الحاجة إلى تخليق العالم : حوار مع Monique Canto – Sperber
ترجمة: عبد
الفتاح جنيني
في كتابك Le Bien La guerre et La terreur(Plon ;2005) عالجت مسالة الأخلاق في العلاقات الدولية , لكن هل يمكن تحقيق هذا
الأمر ، وبالتالي هل يتعلق الأمر فعلا
بالأخلاق؟
كثيرون أولئك الذين لا يزالون يعتبرون
أن القواعد الأخلاقية تكون لها قيمة فقط عندما يتعلق الأمر بجماعات قطرية ، لكن
ليس على المستوى الدولي حيث يسود قانون الغاب . لكن عندما نتعمق في الأمر نجد أن
التقابل بين الأخلاق على مستوى القطر الواحد والدولي هي تقابلات في كثير من
جوانبها ليست حقيقية . فدول العالم يزداد وعيها أكثر بضرورة وضع قواعد جماعية وخلق
انشغالات مشتركة من أجل تحصين
مصالحها من الانتهاك وحمايتها ، لكن عندما
يكون الأمر يتعلق بالدفع في اتجاه حماية المصالح الفردية بأكبر قدر ممكن فإن
العالم يسير حتما نحو كارثة ستطال الجميع
. فسواء على المستوى البيئي أو الصحي أو حتى التجاري فإن هناك حاجة إلى خلق توافق
دولي بدونه لا يمكن تحقيق توازن عالمي . من هذا المنطلق تظهر أهمية تدخل الإتيقا ،
لأنه من المهم معرفة وفق أية قواعد عامة ستحدد هذه الحكامة الدولية . فالمسألة
ليست بسيطة . فنحن نعلم أن الدول التي تلتزم بالإنخراط في معالجة قضايا – أو
توترات –دولية نجدها هي نفسها مترددة عند التطبيق . لكن هذا لا يمنع من القول بأن
الوعي الأخلاقي بضرورة تخليق العلاقات الدولية هو في تزايد مستمر .
لكن هل من الممكن تحديد
معايير كونية يمكن أن تحظى بقبول جميع الثقافات ؟
لا ، أنا لا أعتقد بوجود معايير كونية
مجردة يمكن تطبيقها على جميع الثقافات بقدر ما أعتقد بضرورة وجود معايير كونية
ملموسة تتأسس على قيم جماعية ومشتركة تكون واحدة بالنسبة للجميع . نعم ، على هذا
المستوى أكون مقتنعة ، وانا من جهتي أسعى إلى بناء نموذج فلسفي لأخلاق كونية لها
صلة بهذا السياق . هذه الفكرة تحمل بين طياتها مفارقة ، لكن يبدو لي أنها تجسد
الشكل الوحيد لخلق كونية تحظى بقبول الجميع . فأنا ضد النسبية بصورة مطلقة ، أو بمعنى آخر أنا ضد أن تحدد كل ثقافة
معاييرها وقواعدها ومحضوراتهابنفسها . لكن
لا نستطيع القول أن هناك تصورا أخلاقيا وحيدا يصلح للعالم بأسره . يجب إذن ايجاد حل وسط . في سنة 2003حازت شيرين
إباديShrinEbadiجائزة نوبل لدفاعها عن حقوق الإنسان في إيران ، إنها مسلمة ، كرست
جهدها للدفاع عن حقوق الشخص الأساسية . هناك إذن بطريقة ما روحا لقيم مشتركة بين
جميع الثقافات ، حتى إن كانت هذه القيم يتم التعبير عنها بطرق مختلفة تبعا
للثقافات ، فأنا أدافع على فكرة خلق نواة قوية لقيم كونية يمكن التعبير عنها بنوع
من التنوع تبعا لتنوع الثقافات .
ما هوالتمفصل الذي تقيمينه
بين الأخلاق والسياسة ؟
بالنسبة لي ،هناك ترابط قوي بين الفلسفة الاخلاقية
والفلسفة السياسية ،فالأولى تهتم بالمبادئ المتحكمة في الأفعال الفردية والجماعية
و بالأسباب التي تبررها .أما الثانية فتهتم بنمط تواجد الجماعات الإنسانية ومشاكل
الحرية والعدالة على مستوى الجماعة ، لكن المقتضيات الأخلاقية هي التي تقيم
الأنشطة السياسية . وبالمقابل نجد أيضا الأخلاق تضفي دائما بعدا جماعيا خاصا عندما
تجعل الكل ملتزم بالمسؤولية كما هو الحال مثلا في القضايا البيئية .
أي دور يمكن أن يلعبه التأمل الأخلاقي في الحياة العامة؟
إن الفلسفة الأخلاقية يمكن أن تحمل
الكثير من النفع خاصة على مستوى التفسير والتبرير أو البحث في الأسباب
الأكثرمعقولية للفعل .
فنحن لم نعد نعيش في عالم حيث الأشخاص
يقبلون فعل شيء ما دون معرفة الأسباب الكامنة وراءه ، فالفلسفة الأخلاقية هي
بمثابة فضيلة واقعية تستطيع أن ترسم حدودا
فاصلةلما لا يمكن قبوله أو ما لا يمكن تبريره أو اللامتسامح فيه ، وفي النهاية
إنها آلية لحماية حقوق الشخص الإنسانية التي تعتبر في نظري النواة الأساسية للقيم
والمعايير الخاصة بالفلسفة الأخلاقية .
انتهى
تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية