الثقافة العقيمة
د
ريمه الخاني
مصطلح خرج إلينا للفياضات ثقافية هلت علينا من خلال
المكامن التقنية, والتي خرجت تناقضات ثقافية تتعارك على ساحة خاوية العمق الفكري,
ولا تنجب سوى الخيبة...وفي زمن التراجع الكلي نتحمل مزيدا من التراجعات بإقبال
منقطع النظير...
موضوع يضع إصبع الاتهام على أمور قد تحتاج استفاضة ممن
يهمه الأمر ومتابعة وإضافة.
1-معجميا:
العقم معجميا:
العَقْمُ والعُقْمُ، بالفتح والضم: هَزْمةٌ تقعُ في الرَّحِم
فلا تَقْبَلُ الولدَ. عَقِمَتِ الرَّحِمُ عَقْماً وعُقِمَتْ عُقْماً وعَقْماً وعَقَماً
وعَقَمَها اللهُ يَعْقِمُها عَقْماً ورَحِمٌ عَقِيمٌ وعَقِيمةٌ مَعْقومةٌ، والجمعُ
عَقائمُ وعُقُمٌ، وما كانت عَقِيماً ولقد عُقِمَت، فهي مَعْقومةٌ، وعَقُمَت إذا لم
تَحْمِلْ فهي عَقِيمٌ وعَقُرَتْ، بفتح العين وضَمِّ القاف.[1]
من يقرأ جيدا النصوص العربية يلاحظ أمرا هاما، ومعضلة أدبية برأينا الخاص هامة جدا، نخشى أنها قاسم
مشترك عصري في كثير من كتابات الأدب العربي :
1- طول مساحة البوح في النص الأدبي الوجداني، وعرض المشكل
الاجتماعي بمساحة لا داع لها.
2- الإسقاطات الواقعية الطويلة والتي تستغرق من حجم النص
فتضعفه.
3- عناية الكاتب بالعنصر العاطفي لغة وأسلوبا، وعلى حساب
العناصر الأخرى، مما يجعل النص مضطربا متفاوت المستوى اللغوي.
4- قصر مساحة المعالجة الدرامية الإيجابية لإصلاح اللقطة
المعروضة، وإيجاد الحلول المناسبة.
5- عدم دراسة الوضعية الاجتماعية جيدا من الناحية النفسية
و الاجتماعية، بل معالجة ظاهرة يكتنفها العنصر الوجداني غالبا، لذا فالعرض يخلو من
الناحية العلمية والدراسة بدقة، فهو طرح بلا حل.
6- النهايات المفتوحة في النصوص الأدبية لا توحي بحل حقيقي،
إنها حالة ما يدعى "الدراما المعطلة
" حقيقة، والتي تحرم القارئ من ألوان الكتابة الحقيقية الفعالة، وتقدم فكر الكاتب
الإيجابي، وتمنع عنه الماء والهواء من زوايا كثيرة.
7- عدم دراسة الوضع والفكرة من خلال
عدة مفكرين ,فمن الطبيعي أن نرى الحالة المعروضة بعيون الآخرين، فالموضوع الموجه للمراهقين
مثلا موضوع حساس جدا لحساسيتهم المفرطة في
التلقي، وله معالجة خاصة لا تنطبق على معالجة سلوك اجتماعي عام.
والتي تستدعي دراسة نفسيتهم العميقة لأجل نجاح النص. والموجه
لفئة خاصة يجب أن نعرف ماهيتها وعمق نفسيتها وماذا تريد وتبغي.
باختصار، قلّت النصوص التي لمعت ببريقها الأخاذ في زمننا،
لأنها تفتقد للناحية الإصلاحية، والتي يحتاجها النص العربي بامتياز.[2]
ننقل جملة لفتت نظرنا :
هنا مع بعض نقاوم كل أشكال الثقافة العقيمة التقليدية التي
لا تنتج ثقافة حقيقية بل تنتج بعض المجاملات و المصالح الشخصية بين الأفراد.[3]
2- العقم والعقل العربي:
لقد كانت هذه العقلية تمس العقول التجارية غالبا، حسنا
هل لطريقة تفكيرنا دور في بسط النص الأدبي؟
فالعقل العربي المعاصر تشبع بالشعارات والجدال بلا طائل حتى
لا تلمس فكر إيجابي حقيقي يحسن التفكير المنطقي للوصول لحل مجد.[4]
حتى في عالم الثقافة التربوية, تجد كل البشر يقدمون لك خبراتهم
ونصائحهم المبطنة، وسيرة حياتهم تطعن ببياض ما يقدمون, هم أحوج فعلا لها، خاصة لو دققت
النظر في نتائج تربيتهم في أولادهم، أليست هذه ثقافة عقيمة؟ وهو يتوقون لكي يكونوا
كما قالوا فقط... هذا هو التقييم الذي نراه، فهل نسمح لأديب أن يقدم ما يناقض
سلوكه الحياتي؟ وهل هذا الفصام مشروعا، أو ليس من اختصاص ،هل الاختصاص والنقد؟.
هل لطريقة التفكير العربي دور في ذلك؟[5]
وهل واقعنا كرس هذا الفصام؟ أم تعودنا ألا نفكر بحل لأمورنا إنما هو بث وشكوى؟[6]
بالمقابل هناك ورغم عدم تقبلنا لمواده المتحررة جدا
والمنزاحة عن المتعارف به بيننا من أخلاقيات، نجد وضوحه وصدقه يبرئ ساحته من الازدواجية التي نعانيها من حولنا... فما لمشكلة بالضبط؟.
نستشهد بشكوى كاتب يبين لنا جانبا آخر من المشكلة:
عندما أتحدث طويلا ولا أجد من يبدي تعقيبا أو تأويلا أو نقدا أو وجهة نظر، فعلي
عند ذاك الركون إلى الصمت لأنني أتحدث لأناس لا يعرفون ما أقول، ولا أحرك نزعة معرفة أو تجاوز
في أفئدتهم، أو أنهم لا يفقهون مما أقول....
إن الحديث الذي يفتقد روح التحاور هو حديث عقيم لا نفع منه
سواء من المتحدث أو المتلقي.[7]
هل هذا يفتح لنا مشكلة قديمة جديدة، وهي الفجوة المترتبة
عن قلة الحوار بين جيل الآباء والأبناء؟.
وما يعانونه من عدم تفاهم أصله الحوار وعدم تقبل الآخر
التي تبناها جيل كامل قديم، ونتساءل عن مبدأ : من لم يكن معي فهو ضدي هل كان أصله
تربوي؟.
وأخيرا لنقف أمام المرآة قليلا.. فماذا سنجد؟ وكيف نرجع
عدة خطوات للوراء كي نصلح ما أفسده الدهر فينا؟.
تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية