الحكمة هي اللغة... و اللغة جمالية الحكمة
بقلم: أ/ فضيلة عبدالكريم / الجـــــــــــــزائر
موقف من واقعي
... تقول لي إحداهن: الفلسفة لا تليق بها جماليات اللغة فتصبح في خانة الأدب .. و
نسيت بأن جمال الحكمة في اللغة و الحضور و أناقة التلقي، كما كانت عند الأوائل، و
إلا لا معنى لحروف جوفاء لا فعل فيها و لا حركة بل سرد خال من المبنى و المعنى ...
ليتها تتعلم .. و يتعلمن بأن الفلسفة هي الجمال، و هي اللغة السليمة لا الفوضى و
الخليط الذي يدرج ضمن مفهوم اللالغة
مع
الأسف خطاب الفلسفة اليــــوم بين عقول تستعمل اللاتواصل للاتصال فلا تبرح مكانها...
و عليه فالمتتبع للفكر اللغوي يجد بأنه قد توجه في القرن العشرين نحو اللغة، بل وأصبحت فلسفة لغوية. إلا أن هذا
التوجه لا يعني أن الفلسفة منذ لحظة
ميلادها وطوال تاريخها الطويل لم تهتم باللغة. فمنذ فلاسفة اليونان الأوائل، نجد اهتماماً بدرس اللغة، إلى درجة أن
هناك رأيا معاصرا يرى في المواضيع التي أثارتها محاورة أفلاطون المعنونة، ب_ محاورة
كراتيليوس _ مواضيع تنتمي بالدرجة الأولى إلى مبحث فلسفة اللغة.
ومع ذلك، نلحظ التحول الهام للفلسفة المعاصرة نحو اللغة، واتخاذها موضوعاً للنظر الفلسفي، والذي شكل أحد أهم منعطفاتها الرئيسية. وفي هذا السياق، لابد من التأكيد على أن الفلسفة المعاصرة في منعرجها اللغوي، لم تأخذ صيغة واحدة. وإنما أخذت صيغاً متعددة وأشكالاً مختلفة، تمثلت على سبيل المثال في الاتجاه التحليلي، الاتجاه التأويلي، الاتجاه الألسني، الاتجاه التفكيكي، الاتجاه التواصلي.
ومع ذلك، نلحظ التحول الهام للفلسفة المعاصرة نحو اللغة، واتخاذها موضوعاً للنظر الفلسفي، والذي شكل أحد أهم منعطفاتها الرئيسية. وفي هذا السياق، لابد من التأكيد على أن الفلسفة المعاصرة في منعرجها اللغوي، لم تأخذ صيغة واحدة. وإنما أخذت صيغاً متعددة وأشكالاً مختلفة، تمثلت على سبيل المثال في الاتجاه التحليلي، الاتجاه التأويلي، الاتجاه الألسني، الاتجاه التفكيكي، الاتجاه التواصلي.
و بحسب طه عبد الرحمن و ما جاء به في كتابه " فقه الفلسفة
" فإن كلا من الفلسفة والأدب يختلفان
فيما بينهما بمقدار نصيب كل منهما من هذين القسمين البيانيين المتعارضين: العبارة
والإشارة. أو "قوة التعقل وقوة التخيل"، وهنا لا يذهب طه عبدالرحمن إلى
الفصل بين الأسلوبين فصلاً تاماً، بل يشير إلى أن كلاً من الفلسفة والأدب يشتملان
على هذين النوعين من البيان معاً، إلا أنه وبينما تنال الفلسفة قسماً أكبر من
البيان العباري، فإن السرد الأدبي يحظى بالقسم الأكبر من البيان الإشاري .
و عليه فإن الروائي الإسباني ميخائيل
دي سرفانتس الذي عاصر ديكارت في القرن 17م و مبدع رواية "دون كيشوت"
الشهيرة يعتبر مؤسساً للحداثة بجانب
ديكارت، فذات ديكارت المفكرة تسعى لكشف أسرار العالم، ورواية سرفانتس تسعى لكشف سر
هذه الذات وتطلعاتها وأشـــواقها. هكذا تصور " ميلان كونديرا " العلاقة بين الفلسفة
والأدب _ عن صحيفة التقرير ، كونديرا و ماهية الرواية ، طارق عثمان_
من هنا ظهر عدد من المفكرين والفلاسفة الذين مزجوا بين أسلوب السرد
الروائي واللغة الشاعرية من جهة، وبين اعتبارات السؤال والمقاييس الفلسفية من جهة
أخرى، فنيتشه نفسه على سبيل المثال كان قد قدم فلسفته بصورة سرد روائي في عمله
الشهير "هكذا تحدث زرادشت"الأمر ذاته نجده عند عدد من الفلاسفة الذين
صاغوا فلسفتهم وأفكارهم بواسطة الرواية والمسرح مثل جون بول سارتر، وميلان كونديرا.. و الكثير
ممن ربطوا السؤال الفلسفي بصياغة نصوصهم
الإبداعية. و عليه تعتبر اللغة الأفق الذي يراهن عليه كل عقل يطمح إلى التأسيس
الفعلي للمشهد الفلسفي.
تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية