نص إدموند هوسرل حول وجود الغير والعلاقة معه
أدرك
الآخرين في سلسلة تجارب متغيرة ومنسجمة، وفي الآن ذاته كموضوعات للعالم لا
باعتبارها «أشياء» طبيعية، رغم أنها – بشكل ما – تعتبر كذلك. فالآخرون يظهرون لنا
من خلال التجربة التي تتحكم نفسيا في الأجسام الفيزيولوجية التي يمتلكونها،
فارتباط الآخرين بأجسامهم، باعتبارهم «موضوعات سيكولوجية»، دليل على أنهم يوجدون
«في» العالم. إضافة الى ذلك، فأنا أدركهم في الآن نفسه كذوات من أجل هذا العالم
ذاته. وهي ذوات تدرك العالم – الذي أدركه الأنا – والذي من خلاله ستتوفر على
تجربتي أنا، مثلما أتوفر أنا على تجربة العالم ومن خلاله تجربة الآخرين.
توجد
في.. تجربة «العالم» و«الآخرين».. ليس كما لو كان ذلك عملا لنشاطي التركيبي الخاص
بشكل ما بل كعالم غريب بالنسبة لي، موجود لدى كل واحد منا، وسهل البلوغ من طرف كل
واحد من خلال «موضوعاته». ومع ذلك، فلكل تجاربه الخاصة بها، ووحدات تجاربه وظواهره
الخاصة به. إن عالم التجربة موجود «في ذاته» خلافا لكل الذوات التي تدركه ولكل
الظواهر باعتبارها مجموعة من العوالم. فكيف السبيل لفهم هذا؟.. لقد قدم المشكل
أولا بوصفه مشكلا خاصا يتعلق بموضوع «وجود الغير بالنسبة إلي»، ومن ثم شكل نظرية
ترنسندنتالية حول تجربة الآخر.. ولكن قيمة نظرية كهاته سرعان ما يتبين أنها أكبر
بكثير مما تبدو عليه لأول وهلة، فهي تقدم في الوقت نفسه قواعد نظرية ترنسندنتالية
للعالم الموضوعي.
إن من
بين معاني الوجود في العالم، أن فعل الوجود خاص بكل واحد منا، وهي خاصية تفهم بشكل
مشترك كلما تحدثنا عن الواقع الموضوعي، وبالضبط بالمعنى الذي تتخذه كلمة الطبيعة
بما هي طبيعة موضوعية.
Husserl,Méditations
cartésiennes,Trad.G.Peiffer et E.Lévinas,Vrin, 1992, pp.150-152
تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية
0commentaires:
إرسال تعليق