بقلم : المامون حساين
مازال تدريس مادة
الفلسفة في مراحل الدراسة في المنظومة الحالية يعاني الاهمال و التهميش رغم تغير المقاربات
على مر الاصلاحات التي مرت منها منظومتنا التعليمية.ولم تفلح جهود اساتذة الفلسفة
في اقناع الجهات المسؤولة عن عملية التعليم بأهمية تغيير المقاربة الفلسفة ،باعتبارها
حاملة بيداغوجية لقيم العقل والمنطق والبرهان والحوار ونبد قيم
العنف والتعصب والانغلاق إنما هو ذلك التفكير المُميَّز الذي يقوم، من بين ما يقوم
عليه، على طرح الإشكالات و المساءلة و النقد و التأمل في قضايا الإنسان و العالم
قصد غرسها في في عقول التلاميذ.
لن
أدافع عن الفلسفة ،وليست الفلسفة بحاجة إلى دفاعاتي ، ولست أهلا للدفاع عن
الفلسفة، فقط أقول في درس الفلسفة ادا لم تنمح لنا إلا المعرفة بنكهة السؤال،
وتحرضنا دوما على استبدال العقل البيولوجي بأخر تأملي يسائل تفاصيل التفاصيل،
بعيدا عن يقينيات و ينبغيات الحس المشترك، منتقلة بنا نحو تجريد المفهوم إلى غاية
تنزيله و استثماره في بناء المعرفة،واذا كانت
الفلسفة دعوة إلى تصفية العقل تجاه الوتوقية، فهي لا تستوجب الحياد و العقل
والصرامة المنهجية فقط، بل تتطلب أيضا حدا أقصى من الإبداع، فضلا عن جرعات أخرى من
الشك المنهجي...وهذا ما يزعج أهل القرارر، و لهذا نحذر من أن يكون المنتهى عند
مناقشة إشكال تدريس الفلسفة في المدرسة المغربية و نشر بيضة الديك، هو المطالبة
بإعدامها، فهي مشروع غير مكتمل، و الانتماء لمداراته هو اختيار معرفي لقلق تساؤلي
لا ينتهي إلا لينطلق مجددا على درب التفكيك و التركيب والهدم والبناء....هنا أقول ان ما
يتداول اليوم بشأن اعدام الفلسفة ذكرني
بموقف اعتزالي طريف حيت كان الجدال محتدماً حول صعوبة إيجاد شيء من لا شيء باعتبار
أنه يخرق قانون العقل الثاني نعني عدم التناقض، حل المعتزلة المشكلة بالقول إن
العدم شيء ،هكذا هو حالتة وزيرنا "الضاحك" مع الفلسفة، إنها موجودة
كمادة فقط اعتمادا على أنه لا شيء يوجهها وينظمها ولا فائدة منها بالمرة...لا أريد
أن تظنوا أنني أمارس التهويم وادعاء الطهارة في لحظة لا يجوز فيها دلك، ليس هذا ما
أقصد، بالطبع إن قولا قد قيل وهناك طبخة تطبخ في الخفاء ووراء الكواليس وبينما
يقوم الدين هم فوق ببناء الوقائع ويقوم أولئك بوضع دواليب في مسيرة عربة الحدث، هل
دجن أصحاب القرار بعضا من المرتزقة والنكرات ـ من مؤسسات الإعلام و الشارع ـ
لتدنيس الفلسفة مجددا؟
ان الإجهاز على الفلسفة بمعوال " حذف الفلسفة
من الجدع والأولى" إنما يعكس حالة الاستنفار للقائمين على الحقل التعليمي
ببلادنا، قصد تعبئة مواردهم المندمجة المعرفية والمهارتية والسلوكية، لتحقيق كفاية
القتل المنشودة للدرس الفلسفي. أما وأن القتل صاحبه تشويه للدرس الفلسفي كلحظة
سادية، فإن الأمر مجرد استعادة تاريخية للاشعور الجماعي المناوئ للفلسفة. ألم تحرق
