي. 

حال العالم العربي قبل حملة نابليون على مصر.

كان العالم العربي قبل حملة نابليون غارقا في الانحطاط، بالمقارنة مع العالم الغربي، فحتى إذا زار البلاد العربية سائح من العالم الغربي يتعجب لهذا التأخر والانحطاط وقد كتب السائح الفرنسي "مسيو فولني" ما يلي: "إنّ الجهل في هذه البلاد عام شامل، مثلها مثل سائر البلاد التركية، يشمل الجهل كل طبقاتها، ويتجلى في كل جوانبها الثقافية، من أدب وعلم وفن. والصناعات فيها في أبسط حالاتها، حتى إذا فسدت ساعتك لم تجد من يصلحها، إلاّ أن يكون أجنبياً‍[1]. كما يتحدث المؤرخ عبد الرحمن الجبريتي (1754 ـ 1825) عن الحالة الفكرية في الأزهر، في منتصف القرن الثامن عشر، من خلال تلك القصة التي وقعت أحداثها في القاهرة بين الوالي التركي "أحمد باشا"، والذي بعثه السلطان والياً على مصر سنة 1749م، وبين شيوخ الأزهر الذين حضروا لتهنئته بالولاية.. "فتكلم معهم وناقشهم وباحثهم، ثم تكلم معهم في الرياضيات فأحجموا، وقالوا: لا نعرف هذه العلوم!"[2]

وقد بدأ العالم العربي يحس بالضعف عندما لم يستطع مقاومة المد الغربي في إطار المنافسة الاستعمارية على بلاده، كما أن حملة نابليون على مصر تركت أثرا عميقا في الفكر العربي، فلأول مرة سيتم تقسيم العالم العربي إلى الشرق والغرب، من خلال مستعمر غربي كافر كما درج الفقهاء على تسميته، لذلك كانت ردود الأفعال متباينة اتجاه الغرب. وقد جاءت الآراء متباينة: هناك من دعا إلى الإحجام عن الغرب ومقاطعته والتشبث بالقديم والتقاليد، وهناك من دعا إلى الاقتداء بالغرب والأخذ من علومه، وكانت الترجمة والتأليف الموسوعي سبيلا للنهوض من الانحطاط.   

  I . حركة الترجمة في مصر:

     لم يكن لحركة الترجمة أيام المماليك من أثر يذكر، وفي مقدمة الأسباب التي جعلتها كذلك يومئذ أمران: الأول تحول شؤون التجارة الخارجية بين مصر والخارج عن طريق السويس والبحر الأحمر إلى طريق رأس الرجاء الصالح.

الثاني : الفوضى التي كانت تسود الديار المصرية يومئذ، حتى لقد هجرها رجال العلم والفن من شرقيين وأوربيين، فانقطعت بهذا الهجران الأواصر الفكرية بين الشرق والغرب وفترت الترجمة فتورا واضح الأثر.

  حقا أنه كان يعيش في القاهرة والإسكندرية وغيرهما من المدن المصرية جاليات أوربية، ولكنها كانت قليلة العدد، وكان أفرادها من التجار الذين وفدوا إلى مصر لاستثمار تجارتهم فحسب، فكان أثرهم في الترجمة مقصورا على مصالحهم التجارية والخاصة، وكانت كلما جدت لهم مشكلة في تجارتهم وسطوا فيها قناصلهم بينهم وبين (البكوات) فتولوا فضها كل بواسطة ترجمانه، ومن ثم فالترجمة الصحيحة العامة لم تظهر في مصر إلا في عهد الاحتلال الفرنسي.[3]  

   وهكذا استيقظت مصر من سباتها الطويل، ولكن يقظتها لم تكن تلقائية رفيقة هادئة، بل لقد كانت يقظة عنيفة مفاجأة دفعت إليها دفعا، وكانت الأضواء التي حملها الفرنسيون معهم ـ أضواء السلاح والحضارة والعلم ـ قوية براقة، كادت تغشى لها عيون المصريين، ولم يتمالك كبير من علمائهم ـ وهو المؤرخ المعروف عبد الرحمان الجبرتي أن يعبر عنها حين زار مكتبة الفرنسيين بقوله: ولهم فيه أمور وتراكيب غريبة، ينتج منها نتائج لا تسعها عقول أمثالنا.[4]

ـ الترجمة إبان الحملة الفرنسية على مصر:

    كان الهدف من فتح مصر من قبل الفرنسين هو السيطرة على طريق الهند لعرقلة الإنجليز حتى يضطروا إلى قبول الصلح، وتكلف بونابارت بتنفيذ هذه الخطة، ومن بين العوائق التي اعترضته مسألة اللغة والتواصل مع أعيان مصر فكان جنرالات بونابارت يستدعون بعض المستشرقين والمتخرجين من مدرسة اللغات التي أنشأها لويس الرابع عشر، وكانوا يتقنون اللغة الفارسية والتركية أكثر من العربية.

  أهم الأعمال المنجزة إبان هذه الحملة:

·         القيام بمهمة المترجم Intérprete : احتاج بونابارت وكبار قواده إلى من ييسر لهم الاتصال بالشعب، فكان هؤلاء فرنسيون ولاحقا شرقيون.

·        ترجمة الوثائق الرسمية والإدارية: فقد وزع بونابارت قبل نزوله إلى البر منشورا يكفل حق العقيدة... وقد تولى فانتور ترجمة هذه الوثيقة. وهذه الأخيرة أول عمل اخرجته مطبعة عربية في الشرق.

·        ترجمة الكتب العلمية: بالرغم من الأعمال الإدارية التي اثقلت كاهل المترجمين، استغل بعضهم أوقات فراغه القصيرة، لتحسين الكتابة العربية أو مناقشة رجال الدين، أو ترجمة دواوين الشعراء، أو بعض المؤلفات العربية العلمية والدينية.

ــ مترجمو الحملة وبعض أعمالهم.

    ـ المستشرق فانتور Jean Michel venture De paradis

 ولد بمرسيليا سنة 1739م وكان أكبر المترجمين سنا، وتعلم اللغات الشرقية في مدرسة اللغات بكلية لويس الأكبر، وطاف بالبلاد الشرقية نحو أربعين سنة قام بمهمات ديبلوماسية دقيقة بالقاهرة والمغرب وتونس والجزائر...اختاره بونابرت ليكون كبير المترجمين للحملة الفرنسية، ومستشاره الخاص... ذكره الجبرتي بقوله: "إن فانتور هذا ترجمان ساري عسكري الجيوش الفرنسية، وكان لبيبا متبحرا يعرف اللغات التركية والعربية والرومية والطلياني والفرنساوي".  ومن أهم أعماله رغم أنه لم ينشر في حياته شيئا تاريخ المماليك، وترجم أيضا كتابا للشيخ مرعي بن يوسف الحنبلي، وترجم نزهة الناظرين في تاريخ من ولي مصر من الخلفاء والسلاطين....

ـ المستشرق جوبير Lours –Amede Jaubert 

     اختاره بونابارت للسفر معه إلى مصر بتوصية فانتور.

المستشرق مارسيل ـ Jean Joseph Marcel

ولد سنة 1776 كان صحافيا وكانا خبيرا في الطباعة. وقد الف قاموس فرنسي عربي وضم أكثر من أربعين ألف كلمة ونشره سنة 1898، وترجم مقتطفات من اثار أشهر شعراء العرب وكتاباتهم الى الفرنسية. وترجم كتاب تحفة المستيقظ العانس في نزهة المستنيم والناعس.

