بقلم: حساين المامون
يعرف التعليم المغربي أزمة خانقة منذ عدة عقود، حيث فشلت كل
المحاولات الإصلاحية في إخراجه من النفق المسدود الذي و صل إليه بسبب السياسات
التعليمية المرتجلة و المتعاقبة... إزاء هذه الوضعية الشاذة يبقى التلميذ هو
الضحية الأولى و الأخيرة لكونه لم يعد يرى في التعليم سوى فضاء لتفريغ الآلاف من
المعطلين، مما يدفعه إلى التساؤل بإصرار عن مصيره في التعليم و آفاق التعليم.
إن التشخيص الدقيق لوضعية التعليم في المغرب، يتطلب الوقوف على مختلف مكونات هذا النظام: ( وضعية المؤسسات التعليمية، المناهج التعليمية، وضعية الموارد المالية و البشرية و طرق استغلالها و تدبيرها). إذ أن الوضعية التعليمية في المغرب مرتبطة بالخيارات السياسية و ألاقتصادية التي طبقتها الحكومات المتعاقبة منذ أكثر من تلاثة عقود. فالتعليم جزء من البنية المجتمعية العامة يؤثر في الواقع و يتأثر به، و السياسة التعليمية ما هي إلا انعكاس لسياسة الدولة المطبقة في مختلف القطاعات الأخرى.
إن التشخيص الدقيق لوضعية التعليم في المغرب، يتطلب الوقوف على مختلف مكونات هذا النظام: ( وضعية المؤسسات التعليمية، المناهج التعليمية، وضعية الموارد المالية و البشرية و طرق استغلالها و تدبيرها). إذ أن الوضعية التعليمية في المغرب مرتبطة بالخيارات السياسية و ألاقتصادية التي طبقتها الحكومات المتعاقبة منذ أكثر من تلاثة عقود. فالتعليم جزء من البنية المجتمعية العامة يؤثر في الواقع و يتأثر به، و السياسة التعليمية ما هي إلا انعكاس لسياسة الدولة المطبقة في مختلف القطاعات الأخرى.
الكل يشير الى أن القضية وصلت اليوم إلى نقطة اللاعودة وهذا ما
نبه اليه خطاب 20 غشت 2013، إن استمرت الوزارة الوصية على القطاع، في تعاملها مع
الملف التعليمي المغربي الملغوم في عمقه، بمنطق تمديد و إصلاح الخطاب، لربح المزيد
من الوقت، بدل تفجير الأزمة التعليمية، التي باتت أزمة تربية و قيم، بالعمل الجريء
و الشجاع و القطع الحقيقي مع أساليب الماضي التقليدية.
نعرف جيدا اليوم أن التلاميذ و الاساتذة والاداريون... متأثرون بما لا يدع
مجالا للشك، بمختلف أجواء هذه الأزمة التعليمية المهيمنة، و بسلبياتها و تناقضاتها
و تداعيات مؤشراتها المؤسفة و البئيسة التي امتدت إلى العديد من القطاعات الأخرى
كالشباب و التشغيل و القضاء.. فمظاهر الاكتظاظ الملاحظة
مثلا، سواء داخل الأقسام (وصل عدد التلاميذ في قسم واحد خلال الموسم الجاري الى
أكثر من 50 تلميذا) أو في ساحات المؤسسات ، تعتبر ظاهرة ملفتة للنظر، و بالتالي
فقد كان لها تأثيرا وخيما على التعلمات المحصلة، التي يكتسبها المتعلمون في ظروف
تعليمية و إكراهات تربوية اجتماعية صعبة، و أيضا جعلتهم ينفرون من الدراسة، و
ينظرون إلى التعليم نظرة فيها الكثير من التبخيس، و التقليل من قيمة قيم العلم و
التعليم و المعرفة و الثقافة.
يمكن اعتبار هذه النتيجة التربوية و التعليمية و الاجتماعية
المنحطة و الخطيرة، هي بمثابة هدف من الأهداف الأساسية البعيدة المدى، التي سطرتها
الدولة لضرب التعليم و معاقبته، نتيجة عدم القدرة على نسيان الماضي، و المصالحة
الذاتية مع الجسم التعليمي المغربي، بمعنى أن أزمة المدرسة العمومية هي وضعية
محورية للحفاظ على التوازنات الاجتماعية للمغرب، و بالتالي فليس في مصلحة القوى
المحافظة القوية، برأسمالها المادي و الرمزي، أن تجد أزمة التعليم المغربي طريقها
إلى الانفراج و الحل النهائي(نستحضر هنا تصريحات أحرضان الاخيرة بشأن الماء
والكهرباء)، يتعلق الأمر إذن هنا، بسياسة تكريس الأزمة، و ليس محاولة حلها و البحث
عن مخرج لها،لكن للتاريخ منطق مغاير لإرادات الأفراد. لأنه بالصراع المستميت
المتواصل، يمكن تحقيق التغيير التعليمي و الاجتماعي المنشود..