مخطوطات ابن رشد أمام أعينه ؟وإذا كنا نتحدث عن إرادة القتل للفلسفة فلقد تعددت
الآليات، منها مقالات في بعض الجرائد الصفراء لاشباه الصحافين للرفع من منسوب
الصراع مع أساتذة الفلسفة وتأثيث فضاءاته بنعوثات تغذي نظرية الحقد على الفلسفة
ومحبيها ك :الزنادقة والملاحدة والعلمانيين...وهي تهم ساهمت بقدر كبير في
الاعتداءات الجسدية المفضية أحيانا إلى الموت(أخبار عن أساتذة يعلمون التلاميذ
الالحاد). اضافة الى ذلك فالسياق السياسي عموما تتجاذبه لحظة سياسية أمنية تستهدف
كرامة وحرية الإنسان ومحاولة تكميم الافواه. ولحظة التمرد على كل الأصفاد المكبلة
للتفكير العاشق للترحال ونشدان التأصيل العقلاني. خصوصا أن الفلسفة تساهم بشكل كبير
في إذكاء روح النقاش بين صفوف التلاميذ وهو نقاش كان يقوي الانتصار للرفض
والمساءلة للخطاب السياسي الذي يتنتج الراداء واللامعنى، خطاب يستمد من لغة
الحيوانات والعفاريت والجن مفاهيمه.ان اللجوء الى إلغاء أو تقليص عدد ساعات
الفلسفة من الجذع المشترك والأولى ، وهو إجراء ينقصه العمق الاستراتيجي في
التفكير، لكونه يحمل آليات الدمار لكل القيم الجمالية والأخلاقية والمعرفية
والتربوية...التي تزخر بها تاريخ الفلسفة. وبما أن القطاع التعليمي فضاء منتج
للنخب و الفاعلين نتصور على المدى القريب مدى قتامة المشهد الاجتماعي والسياسي
...خصوصا وأن التأسيس لضرب كل الأركان الفاعلة والحية في المجتمع وقيمه، مفعولاتها
تتمظهر في كل المناحي وعبر كل المستويات من التفكير والفعل، وطبيعي أن يغذي هذا
الاختلال في نظام الأشياء الحديث عن مفاهيم مثل الكفاءة، التأهيل، الحكامة الجيدة،
التدبير العقلاني...للحصول على منسوب متوازن في درجة اليأس الاجتماعي . إن إنتاج
لوحة سريالية تحمل توقيع "ابادة الفلسفة" أنتجت معها سكيزوفرينيا رهيبة،
من مظاهرها أن بعض حاملي الشهادات العليا في موضوع " المضمضة" أو
"شروط النكاح" أو " زواج القاصرات"و"ارضاع
الكبير"و"قتل المرتد".... ماذا حدث ألم يكن خصما للتفكير الفلسفي
ومحبيه، ألم يعاد الفلسفة إيديولوجيا ، ألم يستهدف روادها ومفكريها في إطار ردود
متهافتة، ألم يستهدف قيمها الديمقراطية والحداثية ؟ ثم فوق هذا وذاك، هل باتت
الفلسفة حقلا لتخريب أسسها ومضامينها ؟
إن عدم ممارسة الفلسفة يسقطنا في أسوء فلسفة على حد تعبير أحدهم، نقصد سقوطنا في عصر ظلمات جديد، تزداد فيه نزعات التطرف، والانعزال، ونمو الظواهر العنصرية والعدوانية عند الأفراد، وستلعب الاتجاهات المتعصبة والمنغلقة ً دوراً في تغذية هذه النزعات والظواهر السلبية، والتي تجد في مجتمعات التمييز، والاستغلال، والاستبداد، والفوارق الطبقية تربة مناسبة لنموها وهيمنتها ، كما سيقود وقف تدريس الفلسفة إلى سيادة الظلامية على التنوير... ولعل نظرة تاريخية إلى العلاقة بين إعدام الفلسفة وظهور الحركات المتطرفة بالمغرب يمنحكم الحكم. اليوم و عوض الدعوة إلى إعطاء الوسائل والآليات والفرص للفلسفة، واخراها من فضاء القسم الى الحياة اليومية والاحتفاء بها ، فإننا نصدم يمن يدعو إلى وقفها، وممن ؟ من وزير لا تعد ولا تحصى كوارثه في التربية مند توليه هذا المنصب.الفلسفة سيدي الوزير نسق في التفكير، ثقافة عيش يومية، و بحث في بواطن الأمور، إنها" الطبيعة الثانية" التي على البشر أن يتحلوا بها إذا أردوا أن يكونوا أناس.. محال ان يكون هذا هو الحل الناجع ، فاجتثاث شيء لن يوقف نموه بل سيعززه، فهو كتقليب التربة له، و في الاجتثاث كثيرا ما نفقد أفكارا مفيدة صالحة للتأمل و هذه خطيئة فادحة، قليل من ضوء الشمس مفيد، ألم يقولوا إن المعرفة قوة ، أ ليست الفلسفة قوة ، و القوة هنا قوة الفكر و النقاش و الثقة.... إن غياب العمق الاستراتيجي في التفكير يجعل تدبير الأزمة مرحليا دون تقدير مخاطر كبرى اجتماعيا. ولعل التوظيف الماكر للمفاهيم مثل سد الخصاص وقلة الأطر التربوية الضم ، إعادة الانتشار ترشيد الفائض... إنما هو للتكيف والملاءمة مع وضع يصر القائمين على صناعته، وهو مسلك لا يختلف عن التوظيفات النظرية لمفاهيم كبرى كالكفايات وتنمية القدرات والمهارات وسوق الشغل، الغاء المسالك....إن التراجع عن مكسب تعميم الدرس الفلسفي على مستوى مراحل التعليم الثانوي رغم ما نسجله عليه من اختلالات ، والإجهاز على مادة الفلسفة إنما هو نسق منظم لتدمير كل القيم التاريخية التي تشكل قوام الحداثة المأمولة كعقلانية ابن رشد. وإذا كانت نبوءة (جيل دولوز) الفيلسوف الفرنسي ترى أن أمريكا اللاتينية كمحتضن مستقبلي للفكر الفلسفي فلأن مقاومة جماعية تبلورت من أجل الديمقراطية والفكر التنويري، ساهمت في حماية الانبعاث والمسار الفلسفي.هنا نتساءل مجددا هل من حق وزير إصدار حكم إعدام على الفلسفة فقط بدعوى قلة الاطر التربوية ؟ بأي حق نمارس فعل التفكير في إقصاء الفلسفة مكان تلاميذ الجدع مثلا ؟ أليس دلك تحجير على عقول الغير؟أليس في الامر رائحة رؤية معادية للفكر والنقد والمساءلة؟ إن الدفاع عن المكتسبات العقلانية يجب أن يقدح زند شرارتها النخب المعنية قبل أن تتحول إلى دينامية اجتماعية تأخذ شكلا منظما، ان مدرسي الفلسفة معنيين بخلق آليات دفاعية لتحصين مجالها العقلاني. وقد كان من الطبيعي أن يحتضن المغرب الفكر الفلسفي كدورة تاريخية تمد جسور التواصل بين الأمس واليوم ، من زاوية النظر إلى الحركة الفلسفية التي شهدتها بلادنا على يد رواد وضعوا اللمسات الأولى لتأسيس مدارس للفكر الفلسفي . إلا أن حركة الهدم للحقول المعرفية والفلسفية والسياسية... تشتغل بإستراتيجية شعبوية ، وهي مقاربة تدمج معها - للأسف- حتى حراس الممانعة أقصد بعض مدرسي الفلسفة. وتذكر سيدي الوزير أنه يمكن أن تقطفوا كل ورود الفلسفة لكن لا يمكن لأحد أن يوقف زحف ربيعها.
إن عدم ممارسة الفلسفة يسقطنا في أسوء فلسفة على حد تعبير أحدهم، نقصد سقوطنا في عصر ظلمات جديد، تزداد فيه نزعات التطرف، والانعزال، ونمو الظواهر العنصرية والعدوانية عند الأفراد، وستلعب الاتجاهات المتعصبة والمنغلقة ً دوراً في تغذية هذه النزعات والظواهر السلبية، والتي تجد في مجتمعات التمييز، والاستغلال، والاستبداد، والفوارق الطبقية تربة مناسبة لنموها وهيمنتها ، كما سيقود وقف تدريس الفلسفة إلى سيادة الظلامية على التنوير... ولعل نظرة تاريخية إلى العلاقة بين إعدام الفلسفة وظهور الحركات المتطرفة بالمغرب يمنحكم الحكم. اليوم و عوض الدعوة إلى إعطاء الوسائل والآليات والفرص للفلسفة، واخراها من فضاء القسم الى الحياة اليومية والاحتفاء بها ، فإننا نصدم يمن يدعو إلى وقفها، وممن ؟ من وزير لا تعد ولا تحصى كوارثه في التربية مند توليه هذا المنصب.الفلسفة سيدي الوزير نسق في التفكير، ثقافة عيش يومية، و بحث في بواطن الأمور، إنها" الطبيعة الثانية" التي على البشر أن يتحلوا بها إذا أردوا أن يكونوا أناس.. محال ان يكون هذا هو الحل الناجع ، فاجتثاث شيء لن يوقف نموه بل سيعززه، فهو كتقليب التربة له، و في الاجتثاث كثيرا ما نفقد أفكارا مفيدة صالحة للتأمل و هذه خطيئة فادحة، قليل من ضوء الشمس مفيد، ألم يقولوا إن المعرفة قوة ، أ ليست الفلسفة قوة ، و القوة هنا قوة الفكر و النقاش و الثقة.... إن غياب العمق الاستراتيجي في التفكير يجعل تدبير الأزمة مرحليا دون تقدير مخاطر كبرى اجتماعيا. ولعل التوظيف الماكر للمفاهيم مثل سد الخصاص وقلة الأطر التربوية الضم ، إعادة الانتشار ترشيد الفائض... إنما هو للتكيف والملاءمة مع وضع يصر القائمين على صناعته، وهو مسلك لا يختلف عن التوظيفات النظرية لمفاهيم كبرى كالكفايات وتنمية القدرات والمهارات وسوق الشغل، الغاء المسالك....إن التراجع عن مكسب تعميم الدرس الفلسفي على مستوى مراحل التعليم الثانوي رغم ما نسجله عليه من اختلالات ، والإجهاز على مادة الفلسفة إنما هو نسق منظم لتدمير كل القيم التاريخية التي تشكل قوام الحداثة المأمولة كعقلانية ابن رشد. وإذا كانت نبوءة (جيل دولوز) الفيلسوف الفرنسي ترى أن أمريكا اللاتينية كمحتضن مستقبلي للفكر الفلسفي فلأن مقاومة جماعية تبلورت من أجل الديمقراطية والفكر التنويري، ساهمت في حماية الانبعاث والمسار الفلسفي.هنا نتساءل مجددا هل من حق وزير إصدار حكم إعدام على الفلسفة فقط بدعوى قلة الاطر التربوية ؟ بأي حق نمارس فعل التفكير في إقصاء الفلسفة مكان تلاميذ الجدع مثلا ؟ أليس دلك تحجير على عقول الغير؟أليس في الامر رائحة رؤية معادية للفكر والنقد والمساءلة؟ إن الدفاع عن المكتسبات العقلانية يجب أن يقدح زند شرارتها النخب المعنية قبل أن تتحول إلى دينامية اجتماعية تأخذ شكلا منظما، ان مدرسي الفلسفة معنيين بخلق آليات دفاعية لتحصين مجالها العقلاني. وقد كان من الطبيعي أن يحتضن المغرب الفكر الفلسفي كدورة تاريخية تمد جسور التواصل بين الأمس واليوم ، من زاوية النظر إلى الحركة الفلسفية التي شهدتها بلادنا على يد رواد وضعوا اللمسات الأولى لتأسيس مدارس للفكر الفلسفي . إلا أن حركة الهدم للحقول المعرفية والفلسفية والسياسية... تشتغل بإستراتيجية شعبوية ، وهي مقاربة تدمج معها - للأسف- حتى حراس الممانعة أقصد بعض مدرسي الفلسفة. وتذكر سيدي الوزير أنه يمكن أن تقطفوا كل ورود الفلسفة لكن لا يمكن لأحد أن يوقف زحف ربيعها.
تنويه: تماشيا مع مبادئ المجلة المرجو التعليق باللغة العربية