 ديلابورت Jacques – Dgnis Delaport

ولد سنة1771 وتوفي سنة1861

 بيليت Belletete ou Belleteste

ولد في أورليانس سنة 1788، انضم الى الحملة الفرنسية سكرتيرا ومترجما في القيادة العليا، عاد الى فرنسا بعد اصابته واشترك في تاليف كتاب تخطيط مصر.

براسيفيش Damien Bracevich

كان يشتغل مترجما بطرابلس الشام، وألحق مديرا بالشؤون المالية في الحملة الفرنسية.

 وهناك مترجمون آخرون: ك براسيفيش Damien Brcevich، بانهوسنPanhusen ، رينو Jean Renno، الأب روفائيل دي موناكيس Dom Raphael De Monachis. .

 ـ الترجمة في عهد محمد علي باشا.

       سادت الفوضى في مصر على أثر خروج الفرنسيين، وأصبحت البلاد ميدانًا للدسائس والمنازعات السياسية والحروب الأهلية، وقد أهمل العلم وانطفأت مصابيحه، ولما تولى محمد علي باشا الحكم "أدرك منذ اللحظة الأولى التي تولى فيها عرش مصر لابد من رسم سياسة إصلاحية جديدة لانتشال الكنانة من وهذا الخراب والفساد التي تردت فيها طوال العصر العثماني، ورأى أن السبيل القويم للإصلاح هو الاتجاه نحوى الغرب والاقتباس من نظمه والنقل عن علومه، وخطا نحو تنفيذ هذه السياسة الإصلاحية خطوات مختلفة، فبدأ باستخدام الأجانب والاستعانة بهم، ثم ثنى بإرسال المصريين في بعثات إلى أروبا ، ثم ثلث بإنشاء المدارس الجديدة في مصر على  النظام الأوربي، ولتدريس هذه العلوم والنظم الجديدة، وكانت وسيلته الكبرى في كل هذه المحاولات هي النقل عن الغرب أي بالترجمة.[5]

   كما  كان طموحه هو تحديث الجيش، والإدارات، ومؤسسات الدولة بالفنيين والمهندسين والأطباء متأثرا بالفرنسيين، وقد كتب أحد الكتاب : «لا نغلو إذا وصفنا عصر محمد علي من جهة النهضة العلمية بأنه عصر الترجمة والتعريب.[6]

1 ـ المرحلة الأولى: من أول العهد الجديد إلى سنة 1830 تقريبا.

      لقد أراد محمد علي لجيشه أن يكون حديثا لذك استقطب العديد من المهندسين والتقنيين من الغرب، لذك كانت الحاجة إلى مترجمين يتواصلون مع جيشه. وقد استخدم محمد علي لهذا الغرض بعض النازلين من السوريين والغربيين، ولكن عانت هذه المرحلة من قلة الأيدي، لأن المترجمين كانوا نادرين، كما كانت الكتب لا تطبع في مصر بل في الأستانة (اسطنبول)، كما أن لغات التدريس تعددت وهذا راجع لعدم ثبات الدولة على سياسة واحدة، ففي البداية استعملت الإيطالية وبعد ذلك الفرنسية، بالإضافة إلى أن البعثات الأولى توجهت نحوى إيطاليا وعندما تراجع نفوذ إيطاليا اتجه نحو الفرنسية.

   تميزت هذه الفترة بتزايد الضغط على المترجمين لقلة خبرتهم وتخصصهم، ومن ثم كانت الحاجة ماسة إلى المترجمين أكثر كفاءة، وألحق بكل مدرس أجنبي مترجم، فكان الأستاذ يلقي درسه والمترجم يترجمه للطلبة[7].

  وبالمجمل فقد ركزت هذه المرحلة على ترجمة الكتب المدرسية الإيطالية والفرنسية إلى اللغة العربية أو التركية.

  2 ـ المرحلة الثانية امتدت من 1831م إلى 1835م.

    استعان محمد علي باشا بعددٍ من الأجانب؛ لتنفيذ البرنامج الذي وضعه لإنهاض مصر، ولكنه لم يكن يستطيع أن يستمر على هذه الحالة فأرسل المصريين إلى أوروبا ليتعلموا بغية أن يحلوا محل الأجانب حتى إذا عادوا جعلهم أعوانًا ومساعدين للأجانب، ثم قلدهم إدارة المصانع والمدارس والدواوين، وطلب إليهم ترجمة الكتب النافعة. على أنه لم ينتظر عودتهم إلى مصر ليكلفهم أعمال الترجمة؛ بل أمرهم بالشروع فيها وهم يتلقون العلم في العاصمة الفرنسية، وإذا أمر الباشا بشيء، أراد تنفيذه على الوجه الأكمل[8].

   وبالمجمل فأهم ما يميز هذه المرحلة هو الاستغناء بشكل تدريجي عن المدرسين الأجانب في مصر، ثم تكليف أفراد البعثة بالترجمة أثناء دراستهم، وبعد ذلك قررت الحكومة المصرية إنشاء مدرسة الألسن سنة 1835م.

   3 ـ المرحلة الثالثة: إنشاء مدرسة الألسن.

   ورد في الوثيقة المؤرخة 28 ربيع الأول سنة1251 هـ ، الصادرة من مجلس الملكية المصرية إلى ديوان الخديوي ما يأتي: «جاء في تقرير ناظر المجلس أنه بظل الحضرة الخديوية صار فتح المدارس وتدريس العلوم والفنون، فآتت ثمرتها، وإن جناب الخديوي رأى أنه يقتضي فتح مدرسة للترجمة من اللسان الفرنساوي للسان العربي نظرًا لأهمية ذلك، وأنه قد وقع الاختيار على سلاملك سراي المرحوم الدفترداربك؛ ليكوِّن مدرسة تستوعب خمسين طالبًا، تسمى مدرسة المترجمين، وأن يعهد برياستها للشيخ رفاعة، وأن ينتخب أولئك التلامذة مناصفة من القسمين: البحري، والقبلي ممن يقرأ ويكتب، بشرط أن يكون صحيح البنية، وسنه ما بين أربع عشرة سنة إلى ثماني عشرة، وأن يكون عارفًا بلسانه الأصلي، وقد تقرر إرسال رفاعة ومعه حكيم لانتقاء التلامذة المطلوبين، فقرر المجلس أن يكتب لديوان الخديوي لكي يكتب للمديرين بمعاونة الشيخ رفاعة الطهطاوي على مهمته هذه، وأن يحاط مفتشا الوجهين، القبلي والبحري، سليم باشا وعباس باشا، علمًا بذلك.[9]

   ولما شرعت الحكومة في تنفيذ ما اعتزمته من ترجمة الكتب الأجنبية في العلوم والفنون المختلفة، عولت على أعضاء بعثاتها الأولى فجعلت منهم مترجمين، ودفعت إليهم كتبًا في علوم وفنون قد لا تمت بصلةٍ إلى الدراسة التي تلقوها في أوروبا، وكانت تستحثهم دائمًا على الجد والإسراع في الترجمة حتى بلغ من تعجل الحكومة أن خصصت لهم غرفة، وجعلت مفتاحها بيد من لا يدعهم يبرحونها حتى يتموا ترجمة ما عهد إليهم ترجمته، وإذا أظهر أحدهم قصورًا وادعى مرضًا ألحق بزميل له قدير على الترجمة ليعاونه ويمرن على يديه أو نزع منه الكتاب إلى آخر[10].

 إذن فقد جاءت مدرسة الألسن من أجل ترجمة العلوم من الفرنسية إلى العربية، وإعداد المترجمين وأيضا إعداد التلاميذ للمدارس الخصوصية، وتخريج أطر الإدارات.

