جدل
الوجود و الهوية في فلسفة مارتن هيدجر
بقلم : الدكتور عماد
الدين ابراهيم عبد الرازق اكاديمي مصري
تستجلب فلسفة هيدجر يوما بعد يوم مزيدا من الاهتمام في
الغرب ، وخاصة بعد مرور السحابة النازية و ما أثارته من زوابع فكرية ، وما رانت به
علي نصوص هيدجر من حذر و إهمال. وتتجلي أهمية هذه الفلسفة أولا في عمقها و في جدة
تناولها للعديد من القضايا الفلسفية كالحقيقة و الماهية و التاريخ و الإنسان ، بالإضافة
إلي كونها محاولة جدية لتشخيص الحاضر أو الحداثة عبر مختلف مكوناته كالعلم و
التقنية و العقل. و تأتي أهمية فلسفة هيدجر من قدرتها علي تجاوز الجدل الذي دار طويلا
بين الاتجاهات الفلسفية المختلفة حول أولوية الفكر علي الواقع و الواقع علي الفكر،
كما أنها أحدثت تغيًيرا جذرًيا في العديد من المفاهيم الفلسفية سواء نظرية المعرفة
أو في فهمها للزمان. كما أنها استطاعت طرح السؤال عن الوجود علي مستوي أكثر أصالة
من أي فلسفة آخري منذ فجر الفلسفة اليونانية. و يجب أن نشير إلي ملاحظة مهمة أن
هيدجر يرفض أن يصنف بأنه فيلسوف وجودي ، و يصف نفسه بأنه فيلسوف علم الوجود أو
فيلسوف انطولوجي. و السؤال المحوري في فلسفة هيدجر هو سؤال عن الوجود منه تبدأ كل ودروبها
و إليه تؤوب ، و هذا لا يعني أن فلسفة هيدجر تفتقر إلي الجدة و ثراء الممكنات ،
كما لا يعني أن تفكير هيدجر لم يخضع لتحول ، إذ أن هيدجر الذي شق ضربًا جديًدا في
التفلسف ابتداء من كتابه (الوجود و الزمان) قد طرا عليه تطور ملحوظ فابتداء من
محاضرته (ما الميتافيزيقا) التي ألقاها في عام 1935 بدا ينحو نحو البحث في الموجود
بما هو موجود. و نشير بداية إلي حقيقة مهمة و هي أننا لا نستطيع أن ندرس الوجود
عند هيدجر بدون دراسة الموجود الإنساني، لان الموجود الإنساني هو نقطة انطلاقه لدراسة
الوجود. و السؤال المطروح الآن ما هو الموجود؟ و ما هي الموجودات؟ يجيب هيدجر
بقوله أننا نطلق كلمة الموجود علي أشياء كثيرة و بمعان مختلفة ، فالموجود هو كل ما
نتحدث عنه و ما نسلكه حيال كذا، و الموجود أيضا نحن أنفسنا نكونه . و إذا كانت كل
الموجودات بما هي موجودات توجد و تظهر في نور الوجود ، فهل بإمكان جميع الموجودات
الاخري أن تكشف لنا عن هذا الوجود بنفس الدرجة أم أن من الموجودات ما تتجلي فيه
الوجود بشكل أوضح عن باقي الموجودات؟ بطبيعة الحال هناك موجود بعينه يملك بطبيعة
وجوده الكشف بشكل أوضح من سائر الموجودات عن
الوجود ، أنه ذلك الموجود الذي يملك إمكانية التساؤل عن الوجود، أو بالاحري يملك إمكانية
التساؤل عن وجوده هو ذاته، لان الوجود هو في الحقيقة وجوده، و هو يملك الوجود
بالقدر ذاته الذي يملك به الوجود. إذن الوجود و الإنسان ينسبان لبعضهما و ينتميان
لبعضهما، ووفقا لذلك فان الوجود نفسه ينتمي إلينا ، لأنه يسكن فينا ، يعني يحضر
فينا علي نحو أصيل دون سائر الموجودات ، و هذا الموجود يكونه كل منا. و علي أيه
حال يري هيدجر أن الوجود و الموجود و خاصة الموجود الإنساني يتمتع دون سائر
الموجودات بالأولوية لماذا؟ لأنه وجود حقيقي ، كما أنه في نفسه انطولوجي. و يشير
هيدجر إلي حقيقة مهمة و هي وجود علاقة وثيقة بين الإنسان و الكينونة عبر عنها أن
من ذكر اسم الإنسان فقد ذكر بالضرورة اسم الكينونة ، أيضا إذا كان الإنسان مناط
بالكينونة فان الكينونة مناطة بالإنسان. و حاصل القولين أن الأصل في الإنسان أنه
كائن منطرح أو منقذف ، و هو منطرح لا إلي العدم أو الخواء ، و إنما منطرح إلي
حقيقة الكينونة التي يسهر عليها و يحافظ عليها.