لهذا، فبالرغم من سيادة، راهنا، الشرط الواقعي السياسي و
الاجتماعي المتميز، في إطار المخطط الاستعجالي وتغيير الحكومة و خطاب20 غشت الاخير،
يلاحظ بجلاء أن السلطة الإدارية الوصية على القطاع التربوي ، نفذت و لا تزال تنفذ
خطة استراتيجية ( فيها الكثير من الفعل السياسي المكرور المعتمد من لدن الحكومة
الحالية ) تستند أساسا إلى مواصلة تغيير الخطاب، حول قضايا العليم و
التربية و التكوين، دون فعل حقيقي ، وما العوائق والصعوبات التي يعاني منها الدخول
المدرسي الحالي عنا ببعيد، ففي الوقت الذي تعرف فيه مؤسسات فائضا في الاطر تعاني
أخرى داخل نفس النيابة خصاصا مهولا....وكأن أهل القرار لم تقتنعوا بعد، بجدوى و بأهمية و خطورة الوضع
الراهن للتعليم المغربي، في الغياب الشبه الكلي لعملية التحكم و ضبط تداعيات هذه
الأزمة، و أيضا مدى التأثير السلبي الكبير، الذي يمكن أن تمرره ضرورة الأزمة
الحالية، إلى أفق المستقبل الاجتماعي و القيمي و الاقتصادي المغربي.
هناك أيضا مفارقة غريبة، بخصوص السلوك ( الإصلاحي ) المزعوم للوزارة، في إطار قضية أزمة التعليم، وهي عدم خروج النظام الأساسي لمهنة التربية والتعليم إلى حيز الوجود، رغم أن السلطة الوصية على القطاع، صرحت أكثر من مرة، أمام وسائل الإعلام المرئية و المكتوبة، بأن أقصى زمن تأخير يمكن ان يتعرض له هذا النظام، هو أواخر أبريل 2012، و نحن اليوم في أواسط شتنبر 2013، و لم نر وجه هذا النظام بعد، بل لم يستطيعوا إظهاره- و هذا مجرد تخمين نتمنى أن نكون مخطئين - لأنه ربما لا يحمل جديدا يخدم مصلحة الأسرة التعليمية المنتظرة، بقدر ما يخدم إرادة و سياسة الدولة المطبقة، في جميع الأنظمة الاجتماعية المغربية، فقضية التعليم خاصة العمومي، هي قضية مصيرية بالنسبة لكافة الشرائح الاجتماعية الشعبية المغربية، و هي تعامل كما لو كانت بين يدي الباطرونا ليس إلا، و هي قضية لا تقل خطورة، عن مشاكل أخرى عويصة، يعاني منها الوضع الاجتماعي المغربي كالتشغيل و السكن و الصحة..
هناك أيضا مفارقة غريبة، بخصوص السلوك ( الإصلاحي ) المزعوم للوزارة، في إطار قضية أزمة التعليم، وهي عدم خروج النظام الأساسي لمهنة التربية والتعليم إلى حيز الوجود، رغم أن السلطة الوصية على القطاع، صرحت أكثر من مرة، أمام وسائل الإعلام المرئية و المكتوبة، بأن أقصى زمن تأخير يمكن ان يتعرض له هذا النظام، هو أواخر أبريل 2012، و نحن اليوم في أواسط شتنبر 2013، و لم نر وجه هذا النظام بعد، بل لم يستطيعوا إظهاره- و هذا مجرد تخمين نتمنى أن نكون مخطئين - لأنه ربما لا يحمل جديدا يخدم مصلحة الأسرة التعليمية المنتظرة، بقدر ما يخدم إرادة و سياسة الدولة المطبقة، في جميع الأنظمة الاجتماعية المغربية، فقضية التعليم خاصة العمومي، هي قضية مصيرية بالنسبة لكافة الشرائح الاجتماعية الشعبية المغربية، و هي تعامل كما لو كانت بين يدي الباطرونا ليس إلا، و هي قضية لا تقل خطورة، عن مشاكل أخرى عويصة، يعاني منها الوضع الاجتماعي المغربي كالتشغيل و السكن و الصحة..