   فالملاحظ في هذه الفترة أن المشتغلين بمدرسة الألسن كان يصعب عليهم ترجمة الكتب العلمية أو لنقل عاجزين عن ذلك. ورغم ذلك فكانت لديهم مميزات ومعايير في ترجمة الكتب كالسرعة في العمل، والدقة، وحسن التجليد. كما  كانت في هذه المرحلة بعض الصحف مهتمة بالترجمة كصحيفة الوقائع المصرية التي أنشأت سنة 1828.

 كشف ببعض أسماء الطلبة الذين انضموا إلى مدرسة الألسن 1846-1847.

الاسم

الوظيفة

محمد مصطفى البياع

محرر الرسائل الأوروبية

خليفة محمود

مترجم

أبو السعود أفندي

كاتب ومترجم ومؤسس جريدة وادي النيل ومعلم تاريخ

محمد عبد الرازق

مترجم

عبد الجليل

مترجم، وصار سكرتيرًا خاصًّا لإسماعيل باشا

إبراهيم مرزوق

شاعر ومستخدم بالسودان

شحاتة عيسى

أرسل إلى فرنسا في بعثة سنة

حنفي هنو

أرسل إلى فرنسا في بعثة سنة

محمد الحلواني

مترجم

عبد الرحمن أحمد

مترجم

حسن فهمي

مترجم بالسكة الحديدية

أحمد عبيد

أرسل إلى فرنسا للالتحاق بالمدرسة الحربية

رمضان عبد القادر

مترجم

حسن الجبيلي

مترجم

سعد مجدي

معلم ومترجم

محمد السمسار

مترجم بالسويس

محمد القوصي

مترجم بمصلحة جوازات السفر

حسنين علي الديك

معلم ومترجم

عثمان الدويني

كاتب وقاض

حسن الشاذلي

التحق بالمدرسة المصرية بباريس

أحمد عياد

مترجم

عطية رضوان

معلم ومترجم

محمد زهران

معلم

[11]

 المترجمون الذين مارسوا الترجمة حرفة، وكانت لهم شغلًا شاغلًا، هم:

 الشيخ رفاعة بك رافع الطهطاوي.

    رفاعة بن بدوي بن علي بن رافع الطهطاوي، ولد في طهطا سنة 1801 وتوفي في القاهرة سنة1873، وانتظم في سلك الطلبة بالجامع الأزهر، وقضى فيه ثماني سنوات، وجاهد في المطالعة والدرس جهادًا حسنًا، فلم يمض عليه بضع سنين حتى صار من طبقة العلماء الأعلام، وفي سنة 1824 عين واعظًا وإمامًا في أحد إلايات الجيش النظامي، ولما جاء عهد البعثات العلمية كان من حسن توفقه أن اختاره محمد علي باشا ضمن أعضاء البعثة الأولى، وعينه إمامًا لهم للوعظ والصلاة، ويقول علي باشا مبارك: «إن محمد علي طلب إلى الشيخ العطار (شيخ الجامع الأزهر) أن ينتخب من علماء الأزهر إمامًا للبعثة الأولى يرى فيه الأهلية واللياقة، فاختار الشيخ رفاعة لتلك الوظيفة «فهو إذن لم يكن مرسلًا ليكون طالبًا، ولم يكن مطلوبًا من إمام البعثة أن يتعلم «علوم الفرنسيين» وأنظمتهم، ولقد كان معه ثلاثة أئمة آخرون للبعثة فلم تتحرك نفس واحد منهم للاغتراف من مناهل العلم في فرنسا، ولم يتجاوزوا حدود الوظيفة التي شغلوها[12]

وترجم رفاعة بك في عهد محمد علي باشا مؤلفاتٍ كثيرة عدا ما صححه من أعمال سائر المترجمين، ومن مترجماته:

·         نبذة في تاريخ الإسكندر الأكبر.

·         تقويم سنة 1244 تأليف المسيو جومار.

·         كتاب دائرة العلوم في أخلاق الأمم وعوائدها.

·         تعريب كتاب المعلم فرارد في المعادن النافق لتدبير المعايش، استخرجه من الفرنسية إلى العربية.

·         مقدمة جغرافية طبيعية.

·         قطعة من كتاب العلامة ملطبرون في الجغرافية (وهو الجزء الأول من الكتاب، ترجمه وهو في باريس.)

·         قطعة من عمليات الضباط.

·         نبذة في علم الهيئة.

·         أصول الحقوق الطبيعية التي يعتبرها الإفرنج أصلًا لأحكامهم.

·         نبذة في الميثولوجيا.

·         نبذة في علم سياسة الصحة.

·         الجغرافية العمومية تأليف المسيو فيكتور أدولف ملطبرون الجغرافي الفرنسي. ترجم منه أربعة مجلدات كبيرة (ويظهر من مطالعتها أنه ترجمها على عجل، إذ أنجزها في ظرف شهرين)

·         كتاب قلائد المفاخر في غريب عوائد الأوائل والأواخر. ترجمه وهو في باريس.

·         جغرافية صغيرة ترجمها من اللغة الفرنسية.

·         الجغرافية العمومية ترجمها من الفرنسية، وشاركه في حسن السبك والنظم الشيخ محمد هدهد الطنتدائي.

·         تاريخ قدماء الفلاسفة.

·         التعريبات الشافية لمريد الجغرافي. انتخب فيها خلاصة الكتب الجغرافية الفرنساوية المطولة، وهو مجلد ضخم ترجمه من الفرنسية إلى العربية لتدريس الجغرافية في المدارس المصرية، وأضاف إليه أيضًا إيضاحات واسعة.

·         جغرافية عمومي في كيفية الأرض.

·         المنطق تأليف De Dumarsais «دي دومارسي».

·         تاريخ المصريين القدماء.

·         أنوار توفيق الجليل في أخبار مصر وتوثيق بني إسماعيل من تأليفه … جمعه من التواريخ القديمة والجديدة، عربية كانت أو غير عربية، فيما يخص أزمان مصر، مما يتعلق بالمدنية والعسكرية من الوقائع.

·         كتاب إتحاف الملوك الألبا بتقدم الجمعيات في بلاد أوروبا. ترجمه عن كتبٍ أوروبية.

·         مبادئ الهندسة «ترجمة كتاب ساسير» .

·         مواقع الأفلاك في وقائع تليماك. تأليف الكاتب فينولون رئيس أساقفة كمبراي، نقلها من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية مع بعض التصرف وهو في الخرطوم، وأعيد طبعه في بيروت.

·         ترجمة مونتيسكيو.

 ـ  يوسف فرعون.

  يعتبر من أقدم المشتغلين بنقل الكتب الطبية من الفرنسية إلى العربية، وكان كثيرًا ما يشترك مع الدكتور بيرون في النقل والضبط، وتوفي في أواسط القرن التاسع عشر، وله مترجمات كثيرة منها:

·         التوضيح لألفاظ التشريح البيطري. ترجمه من الفرنسية.

·         رسالة في علم البيطارية.

·         تشريح بيطري للمؤلف جيرار.

·         رسالة في علم الطب البيطري.

·         التحفة الفاخرة في هيئة الأعضاء الظاهرة (طب بيطري). ترجمها من الفرنسية، عقد الجمان في أدوية الحيوان. ترجمه من اللغة الفرنسية، وصححه وهذبه وأطلق عليه هذا الاسم: مصطفى حسن كساب. الكنز المختار في كشف الأراضي والبحار. ألفه أحد المستشرقين الإفرنج في زمن محمد علي باشا نقله إلى اللغة العربية يوسف فرعون.

·         المادة الطبية البيطارية،

·         نزهة الآنام في التشريح العام (طب بيطري)، وهو مختصر.

·         الأمراض التامة البيطرية.

·         تحفة الرياض في كليات الأمراض (طب بيطري).

·         في علم الفيسيولوجيا (طب بيطري).

·         منتهى البراح في علم الجراج.

·         الأمراض الظاهرة في الطب البيطري.

·         نزهة الرياض في علم الأمراض.

ـ يوحنا عنحوري

لم نقف على ترجمته، ولكنا عرفناه من آثاره، وما نقله من الكتب في هذه النهضة، وهو من أقدم المترجمين، ولم يكن محسنًا للفرنسية إحسانه الإيطالية. فإذا كان الكتاب مؤلفًا باللغة الفرنسية ترجموه له إلى الإيطالية أولًا، ثم ينقله هو إلى العربية، وقد ينقلون له بالإملاء، وهو يدونه ثم يترجمه، ومن أهم أعماله:

·         القول الصريح في علم التشريح.

·         بتولوجيا، يعني رسالة في الطب البشري.

·         منتهى الأغراض في علم شفاء الأمراض، ترجمه من اللغة الإيطالية وصححه محمد الهراوي

·          رسالة في علم الجراحة البشرية، (وترجم من اللغة الفرنسية).

·         رسالة في علم الطب البيطري.

·         بلغ البراح في علم الجراح تأليف الدكتور كلوت بك، صححه محمد الهواري.

·         الطبيعة على أشكال.

·         الأزهار البديعة في عالم الطبيعة، تأليف المسيو بيرون معلم الكيمياء بمدرسة الطب زمن المرحوم محمد علي باشا، ترجمها من الفرنسية يوحنا عنحوري المدعو بحنين مترجم مدرسة الطب مع مساعدة المؤلف «جزآن»:

الجزء الأول: العلوم الطبيعية.

الجزء الثاني: في الكائنات الجوية.

·         علم النباتات.

وهناك مترجمون أخرون ك: محمد عصمت، محمد بيومي، محمد عبد الفتاح، محمد هيبة، أحمد حسن الرشيدي، أوغوست سكاكيني، إبراهيم النبراوي (بك)، حسين غانم الرشيدي، مصطفى السبكي بك، عيسوي النحراوي......

ـ ملاحظات عامة حول أنواع الترجمات.

    بعدما عرضنا للأسباب التي دعت مصر للترجمة، ومراحل الترجمة وأهم أعلام الترجمة، يبقى السؤال مطروحا لماذا لم تحقق مصر التقدم المنشود؟

ربما الجواب سيأتي من خلال هذه الملاحظات العامة حول طبيعة الترجمة والكتب التي كانت محببة لمحمد علي، والكتب التي كانت تلقى صدى أنذاك.

" هناك كتب كثيرة ترجمت تحقيقا لرغبة محمد علي، أو لرغبة إبنه إبراهيم باشا في بعض الأحيان، وهي في الغالب إما كتب تبحث في الحكم ونظمه، وسياسته ككتاب الأمير لماكيافيلي... أو كتب في التاريخ... أو كتب فيها تعريف بالدول الكبيرة كإطاليا...، وكانت تترجم الكتب خصيصا للمكتب العالي من أجل تعليم أبناء الطبقة الحاكمة.

 وقد ترجم المترجمون من عدة لغات، وقدا بدأ هذا الأمر السوريون في مصر وكانوا يشركون شيوخ الأزهر في الترجمة بحجة أن ترجماتهم رديئة تحتاج إلى تقويم : ولهذا لم يكن المترجم ينفرد بالترجمة وحده، ثم  يقدم الترجمة للشيخ المصحح ليقوم بتصحيحها وحده، بل كان الرجلان يجلسان معا ، فيمسك المترجم بكتابة، والشيخ بدفتره، ويبدأ الأول جملة جملة، ثم يمليها على رفيقه، وهما في أثناء ذلك يتشاوران، ويراجعان الأصل."[13]وحتى عندما عهد الى طلاب البعثة لم يزل هذا التقليد، بل ظل المترجمون ملازمون من طرف شيوخ الأزهر. كما كانت لجن تراجع كل كتاب قبل طبعه ونشره. كما أن المترجمين لم يكونوا متخصصين في المواد التي يترجمونها، فتلاحظ طبيب يترجم في الجغرافيا ورفاعة يترجم في جميع الفنون، كما أن الكتب لم تكن تترجم كلها بل فقط لأغراض محددة.

   بالإضافة إلى أن المترجمين كانوا انتقائيين يترجمون فقط ما يردون، مثلا هذا ما حدث مع رفاعة حينما قال في مقدمته :" ولما كان هذا الكتاب المذكور غير مقصور على مجرد نقل العوائد بل هو مشتمل على استحسان واستقباح بعضها أشار على مدير التعليم المذكور (مسيو جومار) أن أحذف ما يذكره مؤلف الكتاب من الحط والتشنيع وعلى بعض العوائد الإسلامية، أو مما لا ثمرة لذكره في هذا الكتاب"[14]

  ـ إشكالية نقل المصطلحات إلى العربية.

   واجهت المترجمين إشكالية نقل المفاهيم العلمية إلى اللغة العربية وحتى التركية. لذلك عادوا الى الكتب العربية القديمة بغية إيجاد مرادفات للمفايهم العلمية في اللغات الأجنبية. غير أن العلم الأوروبي قد أوجد علوم جديدة وأكتشف عالما جديدا. ونأخذ على سبيل المثال التاريخ والجغرافيا الأوروبية اللتان كانتا غنيتان بالأسماء التي لم يعرف لها العرب طريقا، لذلك كان المترجمون يبقون على تلك الأسماء مثلا نجد رفاعة يقول في التعريبات الشافية": واعلم أنه قد تمر عليك أسماء بلدان أبقيناها على أسمائها الفرنساوية، إما لاشتهارها في هذا العهد بتلك الأسماء، كجزيرة سرنديب، فإنها الان تسمى جزيرة "سيلان"، واشتهرت عند عامة الناس بهذا الاسم، وجزيرة " صقلية " فإنها اشتهرت باسم جزيرة "سيسيليا"..."[15]، وأكثر من ذلك فإذا لم يجدوا للفظ المترجم مقابلا ترجموه، وإذا لم يجدوا له معنى عرفوه وفسروه حسب معناه في لغته الأصلية، يقول رفاعة في مقدمة كتاب "المعادن النافعة" :" وقد فسرت مفرداته على حسب ما ظهر لي بالفحص التام، وما تعاصى منها حفظت لفظه، ورسمته كما يمكن كتابته به، وربما أدخلته بعض تفسيرات لطيفة."[16] ويمكن اعتبار أن رفاعة هو مبتدع هذه الطريقة وتبعه أخرون في ذلك كطلاب مدرسة الألسن.

وهذه نماذج لمصطلحات التي لم يجدوا لها مقابلا في اللغة العربية:

 1 ـ الأنستتوت[17] ـ بفتح الهمزة وسكون النون وكسر السين ـ أي مشورة العلوم وأكابرهم.

 2 ـ الاكتريستيه، بكسر الهمزة، وسكون الكاف وكسر التاء والراء، وكسر السين وفتح التاء ـ المسماة الرسيس، بفتح الراء المشددة وكسر السين، والتي هي خاصة الكهرباء عند حكها.

3 ـ شمر دوبيير، بفتح الشين وسكون الميم ـ يعني ديوان "البير" بفتح الموحدة أي أهل المشورة الأولى.

4 ـ ديوان رسل العمالات، ترجمة رفاعة ( chambre des députés). فهذا المفهوم ترجم بالعديد من المقابلات في اللغة العربية فتارة ترجم ب مجلس الشورى والقوانين وأخرى بالجمعية العمومية ثم بالجمعية التشريعية وأخيرا بمجلس الشيوخ.

الجرنالات، جمع جرنال، وهو يجمع في اللغة الفرنساوية على (جورنو) وهي ورقات تطبع كل يوم، وتذكر كل ما وصل إليهم علمه في ذلك اليوم، وتنشر في المدينة، وتباع لسائر الناس وسائر أكابر باريس ويرتبونها كل يوم، وكذلك سائر القهاوي وهذه الجرنالات مأذون فيها لسائر أهل فرنسا أن تقول ما يخطر لها، وأن تستحسن وتستقبح ما تراه حسنا أو قبيحا، وأن تقول رأيها في تدبير الدولة فلها حرية تامة ما لم تضر في ذلك، فإنه يحكم وتطلب قدام القاضي، (والجورنو) عصب، فكل جماعة لها في مذهبها مذهب كل يوم يقومه ويحاميه ويؤيده، ولا يوجد في الدنيا أكذب من الجرنالات أبدا خصوصا عند الفرنسيس.

6ـ التلغراف ـ يعني إشارة الأخبار الخ ...الخ..

 نلاحظ مما سبق ذكره أن الترجمة واجهت مشكلات عويصة خصوصا أن معاني الكلمات تعبر عن بنية مختلفة في لغتها الأصلية أما العلم العربي ولغته كانت متأخرة بالمقارنة مع الغرب، فحتى ترجمت كتب الجغرافيا واجه صعوبات لأن الغرب قد كان أكتشف عالما جديدا لم يكن في علم العرب.

 وقد رضخ المترجمون لأمر الواقع في ترجمة الكتب بحيث تخلصوا من السجع والمحسنات البديعية، ورغم ذلك لم يتخلص المترجمون العرب من بعض التقاليد في الكتابة والتعبير كهذا المطلع في كل مقدمة: " واعلم أنه" رغم عدم وجودها في الكتب الفرنسية الأصلية.

 ـ أثر الترجمة في المجتمع المصري.

    لم تلقى الكتب المترجمة رواجا، حتى شيوخ الأزهر وقفوا منها موقفا سلبيا، بل أكثر من ذلك موقفا عدائيا، وقد كان لهم موقف محافظ على كل ما هو قديم لأن الحقيقة اكتملت مع الأجداد، كتب المستشرق (برون) إلى صديقه (جون مول) يقول: "وهل تعتقد يا صديقي أنهم (شيوخ الأزهر) يقرأون كتبنا (أي الكتيب المترجمة)؟ لا ـ فإنهم يتحاشونها، ولكن من السهل أن يتهم الانسان قبل أن يستمع، وكتبنا هذه مثلها كمثل التوراة والإنجيل، فالشيوخ يتحدثون دائما عنها، وليس بينهم من قرأ منها سطرا واحدا".[18] يدل هذا القول على أن العلوم كانت منبوذة في العالم العربي وهذا ما عمل عليه شيوخ الازهر في رفض كل ما هو مترجم، لان العلم الحق عندهم هي علوم الدين والتفاسير...الخ.

II. الترجمة في بلاد الشام.

v    سوريا

     تأسست كلية الطب في دمشق سنة 1919م، فبدأت التدريس بالعربية منذ افتتاحها واستمرت بنشاط حتى اليوم، بعد أن تبعتها بقية الكليات العلمية باضطراد ولا سيما كلية الحقوق. ولقد قامت كلية الطب بدمشق قبل الانتداب بأمر من الملك فيصل الأول على أنقاض كلية الطب التركية بدمشق المنشأة بأمر سلطاني تركي عام 1901 والتزم أساتذتها منذ افتتاحها، بالتدريس بالعربية وبالترجمة والتأليف لفردها وخاصة لإيجاد المصطلحات الطبية الملائمة[19].

  لقد ركز هؤلاء العلماء بحثهم على إيجاد المصطلحات العلمية القديمة والحديثة لمواكبة التطور العلمي وإغناء اللغة العربية بالمفردات المعبرة حق التعبير. وقد استنبطوا المفاهيم والمصطلحات من الكتب الطبية القديمة ككتاب قانون ابن سينا، وابن البيطار، وابن داود، كما رجعوا إلى الكتب الطبية التي كانت في مصر أو لبنان وتركيا. ومن أهم الدكاترة: حسني سبح، ومرشد خاطر، وأحمد حمدي الخياط، ومحمد صلاح الدين الكواكبي، وميشيل الخوري، وقام كل من مرشد خاطر والخياط والكواكبي بإصدار النسخة العربية لمعجم (كلارافيل) الطبي المتعدد اللغات الذي طبع بالفرنسية والعربية عام 1955م. وبعد الانطلاقة الأولى لكلية الطب في أعمال الترجمة والنقل تتابعت دون هوادة حركة الترجمة في سائر الكليات والمؤسسات العلمية[20].

v    لبنان

     ارتبطت الترجمة في لبنان بموقف مناهض لسياسة التتريك ـ وقد ظهرت سنة 1875م في بيروت أول جمعية وطنية عربية  ضمت أدباء من الطوائف المختلفة وحثت على الاستقلال عن الأتراك[21] ــ ومن ثم محاولة الحفاظ على اللغة العربية ضمانا لفصل المنطقة ثقافيا عن تركيا، وهو الموقف الذي دعمه الغرب. وقدمت لبنان أعلاما في الفكر العربي والترجمة؛ نذكر منهم أمين المعلوف صاحب معجم الحيوان، والمعجم الفلكي، ومعجم النبات. وكذلك فارس نمَّر ويعقوب صروف اللذين أصدرا مجلة المقتطف، وتضمنت الكثير من الدراسات المترجمة في سياق سياسة التنوير[22]. وقد شهدت الترجمة تحولا كبيرا خلال النصف الثاني من القرن التاسع، سواء في الانتاج العلمي أو النقل، بعدما كانت راكضة بسبب الاضطرابات، وكان العامل الفاعل لهذا التحول هو: انتشار المدارس والصحف والمجلات، التي اعتمدت على الترجمة فتعاظم دور الترجمة في إصدار الصحف والمجلات وخاصة لنقل الأخبار السياسية والحوادث والنزاعات المستقاة من جرائد الغرب أو المحيط. فأصبحت هذه الجرائد والمجلات أكثر صلة بمجلات الغرب، فنقلت الكتب والمقالات الأدبية والطبية والفلكية والاجتماعية، وأخبار المخترعات والمكتشفات الآثارية والنوادر الطبيعية والقصص القصيرة والطويلة المتسلسلة. ومن أهم أعلام الترجمة اللبنانية في هذه الحقبة الزمنية: أحمد فارس الشدياق في ـ الجوانب (الاستانة)، وفرح أنطون في ـ اتالا ـ (نيويورك) ويعقوب صروف وجرجي زيدان في المقتطف والهلال (القاهرة)، وإبراهيم يازجي، ونجيب الحداد وطانيوس عبدو بطرس البستاني في الجنان ـ وعزيز علي في جمعية العهد ـ ونجيب عازوري في (عصبة الوطن العربي وفي مجلة الاستقلال العربي، وغيرهم الذين تنقلوا من بيروت ودمشق والقاهرة)[23].