فالإنسان هو الكائن الوحيد الذي يفهم الكينونة ، و هو الذي يهمه أمر الكينونة. فالكينونة في حاجة إلي الإنسان إلي احتياجها إلي كنهه حتى تنبسط. ثم يتدرج حديث هيدجر إلي الهوية من خلال كتابه الشهير (الهوية و الاختلاف) و يري أن مفهوم الهوية قدم دوما من خلال المعادلة الشهيرة (أ=أ) غير أن حقيقة مبدأ الهوية تتجاوز هذا التعريف لمفهوم الهوية. و يقول علي لسان أفلاطون و الذي يتكلم علي لسان الغريب في محاورة السفسطائي أن كل واحد منهم الآن مختلف عن الآخرين ، و لكنه بذاته هو نفسه بالنسبة إلي ذاته . يريد هيدجر أن يقول أن مبدأ الهوية يفصح عن الصيغة التالية : أن كل و احد بالنسبة إلي ذاته و أن كل واحد هو بذاته مع نفسه ، فالهوية فينا تستنتج منطقيا العلاقة المشار إليها بحرف الجر مع أي توسط و ارتباط أي اتحاد مع الوحدة. و من سمات الهوية عنده أنها تمثل و حدة ، لكي تتمثل علاقة الهوية مع نفسها . و يري هيدجر أن الصيغة الجديدة للهوية تفصح عن كينونة كل ما هو موجود ، و أن هذه الصيغة الجديدة ستخبرنا بالعلاقة الوطيدة بين الهوية و الوجود. فكل كائن له الحق في ذاته و الوحدة مع ذاته ، فأينما كنا في الوجود فأننا
فالإنسان هو الكائن الوحيد الذي يفهم الكينونة ، و هو الذي يهمه أمر الكينونة. فالكينونة في حاجة إلي الإنسان إلي احتياجها إلي كنهه حتى تنبسط. ثم يتدرج حديث هيدجر إلي الهوية من خلال كتابه الشهير (الهوية و الاختلاف) و يري أن مفهوم الهوية قدم دوما من خلال المعادلة الشهيرة (أ=أ) غير أن حقيقة مبدأ الهوية تتجاوز هذا التعريف لمفهوم الهوية. و يقول علي لسان أفلاطون و الذي يتكلم علي لسان الغريب في محاورة السفسطائي أن كل واحد منهم الآن مختلف عن الآخرين ، و لكنه بذاته هو نفسه بالنسبة إلي ذاته . يريد هيدجر أن يقول أن مبدأ الهوية يفصح عن الصيغة التالية : أن كل و احد بالنسبة إلي ذاته و أن كل واحد هو بذاته مع نفسه ، فالهوية فينا تستنتج منطقيا العلاقة المشار إليها بحرف الجر مع أي توسط و ارتباط أي اتحاد مع الوحدة. و من سمات الهوية عنده أنها تمثل و حدة ، لكي تتمثل علاقة الهوية مع نفسها . و يري هيدجر أن الصيغة الجديدة للهوية تفصح عن كينونة كل ما هو موجود ، و أن هذه الصيغة الجديدة ستخبرنا بالعلاقة الوطيدة بين الهوية و الوجود. فكل كائن له الحق في ذاته و الوحدة مع ذاته ، فأينما كنا في الوجود فأننا
نسمع نداء
الهوية اي نداء الوجود . فنداء الهوية يتكلم انطلاقا من كينونة الكائن. و يري
هيدجر أن الهوية تمثل انتماء مشترك بين الفكر و الوجود، فهي تقوم كمماثلة بين
الفكر و الوجود.
بناء علي ما سبق أن الجوهر الحقيقي لفلسفة هيدجر هو
السوال عن الوجود، لان من الوجود تنبثق المعارف الاخري ، لذا يسمي هيدجر فيلسوف
الوجود الأول. كما اتضح لنا وجود علاقة و وثيقة بين الوجود و الهوية ، لان نداء
الهوية هو نداء الوجود الإنساني.
تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية