نص الغير كعالم ممكن لجيل دولوز Gilles Deleuze مفهوم الغير


نص الغير كعالم ممكن لجيل دولوز Gilles Deleuze مفهوم الغير
هل الغير هو بالضرورة، في مقام ثان يالنسبة إلى أنا ما؟ إذا كان الغير تاليا، فذلك لأن مفهومه ينطبق على آخر (ذات تمثل في صورة موضوع) خاص بالنسبة إلى الأنا: فهما مكونان إثنان متلازمان. وبالفعل، فلئن طابقنا بين الغير وبين موضوع خاص، فلن يكون سوى الذات الأخرى كما تتبدى لي أنا.  ولئن طابقنا بينه وبين ذات أخرى، فإنا أناي هي التي ستبدو له بوصفها غيرا. فكل مفهوم يحيل إلى مشكلة ما، أو إلى مشكلات لا معنى له من دونها، ولا يسعنا استخلاصها أو فهمها إلا بمقدار ما نتقدم في حلها: ها هنا، نجد أنفسنا إزاء مشكلة تتعلق بتعدد الذوات، وبعلاقتها وتمثلاتها المتبادلة. غير أن الأمر قد يتغير بالطبع، لو تصورنا اكتشاف مشكلة أخرى من قبيل: فيما يكمن وضع الغير الذي تعمل الذات الأخرى على " استغراقه " فحسب، وذلك حين يتبدى لي بوصفه موضوعا مخصوصا، والذي آتي بدوري " لأستغرقه " بوصفي موضوعا خاص حينما أتبدى له؟ ليس الغير، من هذا المنظور، شخصا ولا ذاتا ولا موضوعا. هناك تعدد للذوات لأن هناك غيرا وليس العكس. وعلى هذا يقتضي الغير مفهوما قبليا يتفرع عنه الموضوع الخاص والذات المغايرة والأنا، وليس العكس. فالنظام المفاهيمي تغير بمقدار تغير طبيعة المفاهيم، وبمقدار تغير المشكلات التي يفترض في المفاهيم أن تجيب عنها.
وفجأة ينبري وجه مذعور ينظر إلى شيء خارج حقل التجربة. لا يظهر الغير، هنا كذات ولا كموضوع، وإنما يتبدى، بخلاف ذلك، بوصفه عالما ممكنا، أو بوصفه امكانية لعالم مرعب. إن هذا العالم ليس واقعبا، أو لم يتحقق بعد في الواقع، ومع ذلك فهو قائم الوجود، فهو عالم معبر عنه، لا يوجد إلا في تعبيره، أي تعبير الوجه أو ما يعادله.
فالغير هو، أولا هذا الوجود لعالم ممكن: وهذا العالم الممكن له أيضا حقيقته الخاصة في ذاتهن من حيث هو عالم ممكن. إذ يكفي أن يتكلم الشخص ويعبر قائلا " انا خائف "، لكي يمنح تحققا للعالم الممكن من حيث هو ممكن " حتى وإن كان كلامه كذبا ". فليس لضمير " الأنا " معنى آخر غير كونه علامة لسانية، كما أنه ليس ضروريا: إن الصين عالم ممكن، لكنها تغدو واقعا حينما نتكلم اللغة الصينية أو نتكلم عن الصين ضمن حقل مفطى من حقول التجربة... هذا، اذن هو مفهوم الغير الذي لا يفترض شيئا آخر غير تحديد عالم محسوس باعتباره شرطا. وينبري الغير ضمن هذا الشرط كتعبير عن عالم ممكن.
إن الغير هو عالم ممكن، كما يتبدى في محيا من يعبر عنه، وكما يحصل عبر لغة تمنحه صورة متحققة. الغير بهذا المعنى، هو مفهوم ذو ثلاثة مكونات متلازمة: عالم ممكن، وجه قائم الوجود،  كلام أو لغة واقعية ".  
المصدر: الكتاب المدرسي  مباهج الفلسفة


تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية

0commentaires:

إرسال تعليق

فيلوبريس على الفيسبوك

المواضيع الأكثر قراءة

فيديوهات فيلوبريس