 ـ ترجمة القوانين

 دعت الضرورة لنقل القوانين الجديدة من التركية إلى العربية. فنقل نيقولا نقاش (وكيل الدعاوى) قانون الأراضي إلى العربية وطبعه في بيروت في سنة 1873م ثم عرب قانون التجارة ثم قانون تشكيلات المحاكم ثم قانون أصول المحاكمات الجزائية. وأصدرها جميعها في السنتين 1881 م و1882م. وكان نوفل الطرابلسي يعني في نفس الوقت بتعريب الدستور سنة 1880م ونشره في بيروت في مجلدين ضخمين سنة 1881م[24].

 ـ ترجمة التوراة والانجيل.

 أكمل المرسلون الأمريكيون ترجمتهم للتوراة والانجيل بالتعاون مع المعلم بطرس البستاني والشيخ نصيف اليازغي والشيخ يوسف الاسير وطبعوها في سنة 1868م، فترجم أيضا الاباء اليسوعيون واستقدموا الى مدرستهم الشيخ ابراهيم اليازجي ابن الشيخ نصيف وتعاقدوا معه في سنة 1872م[25].

v    تونس (كنموذج مغاربي).

  في تونس تصدى أساتذة الجامعة وطلابها لحماية التراث العربي والعمل على تقليص التبعية الثقافية بشكل متدرج يتوافق مع التخطيط التعليمي وحركة الترجمة، بإنشاء جمعيات ثقافية قومية مثل الجمعية الخلدونية وجمعية قدماء الصادقية وغيرها التي هدفت إلى نشر مبادىء العلوم الحديثة بين الشباب بلغة عربية[26].

III. التأليف الموسوعي في عصر النهضة العربية.

   يمكن اعتبار التأليف الموسوعي إلى جانب الترجمة، أداة من أدوات التحديث والتنوير، خصوصا بتعريف الناس بالعلوم الحديثة وضبط المفاهيم، ومعالجة بعض القضايا، وقد تأثر الموسوعيون العرب بالغرب، خصوصا وأنا من مظاهر التنوير في الغرب كان أيضا بالتأليف الموسوعي مع ديدرو وفولتير وآخرين، فكيف حاول المؤلفون الموسوعيون العرب التحديث انطلاقا من التاليف الموسوعي؟

 ـ بطرس البستاني (1819 ـ 1884).

    نشأ البستاني في كنف عائلة أنجبت عددا من العلماء، وتربى في الدير الماروني في عين ورقة حيث تلقى أصول اللغة العربية ولغات عديدة أخرى. وقد اشتغل في القنصليتين البريطانية والأمريكية في بيروت، كما اشتغل بالتدريس في معاهد الأمريكيين، وفي عام 1864م أسس المدرسة الوطنية، وأقامها على مبدا وطني لا ديني. وقد أسهم قاموسه العربي (المحيط) وموسوعته العربية (دائرة المعارف) والنشرات الدورية التي كان يرأسها، في خلق نثر عربي حديث، وصالح للتعبير البسيط والدقيق المباشر عن مفاهيم الفكر الحديث، وهكذا نشأت، على يد الحلقة المنعقدة حوله من أبنائه وأقربائه وأصدقائه وتلاميذه، القصة والرواية العربيتان والحديثتان. وقد كان يدعم فكرة أن نهوض الشرق الأدنى إلا بالاطلاع على الغرب ولكن ليس بالتقليد الأعمى[27].

 وقد كان هم البستاني جعل اللغة العربية صالحة لما هو علمي، لذلك حاول النهوض بها من خلال التأليف الموسوعي، وفي هذا السبيل وضع موسوعته الكبرى التي كانت أهم ما قام به، والتي بدأ هو وعائلته بإصدارها في سنة 1876 بمعونة مالية من الخديوي اسماعيل. وقد شغلته حتى مماته، ثم تابع أولاده إصدار أجزائها، حتى بلغت إحدى عشر مجلدا ضخما، دون أن تكتمل. وهي تشتمل على أبحاث في العلوم والطب، والأشغال الهندسية، والأفكار الليبيرالية السائدة في اروبا وأمريكا[28].

ـ محمد فريد وجدي وموسوعة دائرة معارف القرن العشرين.

    تعتبر دائرة معارف القرن العشرين عملا موسوعيا من إعداد محمد فريد وجدي الصحفي الذي أنشأ جريدة الدستور سنة 1907م والكاتب الموسوعي، الذي كتب الموسوعة التي أشرنا إليها. وقد قضى في تأليفها ما يقارب التسع سنوات، وتتكون هذه الموسوعة من عشرة مجلدات ضخمة تتجاوز صفحاتها ثمانية الاف صفحة (8416)، وقد طبعها في مطبعته التي اشتراها لهذا الغرض[29].

 "وقد ظهرت سنة 1938، وإن كان قد أتم إعدادها قبل هذا التاريخ بسنوات، ثم تلتها طبعات أخرى. وقد حاكى وجدي، في وضعه لهذه الموسوعة، وهو المثقف ثقافة فرنسية عالية والمتمكن من اللغة الفرنسية، قاموس لاروس  Larousse الشهير. وقد الف هذه الموسوعة على غرار معجمه كنز العلوم[30]. وقد كان هدف هذه الموسوعة هو التفصيل والتعريف بمختلف العلوم، وتعرف هذه الموسوعة بنفسها بما يلي: قاموس عام ومطول للغة العربية والعلوم النقلية والكونية بجميع أصولها وفروعها  ففيه النحو والصرف والبلاغة والمسائل الدينية وتاريخ الفرق والمذاهب والتفسير والحديث والأصول والتاريخ العام والخاص وتراجم مشهوري الشرق والغرب والجغرافية الطبيعية والسياسية والكيمياء والفلك والفلسفة والعلوم الاجتماعية والاقتصادية والروحية والطب والعلاج وقانون الصحة والفوائد المنزلية وخواص العقاقير ...والإحصاءات وسائر ما يهم الإنسان في  جميع المطالب.[31]

    وقد كان وجدي غزير الإنتاج بحيث أصدر عددا من الصحف والمجلات، فقد بدأ مشواره بمجلة الحياة، ثم جريدة الدستور التي اشرنا اليها سابقا ولكنها توقفت، ثم جريدة الوجديات، ثم تولى تحرير مجلة الأزهر، وخلف كتبا أخرى برهنت على انفتاحه الفكري ورغبته الاصلاحية، مثلا كتابه المدينة والاسلام، وكتاب صفوة العرفان في تفسير القران، ثم في المجال الفلسفي مجموعة رسائل فلسفية، الفلسفة والحق في بدائع الاكوان. وللإشارة فد قدم وجدي في موسوعته صورة عن تاريخ المغرب، بداء من الوجود الفينيقي ثم القرطاجي، الى الروماني،...الفتوحات الاسلامية ..الخ[32].

 ـ قائمة بأهم الموسوعات العربية:

ü     دائرة المعارف:

قاموس عام لكل فن ومطلب، وهذه أول محاولة حديثة في اللغة العربية لإخراج دائرة معارف كبرى، وهي من تأليف بطرس البستاني (لبنان)، وتقع في 11 جزءًا، ولا يزيد مجموع صفحاتها عن حوالي 8800 صفحة. وقد صدرت عن دار المعرفة ببيروت عام 1900م. وهي مرتبة حسب الألفبائية لكنها غير كاملة، فهي تقف عند حرف العين وآخر مادة في جزئها الحادي عشر هي مادة عثمان باشا الغازي. وطبيعي أن تكون مخرجة على الطريقة القديمة حيث إنها قليلة الرسوم والوسائل الإيضاحية، كما أن معلوماتها قديمة.

ü     دائرة معارف القرن العشرين.

من إعداد محمد فريد وجدي. صدرت عن دار المعرفة (بيروت). وتقع في عشرة أجزاء، ويصل مجموع صفحاتها إلى 9000 صفحة، مرتبة ترتيبًا ألفبائيًا. ومثلها مثل الموسوعة السابقة، تخلو من الرسومات والوسائل الإيضاحية والخرائط .

ü     المنجد في اللغة والأعلام:

    ظهرت طبعته الأولى عام 1907م تحت عنوان المنجد، وأعيد النظر فيه عند طبعته الخامسة (1927م) التي ازدانت بالصور، وزيّنت بفرائد الأدب والأقوال السائرة عند العرب. كما ظهر في طبعته الخامسة عشرة (1956م) بعنوان المنجد في اللغة والأعلام، ثم ظهر بعد ذلك تحت العنوان نفسه محتويًا على قسمين، المنجد في اللغة والمنجد في الأعلام. والثاني من تأليف الأب فرديناند توتل، حيث تحول المعجم بذلك إلى موسوعة ضمت شتى أنواع المعارف بجانب الصور والأشكال والخرائط والوسائل المختلفة.

ü     الأعلام:

قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين، وهو من إعداد خير الدين الزِركلي، صدر عام 1927م، ويضم بين دفتيه مجموعة كبيرة من الأعلام في كل علم وفن موثقة بتواريخها الهجرية والميلادية. وجاءت طبعته التاسعة (1990م) الصادرة عن دار العلم للملايين (بيروت) في 8 مجلدات و2741 صفحة.

ü     دائرة المعارف الإسلامية.

وهي موسوعة مترجمة إلى اللغة العربية من دائرة المعارف الإسلامية التي أصدرها فريق من المستشرقين باللغات الألمانية والإنجليزية والفرنسية. وقام بترجمتها عن النسخة الإنجليزية والفرنسية أساتذة من مصر هم أحمد الشنتناوي، وإبراهيم زكي خورشيد، وعبدالحميد يونس، وراجعها من دائرة المعارف الدكتور محمد مهدي علام. ومقدمة الموسوعة بقلم المترجمين مؤرخة في 20 يوليو 1933م. والموسوعة تُعنى بالثقافة الإسلامية من دين وأعلام ومواقع وبلدان وتاريخ وأفكار. وتتوقف مادتها عند مادة عارفي باشا في حرف العين. والطبعة الصادرة من دار المعرفة في بيروت (بلا تاريخ) تشغل 15 مجلدًا ومجموع صفحاتها نحو 8000 صفحة.

ü     الموسوعة العربية الميسرة.

صدرت تحت إشراف محمد شفيق غربال، وتقع في حوالي 2000 صفحة. صدرت في القاهرة عام 1965م عن مؤسسة دار الشعب ومؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر، بدعم مالي من مؤسسة فورد الأمريكية. وهي مرتبة حسب الألفبائية العربية وطريقتها في الطباعة والإخراج قديمة وتخلو من الصور والرسوم والإيضاحات والخرائط.

ü     المعرفة من الأهرام.

مترجمة بتصرف من إنتاج شركة ترادكسيم في جنيف بسويسرا. تقع في 3679 صفحة موزعة على 20 جزءًا، مع فهرس إضافي لموضوعات الموسوعة. وهذا المرجع مرتب حسب الموضوعات، إلا أن مجلد الفهرس قد رُتِّب ترتيبًا ألفبائيًا. وتشتمل الموسوعة على صور وخرائط ملونة.

ü     بهجة المعرفة.

صدرت عن دار المختار للطباعة والنشر والتوزيع في جنيف بسويسرا، وتقع في 10 مجلدات، ويصل مجموع صفحاتها إلى 5000 صفحة، وهي مرتبة حسب الموضوعات، كل موضوع يقع في مجلد كامل مثل العلم، الكون، الأرض، الحياة. وربما يجعل هذا منها كتب قراءة عامة.

ü     موسوعة الغد.

وتقع في مجلدين، كل مجلد يحتوي على حوالي 300 صفحة، صدرت عام 1979م عن مؤسسة الأهرام بالقاهرة. وهي مرتبة حسب الموضوعات وتضمُّ موضوعات جغرافية وموضوعات عن عالم الحيوان، وترتيبها حسب الألفبائية الإنجليزية، وموسوعة الغد مترجمة أساسًا من اللغة الفرنسية.

ü     موسوعة المورد.

 وصاحبهامنير البعلبكي، صدرت عن دار العلم للملايين عام 1980م وتقع في 11 جزءًا ولا يزيد مجموع صفحاتها عن 2400 صفحة، وهي مرتبة حسب الألفبائية الإنجليزية، الأمر الذي يجعل منها قاموسًا يستخدمه غالبًا من له معرفة بالإنجليزية. وقد أعادت طباعتها دار العلم للملايين كذلك على طريقة الترتيب العربي الألفبائي عام 1990م، وفي مجلدين كبيرين يقعان في 1337 صفحة.

ü     عالم المعرفة.

أنتجتها شركة إنماء للنشر والتسويق في جنيف بسويسرا عام 1987م، وتقع في 23 جزءًا، في كل جزء حوالي 160 صفحة. ولا يزيد مجموع كل صفحات المرجع عن 3680 صفحة، وهو مثل بهجة المعرفة مرتب حسب الموضوعات، كل موضوع يقع في جزء كامل.

ü     أطلس تاريخ الإسلام.

موسوعة للدكتور حسين مؤنس، وتشتمل على حقائق عن تاريخ الإسلام مدعمة بخرائط للدولة الإسلامية عبر تاريخها الطويل، وقد اتَّبع مؤلفه في ترتيبه التسلسل التاريخي. وقد امتاز بجودة الإخراج والألوان الزاهية. صدرت طبعته الأولى 1407هـ، 1987م.

 

ü     الموسوعة العربية العالمية.

مترجمة بتصرف عن دائرة المعارف العالمية مع التنقيح والمواءمة للثقافة العربية الإسلامية، صدرت عن مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع بالرياض عام 1416هـ، 1996م، وتقع في 30 مجلدًا ومرتبة حسب الألفبائية العربية، ومزودة بأحدث الوسائل الإيضاحية الملونة والرسوم والخرائط والأشكال التاريخية قديمها وحديثها، واضطلعت لأول مرة في تاريخ الموسوعات العربية، بتعريب عدد كبير من المصطلحات العلمية. كما تحتوي بالإضافة إلى الموادّ المترجمة، على موادّ ثقافية وعلميّة تغطِّي كثيرًا من جوانب الثقافة العربية الإسلامية كما رُوعي في الموادّ المترجمة ألا تخرج عن البعد العربي الإسلامي. وقد صدرت الطبعة الثانية من الموسوعة العربية العالمية عام 1419هـ، 1999م، منقحة ومزيدة ومحدثة. ومنذ عام 1999م جرى العمل على النشر الإلكتروني للموسوعة العربية العالمية التي صدرت الطبعة الإلكترونية منها في عام 2009م.[33]

خلاصــة

    نستنتج بناء على ما سبق أن الترجمة والتأليف الموسوعي كانتا من أبرز الوسائل في عملية التنوير والتحديث في الفكر العربي الحديث وفي جميع المجالات، بحيث أعاد العرب النظر في العديد من المفاهيم. فبواسطة الترجمة تعرف العرب على عدة مفاهيم كالدولة الحديثة، والدستور، وحرية المرأة، والثورة، وكذلك أثر ذلك في الفن والأدب...