الكثيرمن المال العام تم صرفه هدرا في ما سمي بالمخطط التعليمي
الإستعجالي، في حين تم استغلاله، كحقل و سوق تجارية، للتلاعب و التلصص و الاغتناء
الفاحش، في ما يسمونه بإصلاح التعليم. لأن هذه الأموال الطائلة، و المقدرة
بالملايير من الدراهم، التي صرفت من أجل المخطط المذكور، لم تعط نتيجة عملية،
لصالح حل مشكلة أزمة المنظومة التربوية التعليمة المغربية القائمة. بالعكس حافظت و
أبقت إن لم نقل ولدت أزمات أخرى اقتصادية و مالية و قيمية و معنوية لدى السادة
الأساتذة المنتمين لهذا الحقل التربوي. لهذا كان من اللازم أن تحاسب العقول التي
فكرت في ربط مشكلة التعليم ببيداغوجيا الادماج الغريبة و التي ولدت ميتة منذ بداية
الشروع في تنزيلها، و قبلها كانت بيداغوجيا الكفايات،و هلم جرا.. و المنظومة
التعليمية ظلت كما هي متأزمة غارقة في
بؤسها و فقرها الأكيد و المتفاقم ، و أيضا مسألة طبع الكراسات و إحداث المناهج، و
الكتب المدرسية الإقليمية و المحلية و إجراء التكوينات المتسرعة الخالية من أي
تكوين، بالمعنى العلمي لكلمة تكوين.. و مدرسة النجاح المفروضة كرها.. كلها إجراءت
لم تؤت بأكلها المنشود، و لا يمكن أن تؤتي به، لأن مشكلة التعليم هي مشكلة أكبر في
عمقها، و ليست مشكلة قطاعية.
لهذا نؤكد مرة أخرى أن مثل هذا السلوك (الإصلاحي)، هو فعل أريد به شيئا آخر مختلف عن تغيير الوضعية التي يتخبط فيها التعليم اليوم ، و إنقاذه من وضعيته المنحطة ، باعتبار أن المؤسسة التعليمية و الأطر التربوية العاملين في الحقل التعليمي، كلاهما ظل يستغيث و يعاني ، من الكثير من الإجحاف و التهميش و الإقصاء الممارس عليهما، إن التأثير القوي، و (الاغتيال) الممنهج للمؤسسة التعليمية العمومية ، بالمفهوم الاجتماعي و الشعبي و هو وضع تعليمي و ثقافي و معرفي منحط إلى أقصى حد، يقوده بنجاح كبير، منذ ما سمي بالاستقلال السياسي للبلاد حتى ساعة كتابة هذه الكلمات، عقل ارستقراطي مغربي محافظ، بمعية بريئة و مساعدة مجانية، للعقل الشعبي التقليدي الأمي المستلب، الذي تفعل في دواخله العميقة، و بواطن ذهنيته البسيطة، سلطة الرمز و الصورة، و المعنى المخدر المتواري، خلف الخطب و بلاغة المظاهر الزائفة، دون أن يدري أنه لا يدري، هنا يطرح سؤال جوهري هل هناك ارادة حقيقية لإصلاح التعليم؟.
لهذا نؤكد مرة أخرى أن مثل هذا السلوك (الإصلاحي)، هو فعل أريد به شيئا آخر مختلف عن تغيير الوضعية التي يتخبط فيها التعليم اليوم ، و إنقاذه من وضعيته المنحطة ، باعتبار أن المؤسسة التعليمية و الأطر التربوية العاملين في الحقل التعليمي، كلاهما ظل يستغيث و يعاني ، من الكثير من الإجحاف و التهميش و الإقصاء الممارس عليهما، إن التأثير القوي، و (الاغتيال) الممنهج للمؤسسة التعليمية العمومية ، بالمفهوم الاجتماعي و الشعبي و هو وضع تعليمي و ثقافي و معرفي منحط إلى أقصى حد، يقوده بنجاح كبير، منذ ما سمي بالاستقلال السياسي للبلاد حتى ساعة كتابة هذه الكلمات، عقل ارستقراطي مغربي محافظ، بمعية بريئة و مساعدة مجانية، للعقل الشعبي التقليدي الأمي المستلب، الذي تفعل في دواخله العميقة، و بواطن ذهنيته البسيطة، سلطة الرمز و الصورة، و المعنى المخدر المتواري، خلف الخطب و بلاغة المظاهر الزائفة، دون أن يدري أنه لا يدري، هنا يطرح سؤال جوهري هل هناك ارادة حقيقية لإصلاح التعليم؟.
تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية