نص لاشوليي حول الهوية الشخصية

نص لاشوليي حول الهوية الشخصية
   من الأكيد أننا ننظر لأنفسنا على أننا شخص واحد، و أننا نفس الشخص في كل فترات عمرنا؛ لكن هذه الهوية التي ننسبها لأنفسنا، هل تفترض بالضرورة أن فينا عنصرا ثابتا، أنا حقيقيا و ثابتا؟
  لنسجل أن الوقائع تكذب كليا هذه الفرضية، فالإنسان الذي هو في حالة نوم ليس له إلا أنا متخيل يتبخر عندما يستيقظ؛ كما أن ضربة واحدة على الرأس تكفي لحفر هوة عميقة بين أنا اليوم و أنا البارحة لأنها تشل ذكرياتنا. و نحن نعرف كذلك حالة بعض المرضى الذين لديهم أنا أول و أنا آخر يتناوبان فيما بينهما و أحدهما يعرف الآخر...
  أن نقول بأننا نرجع حالاتنا الداخلية إلى أنانا معناه أن نقول إننا نرجع حالاتنا الداخلية الخاصة إلى أنا ما أو إلى ذات حاملة عامة... ليس هناك سوى شيئين يمكن أن يجعلاننا نحس بهويتنا أمام أنفسنا و هما: دوام نفس المزاج أو نفس الطبع، و ترابط ذكرياتنا. ذلك أن لدينا نفس الطريقة الخاصة في رد فعلنا تجاه ما يؤثر علينا، أي أن نفس العلامة تسم رد فعلنا الأخلاقي و تطبع حالاتنا النفسية الداخلية بطابع شخصي؛ ... إضافة إلى ذلك فإن ذكرياتنا تشكل، على الأقل بالنسبة للقسم القريب من حياتنا، سلسلة مترابطة الأطراف: فنحن نرى أن حالتنا النفسية الحالية تتولد من حالتنا النفسية السابقة... و هكذا يمتد وعينا التذكري في الماضي و يتملكه و يربطه بالحاضر...
  ليست هويتنا الشخصية، إذن، كما كان متداولا من قبل، معطى أوليا أصليا في شعورنا، بل إنها ليست إلا صدى، مباشرا أو غير مباشر، متواصلا أو متقطعا، لإدراكاتنا الماضية في إدراكاتنا الحاضرة. و هكذا فنحن لسنا، أمام أعيننا، سوى ظواهر يتذكر بعضها بعضا.
Jules Lachelier :Psychologie et métaphysique P.U.F 1948
الكتاب المدرسي: مباهج الفلسفة


تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية

فيلوبريس على الفيسبوك

المواضيع الأكثر قراءة

فيديوهات فيلوبريس