    وقد كانت جهود إصلاحية حقيقية للنهوض بالأمة العربية من الانحطاط الذي دام قرون، ومن بين تجليات هذه النهضة، هي الترجمة والتأليف الموسوعي وتأسيس المجلات والصحف، وإدخال المطبعة، ولكن السؤال الذي لا زال مطروحا إلى يومنا هذا: هو لماذا لم نتقدم رغم كل هذه المحاولات؟ أين يكمن الخلل؟ هل في الفكر أم في السياسة؟

    اختلفت الإجابات ولكن التأخر واحد، هناك من يرجع التأخر إلى عدم قيام العلمانية في العالم العربي، وهنا من يعتبر أن العرب تخلوا عن السلف الصالح وبالتالي ظلوا الطريق. ولكن هناك نماذج شرقية كاليابان والصين وكوريا وسنغافورة نهضت متأخرة بالمقارنة مع العرب ولازالت متشبثة بخصوصياتها، حتى إسرائيل الكيان الذي لم يوجد إلا في القرن العشرين تقدم بشكل ملحوظ، والعرب لازالوا يتساءلون كيف السبيل إلى النهوض؟

     يمكن المجازفة في الاحكام التالية أن بنية الفكر العربي قائمة على أن الحقيقة مكتملة مع السلف، وبالتالي فكل ما يفعله المجددون هو تأويل وتفسير إرث الماضي، وكل محاولة للتجديد الحقيق تقابل بالمقاومة، ثم أن العالم العربي لا يهتم بالعلوم الحقة التي هي عماد التقدم وهي أساس التحدث في الغرب، وهذا ما لاحظناه في الترجمة أن الكتب العلمية كانت قليلة الترجمة، وحتى أن الترجمة يمكن وصفها بفكر تحت الطلب أو انفعال سرعان ما اندثر.

     وفي نظري أن الترجمة فشلت كمشروع تنويري في العالم العربي ونهضوي لسببين اثنين: الأول إيديولوجي وهو أنها كانت انتقائية، لم تترجم جميع العلوم والتصورات الفلسفية، والفنون. والثاني سياسي، وهو أن الترجمة جاءت مثلا في  مصر من أجل تحديث الجيش وهيكلة الدولة، ولم تنصب على تغيير بنية الفكر، وفي الشام لرفض سياسة التتريك.

 أما بالنسبة للتأليف الموسوعي قد ساهم في التقعيد للمفاهيم بشكل حديث وإعادة تعريفها، اقتداء بالغرب الذي مر من هذه المرحلة التنويرية من خلال تأسيس الانسكلوبيديا والمعاجم لإغناء اللغة العلمية.

            

ـ  لائحة المراجع

·        جاك تاجر: حركة الترجمة بمصر خلال القرن التاسع عشر، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، جمهورية مصر.

·        جمال الدين الشيال: تاريخ الترجمة والحركة الثقافية في عصر محمد علي، مطبعة الاعتماد بمصر،1951.

·        أحمد المكاوي، المغرب في تاريخه المنسي، جوانب من تاريخ المغرب الحديث بعيون عربية، جذور للنشر، الرباط، 2006.

·        ألبرت حوراني، الفكر العربي في عصر النهضة ( 1898 ـ 1939 )، ترجمة إلى العربية كريم عزقول، دار النهار للنشر، بيروت، لبنان.

·        نازك سابايارد، الرحالون العرب وحضارة الغرب في النهضة العربية الحديثة، دار النشر نوفل، الطبعة الثالثة، 199.

·        سالم العيس: الترجمة في خدمة الثقافة الجماهرية، منشورات اتحاد الكتاب العرب،1999.·         أسد رستم، لبنان في عهد المتصرفية، دار النهار للنشر،بيروت،1973.

·        غريب جمعة، العلامة محمد فريد وجدي...الكاتب الموسوعي وصاحب دائرة معارف القرن العشرين، جريدة أخبار الخليج، العدد 14807، الأحد أكتوبر 2018.

·        شاهر أحمد نصر، دور الترجمة في نشر الفكر التنويري في عصر النهضة، الحوار المتمدن، مجلة إلكترونية، بتاريخ 2005 ـ 4 ـ 8 .

·        الموسوعة الالكترونية المعرفة، ركن خاص بالمقالات، اعتمد بتاريخ 27 يناير 2020. الرابط: https://www.marefa.org/%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%88%D8%B9%D8%A9#.D8.A7.D9.84.D8.B9.D8.B5.D8.B1_.D8.A7.D9.84.D8.AD.D8.AF.D9.8A.D8.AB

·        [1] شوقي جلال، العرب والترجمة: أزمة...أم موقف ثقافي؟، مجلة الكترونية دار الفكر، 10 ماي 2016.الرابط: https://darfikr.com/node/10939

 

الهوامش

[1] شاهر أحمد نصر، دور الترجمة في نشر الفكر التنويري في عصر النهضة، الحوار المتمدن، مجلة إلكترونية، عدد 1161، بتاريخ 2005 ـ 4 ـ 8.

[2].نفسه.

[3] جاك تاجر: حركة الترجمة بمصر خلال القرن التاسع عشر، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، مصر،ط1 ،ص9.

[4] جمال الدين الشيال: تاريخ الترجمة والحركة الثقافية في عصر محمد علي، مطبعة الاعتماد بمصر،1951، ص18.

[5] نفسه.

[6]  نفسه،23.

[7] نفسه، الصفحات 26،27،28،29.

[8] نفسه، ص،31.

[9] نفسه، ص33.

[10] نفس،36 ـ 37.

[11] نفسه، ص39.

[12] نفسه، 54.

[13] نفسه،207.

[14] نفسه، ص211.

[15] نفسه، ص2012.

[16] نفسه.

[17]  ربما قصد بها رفاعة l'institut.

[18] نفسه، ص225.

[19] سالم العيس: الترجمة في خدمة الثقافة الجماهرية، منشورات اتحاد الكتاب العرب،1999،ص 41.

[20] سالم العيس، نفسه، ص41.

[21] نازك سابايارد، الرحالون العرب وحضارة الغرب في النهضة العربية الحديثة، دار النشر نوفل، الطبعة الثالثة 1992،ص53.

[22] شوقي جلال، العرب والترجمة: أزمة..أم موقف ثقافي؟، مجلة الكترونية دار الفكر، 10 ماي 2016.الرابط: https://darfikr.com/node/10939

[23] نفسه، ص43.

[24]أسد رستم، لبنان في عهد المتصرفية، دار النهار للنشر،بيروت،1973،ص 272.

[25]  نفسه، ص272.

[26] سالم العيس، نفسه، ص44.

[27] ألبرت حوراني، الفكر العربي في عصر النهضة، 1898 ـ 1939 ، ترجمة إلى العربية كريم عزقول، دار النهار للنشر، بيروت، ص 128 ـ 129.

[28] نفسه، ص130.

[29] غريب جمعة، العلامة محمد فريد وجدي...الكاتب الموسوعي وصاحب دائرة معارف القرن العشرين، جريدة أخبار الخليج، العدد 14807، الأحد أكتوبر 2018.

[30] أحمد المكاوي، المغرب في تاريخه المنسي، جوانب من تاريخ المغرب الحديث بعيون عربية، جذور للنشر، الرباط،2006، ص43,

[31]  المرجع نفسه، ص44.

[32] نفسه، ص 46.

[33] الموسوعة الالكترونية المعرفة، ركن خاص بالمقالات، بتاريخ 27 يناير 2020. الرابط: https://www.marefa.org/%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%88%D8%B9%D8%A9#.D8.A7.D9.84.D8.B9.D8.B5.D8.B1_.D8.A7.D9.84.D8.AD.D8.AF.D9.8A.D8.AB


تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية

0commentaires:

إرسال تعليق

فيلوبريس على الفيسبوك

المواضيع الأكثر قراءة

فيديوهات فيلوبريس