الانسان في الفلسفة الوجودية
بقلم الدكتور عماد الدين ابراهيم عبد الرازق
الوجودية هي تيار فلسفي معاصر يميل الي الحرية التامة في
التفكير بدون قيود، و يوكد علي تفرد الإنسان و الإعلاء من شانه، وهي ليست نظرية
فلسفية واضحة المعالم، بل حركة أدبية و فلسفية ظهرت في القرن العشرين. و يجب أن
نشير إلي حقيقة هامة و هي أن مصطلح الوجودية يلتبس علي الكثير من رجال الشارع و
حتى علي بعض المثقفين، لأنه المصطلح غامض و يجب ربطه بالأدب إذا أردنا أن نفهمه. و
لقد بدا ظهور المصطلح في بداية الثلاثينات و الأربعينات من القرن العشرين. ولقد
ظهرت نتيجة لعوامل اجتماعية و سياسية مرت بها أوروبا بعد الحرب العالمية الأولي. و
تعود جذور الوجودية إلي الفيلسوف الدنمركي (سورين كيركجورد) واكتمل المذهب علي يد
مجموعة من الفلاسفة منهم جان بول سارتر، كارل ياسبيرز، جبريل مارسيل و غيرهم. وتنقسم
الوجودية إلي: وجودية مومنة، ووجودية ملحدة. واهم منطلقات الوجودية هي
الإيمان بالوجود الإنساني و يتخذون منه
منطلقًا لكل فكرة، فالإنسان هو أقدم شئ في الوجود ووجوده سابق علي كل شئ فالإنسان يوجد أولا ثم تتحدد ماهيته. و هذا
الإيمان بوجود الإنسان و الإعلاء من شأنه جاء كرد فعل علي تسلط الكنيسة و تحكمها
في الإنسان بشكل متعسف. لذا يجعل الوجوديون من الإنسان نقطة انطلاقة في كل أفكارهم
، فالإنسان هو محور الكون به تبدأ كل فكرة و تنتهي عنده. و الإنسان يشكل ماهيته عن
طريق الاختيار بين عدد من البدائل و الاختيار من المقولات الهامة في الوجودية، و
يرتبط بالاختيار الحرية فالحرية مبدأ أساسي أيضا في الوجودية، لكن الحرية عندهم
حرية مطلقة ليس عليها قيود أو ضوابط لذلك أدت إلي فوضي أخلاقية، و السقوط في
مستنقع الرذيلة و الانحلال. بل أصبحت تدل علي كل وجودي يتمسك بهذه الأشياء. فوجود
الإنسان مقدم علي الماهية، و يشكل الإنسان ماهيته من خلال الاختيار و الحرية، و
عوامل القلق و الحصر النفسي و التوتر من المقولات الهامة في الفلسفة الوجودية.يشعر
الوجودي بالقلق و الاضطراب النفسي و التوتر من خلال المواقف التي يكون فيها في
موضع اختيار بين الأشياء. و لقد أنكرت الوجودية القيم الدينية فهي لا تعترف بها بل
الإنسان عندهم حر في اعتناق ما يراه من أفكار. و لقد تعرضت الوجودية إلي انتقادات
كثيرة منها أنها أعلت من شان الإنسان إلي الدرجة التي لا تري معه أي شئ آخر في
الكون و هذا خطا فادح لان الإنسان ليس وحده في هذا الكون بل معه أشياء أو كائنات
آخري يتعامل معها و يدخل معها في علاقات متبادلة. كما أنها أهملت القيم و الأخلاق
و أدت إلي عبثية مفرطة و تجاهل لكل ما هو أخلاقي مما أدي إلي الانحلال و الفوضى
الأخلاقية. كما أنها لم تعترف بالدين و لذلك تأثرت بالعلمانية و غيرها من الحركات
التي صاحبت النهضة الأوروبية و رفضت الدين و الكنيسة.
تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية